Quantcast
Channel: العربية
Viewing all 1154 articles
Browse latest View live

عقيدتنا في المهدي عليه السلام بين جيلين

$
0
0
عقيدتنا في المهدي عليه السلام  بين جيلين

ومن غريب الأمر ان كل أولئك الذين لم تنفعهم بصيرتهم ولا حتى بصرهم في تمييز الأمور وهم رغم اختلافهم فيما يذهبون إليه وفيما يرونه فقد اتفقوا جميعاً على برنامج واحد لإصلاح منطقتهم ـ وكما يرون هم ـ ألا وهو معاداة الإسلام عامة، ومناصبة آل بيت النبوة العداء خاصة، وكأن أمر العالم أو أمر هذه المنطقة لا يستقيم إلا بهذه المعاداة السافرة وكأن سفن الفضاء لا تخترق الغلاف الجوي إلا بهدم الإسلام، أو أن مصابيح الكهرباء لا تضيء الأرض إلاّ بأن تنطفئ قناديل العرش وتهدم بيوتٌ إذن الله تعالى أن يذكر فيها اسمه.

من المعلوم.. وبعد حملات الفتح الغربية لمنطقتنا الفقيرة الغنية.. أحوَجَنا الغرب، لأَن نأخذ من بضاعته الشيء الكثير..

مع هذه البضاعة جاءنا ـ من بعض ما جاءنا ـ صفيح برّاق.. خاله الجهلاء منا؛ ولشدّة بريقه ولمعانه.. ولشدّة جهلهم فقد حسبوا ذلك الصفيح لجينا، وعوّلوا عليه كثيراً.. فمنهم من انتظر أن يعمل منه ورقاً يبتاعُ به ما يسد به جوع بطنه.. والبعضُ الآخر أضمر أن يصوغ منه قلادة يطوّق بها عنقه، ليعلو بها على سائر الأمم.. والشعوب.

ومن غريب الأمر ان كل أولئك الذين لم تنفعهم بصيرتهم ولا حتى بصرهم في تمييز الأمور وهم رغم اختلافهم فيما يذهبون إليه وفيما يرونه فقد اتفقوا جميعاً على برنامج واحد لإصلاح منطقتهم ـ وكما يرون هم ـ ألا وهو معاداة الإسلام عامة، ومناصبة آل بيت النبوة العداء خاصة، وكأن أمر العالم أو أمر هذه المنطقة لا يستقيم إلا بهذه المعاداة السافرة وكأن سفن الفضاء لا تخترق الغلاف الجوي إلا بهدم الإسلام، أو أن مصابيح الكهرباء لا تضيء الأرض إلاّ بأن تنطفئ قناديل العرش وتهدم بيوتٌ إذن الله تعالى أن يذكر فيها اسمه.

لقد نال الإمام المهدي عليه السلام من أولئك التّائهين الشيء الكثير من الازدراء والتهكم والاستهزاء، ومنهم من يدّعى الإسلام وانه مؤمن بالكتاب العزيز، ولكنه في الوقت نفسه يسأل متهكماً بظهور الإمام عليه السلام، وقبلها بإمامته عليه السلام صغيراً، متناسياً أن معجزته عليه السلام ليست بأعظم من معجزة عيسى عليه السلام ، ومنهم من يقول أن طول عمر الإمام يتعارض مع القانون الطبيعي، جاهلاً بأن فن الطب لا يمنع من طول العمر ـ ولا أدري ماذا يقول في تعمير نوح عليه السلام أو حتى عيسى عليه السلام ـ وفئة يتهمون اخوانهم الشيعة ويفسّرون إيمانهم بالمهدي بـ (التواكل) أي أن الشيعة لضعفهم عن رد الظّلم الواقع عليهم؛ لجأوا لهذه النظرية وهم ينتظرون القوي القائد المخلّص.

وفئة أخرى من هؤلاء تدّعي إدعاء النواصب، وتتكلّم بألسنتهم، وادعياؤها يقولون: إن مسألة المهدي لا تقتصر على شخص بعينه ولا تنحصر في شخص مهدي واحد يدعيه الشيعة الاثنا عشرية وان هناك مهدياً سيظهر، وبعد أَنْ يولد في آخر الزمان. إلى غير ذلك من تخرصات مما يمجّه الذوق ولا يقبله العقل.

ونقول نحن لا يهمنا من أمر أولئك، فهم أمّة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ولكنهم غرس غريب، صحيح أنه غرس هرم قد أكل الدهر منه ما أكل، ونال منه ثبات مبادئ الإسلام ما نال، فالمشكلة لم تعد في ذلك الغرس بل فيما يتطاير منه شرراً بذراً تسقطه ريح الحقد والجهل، ينبت أو يستنبت في ناحية من نواحينا ليكون عدوىً تتسبب في قلة المناعة الفكرية عند من لا مناعة فكرية عنده من أبنائنا.

ولكي لا تكون المسألة كما أريد لها من المبغضين، وكما يدبر لذلك كيد الكائدين، ولكي لا يستطيع من اغتصب فدكا ان يغتصب فدكاً ثانية، يجب علينا ـ لا باعتبارنا من المسؤولين ـ بل باعتبار أنّ الكل في موقع المسؤولية، يجب على كل منا أن يعمل جاداً على من هم بين أيدينا من إخواننا وأبنائنا من الذين لا يعرفون من الدين غير مظاهره، الذين يذرفون الدموع مدراراً أو يتصبّبون عرقاً وقد ينزفون دماً أيضاً، ولكنهم لا يعرفون الضروري من عقيدتهم ومنها عقيدتنا في الإمام الثاني عشر.

يجب علينا أن نقتلع ذلك الغرس وأفكاره، أن نعمل جاهدين من أجل ان تجتث هذه الأهواء، هذه الشجرة الخبيثة من فوق الأرض، من فوق أرضنا أرض العراق... الكوفة كنزُ الإيمان ومحجةُ الإسلام، عاصمة المهدي عليه السلام جعلنا الله من الممهدين لمقدمه الشريف.

الأستاذ محمد الخاقاني


دعاء الإمام المهدي عليه السلام في القنوت

$
0
0
دعاء الإمام المهدي عليه السلام في القنوت

اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الخَيْرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، يا ماجِدُ يا جَوادُ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، يا بَطّاشُ يا ذَا البَطْشِ الشَّديدِ، يا فَعّالاً لِما يُريدُ، يا ذَا القُوَّةِ المَتينِ، يا رَؤُوفُ يا رَحيمُ، يا لَطيفُ يا حَيُّ حينَ لا حَيَّ.

ورد في مهج الدعوات/ ص 91 وفي البلد الأمين/ ص 665 دعاء الإمام الحجة بن الحسن المهدي عجل الله فرجه في قنوته، يقول:

(قُلِ) اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الخَيْرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، يا ماجِدُ يا جَوادُ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، يا بَطّاشُ يا ذَا البَطْشِ الشَّديدِ، يا فَعّالاً لِما يُريدُ، يا ذَا القُوَّةِ المَتينِ، يا رَؤُوفُ يا رَحيمُ، يا لَطيفُ يا حَيُّ حينَ لا حَيَّ.

أَسْأَلُكَ بِاسمِكَ المَخْزُونِ المَكْنُونِ الحَيِّ القَيُّومِ، الَّذِي اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ لَمْ يطَّلِع عليه أحدٌ من خلقِكَ، وأسألُك باسمِكَ الذي تُصوِّرُ به خلقَكَ في الأرحامِ كيف تشاءُ، وبه تَسوقُ إليهم أرزاقَهُم في أطباقِ الظُّلُمات، من بينِ العُروقِ والعِظام، وأسأَلُكَ بِاسمِكَ الّذي ألَّفْتَ به بَيْنَ قُلُوبِ أولِيائكَ، وألَّفْتَ بينَ الثَّلْجِ والنّار، لا هذا يُذيبُ هذا، ولا هذا يُطْفِئُ هذا.

وأَسْألُكَ بِاسمِكَ الذي كوَّنْتَ به طَعْمَ المِياه، وأسأَلُكَ بِاسمِكَ الذي أجرَيْتَ به الماءَ في عُرُوق النَّباتِ بَيْنَ أطباقِ الثَّرى، وسُقْتَ الماءَ إلى عروقِ الأشجارِ بَيْنَ الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ، وأسأَلُكَ باسمِكَ الّذي كَوَّنْتَ به طَعْمَ الثِّمارِ وألوانَها.

وأسأَلُكَ باسمِكَ الذي بِهِ تُبْدِئُ وَتُعيدُ، وأسألُكَ باسمِكَ الفَرْدِ الواحدِ، المُتَفَرِّدِ بالوحدانِيَّةِ، المُتَوَحِّدِ بِالصَّمَدانِيَّةِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي فَجَّرْتَ بِهِ الماءَ مِنَ الصَّخْرَةِ الصَّمّاء، وسُقتَه مِنْ حيثُ شِئْتَ.

وأسْأَلُكَ بِاسمِكَ الذي خَلَقْتَ به خَلْقَكَ، وَرَزَقْتَهُمْ كَيْفَ شِئْتَ وَكَيْفَ شاؤُوا، يا مَنْ لا تُغَيِّرُهُ الأَيّامُ وَاللَّيالي، أَدْعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ نُوحٌ حينَ ناداكَ فَأَنْجَيْتَهُ وَمَنْ مَعَهُ، وَأَهْلَكْتَ قَوْمَهُ، وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ إِبراهيمُ خَليلُكَ حينَ ناداكَ فَأَنْجَيْتَهُ وَجَعَلْتَ النّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وسلاماً، وَأَدعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ مُوسى كَليمُكَ حينَ ناداكَ فَفَلَقْتَ لَهُ البَحْرَ فَأنْجَيْتَهُ وَبَني إِسرائيلَ، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْيّمِّ.

وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ عيسى رُوحُكَ حينَ ناداكَ فَنَجَّيْتَهُ مِنْ أَعْدائِهِ وَإلَيْكَ رَفَعْتَهُ، وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ حَبيبُكَ وَصَفِيُّكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ، وَمِنَ الْأَحْزابِ نَجَّيْتَهُ، وَعَلى أَعْدائِكَ نَصَرْتَهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي إِذا دُعيتَ بِهِ أَجَبْتَ، يا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، يا مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً، يا مَنْ لا تُغَيِّرُهُ الْأَيّامُ وًَاللَّيالي، وَلا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ، وَلا تَخْفى عَلَيْهِ اللُّغاتُ، وَلا يُبْرِمُهُ إِلْحاحُ المُلِحّينَ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ، وَصَلِّ على جَميعِ النَّبِيّينَ وَالمُرْسَلينَ، الَّذينَ بَلَّغوا عَنْكَ الهُدى، وَأَعْقَدُوا لَكَ المَواثيقَ بِالطّاعَةِ، وَصَلِّ عَلى عِبادِكَ الصّالِحينَ.

يا مَنْ لا يُخْلِفُ الميعادَ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني، وَاجْمَعْ لي أصْحابي وَصَبِّرْهُمْ، وَانْصُرْني عَلى أَعْدائِكَ وَأَعْداءِ رَسُولِكَ، وَلا تُخَيِّبْ دَعْوَتي، فَإِنّي عَبْدُكَ، اِبْنُ عَبْدِكَ، اِبْنُ أَمَتِكَ، أَسيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، سَيِّدي أَنْتَ الَّذي مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهذا المَقامِ وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِزَ لي ما وَعَدْتَني، إِنَّكَ أَنْتَ الصّادِقُ وَلا تُخلِفُ الْميعادَ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.(1)



السيد عماد الدين محمد حسن

الهوامش

(1)  مهج الدعوات: 91، البلد الأمين: 665.

المهدوية ضرورة في الإسلام

$
0
0
 المهدوية ضرورة في الإسلام

هذه الإمامة الصغيرة، الخاصة تحتاج إلى جعل، فكيف إذن مطلق الإمامة العامة التي تكون بعد الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، والتي هي للبشرية جمعاء ولا يحدها زمان ولا يحدها مكان، ألا تحتاج أن تكون مجعولة من قبل الله تعالى وليست بانتخاب او بادعاء، وهذا  ما نريد أن نثبته.
إننا حينما نزور الإمام المهدي صلوات الله عليه، نقول ومن ضمن فقرات الزيارة الواردة عن الائمة عليهم السلام هذه العبارة ((السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ)) ويعني: السلام عليك أيها المهدي يا نو ر الله الذي لا يطفأ.

في اطار حديث سماحة الشيخ حسن الجواهري  الاستاذ في الحوزة العلمية في قم المقدسة
جاءت هذه المحاضرة القيمة بعنوان:
المهدوية ضرورة في الإسلام


في بداية حديثه بارك الشيخ للأمة الإسلامية والبشرية جمعاء ولادة منقذ البشرية من الضلالة إلى الهدى...
من هو الشيخ حسن الجواهري:
هو الشيخ حسن، نجل آية الله محمد تقي، نجل آية الله الشيخ عبد الرسول، نجل آية الله الشيخ شريف، نجل آية الله الشيخ عبد الحسين، نجل شيخ الطائفة الشيخ حسن (صاحب الجواهر)، الكتاب الذي قالوا فيه انه لم يؤلف مثله في الإسلام.
ولد الشيخ حسن الجواهري في النجف الأشرف سنة 1949 للميلاد.
ونشأ فيها وأكمل مراحل دراسته الأكاديمية، وكان آخرها كلية الفقه التي تخرّج فيها سنة1971.
درس الشيخ حسن الجواهري الفقه ودرّسه. وكان نشطاً في التدريس والمشاركة في الندوات الأدبية في النجف الأشرف كندوة الأدب الرسالي، والرابطة الأدبية- وله شعر القي في مناسبات عديدة، وديوان مطبوع.
له حلقة درس في الفقه (المكاسب) وأخرى في الأصول (كفاية الأصول) وله إشراف على بعض المدارس الحوزوية في النجف الأشرف.
وشارك في عدة مؤتمرات فقهية خارج العراق.
محاور المحاضرة
تضمنت المحاضرة المحاور التالية:
1- معرفة الحجة:
إنَّ معرفة الحجة من أهم مسائل البناء العقائدي لأنها المقدمة الموصلة إلى الله تعالى.
2- إمامة الحجة:
إن إمامته عليه السلام هي إمامة مطلقة لا يحدّها زمان ولا يحدّها مكان، فهي نور الله الذي لا يطفأ، فهي للبشرية جمعاء.
3- جذور الفكرة المهدوية في الدين:
فكرة المهدوية في الإسلام فكرة ضرورية اعترفت بها جميع الفرق الإسلامية، وهي فكرة نابعة من صميم دين الإسلام.
4- المهدوية وفكر اهل البيت عليهم السلام:
حيث لا يوجد تفسير للقضية المهدوية والروايات الشريفة الواردة بخصوصها إلا بما يقوله الشيعة الإمامية.
نص المحاضرة
شرع سماحة الشيخ بالحديث في محاضرته، وإليكم المحاضرة على نحو من الاختصار:
في الكافي عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته, منهم من يقول, مات ابوه, ومنهم من يقول حمل (مات ابوه وهو حمل), ومنهم من يقول أنه ولد قبل موت ابيه بسنتين, ثم قال: يا زرارة ان ادركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء: اللهم عرفني نفسك... الحديث)
في هذا الحديث يبين  لنا الإمام عليه السلام ان معرفة الحجة على الخلق من أهم مسائل البناء العقائدي؛ لأنها المقدمة الموصلة إلى الله تعالى, والأئمة عليهم السلام يقولون:
(بنا عرف الله، بنا عرف الله، لولانا ما عرف الله).
وحينما يقول الإمام عليه السلام: بنا عرف الله،يعني بذلك الأئمة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الرسول خاتم وإمام بالإضافة إلى نبوته صلى الله عليه وآله وسلم. فهو على راسهم وهو اولهم عليه السلام. وان معرفة الله معرفة حقيقية لا تتم إلا عن طريقهم.
فالإمامة هي الارتباط بيننا وبين الله سبحانه وتعالى وبهذا يتأكد ان الإمامة أصل المطلب.
وبهذه النظرية تنهدم قواعد غير الشيعة الإمامية، هؤلاء الذين لا يقولون بأن الإمامة منصوبة من قبل الله تعالى، والآية الكريمة تقول: ((وجعلنا منهم أئمة)) وعليه فإن الإمامة بالجعل وليست بالانتخاب وليست بالادعاء، والقول (( جعلنا منهم أئمة)) يعني انّ هؤلاء الذين كانوا مع الرسل قد جعلناهم أئمة، جعلنا هذه الأطروحة التي في الإمامة، أي الإمامة التي تكون في زمان مخصوص، وفي مكان مخصوص.
وهنا نقول: هذه الإمامة الصغيرة، الخاصة تحتاج إلى جعل، فكيف إذن مطلق الإمامة العامة التي تكون بعد الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، والتي هي للبشرية جمعاء ولا يحدها زمان ولا يحدها مكان، ألا تحتاج أن تكون مجعولة من قبل الله تعالى وليست بانتخاب او بادعاء، وهذا  ما نريد أن نثبته.
إننا حينما نزور الإمام المهدي صلوات الله عليه، نقول ومن ضمن فقرات الزيارة الواردة عن الائمة عليهم السلام هذه العبارة ((السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ)) ويعني: السلام عليك أيها المهدي يا نو ر الله الذي لا يطفأ.
وإننا حينما نأتي إلى القرآن الكريم نرى ان الله سبحانه وتعالى يقول:
((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) وفي آية ثانية يقول عزمن قال: ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)).
أترى ان بين ما جاء في الزيارة التي جاءت من قبل الأئمة عليهم السلام أي عبارة ((السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ)) وبين الآية القرآنية التي تقول ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ)) أمراً مشتركاً، فهل هذا اتفاق أم هو إعجاز من القرآن؟..
نقول: انه بلا شك إعجاز، فالإمام المهدي نور الله الذي لا يطفأ، ومن لم يكن امامياً مهدوياً فهو يسعى لإطفاء ذلك النور، والقرآن يقول: (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
فبالتأكيد ليس بين الامرين اتفاق، بل إعجاز.
نحن نعتقد بأن الأئمة بعد رسول الله اثنا عشر، كلهم من قريش، أولهم الإمام علي عليه السلام وآخرهم المهدي الحجة بن الحسن عليه السلام، هذه عقيدتنا وعليها الأدلة الروائية التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وفكرة المهدوية فكرة إسلامية ضرورية، اعترفت بها جميع الفرق الإسلامية، وهناك ستة آلاف رواية يذكرها...(الشيخ لطف الله الصافي) في كتابه -منتخب الأثر- كلها تدل على ان المهدوية من صميم دين الإسلام. وقلمّا تجد في موضوع واحد مثل هذا العدد الهائل من الروايات.
إننا نرى حتى من هو متعصب ضد الإمامية مثل ((ابن تيمية)) يقول:
(إنّ الأحاديث التي يحتجّ بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة)، رواها أبو داود والنرمذي واحمد وغيره، ومن حديث ابن مسعود وغيره كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه رجل مني يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)) وفي رواية سلمان  رضي الله عنه قال: ((من أي ولدك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: من ولد ولدي هذا، وضرب على كتف الحسين عليه السلام)). وقد ورد أيضاً في حديث أبي بكر الاسكافي: ((قال من كذّب بالدّجال فقد كفر، ومن كذب بالمهدي فقد كفر)).
فهل توجد في العالم نظرية تقول بأن الأئمة بعد رسول الله اثنا عشر غير نظرية الإمامية؟
لقد صرح بعض اهل السنّة فقال: (إن هذه الروايات لا يمكن أن تفسر وليس لها وجه صحيح إلا على ما تقوله النظرية الإمامية).
إذن ما اخذناه قد أخذناه من السنة النبوية وليس من تراثنا نحن -القضية الأولى تقول: ان المهدوية ضرورة إسلامية، والأخرى التي تقول أنهم- أي الأئمة عليهم السلام اثنا عشر وكلهم من قريش.
يدعي البعض إن هذه الروايات قد اخترعها الشيعة لأنهم وقعوا في مأزق باعتبار إن الإمام الحسن العسكري عليه السلام مات وعمره ثمان وعشرون سنة ولم يوص ولم يكن له ولد، فاخترع الشيعة الإمامية هذه الرواية، لأن عندهم ان الإمام لا يموت حتى يوصي إلى ولده، فلما لم يكن لديه ولد فالشيعة قد اختلقوا هذه المقالة.
ونحن نقول بإزاء هذا الادّعاء: إن هذا إرهاب فكري،والإرهاب اثنان عملي وفكري، فأي مأزق للشيعة إذا مات الإمام الحسن العسكري عليه السلام وليس له ولد؟ كان بامكان الشيعة ان يقولوا ان الإمام هو أخوه أي اخو الإمام الحسن العسكري عليه السلام، كما ان الإمام الحسن عليه السلام إمام،والإمام الحسين عليه السلام إمام أيضا، فإذا أراد الشيعة أن يخرجوا من المأزق فسيقولون ان الإمام أخوه، فلماذا لم يقولوا ذلك إذن؟
وقالوا ان الإمام ولده وقد غاب، فلا قضية هناك ولا مأزق.
والنتيجة انه لا يوجد تفسير لتلك الروايات إلا ما يقوله الشيعة الإمامية.
وان جملة من أهل الإنصاف من السنة قد ذكروا ذلك واعترفوا بأن المهدي هو الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام، منهم (محيي الدين بن العربي) في الفتوحات المكية- حيث ذكر ان الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الحجة بن الحسن العسكري- ولكننا نجد في الطبعة الثانية من الكتاب ان ما ذكره ابن عربي، قد حذف -أي حذفت العبارة التي تؤكد نسب الإمام المهدي عليه السلام، لكن من حذفوها نسوا ان علماء السنة كانوا قد نقلوا العبارة عن الفتوحات المكية في طبعتها الأولى في كتبهم..وان حذفها في طبعات لاحقه لخيانة كبرى- خيانة ان يحذف رأي عالم من كتابه بعد ان ذكر؟.
ومن اهل الانصاف أيضاً (الشعراني) في (اليواقيت والجواهر) ومنهم (الحمزاوي) في (مشارق الأنوار) ومنهم (الصبان) في كتاب (إسعاف الراغبين) ثم (سبط ابن الجوزي) في كتابه( تذكرة الخواص) ثم (ابن الخشاب المالكي) في كتابه (الفصول المهمة) و(محمد النجار الحنفي) في كتابه (فصل الخطاب)، كل هؤلاء اعترفوا ان الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام.
فهذه هي الحجة, وهذا هو الدليل, وكان من السنة النبوية, وبالسّنة النبوية تنتهي كل الاشكالات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المسيحيون المتصهينون:

$
0
0
المسيحيون المتصهينون:

إن وقوع سلسلة من الأحداث والتطورات منذ النصف الثاني من القرن العشرين أثار موجة من النشاطات الدعائية والتبشيرية في الغرب والعالم المسيحي. فقد تدخل الكاثوليك والبروتستانت المسيحيون من جهة والفرق الدينية المختلفة للمسلمين من جهة أخرى لممارسة التبشير والدعاية لاجتذاب المتلقين في أرجاء العالم وذلك بأبعاد واسعة ومن خلال استخدام أحدث الوسائل والادوات.
بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی

إن الغرب الاستكباري وضع لأسباب مختلفة بما فيها ما نذكره تاليا، على  جدول أعمال استراتيجيته الثقافية الخاصة، موضوع قرب مجئ السيد المسيح(ع) وضرورة التمهيد لذلك:
1-    مكافحة البني التحتية الثقافية "للشرق الإسلامي" الذي يمتنع بسبب تعلقه الخاص بمفهوم وموضوع ومصداق موعود آخر الزمان عن القبول التام بالاستراتيجية السياسية والثقافية الغربية وعن قبول الحداثة والنظام الليبرإلى الرأسمإلى كاكمل وآخر محطة للإنسان على  مر التاريخ؛
2-    إيجاد الجهوزية والايحاء بدافع مواجهة المسلمين لدى النسيج العام للمجتمع الغربي، في الظروف التي نشهد فيها في ارجاء العالم بما فيها البلدان الغربية، عودة إلى المعني والمعنوية والتوجه نحو قبول الإسلام كدين تحرري. وبالتحديد في العصر الذي دفعت الأزمة الايديولوجية، عموم المجتمعات إلى الانفعال؛
3-    الحد من انهيار النسيج العام والداخلي للمجتمعات  الغربية على  عتبة بزوغ تاريخ جديد. وواضح أن  الحضارة الغربية اصبحت تقف على  حافة الهاوية بسبب تفشي الفساد الأخلاقي وأزمة الهوية وانهيار الاسرة؛
4-    فرض هيمنة بني اسرائيل من دون منازع على  السياسة والاقتصاد والثقافة في العالم والتفوق على  جميع الإمكانات المتاحة في الشرق الإسلامي الكبير عن طريق اظهار حتمية تحقق بعض التنبؤات المجهولة والملفقة.
إن التيار الذي يعرف الآن بالتيار الاصولي أو الاصولية المسيحية ويهيمن على  جميع المفاصل السياسية والعسكرية والاقتصادية في اميركا، مبني على  هذه المبادئ على  وجه التحديد.
إن مصطلح الاصولية في الغرب، يطلق على  تيار يحمل توجهات دينية متطرفة في المسائل العقائدية والأخلاقية، ويكرم موضوع الايمان بالعصمة الكاملة ل"الكتاب المقدس" سواء "العهد القديم" (التوارة) أو العهد الجديد" (الإنجيل).
إنهم يؤمنون بأن الكتاب المقدس ينطوي على  تعليمات لجميع شؤون الحياة بما فيها الشؤون السياسية والاجتماعية، وان النبوءات الموجودة في هذه المصادر، والمتعلقة بالأحداث المستقبلية، تقودهم نحو انبعاث اسرائيل ومجئ المسيح الثاني(ع). لذلك يرون أن  من واجبهم التبشير بين اولئك الذين لا يقبلون بهذه المعتقدات.
وكما نلاحظ ، فإن هذه الحركة التي تعتبر التيار الغالب والسائد في السياسات الثقافية والسياسية والعسكرية لاميركا، تركز على  عدة امور:
1-    عصمة "الكتاب المقدس" (التقيد بظاهر عبارات الكتاب المقدس وتحريم أي تفسير وتأويل للمفهوم)؛
2-    كون هذا الكتاب كافيا لتوجيه جميع الأمور والشؤون؛
3-    الاعتماد على  النبوءات المقدمة من أجل التخطيط والتصميم العام للسياسات المستقبلية لاسيما كون اسرائيل مختارة واعتبارها الوحيدة في واقعة مجئ المسيح(ع) الثاني في "بيت المقدس"؛
4-    تقبل المسؤولية والالتزام بنشر وترويج هذه التعاليم بين الاناس الذين ينكرون هذا المعتقد أو غير المطلعين عليه.
إن هذه الحالات، تدفع الايفإنجيليين الاصوليين لبذل قصاري جهدهم خدمة لإسرائيل، والتحضير لمجئ السيد المسيح(ع) في "بيت المقدس" ونشر هذه التعاليم بين عموم شعوب العالم وأخيرا التصدي لمعارضي هذه التعاليم المُحرّفة والمصطنعة. ان الترويج لهذه التعاليم، يعتبر واجبا شرعيا لدى انصار هذه الحركة.
النشاطات التبشيرية
إن وقوع سلسلة من الأحداث والتطورات منذ النصف الثاني من القرن العشرين أثار موجة من النشاطات الدعائية والتبشيرية في الغرب والعالم المسيحي. فقد تدخل الكاثوليك والبروتستانت المسيحيون من جهة والفرق الدينية المختلفة للمسلمين من جهة أخرى لممارسة التبشير والدعاية لاجتذاب المتلقين في أرجاء العالم وذلك بأبعاد واسعة ومن خلال استخدام أحدث الوسائل والادوات.
إن الموجة الأصولية للمبشرين الإيفإنجيليين التابعين للكنيسة البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اجتاحت كل "أميركا الشمالية" و "أميركا اللاتينية" واقسام من "اوروبا" واجتازت حدود الغرب في ظل استخدامها للوسائل الحديثة مثل التلفزيون والقنوات الفضائية والانترنت لتضع اقدامها في "اسيا" و "شبه القارة الهندية"، ولم تتوان عن بذل أي جهد ثقافي ومادي من أجل اجتذاب المتلقي. ويمكن القول بجرأة بأن حجم ونوعية النشاطات التبشيرية في هذا العصر لا يمكن مقارنتها اطلاقا بالقرون الماضية.
إن الدخول إلى الظروف التاريخية الجديدة واتضاح مجالات الاقبال العام للاصغاء إلى الحوارات الدينية والمعنوية وفر حرصا وولعا خاصين لتوسيع نطاق النشاطات التبشيرية.
إن ظهور علائم الأزمة على  جدران الثقافة والحضارة الغربية والمآزق الناتجة عن الايديولوجيات الوضعية والمنقطعة عن السماء وبالتإلى اقتراب الألفية الثالثة، اسهم في بروز التوجه العام نحو المعني والدين في العالم الغربي، مثلماأن  الواقعة الكريمة المتمثلة ب"الثورة الإسلامية في ايران" عام 1979 شكلت منعطفا تحدت من خلاله جميع الميادين الثقافية والحضارية للغرب على  مدى الأعوام الثلاثين الأخيرة وتسببت بحدوث انتظار جديد لدى "اسيا" و "الشرق الإسلامي" لتجربة حكومة مبنية على  التعاليم الدينية ونبذ العلمانية (فصل الدين عن السياسة).
ولنلقي نظرة على  ارقام واحصاءات، تظهر طوفإنا من النشاطات التبشيرية بين المسيحيين والمسلمين وسائر الفرق.
ونبدا من احياء الايفإنجيلية للكنيسة البروتستانتية في الولايات المتحدة. جدير ذكره أن  معظم سكان الولايات المتحدة الأمركيية وبريطانيا هم من البروتستانت وان ملكة بريطانيا تعتبر رئيسة الكنيسة البروتستانتية.
إن النشاطات التبشيرية أحدثت بداية موجة من الحملات في آخر عقد من القرن العشرين (الفترة 1993-1994)، ضد الاجهاض والمثلية الجنسية. وحتى انهم اسسوا منظمة تحت مسمي "عمليات الإنقاذ" بقيادة اشخاص مثل راندل نزي بهدف تصميم  الكثير من العمليات لاستهداف الاطباء.
ولا ننسى بأن الايفإنجيليين يعتبرون مجئ المسيح الثاني والاستعداد لظهوره كأحد المحاور الرئيسية للتبشير الشامل. وحسب استطلاع للرأي اجرته مؤسسة غالوب في العقد الأخير من القرن العشرين، فإن 70 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية كانوا من مشاهدي القنوات التلفزيونية الدينية أو الكنائس المرئية. ان تاسيس زهاء 1700 قناة ومحطة اذاعية وتلفزيونية، و 1300 مكتب للنشر و 7000  متجر لبيع الكتب في ارجاء اميركا، مع مبيعات سنوية بلغت ثلاثة مليارات دولار وكذلك تاسيس 20000 مدرسة ابتدائية ومتوسطة واعدادية وبالتإلى تاسيس 257 كلية وجامعة، شكل جزء من النشاطات والجهود التبشيرية للايفإنجيليين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ان قيمة المبيعات والاهداءات السنوية ل" الإنجيل" في اميركا تبلغ 425 إلى 650 مليون دولار. ان الأمريكيين يشترون سنويا 20 مليون إنجيل جديد ليضيفوه إلى اربعة ملايين إنجيل موجود في منازلهم. ان الايفإنجيليين يركزون اهتمامهم في خارج اميركا على  موقع يسمونه نافذة 40/10 ويقصدون بذلك شريطا من العالم الإسلامي في "افريقيا" و "اسيا" يقع بين الخطين الاستوائيين 10 و 40 درجة.
وقد صنع بعض الايفإنجيليين مصاحف مزورة، لإثارة الشك والترديد في اذهان المسلمين. وهناك في الوقت الحاضر 900 ترجمة انجليزية عن الإنجيل، وإضافة إلى ذلك فقد تم ترجمة الإنجيل إلى 2426 لغة تغطي 95% من سكان العالم.
وحسب "الاكونوميست" فإن كوريا الجنوبية تعتبر اليوم أكثرالمنتجين غزارة للمبشرين المسيحيين بنسبة مبشر وأحد لكل شخص. وتعتبر البرازيل وكوريا الجنوبية اكبر منتج للإنجيل. وثمة شبكة متماسكة مؤلفة من 40 فريقا وطنيا ومحليا تحت مسمي المجتمعات الإنجيلية   تقوم بتوفير المصادر بهدف وضع إنجيل في يد كل رجل وأمراة وطفل على  هذه الكرة الأرضية.
وكل هذا هو من حصة الايفإنجيليين التابعين للكنيسة البروتستانتية بالولايات المتحدة الأمريكية لاصطياد المستضعفين في غرب العالم وشرقه. ونقوم بحساب حصة الكنيسة الكاثوليكية ومحورها "الفاتيكان" بشكل منفصل.
وذكر المتحدث باسم الفاتيكان السيد جوسكين نفارد والز في تقريره لعام 1995 حول النشاطات التبشيرية في "افريقيا":
إن مكانة أفريقيا هي نفس مكانة أميركا الجنوبية، وإن هذه القارة ستصبح مكانا لتجمع وخزانة الكاثوليكيين في المستقبل.
وأورد بعض الأرقام والإحصاءات ليقول:
كان في عام 1901 بداية القرن العشرين، 1.1 مليون كاثوليكي في افريقيا برمتها، أي واحد بالمائة من مجمل سكان افريقيا، لكننا نقوم الآن بإضافة مليوني كاثوليكي إلى العدد السابق سنويا. وهناك في الوقت الحاضر 65 مليون شخص أي 16% من مجمل سكان افريقيا، من الكاثوليك، ونتوقع أن  يصل هذا الرقم إلى مائة مليون شخص بنهاية القرن الحاضر.
ولا بدأن  نعرف بأن المسلمين يشكلون العدد الأكبر من سكان "افريقيا". وقد أنفقت الكنيسة الكاثوليكية 32 مليار دولار على  مشاريع التبشير المسيحي. كما أنهم ترجموا الإنجيل إلى 625 لغة و لكنة افريقية وحتى أنهم أعدوا أناجيل للأميين بطريقة النظام الصوتي.
وجاء في تقرير "الاكونوميست":
إن زيادة عدد المسيحيين يتم عن طريق تحويل البلدان النامية إلى المسيحية. وفي عام 1900، كان نحو 80% من المسيحيين يعيشون في البلدان الأوروبية والأمريكية، لكن 60% من المسيحيين يعيشون في الوقت الحاضر في البلدان النامية.
إن الكلمة التي ألقاها البابا السابق أي جون بولص الثاني بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد السيد المسيح(ع) في روما عام 1993، مثيرة للانتباه، فقد قال:
أيها الأساقفة، إنكم تتحملون مسؤولية جسيمة، تتمثل في تحويل كل أفريقيا إلى المسيحية حتى عام 2000.
ووفقا لتقرير المتحدث باسم "الفاتيكان"، فإن 2340 محطة إذاعية وتلفزيونية تعمل على  مدار الساعة على  بث تعاليم الإنجيل للمناطق التي يقطنها المسلمون في افريقيا. فضلا عن أن  الكنيسة تشرف في هذه المنطقة من العالم على  إدارة 11000 حضانة أطفال وتعلم المسيحية لهؤلاء الأطفال، وهذا يشكل في الحقيقة غيضا من فيض.
وان أمعنا في التدقيق اليوم وألقينا نظرة على  ما يدور في حوالينا، سنرى بأن أكثرمن مائة إذاعة تبث على  مدار الساعة برامج مسيحية باللغة الفارسية وحتى باللكنات الايرانية مثل اللورية والاصفهانية واليزدية، فضلا عن أن  هناك أكثرمن 2000 موقع الكتروني يعمل على  إثارة الشبهات العقائدية لدى الشبان الايرانيين.
إن ما ذكرناه ، يشكل جانبا فحسب من النشاطات التبشيرية في عصرنا الحاضر. إن استراتيجية الكنيسة في الألفية الثالثة التي نعيشها الآن تتمثل في جعل سكان اسيا يعتنقون المسيحية. والا تعلمون أن  الفيليبين لم يعد ذلك البلد الذي يشكل فيه المسلمون اغلبية السكان؟
اضف إلى ذلك توزيع ملايين الاناجيل والاقراص المدمجة باللغة الفارسية في الساحات الرئيسية من المدينة وكذلك مجموعة من الكتب الدينية المسيحية التي تلقى بداخل المنازل ليلا.
وهذه سنة إلهية ثابتة لا تتغير بأن كل أمرء وجماعة تجني ثمار همتها وجهودها وتخطيطها.
إن واقعة الثورة الإسلامية في ايران عام 1979، جعلت العالم الإسلامي وسكان آسيا ينتبهون فجأة إلى أنفسهم. واتسع نطاق الصحوة الإسلامية وبرز نوع من المطالبة والتعطش لمواجهة الاستعمار ونبذ مظاهر الانبهار بالغرب وإحياء التقاليد الإسلامية في التعاملات والعلاقات الثقافية والمادية. ان تسارع وتيرة هذه النهضة والهبة الدامية لشعب هذا البلد، سيحول ايران والايرانيين قريبا إلى نموذج وأسوة للمقاومة والدعوة إلى الإسلام، ولكن... .
هيهات أن  يكون الشعور بالامن واكتساب القوة وطرد بقايا الطاغوت، قد شغلنا عن مهمتنا الرئيسية والجدية وكل ما تبنيناه لحماية حقوق المستضعفين ونشر المعارف الإسلامية واقتناص الفرص وانجاز الدعوة. ومن هذه الفرص التي هي كلها حصيلة مجاهدة سكان هذه الديار، دخل السلفيون والوهابيون التابعون لجهاز السلطة في "المملكة العربية السعودية" وبضوء أخضر من الغرب، على  الخط ، وفتحوا مظلة الدعاية في الميادين المتوافرة، وبين الشعوب المتعطشة للإسلام والحرية، فاختطفوا وصادروا القسم الأكبر من ثمار شجرة الثورة الإسلامية من أيدينا ومن أيدي الشيعة ومن يد حجة الله الحي.
فقد اقتنص هؤلاء كل الفرص لمواجهة ايران الإسلامية ومحاربة الشيعة، وبث الفرقة في صفوف المسلمين.
***
ولابد من التحرك قبل فوات الأوان وقبل أن تفوت الفرص علينا. وضروري توسيع رؤانا وتحاشي الإفراط والتفريط. وبلا شك فإن أي راع لا يرتضي بأن يفقد ولو حمل ضلّ طريقه عن القطيع.
وكيف نقضي أسابيع وأشهر أحيانا للحوار وحتى الاحتجاج والاعتصام حول موضوع طفيف، لكننا نلوذ بالصمت ولا ننبس ببنت شفة ازاء الأحداث الكبرى والوقائع التي تقع على  الصعيد الدولي والتي تعرض الدين كله للخطر.

فرسان الحرب الباردة
وضع المسيحيون المتصهينون تاسيس المحطات الاذاعية والقنوات التلفزيونية وبعبارة أخرى الكنائس المسموعة والمرئية على  جدول أعمالهم منذ عام 1960 وذلك للتبليغ السريع والشامل لرسائلهم الدينية.
وفي هذا العام ، قام القس البروتستانتي ومبشر هذه الحركة بت روبرتسون بتاسيس أول قناة تلفزيونية في "فيرجينيا" ووصل خلال اقل من ثلاثين عاما إلى 500 قناة تلفزيونية ايفإنجيلية و 750 اذاعة ايفإنجيلية.
وحتى عام 1989 تولت 984 مؤسسة بحثية ومنظمة دينية مهمة اعداد وانتاج مواد وبرامج هذه الشبكة الواسعة.
ومع بدء عقد الثمانينيات، اصبحت عبادة اسرائيل، محور اهتمامات قادة الكنيسة البروتستانتية الايفإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية، ودفع ذلك بالقنوات التلفزيونية والمحطات الاذاعية الدينية أي الكنائس المرئية والمسموعة، إلى تقديم اسرائيل في برامجها على  انها أهم موضوع وقضية الساعة.
وبناء على  معتقدات الزعماء ورجال الدين البروتستانت، فإن ازدهار الشعب اليهودي في وطنه القومي وانتصاراته العسكرية الساحقة تشير إلى قرب حلول نهاية الزمان ومجئ المسيح الثاني وبدء الغلبة النهائية على  قوي الشر.
ولا يجب تجاهل ان 60 إلى 62 بالمائة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية هم من البروتستانت، في حين ان الكاثوليك لا يشكلون الا نسبة 25 إلى 27 بالمائة. واقدمت هذه الحركة في اجراء جاد وعابر للحدود وبهدف تادية واجب ديني بالظاهر، على  نقل اجتماعاتها وبرامجها التبشيرية من اميركا واوروبا واميركا اللاتينية إلى شبه القارة الهندية وافريقيا وبعض الدول العربية، واعدت برامج واسعة لمتلقيها في الهند ولبنان وتركيا و... لدرجة أن برامج القساوسة المتنفذين في الكنائس التلفزيونية، ترجمت وبثت باللغة العربية وتم أخيرا ترجمة هذه البرامج باللغة الفارسية أيضا وبثها عبر قناة فضائية.
وان كان المبشرون الدينيون والماسونيون في القرن الثالث عشر للهجرة، يقفون جنبا إلى جنب المستشرقين لتعبيد الطريق لساسة وجنرالات الغرب الاستعماري البريطاني والهولندي و... في البلدان الشرقية والإسلامية، فإن رجال السياسة والعسكر في العصر الجديد اصبحوا يعبدون الطريق للمبشرين الدينيين.
وعندما انتخب رونالد ريغن ممثل أفلام الكاوبوي رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، اشار العديد من السذج واصحاب النظرة السطحية في بلدان الشرق، إلى الشعب الأمريكي ولامه بسبب بلاهته، وتحسر البعض لكل هذه الحرية والديمقراطية! لكن أحدا لم ينتبه إلى تصريحات هذا الكاوبوي الهرم حينما قال:
ادعو الله ان يوفقني للضغط على  زر اطلاق الصاروخ النووي لتبدا حرب هرمجدون.
وقال هذا الكاوبوي الضاحك عام 1983 فيما كان يتوجه مخاطبا الايباك، اللوبي اليهودي:
عندما اراجع الأنبياء السابقين في العهد القديم والكتاب المقدس والعلامات التي تتوقع معركة هرمجدون، اسال نفسي: هل بإمكان جيلنا ان يشهد وقوع هذه الحرب؟ صدقوا ان هذه التنبؤات تنطبق على  العصور التي نعيشها.
كما ان جيمي كاتر وبهيئته الديمقراطية والذي اعتبر التواصل بين اميركا واليهودية يرقي إلى الوحدة في الأخلاق والثقافة والاحكام، قال:
إن تاسيس دولة اسرائيل عام 1948 يمهد للعودة إلى أرض الشمس المقدسة التي طرد منها اليهود قبل مئات السنين. ان تاسيس امة اسرائيل، هو استكمال لتنبؤات الكتاب المقدس وخلاصة جميع الأعمال.
إن ريغن وكارتر وبعدهما جورج بوش وتصورا منهم بانهم الممهدون للظهور المقدس ومنتجبون من قبل الله، كانوا بصدد تحقيق ارادة الله على  الأرض. وكان بوش قد قال عشية عام 2003 وامام ملتقي المتحدثين الدينيين بمدينة "ناشويل" بولاية تنسي الأمريكية:
لقد استدعيت الولايات المتحدة لتقديم الحرية التي هي موهبة من مواهب الله، لجميع الشعوب في ارجاء العالم.
وقال بعد حادث 11 سبتمبر:
اننا نريد تحقيق ارادة الله.
وربما عندما أعلن جيمز وات وزير الداخلية الأمريكي الاسبق امام الكونغرس الأمريكي: انه "بسبب الظهور المجدد وقرب مجي المسيح لا يمكننا ان نكون بصدد تدمير مصادرنا الطبيعية" فهم المسيحيون المتصهينون والملايين من متلقي الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية الأمريكية والبريطانية، مغزي هذا الكلام. ان هؤلاء كانوا بالتاكيد من ضمن الاناس الاوائل الذي خبروا سر تواجد اميركا في الشرق الاوسط والعراق والقرارات التالية للبيت الابيض.
وعندما كان قادة البلدان العربية والإسلامية يعتبرون ان السيطرة على  حقول النفط في الشرق الاوسط تشكل دافع دعاة الحرب الغربيين في حربي "الخليج الفارسي" و "العراق"، ربما انتبه عدد قليل من المحللين إلى اداء عشرات القنوات الفضائية التي اعتمدت أحدث الاساليب والقوالب الدعائية لتبليغ أحدث تعاليم مبشري الكنيسة البروتستانتية الأمريكية والبريطانية من قبل أكثرالمبشرين خبرة وتأنقا بمن فيهم السيدة جويس ماير والسيد بني هين. ان الذين يتحدثون من دون الحاجة لربط زنّار أو ارتداء رداء او... بلغة بليغة وينقلون كلمات "الكتاب المقدس" حول مجي المسيح الثاني ومحبته وشفائه المرضي، يقومون بابكاء عشرات الالوف من الاشخاص وبعد لحظات إضحاكم وينهون برنامجهم بالتبشير بقرب مجئ المسيح الثاني والدعاء الجماعي لوقوع هرمجدون ومقتل الكائنات الشريرة (المسلمين والعرب) على  يد جحافل الخير الأمريكية والبريطانية.
وهذا هو جزء من البرامج التي تبثها على  مدار الساعة أكثرمن 1550 محطة اذاعية وقناة تلفزيونية و 80000 قس ومتحدث ومبشر وأكثرمن 257 مؤسسة علمية و 100000 طالب بروتستانتي. وجدير ذكره ان استماع 610 ألف اسرة عن طريق 160 مركزا للبرنامج التلفزيوني للمبشر الإنجيلي السيد جري فالول، يكشف عن حجم هذا التيار الثقافي والتبشيري الذي اقحم اليوم الاصولية في قلب الحكم الأمريكي "البيت الابيض" ودخل الشرق الاوسط من خلال الافادة من جميع الإمكانات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.
ويوميا يزور الالوف مجسم "هيكل سليمان" وينتظرون مع مئات الرهبان المدربين على  خدمة هذا المعبد الكبير، دمار "بيت المقدس"، لكي يتم بعده اقامة هيكل ومعبد سليمان على  انقاضه في "اورشليم" وليكون مقر السيد المسيح(ع) جاهزا لاستقباله.
وان تقرأ اليوم السيدة جويس ماير وبني هين في هيئة قساوسة متمكنين، ايات "الكتاب المقدس" من باحة الكنيسة التلفزيونية الكائنة في اميركا وبريطانيا، فإنهم سيتحدثون غدا من الكنيسة حديثة التاسيس لهذه الفرقة في "الكويت"، وسيكون من بين أكثرمن مليون متلق للكتاب المقدس في العراق من يصغون بلاشك لهذا الكلام. الاناس الذي سيدعمون قريبا تحت شارة وعنوان المسلمين المتصهينين، كيان اسرائيل وايديولوجية هرمجدون، مثلما ان بعض المثقفين الليبراليي النزعة، يصنفون ضمن هذه الزمرة.
وهذه الجماعة الصلفة اكتشفت قبل المسلمين كلهم انه لا يمكن تجاهل الطاقة الكامنة والإنقاذية للمهدوية وكانت قبل ان تتحرر هذه الطاقة وتنتشر بين المسلمين – كما حدث في ايران عام 1979- بصدد استخدامها ولتكون في خدمتها، في حين ان المسلمين راحوا يبحثون عن المكاشفة والاحلام في حديثهم عن امام العصر والزمان(عج).
وقد ادركت هذه الجماعة الصلفة انه من أجل مكافحة المسلمين والتخلص من هذا المأزق الايديولوجي وتجربة نهاية التاريخ، فإنه لا سلاح امضي من اللجوء إلى المعنوية وكسر التقاليد الكنسية البراقة وتوسيع الوعظ والتبشير باساليب حديثة للاناس المكبلين في شبكة الليبرالية الأخلاقية والمذهب التجريبي العلمي، بحيث ظهر بني هيل امام الوف المشاهدين وهو يشفي المرضي من خلال الخدع الإعلامية!! بالضبط عندما تخلي الكثير من الثوريين المسلمين عن المعنوية والأخلاق وجميع التقاليد الحسنة السابقة خوفا من اتهامهم بالخرافة والشعبوية واصبحوا كمثقفي العقود الأخيرة من القرن  العشرين، يعتبرون ان البحوث العلمية والتجريبية والافادة من علم النفس وعلم الاجتماع، اسست لنجاح وانتشار الإسلام في بلاد الكفر.
وادركت هذه الجماعة الصلفة بأن الجهاد الاحمر هو سلاح مضاء ان خرج من غمده، فإن لا سلاح قادر على  الوقوف بوجهه. لذلك فإنهم سلموا السلاح الكليل والصدئ المتمثل في التنمية الاقتصادية والرخاء والحداثة للمسلمين وجردوهم من السلاح، ليدخلوا هم الساحة تحت مسمي جنود المسيح أو الصليبيين الآخرين الذين قالوا انهم مكلفون بتحقيق الارادة الالهية.
ووصف فرانكلين غراهام أحد قادة تيار المسيحية الصهيونية باميركا، الإسلام بانه دين الشر والكراهية، لكي يتسني لجورج بوش اعلان نفسه بانه رئيس حرب واصدار الاوأمر بتدنيس "كربلاء المقدسة" و "النجف الاشرف". 
وقد نشر هؤلاء في ظل الآلة الحربية الأمريكية والبريطانية، مائدتهم التبشيرية، بحيث يرفع المسلمون الاتراك والعرب والفرس والهنود ايديهم بالدعاء من أجل بقاء اسرائيل وقيام حكومة اليهود، وينفقون من اموالهم ويقفون بوجه ثقافتهم وحكوماتهم الوطنية والدينية، وهذه هي الحرب الثقافية الباردة، لكنها موجهة ضد المسلمين في العقد الأول من الألفية الثالثة. ان هؤلاء هم فرسان هذه الحرب القذرة والمقززة.
وذكرنا كل هذا من أجل تبيان أهمية هذه الواقعة المشؤومة، وتقديم نماذج من هؤلاء الفرسان والادوار التي يضطلعون بها في أحد البلدان الإسلامية.
وقد قدم بني هين بوصفه قس ايفإنجيلي ، في اوآخر عام 2005، وخلال برنامج تلفزيوني، أحد الفرسان العاملين في "العراق".
وفي مستهل البرنامج دعا، بني هين، القس اندرو وايت رئيس جامعة تدريب مبشري كنيسة بريطانيا، لكي يحضر على  المسرح ويكون امام الناس، وقال في معرض تقديمه له بانه مقرب جدا من ملكة بريطانيا. ومن ثم خرج اندرو وايت إلى المسرح وشرح خدماته. ان ما ياتي لاحقا، هو تقرير عن هذا البرنامج التلفزيوني:
اندرو وايت: ان الأعمال التي يقوم بها الرب في الكنيسة الإنجيلية، مذهلة. ان الكنيسة الإنجيلية هي في تنام مضطرد، لاسيما في افريقيا. ان انصارها في افريقيا أكثرمما هم في بريطانيا واميركا والغرب بمجمله.
[وهذه العبارة، تذكر الكاتب بجملة من السيد خاتمي الرئيس الايراني السابق حينما قال لدى عودته من جولة على  عدة بلدان افريقية في اوآخر ولايته الرئاسية: لقد انتبهت في هذه الجولة بأن زيارتي إلى افريقيا كم جاءت متآخرة. وربما لم يكن يعرف هو بأن المبشرين الإنجيليين وانصار اسرائيل، قد احتلوا الاجواء الثقافية لافريقيا].
بني هين: السيد اندرو وايت، هل هناك من معك وجاء من العراق؟
اندرو وايت: نعم، لقد خدمت في العراق خلال السنوات الست الماضية، وكان صديقي المقرب خلال هذه الفترة، المساعد السابق لسلاح الجو العراقي، انه يدعي "جورجيس سعادة" وهو بجانبي الان.
ارحب بهذا الرجل باسم الله، لكن هذا الرجل الذي كان مساعدي، هو الآن رئيس هيئة اركان القوات المسلحة والناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء العراقي. ان ميزته تشبه "النبي دانيال" الذي كان في خدمة الملك، لان هذا الرجل كان يتولي رئاسة الكنائس الإنجيلية في العراق لعدة سنوات. وهو الآن اقوي رجل في العراق. وان نظرنا في التلفزيون إلى "اياد علاوي" رئيس وزراء العراق،  سنري هذا الرجل يقف خلفه دائما، وهو يهمس في اذن رئيس الوزراء، ويقول له ما يجب ان يقوله. لذلك فهو صاحب السلطة الحقيقية. انه دانيال العصر.
ويعتبر اندرو وايت رئيس جامعة تدريب مبشري الكنيسة البريطانية ونصير مذهب المسيحيين المتصهينين، يعتبر رئيس هيئة اركان القوات المسلحة في بلد إسلامي بانه مساعده وصديقه وعنصره. ويصفه امام شاشات التلفزيوين بالنبي دانيال الذي كان في خدمة ملك طاغية. الرجل الذي كان يهمس اوأمر سيده في اذن رئيس وزراء العراق.
اندرو وايت: لقد كانت لي علاقة وثيقة مع بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق، لكننا نعيش الآن ذروة قوتنا في العراق عن طريق "جورجيس" [اقرا الجملة ثانية]. وبعد ان عين في هذا المنصب، زار جورجيس مباشرة كولين بأول وقال له "ان اليسوع المسيح هو الذي عينني في هذا المنصب، وساخدم اليسوع".
وذات يوم قلت في نفسي، انه يجب ان ازور قبر " النبي حزقيال" المدفون في العراق. فتحركت صوب النجف التي تعتبر أحد اخطر المناطق حيث تضم ضريح النبي حزقيال، الذي يقع خلف مسجد قديمي جدا. وقد كتب على  ضريحه جزء من السِفر الثالث والاربعين لحزقيال.
ويقع قبر النبي حزقيال في "وادي السلام" بالنجف. وكان القس اندرو وايت قد وصف من منطلق الخبث منطقة "النجف" بانها خطرة جدا. المنطقة التي يقطنها الشيعة وهي تتمتع بظروف امنية افضل بكثير من سائر المدن رغم الوضع الحرج في بغداد، لكن الملفت هنا هو ان هذا القس الايفإنجيلي، يوسع بمكر دائرة حضور بني اسرائيل حتى "وادي السلام"، لكي يوحي للمتلقين المسيحيين واليهود بأن جغرافيا اسرائيل وحدودها الامنية تصل إلى "وادي السلام" في النجف، بحيث أنهم احتلوا كل فلسطين تحت ذرائع من هذا القبيل وحتى انهم غير جاهزين للتخلي عن "قطاع غزة". ان بني اسرائيل يعتبرون في الحقيقة جميع مناطق العالم التي ورد اسمها وعنوانها في "التوارة" المُحرفة، بانها جزء من ملكهم.
في حين ان النجف هي محط اهتمام وتركيز الشيعة لسببين مهمين. أحده احتضانها لضريح الإمام على  امير المؤمنين(ع) والآخر هو كونها أحد مراكز المرجعية الدينية لعالم التشيع.
ويسترسل في الحديث فيقول:
وكان حارس قبر النبي حزقيال، مسلم شيعي، رحب بنا بحفاوة. لقد احسسنا في هذا الموقع وجود الله القادر المتعال. وكانت هناك غرف صغيرة في اطراف القبر للصلاة. قلت للحارس، ما هذه الغرف الصغيرة؟ قال: ان الناس ياتون كل ليلة إلى هنا لاداء الصلاة، لانهم يعرفون انه كان نبيا كبيرا، بعثه الله.
انه يطلب بمكر ودهاء من متلقيه الإنجيليين، بأن يزوروا هذه المنطقة والضريح. وليمارسوا العبادة في هذه الغرف الصغيرة، لتحويل الصورة الإسلامية لوادي السلام إلى صورة يهودية ومسيحية.
وكنا في طريق العودة من هذه الرحلة الممتعة. عبرنا "بابل"، وعندما شاهدنا قصر صدام الرئيس العراقي السابق وقد نهب الآن بالكامل، سمعت بوضوح بأن الله يقول لي "لقد سقطت بابل" وعندما تسقط بابل ستظهر عظمة الله.
في حين ان "بابل" كانت قد سقطت عدة مرات منذ العصور الغابرة ولحد الان، فقد دمرت في عهد "نبوخذ نصر". فكيف يمكن اذن اعتبار دمار العراق اليوم وسقوط حكم صدام كأحد المصاديق المذكورة في "الكتاب المقدس"، فضلا عن ان أرض العراق لم تعد تسمي اليوم ب "بابل"، وهذا يتعأرض مع التفسير الوارد في الكتاب المقدس المزعوم من المسيحيين المتصهينين.
ويحاول اندرو وايت من خلال ذكر اسم بابل بدلا من مدينة "الحلة" لفت انتباه متلقيه إلى ما ورد في "التوراة" ودور وموقع بابل في التاريخ الماضي لليهود وموضوع سقوط بابل كحادث يسبق الظهور، بحيث أن المسيحيين المتصهينين يعتبرون السيطرة على  بابل بانه جزء لا يتجزأ من مجمل النبوءات وتحقق المشيئة الالهية.
ومن ثم يتوجه اندرو وايت إلى جورجيس والناس قائلا:
من الملائم ان ندعو له. لرجل كبير يرقد هنا. انه رجل كبير للغاية. وزوجته ترقد هنا أيضا. انه أحد رجال الله حقا.
ويلتفت بني هين إلى الاناس الذي كانوا يصغون بتحير وتشوق إلى هذه القصة ليقول:
لذلك يجب الصلاة من أجل هذين الرجلين الالهيين (اندرو وايت وجوجيس). يجب ان نكون إلى جانبهما. اعزائي! ان ما يحدث الآن في العالم، يحدث لسبب وأحد وهو ان الإنجيل ينتشر في ارجاء المعمورة وتتبرك به النفوس. ان الشعب العراقي متعطش. متعطش لمحبة الله، وهذا أمر مقبول. ان العالم العربي هو كبرعمة جميلة تتفح وان هكذا رجالا موجودون هنا لهذا الغرض. اتعرفون، انه لا يتحدث مطلقا عن الاخطار الهائلة التي تحدق به.
وقد آن الاوان لان نصلي نحن والروح القدس واليسوع من أجل هذين الرجلين واسرتهما.
إلهنا، اننا ندعوك لتبارك لهما. ايها الربّ، ان الاعتماد على  البشرية خطأ. انك انت الوحيد الذي تحمينا. اننا نصلي اليوم من أجل ان تحفظ هذين الرجلين كنور عينك وان تكتنفهما بحمايتك.  وان تحفظهما في ظل دعمك. إلهي، حقق مطالبك عن طريقهما لكي يتالق اسم ابنك اليسوع، احفظ عن طريق هؤلاء الرجال الالهيين الذين يعملون من اجلك، اسرهم وابنائهم واحفادهم باسم اليسوع. إلهنا اجعلهم سالمين وكن معهم دائما باسم اليسوع. آمين.
الله يعلم انه لماذا يقولون آمين. هل من أجل تدمير مدن العراق واحيائه بوحشية وسفك دماء الوف النساء والرجال وما يعتبرونه ازدهار العراق؟ أم لشئ آخر!
ومن ثم يقول اندرو وايت:
-    أود ان احبك كابني. كنت أود ذات يوم ان ازور العراق. أتدري، لقد نلت امنيتي الان. الكل في العراق يقولون: ماذا يفعل هذا الاثنان هنا، لانهم شاهدونا على  شاشة التلفزيون، الناس يسالون، ماذا يريد هذان الاثنان هنا، لكننا جئنا من أجل مساعدة رئيس الوزراء.
-    عندما تحدثنا مرة معا، طرحت عليك سؤالا، واكرر الآن السؤال نفسه، اريد ان اعرف هل تغير ردك؟
-    من دون ان تطرح سؤالك، ساقول لك: كلا، لم يتغير اطلاقا، ان العديد من الملائكة تدعمنا هنا، طيب، صلوا من اجلي.
إن هذا الحوار الذي يرافقه تصميم مشاهد ماكرة، يقدم محتلي وغزاة العراق بانهم مبعوثون ومكلفون من قبل الله. ومن ان هؤلاء جاؤوا إلى العراق بأمر من الله ومن أجل عيسي المسيح(ع)، واستقبلوا الاخطار. ولذلك فإنه يجب الثناء عليهم كقديسين.
إن النجاح في تكليف رجال متنفذين ومؤثرين، لكن عملاء في الجهاز السياسي للدول الإسلامية، طبعا يستحق الشكر والثناء بالنسبة للقساوسة الإنجيليين وانصارهم. وفي المقابل، يجب البكاء والنحيب على  سكان البلاد الإسلامية.
واجبنا
وهنا يجب الإقرار بأن محاولات الأجانب المبدعين للسيطرة والنهب، تشكل أحد ابعاد القضية. والبعد الآخر يتمثل في الغفلة والاهمال والتقاعس وانكار الجميل الذي يجعل اصحابه يستحقون الهيمنة الاجنبية عليهم وفقا للسنة الثابتة التي لا تتغير.
ولا بد هنا من التذكير باساليب قطع الطريق على  توغل ونفوذ عملاء الاستكبار والصهيونية وسد الثغرات:
1-    لا بد ان تتحرك المراكز العلمية والثقافية لاسيما الحوزات العلمية فورا من أجل التعرف على  اللاهوت والمنظومة العقائدية والثقافية للشعوب غير الإسلامية ، وكذلك دراسة اراء واهواء الفرق شبه الإسلامية التي تملك الجهوزية للتحول إلى عميل للاجنبي (من اليهود والنصاري) لتتوفر بذلك إمكانية النقد والردّ على  الشبهات المحتملة؛
2-    يتعين على  المؤسسات الثقافية المسؤولة التعرف على  كافة الفرق الدينية الموجودة في البلدان المجاورة وتجهيز المكتبات وإيجاد الأرضيات اللأزمة لاستخدام طاقاتها لتحديد الشبهات واعداد الدعاة الدينيين وايفادهم إلى الاماكن التي تتوفر فيها إمكانية استغلال الطبع اللطيف والرقيق للشبان، وذلك من أجل ازالة فرص هذا الاستغلال؛
3-    لا بد للمراكز والمؤسسات الدينية ان تعيد النظر في اساليب التبليغ الديني والافادة من اصحاب العلم والمعرفة والوعي لاقامة ارتباط صريح وسريع والتناغم مع الشبان والأحداث لبناء أول عقد من الألفية الجديدة. وكل هذا ممكن من خلال الابتعاد عن الانتقائية الثقافية وشائبة الاستغراب الجاري.
4-    على  المؤسسات المعنية ان تدرك الظروف والوضع الحإلى ومعرفة ان الخصم يتربص بنا في الحرب الثقافية، لتوفر إمكانية الحد من اصدار الكتب المشبوهة والمثيرة للشبهات. ان موضوع المناخ الثقافي المنفتح والتنمية المنفلتة وحرية اصدار أي شبهة بين المسلمين، تتعأرض وقاعدة التواجد الذكي في ميدان النضال وخلاف للنص الصريح لكتاب الله وكلمات الأئمة المعصومين(ع)؛
5-     ان تولي الرجال والنساء المثقفين واصحاب القلم والبحث والمتخصصين في شؤون الدين، المناصب الاجتماعية والسياسية والتنفيذية فيما توجد إمكانية ان يحل محلهم رجال ونساء مؤمنين ومخلصين وخبراء، يعد ظلما للجيل الشاب والوسط الثقافي في العصر الحاضر؛
6-    لا بد للمؤسسات والاجهزة المسؤولة، ان تتخلي عن التقاعس والكسل الذي استمر على  مدى خمسة وعشرين عاما، لتوفير إمكانية هدوء البال لدى اصحاب القلم والبحث والمعرفة ليتسني لهؤلاء حماية وصيانة الجغرافيا الثقافية لهذه البلاد الإسلامية بعيدا عن هاجس المعاش والحاجة المادية، وهذا الكلام لا يعني بالطبع إيجاد مساحة اوسع لمشعوذي ساحة القلم والادب لكي يهاجموا بلا هوادة مجمل الجغرافيا الثقافية للمسلمين والشيعة. مثلما ان الساحة المقدسة للإسلام والثقافة الإسلامية كانت على  مدى السنوات الأخيرة وبعد عام 1989 ولحد الان، هدفا للهجوم المدروس للمثقفين الملحدين وفي الحقيقة فرسان الحرب الباردة.

یتبع ان شاء الله ...

خصوصية الإمام المهدي عليه السلام في العملية القضائية

$
0
0
خصوصية الإمام المهدي عليه السلام   في العملية القضائية

ولكي يكتسب الحكم القضائي صحته وسلامته لابد أن يكون دقيقاً في حيثياته، وعادلاً في تحقيقاته، ذلك لأن المهمة الأساسية للعمل القضائي هو الفصل في الخصومات وحسم النزاعات التي تحصل بين العباد بشكل عادل عبر رفع الحيف عن المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه، ولا يتحقق ذلك في العملية القضائية إلا من خلال البينات والأدلة المتحصلة في مجلس القضاء والتي من خلالها تنكشف حقيقة الواقعة موضوعة التخاصم بين أطراف الدعوى.

المراد بالعملية القضائية: هي ذلك القياس المنطقي الذي مقدمته الكبرى هي النص التشريعي، ومقدمته الصغرى الواقعة مثار الخصومة، ونتيجته هو الحكم الذي يصدره القضاء(1) أو القاضي بتعبير أدق.

ولكي يكتسب الحكم القضائي صحته وسلامته لابد أن يكون دقيقاً في حيثياته، وعادلاً في تحقيقاته، ذلك لأن المهمة الأساسية للعمل القضائي هو الفصل في الخصومات وحسم النزاعات التي تحصل بين العباد بشكل عادل عبر رفع الحيف عن المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه، ولا يتحقق ذلك في العملية القضائية إلا من خلال البينات والأدلة المتحصلة في مجلس القضاء والتي من خلالها تنكشف حقيقة الواقعة موضوعة التخاصم بين أطراف الدعوى.

وعند مراجعة مؤلفات أعلام الأمة وتتبع مرويات بيت العصمة الطاهرة الخاصة بالسيرة القضائية للإمام المهدي المنتظر عليه السلام لما بعد الظهور نجدها تتجسد في خصوصية متفردة عبر النقاط التالية:

أولاً _ ورد عن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وبالسند الصحيح قوله: (أبشركم بالمهدي يبعث في اُمتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).(2)

فهذا الحديث الشريف يدل على ان الإمام المنتظر بعد الظهور وإنشاء دولته المباركة التي تأخذ _ عبر الأيام _ بالتوسع لتشمل كافة بقاع المعمورة، فيأخذ القضاء فيها بعداً عالمياً في إشاعة العدل، بعدما تجذّرت عند الأمم عوامل الظلم والجور، واستشرت دكتاتورية وجبروت القابضين على السلطة من الإستكباريين وأذنابهم.

والسؤال الذي يثار هنا هو: كيف يتسنى للإمام عجل الله فرجه تحقيق العدالة القضائية في بعدها العالمي ومركز عاصمته وولايته الميمونة (ظهر الكوفة)؟ والإجابة على ذلك: إنه حينما يبعث القضاة _ وهم النخبة الذين اختارهم لكفاءاتهم التي عرفها بالأمر الاعجازي _ إلى كافة المدن والأمصار فإنهم لا ينحرفون عن الحق إذ يقضون بقضاء الحق كون الإمام عليه السلام (لم يبق بين يديه أحد إلا عرفه صالح أو طالح) وذلك إبان فترة حكمه العادل كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام.(3)

أما في حالة ما إذا استعصت على أحد قضاته مسألة ما أو احتاج منهم إلى رفع إشكالية ما عن قضية مستحدثة مثلاً كي يعطي فيها قراره الحاسم فإن حلها يتلمسه من خلال ما يقرأه في كفه. حيث هناك رواية مفادها ان الإمام لا يرسل قضاته إلى الأماكن الأخرى الا بعد إرشادهم في قراءة ما تعترضهم في مجالس القضاء من مستعصيات القضايا ومستحدثات المسائل من خلال ما يترآى في كفهم.(4) وهذا بحد ذاته اعجاز اتسم به القضاء في دولة الإمام المهدي الذي لم يسبق إليه سابق، وما لم نجده حتى في قضاء أقضى الأمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إذ كثيراً ما كان ينقض أحكام شريح بن الحارث ويصحح أخطاءه لدرجة حدت به بعدم السماح في تنفيذ الأحكام التي يصدرها شريح في قضايا جرائم الحدود إلا بعد عرضها عليه بغية مصادقتها أو نقضها.(5)

لا بل انه نفاه إلى بانيقيا (الحيرة حالياً) مدة سنتين ليقضي بين اليهود في منازعاتهم(6) فتأمل!

ثانياً ـ تذكر بعض الروايات ان مرجع تسمية الإمام المنتظر بالقائم يعود إلى قيامه بالحق.(7) والقيام بالحق يعني إنشاء كيان دولته الجليلة على أسس الإسلام الحقيقي الذي من شأنه إشاعة الخير والرحمة بين العباد وصيانة الحقوق المشروعة من أي اعتداء، ويدخل في مندرجات ذلك إعطاء كل ذي حق حقه ومكافحة الاجرام والقضاء عليه لا تحجيمه فحسب، وذلك عبر الانتقام من الظلمة والقتلة ما دامت الجريمة في واقعها تشكل اعتداءً على الضرورات الخمس المتمثلة في المنظور الإسلامي: حق الحياة وسلامة الجسم، وحق حماية الأموال المشروعة وحق المعتقد وحماية الدين والذود عنه وحق حماية العقل وأخيراً حق حماية النسل والعرض.

رابعاً ـ الملاحظ من الأحاديث المروية عن بيت العصمة ان القائم عليه السلام إذا خرج فإن الباريء تعالى يلهمه فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استنبطوه ويعرف الصالح من الطالح بالتوسم(8) وقد قال سبحانه (إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ).(9)

ويذكر انه في عمليته القضائية يحكم بين الناس بحكم داود دون الحاجة إلى بيّنة(10) أي يكون قضاؤه مستنداً على العلم (اللدنّي) لا الأدلة والبيّنات وهو ترسيخ للعدل الحقيقي وهذا يعني ان قرار حكمه في القضية مثار التنازع بين المتخاصمين لا يقوم على الحقيقة القضائية التي تنصب على الأدلة التي يقدمها الخصوم في مجلس القضاء إنما تعتمد على الإلهام الرباني والتوسم الذي من خلاله تكتشف حقيقة الواقعة مثار النزاع فعلاً.

وهناك فرق بين الحقيقتين: فالحقيقة القضائية سندها الأدلة والبيّنات التي قد يدل ظاهرها على خلاف باطنها في حين ان الحقيقة الواقعية هي الواقع الفعلي الحاصل في الحادث مثار النزاع.

ولابد من التنويه هنا بأن هناك رواية تقول: ان نبي الله داود عليه السلام دعا ربه ان يعلمه الحقيقة الواقعية كي يقضي بين الناس بما هو عنده من حق فعلي، فأوحى إليه سبحانه بعدم إمكانية احتمال الناس لتلك الحقيقة لأنها خارج قدراتهم الفكرية الا أنه استجاب له فجاء إليه رجل يتظلم من آخر وعندما انجلت له الحقيقة الواقعية أمر بإعدامه فثارت ثائرة بني إسرائيل متسائلين كيف يصح الحكم على المظلوم في حين ان الحقيقة ان المتظلم المذكور أقام شكواه الكيدية للتمويه عن حقيقة فعله إزاء المشكو منه حيث ان الحقيقة الواقعية تشير إلى ان ذلك المشتكي قد قتل المشكو منه وسلب ماله وأراد تضليل القضاء فقدم هو شكواه الكيدية المذكورة وهنا دعا داود عليه السلام ربه في أن يعيد له القضاء بالبيّنة(11) لا العلم (اللدني) الذي لا تقوى البشر على وعيه وإدراك مداليله.

وقد ورد عن الرسول الخاتم وبالسند المعتبر انه قال (إنما أقضي بينكم بالبينات والأَيمان ولعل بعضكم ألحن بحجته عن بعض فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له قطعة من نار)(12) فالرسول كان يعتمد في قضائه على أمرين:

الأول: إثبات الوقائع القائمة على البينات التي له فيها سلطة تقدير مدى كفاءتها في كشف الحقيقة من عدمه في القضية مثار التخاصم.

أما الأمر الثاني فهو حكمه على تقدير ثبوت الوقائع.

وقد أوصى النبي الأمين وصيه علياً حينما بعثه قاضياً إلى اليمن بالقول: (إذا جلس بين يديك خصمان فلا تقض حتى تسمع عن الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء)(13) كما روي عنه قوله (إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له فربما أتى خصمه وقد فقئت عيناه).(14)

ومدلول تلك الأحاديث الشريفة تدل على أن الله جل جلاله أجرى أحكام رسوله الأمين على الحقيقة القضائية التي يستوي فيها هو مع غيره ليصح اقتداء قضاة الأمة الإسلامية بقضائه هذا. وإذا كانت الحكمة الإلهية قد قضت بضرورة ان يقضي الرسول ووصيه بالحقيقة القضائية خصوصاً وأن الإسلام لا زال غضاً طرياً وفي بداية عهده فإن الأمر يختلف في عصر دولة الإمام المهدي الذي اقتضت حكمته تعالى أن يشيع العدل الإلهي في كافة أنحاء المعمورة بقوة السيف ـ كما تدلنا الروايات ـ وان مسوغات القضاء في عهده بالحقيقة الواقعية القائمة على الإلهام والعلم اللدني تبرز واضحة إذا ما دققنا روايات ما سيحصل بعد الظهور من الإسلام الجديد حيث يشيع أحكام الإسلام الحقيقي لا الإسلام الشكلي الذي حفته البدع والإنحرافية وهنا تتجلى خصوصية العملية القضائية لعصر الظهور لاعتمادها الحقيقة الواقعية في الحكم والقضاء وتحقيق شمولية العدالة بأبهى تجلّياتها سماوية على الأرض والحمد لله رب العالمين.


القاضي فاضل عباس الملا
الجامعة الإسلامية ـ قسم القانون


الهوامش
(1)  القاضي ضياء شيت خطاب/ فن القضاء ص 17 بغداد 1984.
(2)  راجع مثلاً السيد ابن طاووس/ الملاحم والفتن ص116 النجف 2004 وسبط ابن الجوزي/ تذكرة الخواص ص 264 _ المطبعة الحيدرية 1964 الشبلنجي/ نور الأبصار ص 170 بغداد 1984 وكمال الدين ج 1 ص 72 طبعة 1425 هـ.
(3)  السيد عدنان البكاء/ الإمام المهدي المنتظر ج 1 ص 269 بيروت 1999.
(4)  أبو زينب النعماني/ غيبة النعماني ص 319.
(5)  فاضل عباس الملا/ الإمام علي ومنهجه في القضاء ص 116 نشر مركز الغدير للدراسات الإسلامية _ بيروت 1999.
(6)  المجلسي/ البحار ـ المجلد الثامن ص 729 الطبعة الحجرية/ 1304هـ.
(7)  الشيخ المفيد/ الإرشاد ص 411 المطبعة الحيدرية 1972 والبكاء ص 270 سبق ذكره.
(8)  السيد البكاء ص 269 سالف الإشارة.
(9)  سورة الحجر/ 75 و76.
(10)  الشيخ المفيد ص 413 وقد سلف ذكره وإعلام الهداية ج 14 ص 221 وما بعدها طبعة عام 2004.
(11)  السيد الجزائري/ قصص الأنبياء ص 380 ط6 والوسائل _ المجلد السادس الطبعة الحجرية عام 1307هـ.
(12)  الوسائل ـ سبق ذكره وبنفس المعنى يمكن الرجوع إلى صحيح البخاري ج 3 ص 223 والقرطبي/ أقضية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ص 24 مصر 1346هـ.
(13)  الصدوق/ من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 7 والماوردي/ الأحكام السلطانية ص 67 مصر 1966.
(14)  ابن الأثير/ المثل السائر ج1 ص 135 مصر 1939.

مشكلة الإمام الغائب وحلّها

$
0
0
مشكلة الإمام الغائب  وحلّها

واحتياج الأمة إلى الإمام أمر عقلي وجداني يدركه من يتأمّل في المجتمع البشري واختلاف آرائه وأهوائه وتصادم آماله وأعماله، الأمر الذي يؤدّي إلى الفوضى والشـــغب الدائم، فكان من الواجب على الله العادل الحكيم أن يتلطّف على عبـــاده بتوجيههم إلى صراط الحق، وأن يمنعهم من التردّي في الباطل، ولا شك بأن التوجيه يلزم أن يكون طبيعياً يقبله المجتمع العام بلا ارتياب وتردد منه فيه، والتوجيه الطبيعي يتحقّق بإيجاد زعيم حاز على مؤهلات الزعامة كلها، لكي تخضع له الجماهير على اختلاف مراتبها في الاجتماع، ليتمــكّن مــن توجيه دفّة سفينته إلى شاطـئ الكمال، وعلى هذا البناء العرفي يقوم كيــان (قاعدة اللطف)، وعلى قاعدة اللطف استقام بناء النبوّات العامة، وعليه أيضاً تبني الشيعة ناموس وجوب وجود الإمام في كل دور وطور.

إن موضوع الإمام الغائب فرع من دوحة الإمامة، ولكي نعي الموضوع وعياً كاملاً يلزمنا أن نعي موضوع الإمامة نفسه.

واحتياج الأمة إلى الإمام أمر عقلي وجداني يدركه من يتأمّل في المجتمع البشري واختلاف آرائه وأهوائه وتصادم آماله وأعماله، الأمر الذي يؤدّي إلى الفوضى والشـــغب الدائم، فكان من الواجب على الله العادل الحكيم أن يتلطّف على عبـــاده بتوجيههم إلى صراط الحق، وأن يمنعهم من التردّي في الباطل، ولا شك بأن التوجيه يلزم أن يكون طبيعياً يقبله المجتمع العام بلا ارتياب وتردد منه فيه، والتوجيه الطبيعي يتحقّق بإيجاد زعيم حاز على مؤهلات الزعامة كلها، لكي تخضع له الجماهير على اختلاف مراتبها في الاجتماع، ليتمــكّن مــن توجيه دفّة سفينته إلى شاطـئ الكمال، وعلى هذا البناء العرفي يقوم كيــان (قاعدة اللطف)، وعلى قاعدة اللطف استقام بناء النبوّات العامة، وعليه أيضاً تبني الشيعة ناموس وجوب وجود الإمام في كل دور وطور.

أما القائد، ـ ولنُسمِّه من الآن فصاعداً (بالإمام) ـ لأنه العنوان الديني الذي تطلقه الشيعة على قائدها الديني العام، ولا شك بأننا نبحث عن القيادة الدينية في دنيا العقيدة، نعم أما الإمام فيجب أن يحوز على كفاءآت أساسية يستحق بحيازتها الإمامة، تجمعها  شروط خمسة دار عليها فلك الإمامة.

أولاً: العصمة. وهي مَلَكة طبيعية في الإمام تحرسه من المعاصي والآثام، كما تحرسه من الإهمال بالوظائف المقررة في الدستور العام، تحرس نواياه وهواجسه، كما تحرس أقواله وأعماله، ومعنى المَلَكة هنا أن له صارفاً نفسياً عن تجاوز فكره وعمله حدود الدستور وإن كان مقتدراً عليها لو أرادها، وهو أمر معقول، مثاله في العرف.. أن الرجل الشريف ليمتنع عن اللصوصية والجريمة لصارفٍ نفسيّ عنده، مع تمكّنه منها لو أرادها. والفرق بين هذا الرجل الشريف وبين الإمام عليه السلام أنّ امتناع الشريف عنها أمر ليس بضروري له، بل هو أمر ممكن ذاتاً قابل للوجود والعدم، أما امتناع الإمام منها فهو واجب ذاتي له غير قابل للتخلّف أصلاً، وبهذه الحقيقة امتاز الإمام على غيره من الأمة.

وأما علّة جَعْل العصمة شرطاً للإمامة فهو أن أفراد الأمة كلها يمكن أن يقع منها ما يُنافي مقام الإمامة في نيّة أو قول أو عمل، أما المعصوم الذي صارت العصمة ملكة ذاتية واجبة فيه فلا يمكن أن يقع منه ما يُنافيها، فاحتمال الوقوع يمنع صاحبه من مقام الإمامة ويخصّها بالمعصوم فقط، لكونه هو وحده مأمون الجانب دائماً، وبهذا التأمين استحق منصب الإمامة الدينية في الإسلام...

ثانياً:  الأفضليّة. وأفضليته على الأمة يجب أن تكون في العِلم الإلهي، وفي المجتمع الإنساني، أما سبب أفضليته في العلم الإلهي فلأنّه يريد أن يقود الإمامة باسم الحكومة الإلهية في الأرض، فلو لم يكن أفضل الأمة عند الله وأقرب الخلق إليه لما صحّ أن يحوز القيادة العامة، لأنه يلزم من ذلك تقديم المفضول على الفاضل وهو نقص يتعالى الله عنه، وعلى هذه القاعدة أيضاً تتركز أفضليته في المجتمع الإنساني لاتّحاد العلة فيهما، واختلاف سبَبَي العلّة لا يستوجب اختلاف العلة، فكون علة الأفضلية في العلم الإلهي هي حيازته على أكثر ثواب وأكبر تقدير من الله ـ لأنه لم يشطح عن القانون الإلهي طرفة عين في تمام حياته ـ لا ينافي علة أفضليّته في المجتمع الإنساني وأنه أعلم الأمة بالدستور وموادّه، وأفقهها لأصول تشريعه وعللها، وأحواها لفروع أحكامه ومسائلها..

وتقديم الأفضل في المجتمع على غيره أمر طبيعي تمشّت عليه سيرة الهيئات الاجتماعية في الأجيال والأمم، فالشيعة الإمامية لم تشذّ في اتّخاذها هذه المادة شرطاً أساسياً للإمامة.

ثالثاً: خبرته الإدارية، ويشترط أن يكون الإمام فيها مقدّماً على جميع أفراد أمته، لأنه يريد أن يدير مملكة تختلف مناطقها الجغرافية، كما تختلف أذواق سكانها في تحديد الحسن والقبيح فيها، فيلزمه في نظامه الإداري أن يكون خبيراً بالبلاد بصيراً بأهلها وما هم عليه من الطقوس والتقاليد وما ترمز إليه تلك الطقوس من المعاني النفسية والاجتماعية، لكي لا يخدش عاطفة في توجيه طقوسها على منهج لا يخالف روح الدستور، فهو يطبق الدستور ويماشي الذوق العام، وهو ينتخب لكل منطقة من بلاده موظفاً يلائم جو تلك المنطقة في السير الاخلاقي والإدارة العامة، كما أنه يلتقط وزراءه وقوّاده من عناصر قوية في الإيمان بالدستور حكيمة في تنفيذ مواد ذلك الدستور، واعية بما يحويه الدستور من الأغراض النفسية والاجتماعية، كما يلزم منه أن يكون مطّلعاً على حدود مملكته وحصونها وجيرانها وما بها من عناصر الضعف والقوة، ومسارب الهجوم والدفاع منه عليها ومنها عليه، لكي يحافظ على المملكة وحدودها بخبرة ودربة وقوة، ولكي لا يضع أمراً في داخل المملكة أو خارجها في غير موضعه، ولا يلزم من خبرته السياسية والادارية خبرته بالمهن والصناعات الدارجة في مملكته، لأنه لا يريد إلاّ إدارة الأمة وتطبيق الدستور، وهما لا يتوقّفان على غير الخبرة الفقهية والإدارية، فكلما خرج منهما يكون زائداً على صفات الإمامة، وإن كان ذلك صفة جمالية كمالية.

رابعاً:  الأشجعية، لأن القيادة العامة لا تسند إلا لمن يتمكّن على حفظ القيادة العامة من هجمات الأعداء ومكائد المنافقين، والدفاع لا يتحقق إلا بالقوة، بقوة القائد العام نفسه، لأن اعتماده في حفظ القيادة ـ التي هو المسؤول عنها ـ على غيره ربما يصطدم بإرادة من يعتمد عليه في موضوع يعارض إرادته في ذلك الموضوع، فإذا لم يتمكن من تأديب صاحب الارادة المعارضة وتوجيهه إلى إرادته فقد اللياقة للقيادة، والكفاءة شرط أساسي للوظيفة، وبالشجاعة النفسية والشجاعة البدنية تتحقق كفاءة القائد العام فقط، ولذلك جعلتها الشيعة شرطاً أساسياً للإمامة.

خامساً: البرهان الإلهي على صحة الإمامة، ويتحقق البرهان الإلهي إمّا بالنص، أو بالمعجزة. أما احتياجه إلى النصّ فلأنّ الشرط الأول في الإمامة هو العصمة، وهي لا تُعلم بنفسها، بل لابد أن تستكشفها بوسيلة تدلّك عليها، لأنها من الكيفيات النفسية التي لا تُدرَك بنفسها، وتنحصر وسيلة الإدراك بإخبار مَن يمتنع منه الكذب ويجب عليه الصدق في دعاواه، وامتناع الكذب ووجوب الصدق لا يتحقّقان إلاّ في المعصوم فقط، فإذا شهد المعصوم بورود النص فيه من الله قُبلت منه الشهادة وكان إماماً للأمة.

وأما احتياجه إلى المعجزة التي هي عبارة عن خرق ناموس الطبيعة في العناصر الكونية، فذلك إنما يكون حيث لا يكون نصّ من المعصوم فيه، فاذا رأينا مُدّعياً لقيادةٍ إلهية يؤيّد دعواه بخرق نواميس الطبيعة الثابتة نعرف منه أنّه صادق في دعواه، ولا يذهب عنك بأنّ خرقه لناموس الطبيعة يجب أن يكون من غير طريق الآلة أو الوسيلة المادية، لأنّ بهما يتمكّن كل شخص أن يقوم بخوارق لا يتمكن أن يقوم بها الانسان العادي، بل اللازم لمدّعي القيادة الإلهية أن لا يقوم خارقُه على وسيلة مادية، وذلك كإحياء عيسى الأموات بمجرد ندائه للميت، أو كانقلاب النار برداً وسلاماً لإبراهيم بمجرد دخوله فيها، بلا أن يستعين في ذلك الخارق بوسائل علمية مادية تغيّر طبيعة العناصر، وكشقّ القمر أو المعراج الجسمي لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم  بلا أن يتوسّل فيهما بآلة مادية أو يستند بهما على عناصر علمية تفلق القمر وتصعد به إلى الأفلاك النائية، فإذا صادفت هذه المعجزة دعوة من صاحبها بالقيادة العامة الإلهية، كان المدّعي صادقاً يوجب العقل اتّباعه بلا تأمّل ولا تردد.

أما النص فلما بيّنّا بأن السلطة الإلهية لا تأتي إلا من قِبل الله، فإذا اختار الله لها أحداً من خلقه كان هو المتعيّن لها، والطريق الوحيد الذي يعرف الناس منه صدق التعيين هو نص المعصوم بذلك، وقد ثبت عندنا بالقطع والضرورة بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  نص على علي عليه السلام بالإمامة، وبأن علياً عليه السلام نص على ولده الحسن عليه السلام ومن بعده على ولده الحسين عليه السلام، وبأن الحسين نصّ على ولده السجاد عليه السلام، وهكذا نعلم بالضرورة نص الإمام السابق على الإمام الذي يتلوه حتى يصل الدور إلى الإمام الغائب عليه السلام ، نعم قد ثبت عندنا بالضرورة تعيين هؤلاء الأئمة للإمامة من طريق النص، وبالإمام الغائب ينتهي النص، وعند ذاك إمّا أن نقول بأن الإمامة قد انتهى دورها ـ وهو معنى يخالف قاعدة اللطف المتقدمة ـ أو نقول ببقائها فيه وانحصارها به وهو الذي نتوخّاه.

ولا يصحّ أن يكون الإمام معدوماً، لانعدام قاعدة اللطف الواجبة الوجود بانعدامه، ولا تخدش غيبته اللطف الإلهي، لأن اللطف الذي يتحقق به انتفاع الناس يقوم على  أركان ثلاثة:

الأول: ما يرجع إلى الله، وهو خلقه للإمام وإيجاده له على المؤهّلات التي تحتاجه إدارة الدين وشؤون المتدينين.

الثاني: مما يرجع إلى الإمام نفسه، وهو قبوله للتكليف الإلهي، وتوطين نفسه على تحقيق مقاصد الله في البشر.

الثالث: ما يرجع إلى الناس، وهو تمكينهم الإمام من إدارتهم بالانقياد له وتهيئة ما تحتاجه إدارته لهم من الوسائل والأسباب.

ولا شك بترتّب هذه الأركان بحسب الرتبة في الوجود، فالواجب على الله يتقدم الواجب على الإمام، وهو يتقدم الواجب على الناس، فإذا قام الله باللطف الواجب من ناحيته، سقط الواجب عنه، لأن ما كان يرجع إليه في اللطف قد حصل منه تماماً، فلا يضرّه عدم حصوله من الإمام والناس،وإذا قام الإمام باللطف الواجب عليه من ناحيته سقط الواجب عنه أيضاً، لأنه قد جهّز اللطف بما كان اللطف محتاجاً إليه من جهته، فلا يخدش لطفه عدم تمكين الناس من إدارتهم.

ونعتقد في حال الغيبة أن اللطف حاصل من ناحية الله وناحية الإمام عليه السلام، وإن كان الركن الثالث منه معدوماً، فإن الناس لم يمكّنوا الإمام من ادارتهم، بل حاولوا اغتياله، فغاب عنهم خوفاً على ضياع اللطف بضياع حياته، منتظراً الأمر الإلهي بالظهور، وذلك عندما تتم القابليات الإنسانية في البشر، فيستحقّون قيام الإمام بشؤونهم قياماً تاماً خالياً من المزعجات والمعارضات.

وانصراف الأمة الإسلامية عن الإمام كانصراف الملاحدة عن الله لا يضرّ العالم الإلهي، فهو يسبغ عليها مننه وألطافه، وإن كانت منصرفة عن هذا المنعم العظيم، وكانصراف الكفار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  فقد قام بدعوة الناس إلى الحق ولم يمنعه عن دعوته انصراف الناس عنه، وكمخالفة المارقين والقاسطين والناكثين لعليّ عليه السلام، فقد قام بواجبه الإلهي ولم تمنعه عنه مخالفة الأمة ومظاهراتها عليه، وكاتجاه العالم الإسلامي إلى غير أئمتنا عليهم السلام ولم يمنعهم ذلك من نشر المعارف والأحكام الإسلامية الصحيحة ومن هداية العقول إلى المنطق الصحيح ومن المدافعة عن حدود الإسلام وحقوقه في كل وقت احتاج فيه الإسلام إلى المدافعة عنهما، فانصراف الناس عن الإمام لا يضرّ بمقام الإمامة أبداً.

وأما غيبة الإمام، فإنها لا تمس كرامة إمامته عليه السلام بعدما كان كيان وجوب وجوده يقوم على قاعدة اللطف، فهو يرعى اللطف بوجوده الأقدس، ولا تحجبه الغيبة عن رعايتها، فالله تعالى لا تدركه الأفكار والأبصار، ولكن العقول ـ مع ذلك ـ تؤمن بأنه مدبّر الأكوان والأفلاك، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم  يغيب مدة ثلاث سنين في الغار، ولكن تعاليمه المقدسة كانت تغزو العقول والمشاعر غزو أشعة الفجر الآفاق والأقطار، والأئمّة آباؤه عليهم السلام اعتزلوا الحكم الإداري، وكانت توجيهاتهم ترعى المواكب الإسلامية الدارجة إلى الكمال الإنساني. إن الغيبة لا تنافي اللطف، فالقائد العام يدرس الخطط الحربية وهو في حصنه، ولا يحتاج تنفيذها إلى أن يشاهده الجيش، وإنّما يشرح الخطة لأركان حربه ليطبّقها الجيش في ميادينه، والمهندس الأوّل يرسم البِناء وهو في مكتبه من دون أن يحتاج إشادة البناية إلى أن يراه العمّال والبناؤون، وإنّما يوضح بعض نقاطها الدقيقة إلى رؤساء العمال فقط، ورئيس الحزب يوجّه حزبه وهو في محل قيادته من دون أن تحتاج إدارته إلى مقابلته الحزب أو مقابلة الحزب إياه، والنبي كان يفتح أبواب التاريخ على الإسلام وهو في مسجده، وخلفاؤه كانوا يديرون العالم الإسلامي الكبير وهم في محاريبهم، والإمام الغائب أيضاً سار على هذا المنهاج، فهو يرعى المواكب الدينية وهو في عالمه المستور، وذلك بوسيلة نوّابه الأبرار ـ وهم العلماء الصالحون ـ الذين أرجع اليهم إدارة الشؤون الدينية، وأمر شيعته بالرجوع إليهم في مشاكلهم، فهو كالشمس تؤثر في الطبيعة وإن غطّاها السحاب، وكالجمال يجذب العواطف وإن ضمّه الحجاب، فالفائدة المترتبة على ظهوره عليه السلام تترتب على غيبته عيناً، لأن فائدة الإمام ليست إلا التوجيه المتسبّب عن الإيمان بوجوده المقدس وبقواه الإلهية الخارقة لنظم الطبيعة، وهي موجودة في غيبته كما هي موجودة في ظهوره، فمجرد الإيمان بإمامته وما احتوته هذه الإمامة من عظمة الشخصية يصون المؤمن من ارتكاب المحرمات واقتحام الشبهات وترك الواجبات، وإني أعتقد أن الشبهة الواردة على فائدة وجود الإمام الغائب قد انحلّت، أو على الأقل زال تعقيدها عن الفكر الواعي والذهن الصافي إن شاء الله تعإلى.

فلندخل إلى صميم الموضوع، ولنجب الداعي إلى تأليف هذه الرسالة بأسلوب سهل واضح، فإن الإمام الثاني عشر وُلد سلام الله عليه سنة 255 فيكون عمره الشريف عام تأليف الرسالة ألف ومائة واثنتين وعشرين سنة، الأمر الذي أحدث لنا مشكلة الايمان بوجود هذا الانسان العجيب، فإن عمره إلى الأسطورة أقرب منه إلى الحقيقة، وكيف يمكن أن يعيش إنسان يسكن هذا الكوكب هذه المدة الطويلة؟

وكيف يعيش هذا الانسان في الناس ولا تراه الناس؟!

وهل هناك أدلة تفيد القطع بوجوده؟

فهناك سؤالان يجب الجواب عنهما:

أولاً: كيف يعيش ابن هذه الأرض هذه القرون المتطاولة؟!

ثانياً: هل هناك أدلة تفيد اليقين بوجوده؟

أما الجواب عن السؤال الأول، فنقول: إن جذور النقد فيه تمتد على قاعدة استحالة تحمّل الهيكل الانساني البقاء أكثر من العمر الطبيعي، لأن مواده الحياتية تنتهي إذا بلغت ذلك الحد، فالجلد والعظم والعصب ونظام الدورة وعضلة القلب وأجهزة الحس والسمع والبصر وطاقات الخيال والتفكير والذاكرة وغير ذلك من الحواس البارزة والخفية إنّما تعمل ما دامت الحياة تمدّها بالحركة، والحياة ينتهي مددها إذا انتهت إلى مرحلة محدودة من العمر، فمتى بلغته توقّفت عن العمل فتعطلت الأجهزة عن الانتاج، وبتعطلها يدبّ إليها الفساد والتفسخ والتلاشي كما عليه سنّة الطبيعة في الأحياء والأموات، وعلى هذا النظام الحياتي المقرر كيف يمكن للإنسان أن يهدم حدود الطبيعة ويفسد نظام الحياة، ويتجاوز الحد المقرر للأعمار بمسافات تعادلها مرات ومرات؟ وهنا نسائل هذا الناقد البارع عن هذا الحد المقرر للعمر وأنه هل هو نظام ثابت مركّز في الطبيعة، بحيث لا يتمكن أي فرد من أفرادها أن يهدمه ويتجاوز الحد المقرر له فيها؟ وعلى تقدير ذلك لابد وأن يكون سببه انتهاء المادة الحياتية فيه، إذ هي أشبه ما تكون بزيت السراج الذي بانتهائه ينطفي السراج، وهكذا الإنسان بانتهاء مادة الحياة فيه ينتهي عمره في الحياة فيموت.

أعتقد بأن الناقد المحترم لا يمكنه أن يقرر ثبوت هذا النظام وتركزه بحيث لا تتمكن الانسانية أن تجتازه أبداً، لأنه إذا راجع دراسات فسلجة البدن الانساني، وكيف يحتوي هذا الوجود المعقد على أجهزة الخلود، فجهاز الخلايا يوجِد الخلايا ويعدمها باستمرار من دون أن يتأثر جهاز الايجاد والإعداد بالعمل بتاتاً، لأنه حاز على طاقة لا تتناهى فعاليتها وموادها، فله قابلية الايجاد والاعدام للخلايا أبداً، كما أنه لا يحتاج إلى تزييت وتنظيف، وآلاته مستغنية عن الاصلاح والتبديل، إذ هو يعمل ويعمل باستمرار، وان في عمله تنظيفه وتزييته وتقوية آلاته العاملة، فما دام العمل موجوداً كانت صلاحية الجهاز للخلق والابادة موجودة فيه، ولا يتعطّل هذا المعمل الجبّار إلا بعارض خارجي يصدمه فيتوقف جهازه عن النتاج، وإلا فما دام المعمل محصّناً عن الحوادث سارت أعماله التوليدية منتظمة دارجة، وأما جهاز عضلة القلب هذا المنجم الثري الذي لا تفنى كنوزه ولا تبيد ثروته، هذه المادة الجبارة التي تضمن الخلود أو يضمنها الخلود، هذه المادة إذا كانت محروسة من الأحداث الطارئة عاشت مع الحياة أبداً، حسب تقرير علماء الفسلجة، وعلى ما قرّرنا ينعدم هذا الحد الموهوم من أساسه، لأن الإنسان أصبح بموجبه قابلاً للبقاء الأبدي، لأنه مخزن مشحون بمواد الخلود والأبدية.

نعم يبقى لديه نقد موجّه، وهو أنه لو صحّ ما ذكرناه للزم أن لا يموت انسان أبداً، لأنه مجهز بالمواد المضادة للموت، بينما نرى السلالات البشرية تعيش وتموت في القرون، حيث تكتسحها الحوادث الزمنية التي لا يخلو منها زمان ولا مكان في هذا الفلك الأرضي، وعليه كيف عاش الإمام الغائب هذه المدة الطويلة، وهو إنسان يعيش في دنيا الحوادث والمفاجآت؟ إن النقد وجيه جداً، بل هو النقد المعقول لمشكلة الإمام الغائب، لو لا أننا نجابه هذا الناقد المحترم بسؤال لنا الحق في إلقائه عليه، وهو أنه هل يعترف ناقدنا العزيز بأننا نرى في هذه الدنيا الهادرة بالكوارث الماحقة فصائل من الحيوانات تعيش آلاف السنين، وتجتاز القرون والأجيال بين ركام الأمم وذرّات الأحياء المائتة بحياة سالمة من الأعراض والأمراض؟! لا شك بأنه سيعترف لي بذلك بعد ما يراجع معاجم الحيوان ويستعرض صورها المنقوشة فيها، ويدرس أسلوب حياتها وأطوارها والمواد التي تقتاتها، كما سيعترف لي أيضاً بأن بقاء هذه الحيوانات إنما تسبّب عن وجود قابلية الحياة الطويلة في هياكلها، ولذلك تعيش بسلامة وسلام في عالم يموج بالأموات والذرات، وليست تلك القابلية إلا الطاقة المقاومة لهجمات الابادة في الطبيعة التي تهاجم الأجسام الحية بقواها الخفية، فإذا فرضنا أن الذي حصّنها بتلك الطاقة المانعة حصّن أحد البشر بجهازها الواقي وجهز أعضاءه وأنسجته وأعصابه وساير مواد جسمه به، فاستودع فيه من المناعة ما استودعه فيها. فلا شك بأنه سيعيش كما عاشت ما دامت فيه مناعة تحمي وجوده من العدم وتصون مواد جسمه من الابادة والتلاشي.

ولا تنقد هذه النظرية بأن هيكل الإنسان لا يصلح لقبول هذه المادة. فإنا نجيبه بأن تفاوت أعمار البشر هذا التفاوت الظاهر دلّ على قبول جسم الانسان لمادة الحياة الطويلة.

إذ بينما نرى الشاب النشيط يصرعه مرض وهو في عنفوان قوته وفتوته، نرى الشيخ الهرم يصرع ذلك المرض وهو في نهاية ضعفه وانحطاطه، فلابد وأن تكون لهذا النصر ولتلك الهزيمة علة معقولة، وأعتقد بأن العلة المنحصرة فيه هي قوة مادة الحياة في الشيخ وضعف تلك المادة في الشاب، فالشيخ يصرع المرض بقوة مادته الحياتية، والفتى يصرعه المرض لضعف تلك المادة فيه، وإذا صحّ حلول تلك المادة في الانسان صحّ أن يتجاوز الانسان بها الحدود المعتادة للعمر مهما كانت تلك الحدود مستحكمة في نظر العرف العام، وكلّما ازدادت فيه مادة الحياة ازدادت سنين عمره طولاً، وهكذا نتمكن أن نمد عمر الانسان ونطيله إلى أي حدّ شئناه مادامت هنالك مادة حياتية تضمن الطول للعمر، وأعتقد بأننا قد أجبنا السؤال الأول في مرحلة الثبوت والامكان.

وأما الجواب عنه في مرحلة الوقوع والاثبات فأحيله إلى معاجم المعمّرين وتراجمهم، هؤلاء الأفذاذ الذين هزأوا بالحوادث الزمنية وبالحدود المفروضة لأعمار الانسان، فإنه سيجد لهم فيها قصصاً طريفة وأخباراً لذيذة، وإن عصرنا الذري المشحون بالمفاجآت والطوارئ المبيدة ليحوي من هؤلاء الافذاذ عدداً لا بأس بكميّته، تمكّنت أن تقطع أشراك الحوادث المنتثرة في طريق الحياة العصرية في كل مكان، وأن تجتاز الحد الطبيعي للعمر بصحة وقوة، وها هي المجلات الشرقية والغربية تتحفنا بين الفينة والفينة برسوم وأخبار هؤلاء العمالقة المعمّرين.

وأما الجواب عن السؤال الثاني ـ وهو عرض الأدلة التي توجب اليقين بوجود الإمام الغائب ـ فأعتقد بأن الخوض فيه تطويل بلا طائل، وذلك لأن أكثر المؤلّفات الباحثة عن موضوع الامام الغائب تدرسه على ضوء الأحاديث الوارد فيه سلام الله عليه، إذ هي تسجّل لنا من الأحاديث المرويّة عن الفريقين كمية وافرة توجب القطع بوجوده الشريف لكل مسلم يستعرضها ويعيها، وان في كتاب (منتخب الأثر) لمؤلفه العلاّمة البحاثة الشيخ لطف الله الكلبايكاني نزيل قُم غنىً وكفاية عن غيره، فإنّه ـ أيّده الله ـ قد شحن المهمّ من تلك الأحاديث بعد أن رتّبها وبوّبها وهذّبها بأسلوب مانع رائع تريح الباحث عن عشرات الكتب في هذا الموضوع.

والحقيقة أن موضوع الإمام الغائب من مواضيع الدين المستورة عن وعي الفكر البشري، ومتى تمكن الفكر الانساني أن يحتل هذه القلاع المحصنة بالقوى الإلهية ونواميس ما وراء الطبيعة، فإنّه يتمكّن من حل مشكلة الغيبة حلا واقعياً، وإلا فإن ما ترسمه الأقلام ليست إلا صوراً باهتة لظلال فكرية لمحتها فرسمتها، وأمّا الحقيقة فما زالت في عالمها المستور لا يعرفها إلا الله الخبير البصير بكل الأمور.

أما العلامات المجعولة منهم عليهم السلام والتي يستدلّون بها على قُرب ظهوره أو على ظهوره سلام الله عليه، فإنها كالغيبة رموز مجهولة مرنة مطاطة قابلة للانطباق على كلّ عصر من العصور الإسلامية، ولذلك رأينا كثيراً من المشعوذين يتّخذون منها ذريعة للبلوغ إلى أغراض مادية ردية، فحصر العلامات بعصر مخصوص وزمان معين يزلزل الايمان ويضعضع العقيدة بوجوده المقدس، بل كل ما يجب علينا نحن الشيعة الإمامية أن ننتظر ظهوره أبداً، وأن نتوجه إليه عليه السلام بمشاكلنا الدنيوية والأخروية ليسأل الله حلّها، ولا شك بأن المؤمن إذا أخلص النية وتوجّه إلى الله مستشفعاً بوسيلته إليه نال مبتغاه وأدرك مُناه.

اللهم إنّا نشكو اليك فَقْدََ نبينا وغيبة إمامنا، وجهالة أمّتنا، وفشل أعمالنا وخيبة آمالنا، وتمزيق صفوفنا، واختلاف كلمتنا، وكثرة متاعبنا، وقلّة وسائلنا وقوّة أعدائنا وضعف قوانا، اللهمّ إنّا نسألك الفرج، فعجِّل لنا الفرج بظهوره آمين يا رب العالمين.(1)


حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد جمال الهاشمي*(رحمه الله)


الهوامش:

* هو السيد محمد بن السيد جمال الدين الموسوي الكلبايكاني الشهير بالهاشمي، عالم وأديب وشاعر، ولد في النجف عام 1332هـ ونشأ بها ودخل المدارس الرسمية ثم تركها للتفرغ للدراسة الدينية، درس على أيدي علماء أجلاء في المقدمات والسطوح ومنهم والده الحجة السيد جمال الدين بن حسين الكلبايكاني، ثم حضر الأبحاث العالية على والده والشيخ ضياء الدين العراقي والسيد ابي الحسن الاصفهاني، ربى جيلاً من الشباب كان من المساهمين في جمعية منتدى النشر وجمعية الرابطة الأدبية، له كتب مطبوعة ومخطوطة ومنها ديوان شعر رقيق، توفي في النجف عام 1397هـ ودفن فيها. المنتخب/ كاظم الفتلاوي/ ص 429.

(1)  كرّاسة مطبوعة في مطبعة النجف عام 1958م، أعارنا إيّاها مشكوراً الباحث الإسلامي السيد هادي الحكيم، وقد أوردناها ملخّصة حسب ما يقتضي المقام.

أعمال الشهر: شهر رجب الحرام‏

$
0
0
أعمال الشهر: شهر رجب الحرام‏

«إن رجب شهر الله العظيم، لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلًا ... وسمّي الرجب الأصبّ لأن الرحمة على أمتي تصبّ فيه صبّاً».
الرسول الأكرم (ص)


ورد في كتب الأدعية الكثير من الأعمال المستحبّة لهذا الشهر المبارك. ونحن هنا ننتخب بعضاً منها.
الصوم:
فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه «من صام من رجب يوماً استوجب رضوان الله الأكبر، وابتعد عنه غضب الله، وأغلق عنه باب من أبواب الجنة».
فمن لم يقدر على ذلك، يسبّح في كل يوم مئة مرة بهذا التسبيح: «سبحان الإله الجليل، سبحان من لا يبنغي التسبيح إلا له، سبحان الأعز الأكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل».
الاستغفار:
ورد عن الرسول الأكرم (ص): «رجب شهر الاستغفار لأمّتي فأكثروا فيه الاستغفار، فإن الله غفور رحيم».
وكيفية الاستغفار ذكرت بصور متعددة، أشهرها: «أستغفر الله وأتوب‏ إليه». وأقلّها ترديد الاستغفار مئة مرة في اليوم.
الذكر:
- قول «لا إله إلَّا الله» ألف مرة في كل ليلة.
- قراءة «سورة الإخلاص» مئة مرة أو أكثر في اليوم.
- قراءة سورة الحمد والكافرون والإخلاص والمعوذتين مع آية الكرسي (ثلاثاً) ثم التسبيحات الأربع (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلَّا الله والله أكبر) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والصلاة على محمد وآله (ثلاثاً)، واللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات (ثلاثاً).
الصلاة على محمد وآل محمد.
الغسل.
الدعاء:
وردت أدعية كثيرة تقرأ في كل يوم من شهر رجب، منها:
1- «يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمير الصامتين، لكل مسألة منك سمع حاضر وجواب عتيد، اللهم ومواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة، فأسألك أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن تقضي حوائجي للدنيا والآخرة إنك على كل شي‏ء قدير».
2- «اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك، وعمل الخائفين منك، ويقين العابدين لك، اللهم أنت العلي العظيم وأنا عبدك البائس الفقير، أنت الغني الحميد وأنا العبد الذليل. اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن بغناك على فقري، وبحلمك على جهلي وبقوتك على ضعفي، يا قوي يا عزيز. اللهم صل على محمد وآله الأوصياء المرضيين واكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين».
3- الدعاء الذي يبدأ ب-: «اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك ...» ويروى أنه خرج من الناحية المقدسة.
4- الدعاء الذي يبدأ ب-: «اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب ...» وقد روي أيضاً أنه خرج من الناحية المقدسة.
الزيارة:
يستحب زيارة كل المعصومين في هذا الشهر وخاصة زيارة الحسين (عليه السلام) والمولودين في رجب: الأمير، والهادي، والجواد (عليه السلام). وزيارة الرسول الأكرم (ص).
الصلاة:
أن تصلي ركعتين في كل ليلة من ليالي رجب تقرأ في كل ركعة منها: الحمد (1) والكافرون (3) والإخلاص (1) فإذا سلّمت قلت: «لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‏ء قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم، اللهم صل على محمد النبي الأمي وآله».
الأعمال الخاصة:
الليلة الأولى:
1- أن تقول إذا رأيت الهلال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا شهر رمضان، وأعنّا على الصيام والقيام، وحفظ اللسان وغض البصر، ولا تجعل حظّنا منه الجوع والعطش». 2- الغسل: 3- زيارة الحسين (عليه السلام). 4- الصلاة بعد العشاء ركعتين، تقرأ في الأولى: الحمد وألم نشرح والإخلاص (3)، وفي الثانية الحمد وألم نشرح والإخلاص والمعوذتين. فإذا سلّمت قلت: لا إله إلَّا الله (3 مرات) وصلى على النبي وآله (30 مرة).
ليلة الرغائب:
(وهي أول ليلة جمعة من شهر رجب) ويستحب فيها الصلاة وكيفيتها: أن يسبقها صوم نهار الخميس ثم تصلي بين صلاتي المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة، تفصل بين كل ركعتين بتسليمة، تقرأ في كل ركعة: الحمد والقدر (ثلاثاً) والإخلاص (12 مرة). فإذا فرغت من الصلاة قلت: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله‏
(70 مرة)، ثم تسجد وتقول: «سبّوح قدوس ربُّ الملائكة والروح» (70 مرة)، ثم ترفع رأسك وتقول: «رب اغفر وارحم وتجاوز عمَّا تعلم إنك أنت العلي الأعظم (70 مرة» ثم تسجد سجدة أخرى تقول فيها: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» (70 مرة)، ثم تسأل حاجتك.
اليوم الثاني والثالث والعاشر:
وينبغي تعظيم هذه الأيام وإحياؤها بما يتناسب والمناسبات الواردة فيها، فقد ذكر أن ولادة الإمام علي الهادي (عليه السلام) تصادف في اليوم الثاني من شهر رجب واستشهاده في الثالث منه. وأن ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) تصادف في اليوم العاشر منه.
الليلة الثالثة عشرة:
(وهي أولى الليالي البيض) ويستحب فيها صلاة ركعتين تقرأ في كل ركعة: الحمد ويس وتبارك الملك والتوحيد. وعلى روايات أن هذه الليلة هي ليلة ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) فينبغي إحياؤها بالدعاء والزيارة.
اليوم الثالث عشر:
(وهو أول الأيام البيض) ويستحب فيه الصوم. وأيضاً تعظيمه وإحياؤه بما يناسب لاحتمال وقوع ذكرى ولادة الأمير (عليه السلام) فيه.
الليلة الرابعة عشرة:
(وهي ثاني الليالي البيض) ويستحب فيها صلاة أربع ركعات بتسليمين وصورتها مثل صلاة الليلة الثالثة عشرة.
اليوم الرابع عشر:
(وهو ثاني الأيام البيض) ويستحب فيه الصوم.
الليلة الخامسة عشرة:
(وهي الليلة الأخيرة من الليالي البيض) 1- الغسل. 2- زيارة الحسين (عليه السلام). 3- صلاة ست ركعات بثلاث تسليمات وصورتها مثل صلاة الليلة الثالثة عشرة.
اليوم الخامس عشر:
(وهو اليوم الأخير من الأيام البيض).
1- الصوم، 2- الغسل، 3- زيارة الحسين (عليه السلام)، 4- صلاة سلمان‏
وهي عشر ركعات وصورتها مثل العشر الذين وردوا في صلاة اليوم الأول، إلَّا أنك تقول بدل «اللهم لا مانع لما أعطيت ...» «ألهاً واحداً أحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً»، 5- عمل أم داوود (ويطلب في كتب الأدعية سيّما «مفاتيح الجنان»).
الليلة السابعة والعشرون:
(وهي ليلة المبعث الشريف) 1- الغسل. 2- صلاة اثنتي عشرة ركعة قبل منتصف الليل تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة قصيرة، وتسلّم بعد كل ركعتين، فإذا فرغت تقرأ: الحمد (7) والمعوذتين (7) والتوحيد (7) والكافرون (7) والقدر (7) وآية الكرسي (7) ثم تقول: «الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذلّ وكبّره تكبيراً، اللهم إني أسألك بمعاقد عزّك على أركان عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم وذكرك الأعلى الأعلى الأعلى وبكلماتك التامات أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي ما أنت أهله. (وتذكر حاجتك). 3- زيارة أمير المؤمنين. 4- دعاء «اللهم إني أسألك بالتجلّي الأعظم ...».
اليوم السابع والعشرون:
(وهو يوم المبعث) 1- الصوم. 2- الغسل. 3- الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد. 4- زيارة الرسول (ص) وأمير المؤمنين (عليه السلام) 5- صلاة اثنتي عشرة ركعة بالحمد وسورة، فإذا فرغت قرأت الحمد (4) والتوحيد (4) والمعوذتين (4) وقلت: «لا إله إلَّا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» (4)، و «الله الله ربي لا أشرك به شيئاً» (4).
اليوم الأخير:
1- الصوم. 2- الغسل. 3- صلاة سلمان وهي عشر ركعات وكيفيتها مثل أول الشهر ويقرأ بدل «اللهم لا مانع ...» «وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم».

الإعجاز وانتصار الإمام المهدي عليه السلام

$
0
0
الإعجاز وانتصار الإمام المهدي عليه السلام

تحتل مسألة الإمام المهدي مساحة واسعة من الآراء التي لم يبت بها بعد، وإن كانت الروايات قد  تكفلت بإيضاح ما خفي عنا من حركته عجل الله فرجه وتبقى قضية الإعجاز في حركته قضية شاخصة لا يمكن نفيها أصلاً أو إثباتها إلى الحد الذي تكون حركته عليه السلام على أساسها كلياً، إنما تتطلب ظروف حركته الموازنة بين الإعجاز والوسائل الطبيعية للوصول إلى مقصوده المبارك، والمقال لايتناول قضية الإعجاز على أنها مسألة روائية فحسب في حين أن حركته كلها إعجازية إلا أنه اختار الوسائل الطبيعية في تحقيق أهدافه الإلهية المباركة. فلا يمكننا نفي الإعجاز في حركته مطلقاً ولا يمكننا إثبات أن حركته تعتمد على الإعجاز فحسب، وإن كانت الكاتبة لم تتناول مسألة الإعجاز بشقيها العلمي والروائي إلا أنها استطاعت أن تحقق هدفاً بحثياً في شأن حركته عجل الله فرجه.

قلم: نور الساعدي/ كلية الشيخ الطوسي الجامعة

تحتل مسألة الإمام المهدي مساحة واسعة من الآراء التي لم يبت بها بعد، وإن كانت الروايات قد  تكفلت بإيضاح ما خفي عنا من حركته عجل الله فرجه وتبقى قضية الإعجاز في حركته قضية شاخصة لا يمكن نفيها أصلاً أو إثباتها إلى الحد الذي تكون حركته عليه السلام على أساسها كلياً، إنما تتطلب ظروف حركته الموازنة بين الإعجاز والوسائل الطبيعية للوصول إلى مقصوده المبارك، والمقال لايتناول قضية الإعجاز على أنها مسألة روائية فحسب في حين أن حركته كلها إعجازية إلا أنه اختار الوسائل الطبيعية في تحقيق أهدافه الإلهية المباركة. فلا يمكننا نفي الإعجاز في حركته مطلقاً ولا يمكننا إثبات أن حركته تعتمد على الإعجاز فحسب، وإن كانت الكاتبة لم تتناول مسألة الإعجاز بشقيها العلمي والروائي إلا أنها استطاعت أن تحقق هدفاً بحثياً في شأن حركته عجل الله فرجه.

يذهب بعض الباحثين في الاتجاه القائل بان الإمام المهدي عليه السلام يستخدم وسائل اعجازية وليس مجرد أدوات طبيعية في حركته وهذا يعني انه عجل الله فرجه ينتصر بالاستخدام الاعجازي لا بالاستخدام الطبيعي وذلك لاعتقادهم بأنه بغير الاستخدام الاعجازي لا يمكن للإمام عجل الله فرجه أن ينتصر على أعدائه الذين يتمتعون بالتقدم العسكري والتكنولوجي.

هذا ما يتوصل إليه الباحث عند قراءة الروايات الواردة في هذا الصدد قراءة سطحية بعيدة عن التأمل.

ومن هذه الروايات:

* (أن الإمام يدخل العراق بسبع قباب من نور لا يدرى في أيها هو).(1)

* حينما يبعث  عجل الله فرجه القضاة والولاة إلى المدن والأمصار ويحتاج إلى معرفة مسألةٍ ما عجز عن جوابها يقول له الإمام عجل الله فرجه: (اقرأ جوابك في كفك).(2)

* (إن شيعته يسمعون صوته في أقصى الغرب كانوا أو في أقصى الشرق).(3)

* التحاق بعض أصحابه به من كل مكان على السحاب وأنهم المفقودون من فرشهم.(4)

وغيرها من الروايات الأخرى التي عند قراءتها يقال بأن الإمام يستخدم العامل الاعجازي في حركته وليس العامل الطبيعي.

هذه النتيجة لا يمكن قبولها لجملة من الأسباب:

الأول: حركة الإمام المهدي حركة إصلاحية إلهية شأنها شأن باقي الحركات الإصلاحية للأنبياء والرسل، فلو كان الإعجاز طريقاً صحيحاً للدعوة الإلهية لأمكن كل الأنبياء والرسل إنجاح دعوتهم دون كل ذلك العناء الذي واجههوه أثناء مسيرتهم.

وهكذا الإمام المهدي لو كان الأمر يتم بالطريق الإعجازي لأمكنه عجل الله فرجه خلال غيبته الصغرى السيطرة الكاملة على العالم بالرغم من جبروت العباسيين آنذاك ولما تطلب الأمر كل هذا التأخير لان التأخير ظلم للبشر والظلم غير ممكن مع الحكمة الإلهية الأزلية.

الثاني: إذا كان الإمام يسلك طريق الإعجاز المطلق في حركته وحروبه مع أعدائه فهذا يعني إن المعادلة ستكون غير متوازنة بين طرفي الخصومة أي ستكون هناك جهة قاهرة بالمعجزة وأخرى عاجزة أدواتها وهذا لايسمى نصراً في المفاهيم العسكرية لأنها حرب غير متكافئة والنتيجة ستكون ليست بتلك الصورة المطلوبة لان طريق الدعوة الإلهية لا يقوم على المعجزات، فالهدى والعدل الناتج عن المعجزة اقل تأثيراً في النفوس من الهدى والعدل الناتج بالطرق الطبيعية.

الثالث: افتراض الإعجاز في انتصار الإمام المهدي عجل الله فرجه تنفيه أخبار كثيرة منها:

1 ـ ما دل على أن أصحابه الخاصين (313)، ومع المعجزة لا حاجة لكل هذا العدد ولا حتى لواحدٍ منهم.

2 ـ ما دل على سفره من مكة إلى الكوفة، بالمعجزة يمكنه الوصول إلى الكوفة فوراً دون الحاجة إلى السفر، والمفهوم من السفر هو قطع المسافة.

3 ـ ما دل على انه يلقي خطاباً في مكة وآخر في الكوفة، إذ يمكن بالإعجاز إيصال المعاني الواردة في خطابه إلى أذهان الناس بغير كلام.

4 ـ ما دل على انه عجل الله فرجه يقتل المنحرفين بكثرة حتى انه يضع السيف ثمانية أشهر بدون انقطاع. وهذا ما لا حاجة له مع إمكان انجازه بالمعجزة بين عشيةٍ وضحاها أو في طرفة عين.

الرابع:  لو آمنا بتأثير المعجزة إيمانا مطلقاً في حركة الإمام المهدي عجل الله فرجه لأمكن له أن يصلح العالم في حال غيبته ولا حاجة لظهوره عليه السلام وحتى نفس وجود المهدي عليه السلام لا حاجة له إذ يمكن لله أن يصلح العالم بدون قائد ولا قيادة حيث قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً).(5)

وقوله: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)(6)).(7)

ومن هنا لا يمكن الالتزام بان سيطرة المهدي عجل الله فرجه على العالم بطريق إعجازي مطلق. وهذا لا يعني أن الحركة ستكون خالية من عامل الإعجاز تماماً وتبقى فقط وفق القوانين الطبيعية لان هذا أيضا غير مقبول لان التاريخ السابق لعصر الظهور دال بوضوح على وجود العناية والتأييد الإلهي بالإمام المهدي من يوم ولادته إلى غيبته ومن ثم ظهوره وفق خطة إلهية خاصة بالإمام المهدي عليه السلام  وكذلك ما دلت عليه الروايات من أن التاريخ اللاحق للظهور يتضمن العناية والتأيد الإلهي ومنها:

* اجتماع الأصحاب وتركيز عواطفهم باتجاه نصر الإمام وتأييده.

* كون المهدي عجل الله فرجه منتصراً في كل حروبه ضد أي عدو كان عظيماً أم حقيراً.

* تجاوب الطبيعة مع العدل الساري في دولته.

وغيرها من الأخبار.

ويمكن للباحث أن يصل إلى نتيجةٍ مقنعةٍ وهي ان حركة الإمام المهدي عجل الله فرجه عبارة عن خليط من العاملين الطبيعي والاعجازي ويمكن القول بان العامل الاعجازي سيستخدمه الإمام عندما يضعف العامل الطبيعي عن سد الحاجة والوصول إلى الهدف.

وبذلك يأتي السؤال عن تفسير الروايات التي ذكرت في صدر البحث وكيف يمكن التعامل معها؟

الجواب بسيط جداً لما نشهده اليوم من التطور العلمي الهائل وكان هذا السؤال يحير العقول عندما لم يكن هذا التطور، فدخول الإمام إلى العراق بسبع قباب من نور يمكن تفسيره بأنه يدخل بموكب مهيب من الطائرات، وكذلك مسألة معرفة الأحكام بمجرد النظر في الكف أصبحت في زماننا شيئاً عادياً وهي عبارة عن الهاتف النقال، وأيضا مسألة سماع صوت الإمام ورؤيته من قبل من كان في الشرق أو الغرب فاليوم بكل سهولة يمكنك الاتصال بمن في آخر الدنيا وتكلمه وأنت جالس في مكانك عبر الانترنيت والفضائيات ووسائل الاتصال الأخرى المتطورة.

بقي سؤال يبحث عن إجابة وهو (المعارك التي يخوضها الإمام عجل الله فرجه هل يستخدم فيها سلاح يناظر بالتطور لما لدى الأعداء أم انه أكثر تطوراً)؟

يبدو والله العالم بان الإمام لا يستخدم سلاحاً في معاركه ضد أعدائه أكثر تطوراً مما لديهم لأنها ستكون حرباً غير متكافئة وكما سبق هذا لا يعتبر نصراً في المفهوم العسكري ولكن الذي يكون أكثر تطوراً هو الخطط العسكرية الموضوعة من قبل الإمام لتلك الحروب والتي على أساسها يكون التحرك وهذه الخطط ستكون محكمة ودقيقة وحساسة جداً خالية من الثغور التي يمكن للعدو أن يخترقها وهو بذلك لا يستطيع الصمود والمواجهة ضد الإمام وبهذا يكون السلاح متكافئاً في التطور ولكن التفاوت في التنظير للمعركة.

وفي بعض معارك الإمام وفتوحاته لا يستخدم السلاح وإنما بمجرد أن يطرح فكرته ودعوته ويقتنع بها الطرف الأخر مثل فتح بلاد الروم التي يقال إنها تفتح بالتكبير.

هناك شيء نريد أن يشير إليه وهو إن الانتصار الذي يحققه الإمام في معاركه وحركته يقع الجزء الأكبر منه على الاستعداد العالي لدى جيشه وأصحابه من النصرة وبذل النفس في سبيل الله والطاعة المطلقة للإمام المهدي عجل الله فرجه بغض النظر عن طبيعة السلاح وقوة الأعداء وهذا ما يفسر سبب طول غيبته عليه السلام من انه إلى الآن لم يحصل ذلك الاستعداد العالي من الأمة لكي يظهر الإمام ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، والمقصود من الاستعداد العالي هو الطاعة المطلقة للإمام التي أشارت لها الحادثة الواردة في الأخبار من ان سهل الخراساني دخل على الإمام الصادق عليه السلام وطلب منه أن ينهض وان له في خراسان شيعة وأنصاراً، فأمر الإمام الصادق عليه السلام بتسجير التنور وبعد أن سجر طلب منه أن يجلس في التنور فقال الخراساني: يا سيدي لا تعذبني بالنار...

وفي هذه الأثناء أقبل هارون المكي بيديه نعله فقال له الإمام عليه السلام: ألق النعل من يدك واجلس في التنور. فألقى النعل وجلس في التنور إلى أن أنهى الإمام حديثه ثم قال عليه السلام: قم يا راساني وانظر ما في التنور فقام إليه فرآه متربعاً فخرج هارون من التنور ، فقال الإمام الصادق عليه السلام: كم تجد يا خراساني بخراسان مثل هذا، فقال: والله ولا واحداً، قال الإمام عليه السلام: لا والله ولا واحد. أما إنا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة من المعضدين لنا، نحن أعلم بالوقت.(8)

في هذه الحادثة دلالة واضحة على إن احد أسباب النصر وأهمها هي الطاعة المطلقة للقائد وهذا القائد هو الإمام المنتظر وترويض النفس عليها.(9)


الهوامش
(1) عصر الظهور 137. الشيخ علي الكوراني.
(2) غيبة النعماني 319. لأبي زينب النعماني.
(3) يوم الخلاص 3./ كامل سليمان.
(4) ظ/ الحركة الإصلاحية من الحسين إلى المهدي:192. للسيد صدر الدين القبانجي.
(5) يونس/ 99.
(6) الإنعام / 149.
(7) تاريخ ما بعد الظهور:328. للسيد محمد الصدر.
(8) مناقب ابن شهر آشوب 3: 362.
(9) الإعداد الروحي لعصر الظهور للسيد علاء الموسوي.


التوقيعات الشريفة بين تداعيات الكتمان وضرورة الإعلان

$
0
0
التوقيعات الشريفة بين تداعيات الكتمان وضرورة الإعلان

في مقال سابق لنا تحت عنوان (ضياع التّراث المهدوي) تمَّ استعراض حجم التراث المهدوي في عالم الحقيقة والواقع ومدى ضخامته ووفرته، مع ملاحظة التراث الواصل إلينا وضآلته وقلَّة مقداره، ومن خلال عالم الأرقام والنسَب اتَّضح أنَّ التواقيع الواصلة إلينا لم تتجاوز (85) توقيعاً من مجموع تواقيعه عليه السلام التي تبلغ (28800) توقيعاً على أقلّ التقادير والحسابات لكلّ الوكلاء العشرين مع السفراء الأربعة خلال سبعين عاماً حسب الإحصائية المتوقّعة التي بيَّناها هناك.

في مقال سابق لنا تحت عنوان (ضياع التّراث المهدوي) تمَّ استعراض حجم التراث المهدوي في عالم الحقيقة والواقع ومدى ضخامته ووفرته، مع ملاحظة التراث الواصل إلينا وضآلته وقلَّة مقداره، ومن خلال عالم الأرقام والنسَب اتَّضح أنَّ التواقيع الواصلة إلينا لم تتجاوز (85) توقيعاً من مجموع تواقيعه عليه السلام التي تبلغ (28800) توقيعاً على أقلّ التقادير والحسابات لكلّ الوكلاء العشرين مع السفراء الأربعة خلال سبعين عاماً حسب الإحصائية المتوقّعة التي بيَّناها هناك.
وهنا نحاول بيان العلل والأسباب، للإخفاء تارةً، والإعلان أخرى مع ذكر بعض النماذج من كليهما.
وبداية نذكر نموذجاً للإخفاء منصوص عليه، فعن أبي علي المتيلي أنَّه قال: جاءني أبو جعفر _ أي النائب الثاني محمّد بن عثمانJ _ فمضى بي إلى العبّاسية وأدخلني خربة وأخرج كتاباً فقرأه عليَّ فإذا فيه شرح جميع ما حدث على الدار وفيه: (أنَّ فلانة _ يعني اُمّ عبد الله _ تؤخذ بشعرها وتخرج من الدار ويحدر بها إلى بغداد، فتقعد بين يدي السلطان _ وأشياء ممَّا يحدث _) ثمّ قال لي: احفظ، ثمّ مزَّق الكتاب وذلك من قبل أنْ يحدث ما حدث بمدَّة.
ونموذج الإعلان ما ورد في التوقيع الشريف الصادر إلى محمّد بن علي بن هلال الكرخي: (... واُشهدكم أنَّ كلّ من نبرأ منه فإنَّ الله يبرأ منه وملائكته ورسله وأولياءه، وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الكتاب أمانة في عنقك وعنق من سمعه أنْ لا يكتمه لأحد من مواليّ وشيعتي حتَّى يظهر على هذا التوقيع الكلّ من الموالي لعلَّ الله عزوجل يتلافاهم فيرجعون إلى دين الله الحقّ، وينتهون عمَّا لا يعلمون منتهى أمره، ولا يبلغ منتهاه...).
ونموذج آخر للإعلان ما ورد في التوقيع الشريف الصادر إلى أبي علي بن همام: (عرّف من تثق بدينه وتسكن إلى نيَّته من إخواننا أسعدكم الله جميعاً بأنَّ محمّد بن علي المعروف بالشلمغاني قد ارتدَّ عن الإسلام وفارقه وألحد في دين الله وادَّعى ما كفر معه بالخالق جلَّ وتعالى، وافترى كذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً...)، قال هارون: وأخذ أبو علي هذا التوقيع ولم يدع أحداً من الشيوخ إلاَّ وأقرأه إيّاه، وكوتب من بَعُدِ منهم بنسخته في سائر الأمصار، فاشتهر ذلك في الطائفة، فاجتمعت على لعنه والبراءة منه.


ومن خلال دراسة فاحصة لواقع الحياة الأمني والسياسي والعسكري الذي كان يعيشه أتباع أهل البيتK، والتقيّة المكثَّفة التي يستعملها الشيعة لأنَّ السيف يقطر دماً كما هو تعبير بعض الروايات، فإنَّ من الواضح جدّاً أنْ تكون القاعدة الأصلية في مجمل تحرّكهم هو الكتمان والتستّر وعدم الإفشاء والكشف لكلّ ما يدلّ أو يشير إلى الإمام المهدي عليه السلام، بل حتَّى إلى وكلائه ونوّابه الخاصّين الأربعة أو غيرهم حتَّى ورد النهي عن ذكر اسمه وغُلّظ النهي والتحريم حتَّى وصل إلى رتبة التكفير، فقد ورد في الحديث الشريف (من ذكر اسمي في محفل من الناس فقد كفر)، ومن الواضح أيضاً أنَّ التوقيعات من أيسر الأمور التي تكشف عن مصدرها وصاحبها، من خلال تطابق الخطوط وغيرها كما هو متعارف اليوم في بصمة الإبهام، فإنْ لم يظفروا به فسوف يحصل التنكيل بحَمَلَة التوقيع والرسل الموصلة والمسلمة، ومن خلاله تنكشف الشبكات العاملة في مجال الترابط بين الإمام والأمّة، ممَّا يعني ضياع التشيّع بل ربَّما محوه، وهذا ما أشارت إليه بعض الروايات أيضاً بصراحة، لولا تحذير الإمام المهدي عليه السلام ورعايته الدائمة للشيعة كما في رواية علي بن محمّد، قال: خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحائر، فلمَّا كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له: الق بني الفرات والبرسيين وقل لهم: لا يزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقَّد كل من زار فيقبض عليه.
إذن فالقاعدة الأساس هي عدم نشر التوقيع، بل ربَّما تمزيقه إذا اقتضى الأمر أو على الأقلّ عدم تسليمه وإعارته لغير صاحب التوقيع بل يسمح للآخر فقط بالإراءة للاطّلاع عليه ثمّ إرجاعه كما في لسان رواية أبي غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري، قال: ... فوجَّه إليَّ أبو جعفر الزجوزجي قدس سره يوماً من الأيّام، فصرت إليه، فأخرج إليَّ فصلاً من رقعة، وقال لي: هذا جواب رقعتك فإن شئت أن تنسخه فانسخه وردّه، فقرأته فإذا فيه: (والزوج والزوجة فأصلح الله بينهما)، ونسخت اللفظ ورددت عليه الفصل...
ومن خلال معرفتنا بالقاعدة يتَّضح أنَّ الأمر بنشر التوقيع وتوزيعه أو استنساخه لا بدَّ أن تكون له دواع قويَّة جدّاً، ممَّا يضطرّ الإمام عليه السلام بمخالفة المنهجية العامّة المتَّبعة في التقيّة، ويمكن أن نجمل ذلك بأمر واحد هو الخشية على الدين من الانهيار والانحراف، ممَّا يعني وجود خطوط حمراء ترتفع فيها ضرورة العمل بالتقيّة ويأتي دور ضرورة العمل بالنشر لنفس الملاك، فكما أنَّ التقيّة شُرعت لحفظ الهوية على مستوى الفرد والمجتمع كذلك عدمها أيضاً يُشرَّع في ظرف التقيّة في حالات استثنائية إذا خيف على الهوية الشيعية من الانحراف، أو قد تكون هناك مصالح ثانوية أخرى.
ومن هنا نعلم سبب الأمر بنشر توقيعات شريفة لما لها من أثر حاسم في قلع جذور الفتنة التي تهدّد الهوية الشيعية بالانحراف عن المسير، وذلك بعد انجراف بعض الشيعة إلى أمثال الشلمغاني وغيره، فكان لا بدَّ من التصدّي الصريح والواضح والإعلان بكلّ الوسائل المتاحة عن خطورة هذه المدَّعيات وجعل العالم الشيعي على معرفة ودراية بما يحاك ضدّه من دسائس، وما يراد له من مكائد.
فاتَّضح أنَّ الملاك واحد في إخفاء التوقيع أو نشره والإعلان عنه، وهو الحفاظ على الهوية الشيعية.

المهدي عليه السلام من الأئمة الإثني عشر

$
0
0
المهدي عليه السلام من الأئمة الإثني عشر

إنّ المهدي من الائمّة الاثني عشر، ولا ريب ولا خلاف في هذه الناحية، فإنّ القيود التي ذكرت في رواية (الائمّة إثنا عشر)، تلك القيود كلّها منطبقة على المهدي عليه السلام، لانّ هذا الإمام عندما يظهر يجتمع الناس على القول بإمامته، وأنّ الله سبحانه وتعالى سيعزّ الإسلام بدولته، وأنّه سيظهر دينه على الدين كلّه، وجميع تلك القيود والمواصفات التي وردت في أحاديث الائمّة اثنا عشر كلّها منطبقة على المهدي عليه السلام.

 


فالاتفاق يكون على ثلاث نقاط:
النقطة الأُولى : أنّ في هذه الاُمّة مهديّاً.
النقطة الثانية : أنّ لكلّ زمان إماماً يجب على كلّ مسلم معرفته والإيمان به.
النقطة الثالثة : أنّ المهدي عليه السلام الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الأحاديث الكثيرة ، نفس المهدي الذي يكون الامام الثاني عشر من الأئمّة الذين أخبر عن إمامتهم من بعده في أحاديث الأئمّة إثنا عشر.
وهنا قالت الشيعة الإماميّة الاثنا عشرية: إنّ الذي عرفناه مصداقاً لهذه النقاط هو ابن الحسن العسكري، ابن الامام الهادي، ابن الإمام الجواد، ابن الامام الرضا، ابن الامام الكاظم، ابن الامام الصادق، ابن الامام الباقر، ابن الامام السجاد، ابن الحسين الشهيد، ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
فهذه عقيدة الشيعة ، فهم يطبّقون تلك النقاط الثلاثة المتفق عليها على هذا المصداق.
فهل هناك حديث عند الجمهور يوافق الشيعة الإماميّة، ويدلّ على ما تذهب إليه الشيعة الإماميّة في هذا التطبيق؟


نعم وردت روايات في كتب القوم مطابقة لهذا الاعتقاد، إذن، يكون هذا الاعتقاد متفقاً عليه حسب الروايات وإن لم يكن القوم يعتقدون بهذا الاعتقاد بحسب الأقوال، إلاّ أنّا نبحث أوّلاً عن العقيدة على ضوء الأدلّة، ثمّ على ضوء الأقوال والآراء، ولنقرأ بعض تلك الروايات:
الرواية الاُولى: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله عزّوجلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك ؟ قال: من وَلَدي هذا. وضرب بيده على الحسين عليه السلام).
هذه الرواية في المصادر عن أبي القاسم الطبراني، وابن عساكر الدمشقي، وأبي نعيم الاصفهاني، وابن القيّم الجوزية، ويوسف بن يحيى المقدسي، وشيخ الإسلام الجويني، وابن حجر المكي صاحب الصواعق.
الحديث الثاني : قوله صلى الله عليه وآله وسلم لبضعته الزهراء عليها السلام وهو في مرض وفاته : (...ومنّا مهدي الاُمّة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثمّ ضرب على منكب الحسين عليه السلام فقال: من هذا مهدي الاُمّة).
وهذا الحديث رواه: أبوالحسن الدارقطني، أبو المظفر السمعاني، أبو عبد الله الكنجي، وابن الصبّاغ المالكي.
الحديث الثالث: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج المهدي عليه السلام من ولد الحسين عليه السلام من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها واتّخذ فيها طرقاً).
وهذا الحديث كما في المصادر عن نعيم بن حمّاد، والطبراني، وأبي نعيم، هذا بحسب الروايات.
وأمّا بحسب أقوال العلماء المحدّثين والمؤرّخين، فهم أيضاً يصرّحون بأنّ المهدي عليه السلام بن الحسين، أي من ذريّة الحسين عليه السلام، ويضيفون على ذلك أنّه ابن الحسن العسكري عليه السلام، وأيضاً مولود وموجود، هؤلاء عدة كبيرة من العلماء من أهل السنّة في مختلف العلوم أذكر أشهرهم:
أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذري، المتوفى سنة 279 هـ. أبو بكر البيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. ابن الخشّاب، المتوفى سنة 567 هـ. ابن الازرق المؤرخ، المتوفى سنة 590 هـ. ابن عربي الأندلسي صاحب الفتوحات المكية، المتوفى سنة 638 هـ. ابن طلحة الشافعي، المتوفى سنة 653 هـ. سبط ابن الجوزي الحنفي، المتوفى سنة 654 هـ. الكنجي الشافعي، المتوفى سنة 658 هـ. صدر الدين القونوي، المتوفى سنة 672 هـ. صدر الدين الحموي، المتوفى سنة 723 هـ. عمر بن الوردي المؤرخ الصوفي الواعظ، المتوفى سنة 749 هـ. صلاح الدين الصفدي صاحب الوافي في الوفيات، المتوفى سنة 764 هـ. شمس الدين ابن الجزري، المتوفى سنة 833 هـ. ابن الصبّاغ المالكي، المتوفى سنة 855 هـ. جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. عبد الوهاب الشعراني الفقيه الصوفي، المتوفى سنة 973 هـ .ابن حجر المكي، المتوفى سنة 973 هـ. علي القاري الهروي، المتوفى سنة 1013 هـ. عبد الحق الدهلوي، المتوفى سنة 1052 هـ. شاه ولي الله الدهلوي، المتوفى سنة 1176 هـ. القندوزي الحنفي، المتوفى سنة 1294 هـ.
فظهر إلى الآن:
أنّ المهدي عليه السلام من هذه الاُمّة. من بني هاشم. من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. من ولد فاطمة عليها السلام. من ولد الحسين عليه السلام.
وإنّ لكلّ بند من هذه البنود، روايات خاصة، ولم نتعرّض لها لغرض الاختصار.
وهناك بحوث تدور حول روايات في كتب السنّة تخالف هذا الذي انتهينا إليه، ولربّما اتّخذ بعض العلماء من أهل السنّة ما دلَّت عليه تلك الروايات عقيدةً لهم، ودافعوا عن تلك العقيدة، إلاّ أنّنا في بحوثنا حقّقنا أنّ تلك الروايات المخالفة لهذا العقيدة، إمّا ضعيفة سنداً، وإمّا فيها تحريف، والتحريف تارةً يكون عمداً، وتارة يكون سهواً، وتلك البحوث هي:
أوّلاً: الخبر الواحد الذي ورد في بعض كتبهم في أنّ (المهدي هو عيسى ابن مريم) فالمهدي الذي أخبر به رسول الله في تلك الروايات الكثيرة المتواترة التي دوّنها العلماء في كتبهم، وأصبحت روايات موضع وفاق بين المسلمين، وأصحبت من ضمن عقائدهم، والمراد من المهدي في جميع تلك الروايات هو عيسى بن مريم.
وهذه رواية واحدة فقط موجودة في بعض كتب أهل السنّة.
وثانياً: الخبر الواحد الذي ورد في بعض كتبهم من أنّ (المهدي من ولد العباس)، فليس من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا أيضاً خبر واحد، وكأنّه وضع في زمن بني العباس لصالح حكّام بني العباس.
وثالثاً: الخبر الواحد الذي في كتبهم من أنّه (من ولد الحسن عليه السلام)، لا من ولد الحسين عليه السلام.
وهذا أيضاً خبر واحد.
ورابعاً: الخبر الواحد الذي في بعض كتبهم من أنّ (اسم أبي المهدي اسم أبي النبي)، وأبو النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمه عبدالله، فلا ينطبق على المهدي ابن الحسن العسكري عليهم السلام، فتكون رواية مخالفة لما ذكرناه واستنتجناه من الأدلة.
وخامساً: ما عزاه ابن تيميّة إلى الطبري وابن قانع من (أنّ الحسن العسكري عليه السلام قد مات بلا عقب) وإذا كان الحسن العسكري عليه السلام قد مات بلا عقب، فليس المهدي بن الحسن العسكري عليه السلام.
فهذه بحوثٌ تعرضنا لها وأثبتنا ضعف الروايات في بعضها وتحريفها في بعضها الآخر. أمّا ما نسبه ابن تيميّة إلى الطبري صاحب التاريخ، وإلى ابن قانع، فهو كذب.

الدعوى المهدوية ودعاوى ابن كاطع

$
0
0
الدعوى المهدوية ودعاوى ابن كاطع

(وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
ان هذا المدعي استدل بأدلة واهية على دعوته المزعومة ألا وهي دليل الرؤى والمنامات، ودليل الاستخارة، وأنّ كلا الدليلين لا ينهض لاثبات منصب كمنصب الإمامة.
إنّ ابن كاطع استدل لاثبات دعوته هذه المرة بدليل آخر وهو إقامة المعجزة، وإنّه غير ناهض أيضاً ولا يقوم دليلاً لاثبات هذه الدعوى الباطلة وذلك من خلال المحاور التالية.

(وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
ان هذا المدعي استدل بأدلة واهية على دعوته المزعومة ألا وهي دليل الرؤى والمنامات، ودليل الاستخارة، وأنّ كلا الدليلين لا ينهض لاثبات منصب كمنصب الإمامة.
إنّ ابن كاطع استدل لاثبات دعوته هذه المرة بدليل آخر وهو إقامة المعجزة، وإنّه غير ناهض أيضاً ولا يقوم دليلاً لاثبات هذه الدعوى الباطلة وذلك من خلال المحاور التالية.
1. المعجزة من سنخ الادلة البرهانية.
2. شرط الاعجاز أنْ يكون خارقاً للعادة.
3. عدم القدرة على الإتيان بمثله، أي من قبل غير المدعي.
4. إمكان دعوى صاحب المعجز عقلاً وشرعاً.
5. أنْ يكون صدور الفعل الخارق في وقت التحدي.
6. ما صدر من الفعل الخارق قبل الدعوى لا يقال له معجز.
7. تطابق الفعل الخارق للعادة مع دعوى صاحبه.
1. المعجزة من سنخ الأدلة البرهانية:
الأدلة اقناعية وبرهانية، وان المعجزة من سنخ الادلة البرهانية، وليست من سنخ الادلة الاقناعية بمعنى ان المعجزة تكون دليلاً معتمداً على مقدمات عقلية مسلّمة الثبوت عند من يريد أنْ يستدل بدليل المعجزة. فكيف تكون المعجزة دليلاً برهانياً؟
ومن قبيل الأدلة البرهانية هو جواب الإمام علي عليه السلام عندما سأله سائل: هل يستطيع ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة؟
أجاب عليه السلام فقال: (ربنا لا يوصف بالعجز ولكن الذي سألت عنه لا يكون).
وفي نفس المسألة أجاب الإمام الصادق عليه السلام، فقال: (...ألك حواس؟ قال بلى، قال عليه السلام ما أصغرها؟ قال: النظر، قال عليه السلام كم مقدارها؟ قال بمقدار العدسة أو أقل من ذلك. قال عليه السلام ... فانظر فوقك وأمامك ماذا ترى؟ قال: أرى سماءً وأرضاً وبيوتاً وقصوراً ورمالاً. قال عليه السلام إنّ الذي قدر أن يدخل الجبال والسماء والأرض والقصور والبيوت في هذه العدسة لهو قادر أن يدخل الدنيا في بيضة...
نجد جواب أمير المؤمنين عليه السلام هو من سنخ الأدلة البرهانية، بينما أن جواب الإمام الصادق عليه السلام هو من قبيل الأدلة الاقناعية.
إنّ الله تعالى عندما أرسل الأنبياء وبعث الرسل ونصب الأئمة، له غرض من ذلك لأنّ افعال الله معللة بالأغراض ولايمكن ان يتهم الباري بالعبث. فالهدف من بعث كل هؤلاء هو أنْ يكونوا مبشرين ومنذرين، وقد أرسلوا من أجل هداية الناس فالناس يأخذون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما تثبت نبوته عندهم، ويأخذون من الرسول عندما تثبت رسالته، فكيف يثبتها إذن. ذلك من خلال المعجزة التي تظهر على يده، فلمّا يظهر المعجزة يثبت بذلك نبوته وانّه متصل بالسماء. فلو أظهر الله تعالى المعجزة على يد الكاذب وسمح بظهور المعجز على يد المدعي للنبوة، وإن كان كاذباً، كذلك مدّعي الإمامة لكان ناقضاً لفرضه عزوجل لأنّه لم يبق ما يميز به بين النبي ومدعي النبوة، وبالتالي لا يتحقق الغرض الإلهي، ويكون إرسال الأنبياء عبثا.
فمن اجل أنْ يحافظ الباري على غرضه ولا تتهم ساحته بالعبث يجب أن يحصر المعجزة بالصادق حتى ينسدّ باب الادعياء ويتميز الرسول عن غيره، كذلك ويميز الإمام.
إذن هناك مقدمات عقلية موجودة، فعندما تظهر المعجزة من شخص، فإنّ هذه المعجزة هي دليل ارتباطه بالله. فالمعجزة لو ظهرت من الكاذب لأوجبت عدم تمييز الرسل من غيره، وعدم التمييز يوجب نقص الغرض، ونقص الغرض لايمكن أنْ يتحقق من الله، إذن فالمعجزة لا تصدر إلاّ من الصادق، ومتى ما صدرت تثبت اتصاله بالله، فالمعجزة دليل برهاني وليست دليلاً إقناعياً.
2. شرط الإعجاز أنْ يكون خارقاً للعادة:
كما أنّه ولأجل أن يكون الفعل خارقاً للعادة، أي إعجازاً فلابد من توفر شروط ستة، أولها هو أن يكون خارقاً للعادة.
فعلماء الكلام يقولون إنّ اوّل شرط لتحقيق الإعجاز هو أنْ يكون الفعل خارقاً للعادة. أي عدم القدرة على الإتيان بمثله، ومن هنا يمكننا أن نميّز بين السحر والمعجزة، نعم إنّ السحر خارق للعادة ولكن يمكن الإتيان بمثله.
فكيف آمن السحرة بالنبي موسى عليه السلام مع أنّهم كانت عندهم أفعال خارقة للعادة، وكانوا هم اساتذة في مهنهم، ولكن لما ظهر الفعل الخارق للعادة من موسى عليه السلام وعلموا أنهم لا يمكن الإتيان بمثله علموا أنها معجزة لا يمكن أن يهدى بها إلاّ من اتّصل بالسماء، لذا آمنوا برب موسى عليه السلام.
3. عدم القدرة على الإتيان بمثله:
المحالات على قسمين، عادية وعقلية، فالعقلية أمور مستحيلة بحكم العقل، مثل اجتماع النقيضين كأن يكون الشخص إنساناً ولا إنسان في الوقت نفسه.
والمحالات العادية، هي التي لا يمنع العقل من تحققها، ولكن العادة تمنع من ذلك، فكأن يعرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس، ومنها إلى السماوات ثم يرجع في نفس الليلة، فهذا بحكم العقل غير ممتنع لكن العادة تمنعه.
4. امكان دعوى صاحب المعجز عقلاً وشرعاً:
وهو الشرط الثاني، والذي إذا تحقق في الفعل فإنّه يكون إعجازاً، أي أنّ الذي يدّعي أنّه صاحب منصب إلهي، رسالة أو إمامة ثم يأتي بفعل خارق _أي المعجزة_ نقول له إنّ هذا ممتنع في الشرع وذلك لقيام الأدلة القطعية على أنّ النبوات قد ختمت بخاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كانت الدعوى ممتنعة عقلاً أو شرعاً، فالفعل الصادر من صاحبها لا يعبر عنه بالمعجزة وإنّما يعبر عنه بالفعل الغريب.
5. صدور الفعل الخارق في وقت التحدي:
وهو الشرط الثالث، فكلّما صدر المعجز من صاحب الدعوى في وقت التحدي فهو معجزة، وأمّا ما صدر منه في غير هذا الوقت بحسب الإصطلاح الكلامي فلا يعبر عنه بالمعجزة وإنّما يعبر عنه بالكرامة أي بحسب الدقة العلمية لا يعبر عما يصدر في غير وقت التحدي بالمعجزة.
6. ما صدر قبل زمن الدعوى لا يقال له معجز:
إنّ تصدع ايوان كسرى عند ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانشقاق جدار الكعبة قبل ولادة الإمام علي عليه السلام. لاتعتبر معاجز وإن كانت خارقة للعادة، ولكنها تقدّمت زمن الدعوى، لذا تسمى هنا ارهاصات أو علامات.
7. تطابق الفعل الخارق للعادة مع دعوى صاحبه:
ثمّة أمر آخر أو شرط آخر لقبول الفعل الخارق للعادة لمن ادعى، وهو أنْ يكون هذا الفعل مطابقاً لدعوى صاحبه، ومثال ذلك ما إذا ادعى شخص أنه يمكن أن يفعل فعلاً خارقاً للعادة، وذلك كما ادعى مسيلمة الكذاب بأنه يستطيع أن يبصق في بئر فيفور ماؤها.
ونقول هنا إن هذه الفعل ليس بمعجزة ولكنه لو قال إن هذه البئر التي نقص ماؤها أنا أقدر بمجرد أن أبصق فيها يرجع ماؤها، فهذا متطابق.
إنّ ما يدعيه ابن كاطع لنفسه ويروّج له ادعياؤه واتباعه وهو أنه يعرف قبر الزهراء عليها السلام.
فإن نقول له لنطبق ما جئت به على معايير المعجزة ولنر هل انّ ما تقوله معجزة أوّلاً.؟
ولكن قبل كلّ ذلك وحتى لو جئت بشيء غيبي فما يدرينا أنك صادق في إخبارك هذا فبإمكان أي شخص أن يقول أنني أعرف ذلك وإنّ ادعاءك لا هو بفعل خارق للعادة، من جهة، ولا هو أمر لا يمكن الإتيان بمثله.
كذلك نقول إن (معجزتك) هذه على فرض صحتها فهي ليست بصحيحة ولا تفيد شياً لانّها ممتنعة شرعاً.
إنّ ما ادعيته يا ابن كاطع من انك ابن الإمام وصاحب الأمر وبأنك اليماني، دعوى باطلة فقد قام الدليل على امتناع الذرية والولد.
ونحن نقول لهذا المدعي ان كنت صادقاً في دعواك أن تقوم بمعجزة حقيقية كالمعاجز التي قام بها الأئمة، فشق القمر إلى نصفين، أو يكفينا في ذلك رد الشمس بعد مغيبها، أسمعنا أصواتاً من بين السماء والأرض، يسمعها جميع أهل الدنيا في وقت واحد، تقول إنك حجة الله، فإن لم تستطع فنقول لك:
إنّ الإمامة التي لا دليل عليها ساقطة لاقيمة لها ومزيّف من إدّعاها.

الإمام المهدي عليه السلام/السيرة

$
0
0
الإمام المهدي عليه السلام/السيرة

إنّ المتتبع لسيرة الإمام المهدي عليه السلام يجد أنها مسيرة مثل ونموذج خلاص يقتدى بها وتتخذ نبراساً للمؤمنين، ومن صور هذه السيرة المباركة،فحينما يأتي دور حكم الإمام المهدي عليه السلام يُنهي دور حكم الجبابرة والمستكبرين ويحول دون النفوذ السياسي للمنافقين والخائنين.
وتضحى مدينة (مكة) قبلة المسلمين مركزاً لحركته عليه السلام الثورية, يجتمع رجال نهضته الإول في هذه المدينة ويلتحقون به فيها.

سيرته السياسية:
إنّ المتتبع لسيرة الإمام المهدي عليه السلام يجد أنها مسيرة مثل ونموذج خلاص يقتدى بها وتتخذ نبراساً للمؤمنين، ومن صور هذه السيرة المباركة،فحينما يأتي دور حكم الإمام المهدي عليه السلام يُنهي دور حكم الجبابرة والمستكبرين ويحول دون النفوذ السياسي للمنافقين والخائنين.
وتضحى مدينة (مكة) قبلة المسلمين مركزاً لحركته عليه السلام الثورية, يجتمع رجال نهضته الإول في هذه المدينة ويلتحقون به فيها.
يبعث عليه السلام بعثا لقتال الروم فينهي نفوذ اليهود والمسيحية في العالم, ويستخرج تابوت السكينة من غار انطاكية, والتوراة التي انزلها الله على موسى عليه السلام والإنجيل الذي انزل على عيسى عليه السلام. يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم, وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم, ويدعو اليهود إلى التوراة فيسلم على يديه جماعة كثيرة.
يقاتل عليه السلام، ولا يصمد أمامه أي رجل قوة ونهجاً (سواء أكان من أهل الكتاب أو من أتباع المناهج الأخرى), ولا يبقى أثر لتطبيق أيّ نهج سياسي وأيّ لون من ألوان الحكم في العالم سوى حكم الحق ومنهج السياسة القرآنية العادلة.
وفي هذا الضوء تمتد حكومة المهدي عليه السلام على شرق العالم وغربه.
ينزل عيسى عليه السلام من السماء, فيصلّي خلف المهدي عليه السلام وينادي (افتحوا باب بيت المقدس) فيفتحون, واذا بالدجال وسبعين ألف يهودي مسلّح معه. وحيث يعلم الدجال أنّ عيسى قاتله يولّي هاربا حينما يراه.. فيقول عيسى عليه السلام: إنّ لي فيك ضربة لن تفوتني بها فيدركه فيقتله, فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا انطقه الله عز وجل, لا حجر ولا شجر ولا دابة, إلاّ قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فاقتله, فيطّهر العالم من وجود اليهود الملوّث.
اجل فإذا قام القائم عليه السلام لا تبقى ارض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله.
سيرته التربوية:
إبان حكم المهدي عليه السلام يؤتى الناس العلم والحكمة حتى أنّ المرأة تقضي في بيتها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولدى هذه الفترة تتوفر القدرة العقلية للجماهير على مركزية ونباهة, وتبلغ كمالها بالتأييد الإلهي, وتظهر الحكمة في الجميع.
وإذا قامت دعائم حكمه عليه السلام أذهب الله عز وجل العاهة عن الشيعة, وجعل قلوبهم كزبر الحديد, وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا, ويكونون حكام الأرض وسنامها.
سيرته الاجتماعية:
حيث يأتي المهدي عليه السلام -وعلى اثر متاعب وحروب تقع- يسحق الظلم والعدوان ويملأ الأرض عدلا وقسطا ولا يبقى محل في الأرض إلا وهو مستفيض بعدله وإحسانه فينتعش بالحياة حتى النبات, وتتوفر الأحياء الأخرى أيضاً على هذا الإحسان والعدل والقسط.
ويعم الغنى والمكنة -زمن المهدي عليه السلام- كل أفراد الأمة.
تبلغ عدالة المهدي حدّا بحيث لا يمس الظلم أي إنسان في أي موقف وبأي شكل.
سيرته المالية:
تجمع إليه أموال الدنيا كلّها، ما في بطن الأرض وظهرها, فيقول للناس: (تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام, وسفكتم فيه الدماء, وركبتم فيه محارم الله, فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله).
(... تؤتى الأرض أكلها, ولا تدّخر منها شيئا, والمال يومئذ كدوس. يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول: خذ).
يقسّم الأموال بين الناس بالسوّية دون تفضيل لأحد على أحد .

محمدرضا حکیمی

 

الإمام المهدي المنتظر عليه السلام المصلح العالمي المنتظر

$
0
0
الإمام المهدي المنتظر عليه السلام المصلح العالمي المنتظر

لا اعتقد أنّ بحثا من البحوث الإسلامية قد نال اهتمام علماء الإسلام كموضوع الإمام المنتظر المهدي الموعود عليه السلام، فقد بحث من جميع جوانبه على ضوء الكتاب والسنة، كما تطرّق لبحثه غير واحد من رجالات العلم والمعرفة في الأديان والمذاهب السماوية الأخرى لأنّ الإيمان والاعتقاد بظهور المنقذ والمصلح العالمي المنتظر الذي يشكّل ويمثّل جوهر الفكرة المهدوية في الإسلام، كما هو موجود عندنا، فهو موجود عند تلك الأديان والمذاهب أيضاً، والايمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي تعبّر عن حاجة فطريّة عامة للإنسان وتقوم هذه الحاجة على تطلّع الإنسان إلى الكمال

لا اعتقد أنّ بحثا من البحوث الإسلامية قد نال اهتمام علماء الإسلام كموضوع الإمام المنتظر المهدي الموعود عليه السلام، فقد بحث من جميع جوانبه على ضوء الكتاب والسنة، كما تطرّق لبحثه غير واحد من رجالات العلم والمعرفة في الأديان والمذاهب السماوية الأخرى لأنّ الإيمان والاعتقاد بظهور المنقذ والمصلح العالمي المنتظر الذي يشكّل ويمثّل جوهر الفكرة المهدوية في الإسلام، كما هو موجود عندنا، فهو موجود عند تلك الأديان والمذاهب أيضاً، والايمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي تعبّر عن حاجة فطريّة عامة للإنسان وتقوم هذه الحاجة على تطلّع الإنسان إلى الكمال، فهي فكرة قديمة وليست مقصورة على الإسلام، وقد تعرّض القرآن لهذه الفكرة والوعد الإلهي بقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). فالزبور صحف داوود، والذكر هو التوراة كما جاء في التفاسير، ولابدّ أنْ يتحقق هذا الوعد الإلهي يوماً ما، وإنْ كان هذا اليوم هو آخر يوم من عمر الدنيا كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا).
والآية الأخرى التي تشير إلى هذا الوعد الإلهي، قوله تعالى : (وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ).
وهذه الآية وإنْ وردت في شأن بني اسرائيل واستيلائهم على زمام الأمور بعد تخلّصهم من قبضة الفراعنة _لكن تعبير (ونريد) يشير إلى إرادة إلهية مستمرة، ولذلك طبقّت الآية في الكثير من الروايات على ظهور المهدي عليه السلام.
إنّ أمثال هذه الآيات التي لم نذكر إلاّ نماذج منها، وغيرها من الآيات شواهد على أنّ قيادة العالم ستنتهي لعباد الله الصالحين، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين الأديان والمذاهب، وهذه الحقيقة شأنها أنْ تساعد على إسقاط أربع شبهات في المسألة المهدوية في آن واحد.
فهي توضح أولاً : بطلان الشبهة القائلة بتفرّد الشيعة بالقول بالمهدوية.
وثانياً: بطلان الشبهة القائلة بأنّ المهدوية أسطورة، إذ ليست هناك أسطورة تحظى باجماع الأديان السماوية وغير السماوية ويتبنّاها العلماء والمفكرون والفلاسفة.
وثالثاً: بطلان الشبهة القائلة بدور اليهود في إيجاد العقيدة بالمهدوية بحجّة أن الفكرة موجودة عند اليهود وغيرهم.
كما توضّح رابعاً : بطلان الشبهة القائلة بأن فكرة المهدوية وليدة الظروف السياسية الحرجة التي عاشها أتباع أهل البيت عليهم السلام، فما أكثر المظلومين والمضطهدين على مرّ التاريخ وعبر الزمن وفي شتى بقاع الأرض، ومع ذلك لم يعرف عنهم هذا الاعتقاد، وما أكثر الأفراد والجماعات التي آمنت بهذه الفكرة بدون معاناة لظلم واضطهاد.
نعم لاريب بحصول عوامل ضغط واضطهاد دفعت باتجاه التمسّك بالفكرة المهدوية أكثر لا أنها أنشأت هذه الفكرة وهذا الاعتقاد وأوجدتها من حيث الأساس.
إذن الإيمان بحتمية ظهور المخلّص الديني العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الاديان والمذاهب، والاختلاف بينهم إنّما هو في تحديد هوية ومصداق هذا المصلح العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء والأوصياء. هذا المنقذ والمصلح العالمي قد وجد وما زال موجوداً ولكنه غاب عن الانظار لمصلحة علمها عند الله سبحانه وتعالى، ويتطلب منا بحث كهذا الرجوع لمرويات الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمصادر التاريخية ليتّضح للجميع أن ذلك المصلح العالمي العظيم قد ولد في منتصف شعبان سنة (255) من الهجرة في سامراء وهو المهدي ابن الحسن العسكريL، الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذي يملأ الله به الدنيا عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وبهذا المعنى وردت روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وهي تدل على تعيين نسب المهدي عليه السلام وكونه من أهل البيت عليهم السلام ومن ولد فاطمة عليها السلام ومن ذرية الحسين عليه السلام وهو الإمام والخليفة الثاني عشر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

مقام الإنسان الكامل

$
0
0
مقام الإنسان الكامل

تحدث الإمام  علي بن موسي الرضا (ع) مع الناس في منازل مختلفة خلال سفرهِ الهام من المدينة المنورة  إلى مدينة مرو (خراسان) لكنه تحدث في مدينة نيشابور بحديث أمام جمع غفير من الناس. عُرف هذا الحديث بسلسلة الذهب لكثرة رواته الموثوق بهم وكثرة طرقه لأن الإمام  رواه عن آبائه (ع) عن جده (ص) عن جبرئيل عن الله.
بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی

 

 

تحدث الإمام  علي بن موسي الرضا (ع) مع الناس في منازل مختلفة خلال سفرهِ الهام من المدينة المنورة  إلى مدينة مرو (خراسان) لكنه تحدث في مدينة نيشابور بحديث أمام جمع غفير من الناس. عُرف هذا الحديث بسلسلة الذهب لكثرة رواته الموثوق بهم وكثرة طرقه لأن الإمام  رواه عن آبائه (ع) عن جده (ص) عن جبرئيل عن الله.
عظمة الكلام وفحواهُ العميق وصراحة اللهجة منح هذا الحديث مرتبة عالية. يمكن لنا أن نذكر هذا الكلام باعتباره روح الفكر الاسلامي. مع الأسف إل‍‍‍َى الآن لم يتم الانتباه إلى فحوى ومضمون هذا الحديث بشكل جاد.
ذكر الإمام  الرضا (ع) في المقطع الأول من حديثه كلام رسول الله (ص) والذي قال فيه : «كَلِمَةُ لا اِلهَ اِلَّا اللهُ حِصْنِي فَمَنْ قالَهَا دَخَلَ حِصْنِي وَ مِنْ دَخَلَ حِصْنِي أمِنْ مِنْ عَذابِي».1
کلمة " لا اله الا الله" تحتوي علی أتم المعانی والتعابیر للمفاهیم الدینیة و کما عبّر عنها الإمام  الرضا (ع) فانها الحصن الحصین والحرز العظیم التی تجعل الإنسان أن یکون فی مأمن من العذاب والغضب الإلهي.
ليس العذاب والعقاب في الدنیا والآخرة سوی انعکاساً لأعمالنا والذی یظهر بأشکال مختلفة ومنها العذاب في نار الجهيم. کما أن الأجر والثواب هما الصورة النورانیة والحسنة والعذبة لأعمال العباد. عندما ننظر إلی باطن هذا العذاب حقیقة لم نر سوی ***الألطاف الإلهیة. کما أن ضربات الحداد لیست سوی وسیلة لتطهیر المعادن من الشوائب والدخيلات. کما أن الذنوب تلوث ضمیر الإنسان الصافي. للعذاب صور مختلفة بحسب المعاصي والزلات التي يرتكبها الإنسان. فمن هذه المعاصي : التمرد علی الأوامر والأحكام الإلهیة وتغییرها وتبدیلها وإيقاف جميع الأحكام الإلهية أو قسماً منها في العلاقات الفردية والاجتماعية والتجاسر على الله سبحانه وتعالي.
إن هذه المعاصي سواء حصلت على المستوى الفردي أو الاجتماعي فإنها تعتبر مظهراً من مظاهر الظلم وتؤدي إلى التدهور في المراتب وشؤون الأشياء والأشخاص والحقوق وإنها تتم خارج النظام الإلهي الحقيقي المنشود ومشيئته جل جلاله.
كبار علماء الدين ذكروا للإيمان مراتبا وهو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان والعمل بالأركان وعلی هذا الأساس فإن انعدام الإیمان أیضاً لهُ مراتب مختلفه بعض الأحیان یظهر علی اللسان وفی العمل وبعض الأحیان یبقی مکتوماً فی البال والقلب. کل مرتبة من هذه المراتب لها تاثیرها الخاص علی الساحات العملیة والأخلاقیة والمعرفیة. کل من یتلفظ الشهادتین ویدخل مدینة الإسلام فهو لیس بالضرورة مؤمناً. علی مثل هذا الشخص أن یرتقي إلی مراتب الإیمان وأن یجتاز مدرسة الأحکام العملیة والأخلاق الفردیة والاجتماعیة ( التربویة النفسانیة) ویحظی معرفة قلبیة ویستعد لکی یبلغ مرتبة الفناء فی الله والبقاء في الله.
هناك مسار آخر أمام مسار الصعود والتكامل و هو الهبوط والقهقرى. الإنسان بعد ارتكاب المعاصي والذنوب يصبح كالأنعام بل أدنى وأضل منها منزلة ومساراً حيث يُبتلى بالعذاب الإلهي كما قال القرآن الكريم "  اُولئِكَ كَالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلَّ اُولئِكَ هُمُ الغافِلُون "
الخروج من كل درك من الدركات السفلى يستلزم أن نتحمل عقاباً وأن النقصان في كل مرتبة من هذه المراتب يستلزم عقاباً يتناسب مع هذا النقصان.
ولعل جميع البشر سواءً كانوا من العلماء أو عوام الناس وحتي الأولياء والأنبياء بهذا السبب فإنهم بحاجة إلى التوبة والإنابة و هي تتناسب مع المرتبة التي هم فيها. العامي يتوب من ارتكاب الحرام والعالم من المكروه والولي من المستحب وترك الأولى وهي المرتبة الأخيرة والنهائية للتوبة . كما قال رسول الله (ص) : "ما عَبَدْناكَ حَقَّ عِبادَتِكَ وَ ما عَرَفْناكَ حَقَّ مَعْرِفَتِكَ ".
التوبة بهذا المعنى تشمل جميع مراتب الحياة الفردية والاجتماعية في شتي الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية  وما شابه ذلك.
إن العالم والعامي من خلال فهم المواقف والواجبات في مختلف المراحل وصيانة جميع الأمور في نطاق كل الأوامر والنواهي والعمل الواعي والخالص وحفظ القلب من الأفكار السيئه بإمكانهما أن يكونا في مأمن من الارتماء‌ في أحضان النفاق والشرك وأخيراً العذاب والعقاب.
الشریعة هی الأحکام العملیة للدین التي بینها علم الفقه لنا وهي مرتبة من مراتب الدیانة. الشریعة ترسم الأعمال الفردیة والجماعیة لأهل الإیمان تجاه خالق الکون وولي الله الأعظم ( أرواحنا له الفداء) والعالم وتبين لنا الواجبات في جمیع الشؤون.
الشریعة تشمل الجسم والتي تتضمن جسم الإنسان وصورة للعلاقات الفردیة والاجتماعیة وتقوم بتطهیرها وتجعل الإنسان مستعداً لکي یجتاز المراتب والمدارج. علی هذا الأساس الشریعة لیست کل الدین والدیانة بل هي مرتبة بدائیة بإمکانها أن تصنع من المتدین موجوداً یمثل الصورة الخارجیة للشریعة کما أن التکالیف لاتعني تحقیق الدیانة فی ظاهر و باطن الإنسان ولاتتضمن أیضاً ظهور حقیقة الدین لأن العبودیة لاتظهر هویتها إلا بعد أن یندمج الإنسان مع حقیقة الإسلام. ینبغی للإنسان من أجل الإرتقاء إلی الدرجات العلیا أن یجتاز المرتبة السابقة وذلک وفقاً للأحکام الصادرة من صاحب الشریعة ولي الله الاعظم (ع) وأن یتم الأمر بمصادقته لأن النقصان والإهمال في تنفیذ التکالیف والواجبات باعتبارها المرتبة الأولی لبلوغ الکمال تؤدي إلی الوقوف والتراجع والسقوط بین الذین ینکرون الحق.
کما أن مدرسة الأخلاق أیضاً ینبغي أخذ أصولها وفروعها من مصدر صادق علیه حجة الله علی العباد. الإنسان من خلال الأخلاق بإمکانه أن یسیر بجسمه  نحو العبودیة وساحة الإخلاص وأن یزیل عن أعماله الشوائب ویتأدب بآداب الدین و أن یحرر نفسه من جمیع قیود النفس الأمارة بالسوء وأن یرتقي إلی المراتب السامیة. هذه المدرسة هي باطن الشریعة وهنا یندمج الظاهر والباطن معا ویتمکن سالک طریق الدیانة أن یتوجه نحو مرتبة أکثر نورانیة.
هاتان المرتبتان هما مقدمة للإرتقاء إلی المرتبة الثالثة. جسم وروح الطالب المستعد عملیا وفقاً لطاقاته وإستعداده سیکون محلاً لظهور درجات من الأسماء والصفات الکمالیة وتمثالاً للأسماء والصفات المتعالیة.
مسار الکمال في النهایة ینتهي إلی مقام الإنسان الکامل والذي هو صاحب أعلی درجات الصفات الإلهیة . الإنسان الکامل صاحب الصفات التامة الإلهیة هو الواقف فی قمة هذا المسار. هذه الدرجة من الکمال التي ظهرت فی أولیاء الله من أهل بیت النبی الأکرم (ص) التي ظهرت باعتبارها الولایة التامة هي في الحقیقة ظهور لأعلی مراتب صفات الکمال وأصحاب هذه الصفات هم أئمة أهل البیت الواسطة بین الخالق والمخلوق وإن هذه الصفات بشکلها المطلق هي لله سبحانه وتعالی فقط.
لعل أحد معاني هذه الآیة «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  " والذي عبر بعض المفسرین عن «لِيَعْبُدُونِ» ب "ليعرفون" أي خلق الله الجن والإنس لکي یجتازوا المراتب ویستعدوا لاستقطاب الصفات الإلهیة ویتحولوا إلی موجود متکامل وتمثال للعبودیة والأخلاق والمعرفة.
یعبر الأدب الدیني بالحدود الناعمة بین الکفر و الإیمان والرضا والسخط الإلهي بجسر الصراط وإنه أدق من الشعر وأحد من السیف وإن هذا الجسر موجود فی دار الدنیا وإننا نسیر علیه لیلاً و نهاراً دون أن نعلم. إن لم نتمکن المرور علی هذا الجسر فی الدنیا فإننا لا نتمکن المرور علیه مؤکداً في الاخرة والذي یتجلی فیها بشکل خاص. إن الغفلة والغطرسة لا تسمح لنا أن نری هذا الجسر فی الدنیا کما أن الغفلة والغطرسة تصنع منا تمثالاً للنفاق وأهله وینتهی بنا الأمر أن نؤمن ببعض الآیات ونکفر ببعض. «يَقُولُونَ نومِن بِبَعْضٍ وَ نَكْفِرُ بِبَعْضٍ». 
إن الإمام  علی بن موسی الرضا (ع) فی الحدیث المذکور یضع شرطاً هاماً للدخول في حصن "لا إله إلا الله" الحصین و یقول: " بِشَرْطِها وَ شُرُوطِها وَ أَنَا مِنْ شُرُوطِهَا" أي ولایتي بإعتباري أحد أئمة أهل البیت (علیهم السلام) یعتبر شرطاً للدخول إلی هذا الحصن ولیس لهذا الشرط بدل.
هذا الحدیث یحمل في طیاته المعاني السامیة والقیم الرفیعة التي یتطلب شرحها مجالاً واسعاً.  بهذه العبارة یمکن لنا أن نفسر جمیع الماضي والحاضر والمستقبل وأن نزیل الستار الذی اُسدل علی الدین بعد أکثر من ألف عام وأن نکشف عن الحقیقة التی لم تکن أحیانا سوی الوزر والوبال. سنة قادة الدین تأتي تبعاً للقرآن لإیضاح القضایا بشکل إجمالي وإن قادة الدین من خلال التفسیر الذي یقدمونه یزیحون الستار عن حقائق وباطن الأمور والتي لم تکن مکشوفة إلا فقط للراسخين في العلم. إن استنباط ظاهر أحادیث المعصومین (علیهم السلام) یتطلب أهلیة وکفاءة خاصة فکیف بباطنها.
قد أعلن الإمام  الرضا (ع) بین جمع غفیر من أهالی نیشابور وعلی أعتاب دخوله إلی مدینة مرو عندما کان یعتبر مأمون الطاغي الظالم نفسه أمیراً للمؤمنین وخلیفة للمسلمین بأنه العلم الهادي في هذا الحصن والذی یجیز للآخرین الدخول فیه وإنه الشرط اللازم الضروري والواجب علی الإطلاق للدخول إلی حصن الإیمان وحدیقة الفلاح المثمرة ولقاء الله جل جلاله.
کما قال النبي الأکرم (ص) :" أنَا مَدينَةَ العِلْم وَ عَلِيٌ بابُها  " أی إن العلم بالمعنی الحقیقي للکلمة هو موجود لدي وأنا مدینة العلم وکل ما هو سوی هذا الأمر فهو سراب ووهم وأن علیاً (ع) بوابة هذه المدینة.
علی وولایته هو الحسن وولایته هو الحسین وولایته هو ولي الله الأعظم والذي یبلغ في سلسلة أهل البیت (علیهم السلام) إلی صاحب العصر والزمان(عج). کل هؤلاء الواحد تلو الآخر حسب شأن الولایة التامة لأئمة الدین فهم حفظة مدینة العلم والدین والحقیقة والمعرفة التي اجتمعت في رسالة ونبوة وولایة النبی الأعظم (ص) خاتم الأنبیاء والذي هو جامع جمیع علوم الأنبیاء والدین وتفسیره وتأویله بشکل کامل موجود لدیه.
أمیرالمؤمنین (ع) لدیه عبارة جمیلة في حدیث "النورانیة" والتي تبین مکانة وشأن ولي الله الأعظم (عج). قال علي بن أبی طالب (ع) : " ... أَنَا خَاتَمَ الْوَصِيِّينَ وَ أَنَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَ أَنَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُون‏...  "
حسب روایات الأئمة علیهم السلام هو من یقوم بسؤال جمیع الخلائق علی جانب جسر الصراط وهو من یقدم للناس رخصة المرور.
العبور علی جسر الصراط له شرط وهو ما ذکره الإمام  علی بن موسی الرضا (ع) فی حدیث سلسلة الذهب وهو جسر الولایة الذی ینتهی إلی مدینة الإیمان والفلاح أي جنة الخلد.
المسلمون یذکرون دوما مکانة ومقام هذه الذوات المقدسة فی الأدعیة والزیارات المأثورة الخاصة بأهل البیت علیهم السلام. إن زیارة الجامعة الکبیرة بین کل هذه الآثار باعتبارها النظام الأساسی للشیعة فإنها بارزة وشاملة.
من الواضح أن الاقتراب إلی الصراط المستقیم یستلزم التقارب مع الإمام  المعصوم (ع) ويستلزم أن یکون هناک نوع من التناغم والمتابعة لصفاته وخصاله وإن هذه الصفات والخصال علی أتم الوجوه  وأکملها مختصة بالأئمة المعصومین ومنحصرة فیهم لکي یتمکنوا من حفظ الدین والشریعة في مقام الولایة. إن القرابة الظاهریة لاتکفي لأن ابن نوح وجعفر الکذاب وأمثال أبي لهب حسب الظاهر کانوا من أقرباء النبی نوح (ع) والإمام  الهادی (ع) والنبي الأکرم(ص) لکن القرآن لایعتبرهم من أهل البیت کما قال الله مخاطبا النوح (ع) : " يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ  ". إن القرابة من حیث الرحم والظاهر لم تجعل الإنسان مستعداً للقرب الإلهي.

إن الإقتراب إلی حارس هذا الحصن الحصین والدخول إلیه یستلزم أن تجتاز المراتب التي تسمح لک أن تکون من أهل الحرم وأن تستقطب صفات الکمال. إن اکتساب هذه المراتب تمنح سالک طریق القرب درجات من المحبة والأهلیة. إن أئمة الدین هم مظاهر لأعلی مراتب الأهلیة وأسمی درجات الکمال ولهذا أصبحوا أهلا لمقام الولایة وبسبب هذه الکفاءة منح الله لهم الصلاحیات اللازمة لهدایة الخلق.
خلیفة الله هو صاحب أعلی درجات صفات الکمال لکن رغم وجود الإنسان الکامل نری أن الخلافة بلغت إلی أصحاب المراتب الدنیئة.
خلیفة الله والذي اعتبره الله فی بدایة الخلقة سببا لخلق العالم والإنسان هو المظهر والتمثال التام للصفات المتعالیة الإلهیة وهو بإمکانه أن یکون معلما وهادیا ومرشدا للناس في طریق الحیاة الوعرة. کما أن الحکمة والعدالة الإلهیة تقتضی أن یکون الإمام  ولیا علی الناس کما أن العاقل البالغ هو دوما ولیا وقیما علی الصغیر والسفیه وإننا نقرأ فی الزیارة الخاصة بصاحب العصر (عج) : " السّلام عليك يا خليفة الله و خليفة آباء المهديين".
خلیفة الله هو وارث الأنبیاء وصاحب میراثهم الذي شاء الله أن یکون إماما وهادیا للناس.
من المؤکد مصادیق هذه الآیه "أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ " لایمکن أن یکونوا خلیفة الله علی الأرض وأن یکونوا قادة الناس إلی الرشد والهدایة.
انتهي.

بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی

الهواشی‌:

  1. . «قال عليّ بن ابي طالب(ع): حدثني اخي وابن عمي محمّد رسول الله(ص): حدّثني جبرئيل(ع) قال: سمعت ربّ العزّه سبحانه و تعالي يقول: كلمة لا اله الا الله حصني فمن قالها دخل حصني و من دخل حصني امن من عذابي  (بحارالانوار، ج 49، ص 127).
  2. . سورة ذاريات (51)، آية 56.
  3. . بحارالأنوار، ج 69، ص 292.
  4. . خوارزمي، موفّق بن احمد، المناقب، ص 91، ح 84.
  5. . بحارالأنوار، ج 26، ص 5.
  6. . سورة هود (11)، آية 46.
  7. . سورة اعراف (7)، آية 179.

 

الإمام المنتظر عليه السلام وثلاثية (الوراثة، والفكر، والثقافة)

$
0
0
الإمام المنتظر عليه السلام وثلاثية (الوراثة، والفكر، والثقافة)

من المحاور المهمة التي يجب أن يستلهمها المنتظِر بكلّ قوته هو الفكر العقيدي والتأمّلي المبني على أساس خط الوراثة الإلهي السلام عليك يا وارث ...، بمعنى أنّه يستقي أسسه من عقيدة أصول الدين، تلك المنظومة الشاملة التي تؤسّس لعلاقات متينة بين المؤمن بها وبين طريقة تعامله مع الأطراف الأخرى وفق مبدأ حيّ وفعّال، لو طبّق بشكل كبير لأنتج العدل الكبير، فالمنتظِر في فكره موحّد، وفي عقيدة النبوة والإمامة والعدل والمعاد مؤمن.

من المحاور المهمة التي يجب أن يستلهمها المنتظِر بكلّ قوته هو الفكر العقيدي والتأمّلي المبني على أساس خط الوراثة الإلهي السلام عليك يا وارث ...، بمعنى أنّه يستقي أسسه من عقيدة أصول الدين، تلك المنظومة الشاملة التي تؤسّس لعلاقات متينة بين المؤمن بها وبين طريقة تعامله مع الأطراف الأخرى وفق مبدأ حيّ وفعّال، لو طبّق بشكل كبير لأنتج العدل الكبير، فالمنتظِر في فكره موحّد، وفي عقيدة النبوة والإمامة والعدل والمعاد مؤمن.
والقضية الاساسية والمهمة هي ما يحتاجه من هذا الفكر وبما يطبّقه في حياته اليومية لكي ينسج منه المنظومة التطبيقية، وهذا ما يشكله فكر وعقيدة ومبدأ الامامة ،ومن خلاله تنبثق نظرتنا في الإمام الثاني عشر الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وهذا الفكر، وهذه العقيدة مستقاة من النصوص الواضحة والصريحة التي تمثل محور حركته وفعاليته وبرامجه، وهي فكرة وعقيدة توصله بخط الوراثة ببعدي الماضي، والحاضر والمستقبل.
ويتبلور من خلال خطي الوراثة الإلهية، وخط الفكر والعقيدة ثقافة خاصة، لها بعدها الإيديولوجي وأهدافها الإستراتيجية وأبعادها الاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية، وهي ثقافة تستمد روحها وجسدها من النصوص، وتستديم نشاطها وديناميكيتها من الفكر والوراثة، وهي ثقافة خاصة ومتميزة، هي ثقافة الانتظار.
إنّ هذه الثقافة تتبلور وتتشكل وفق ضوابط وأسس رقابية صارمة ويتحول الفكر التأملي والعقيدي الى فكر تطبيقي عملي وواقعي، هذه الثقافة لها مميزاتها وخصائصها النفسية والاجتماعية وأساليبها وأدواتها، صاغت النصوص المهدوية أطرها العامة، كما في هذه الرواية التي لايمكن إغفالها:
جاء في (الأربعون حديثاً) أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام قال: (تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة بعده: يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته المنتظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان، لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيف، إنّ أولئك هم المخلصون حقا وشيعتنا صدقا، والدعاة الى دين الله سرا وجهرا).
وقال الإمام الصادق عليه السلام (يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أنْ يناديهم الباري عزوجل فيقول عبادي وإمائي آمنتم بنبيي وصدقتم بغيبي فابشروا بحسن الثواب منّي، فانتم عبادي وامائي حقا ومنكم أتقبّل وعنكم أعفو ولكم أغفر وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي).
هذه النصوص صاغت ثقافة الانتظار في ذات المؤمن بعقيدة ونظرية الإمامة وخصوصا إمامة الثاني عشر عليه السلام وأصبحت وأمست هذه الثقافة بكل أبعادها العلمية والعملية ثقافة معاصرة وثقافة سلوكية مميزة لها آثارها وأهميتها في الارتباط بالمنظومة الفكرية العامة، ولعل الكثير ممن اتصل بهذه الثقافة واطّلع عليها بحيادية ونزاهة وعمق ودقة أعجب بها وحصلت له انتقالة نوعية على أساس الفكر أو السلوك. تحصل من ذلك أن الثقافة الانتظارية هي الواقع العملي المؤطّر بخصائص ومميزات وآثار تابعة لخطّى الوراثة والفكر العقيدي.
بما أنّ الثقافة سلوك منسجم مع خطى الوراثة والفكر من جانب وهي تتعايش مع واقع يحمل ثقافات متعددة لها خصائصها المميزة لها، فلابدّ من حصول جدل واقعي أو صراع عقيدي يستبطن الخطوط الفكرية أو الوراثية.
ومن هنا يدخل مفهوما البراءة والتولّي عنصرين مهمين في الثقافة الانتظارية، ومن خلال هذين المبدأين ينتج موقفان كلاهما يسند الآخر لكي يحققا مبدأ التولّي والتبرّي، ومن خلالهما تتحقق الثقافة الانتظارية العملية الحقيقية، فما هما هذان الموقفان؟؟
وجواباً نقول: هما الحضور. والموقف.
هذان الموقفان هما المحققان للثقافة الانتظارية الحقيقية، فلا موقف بلا حضور في الساحة، فالحضور بدون موقف يكون حضورا فارغا ولايؤدي الى مواجهة ولا الى تأثير في الساحة العملية ، ولكن ما هي مقومات الحضور الذي يقود الى الموقف الحقيقي ؟ لاشك أنّ الوعي هو الركيزة التي يجب ان يتحلى بها الحضور وهذا الوعي لايأتي الا من خلال استيعاب النظرية الفكرية المتمثل بالخط الوراثي وما يمتلكه وما سطره من نصوص ، وانسجاما مع هذا يتطلب قراءة صحيحة للساحة وما تحمله من تحديات او اشكاليات او تناقضات نوعية حجمها وعددها حتى يتم التشخيص الدقيق للمعضلة الحقيقية، والابتعاد عن المشاكل الجزئية التي من خلالها ينشغل المنتظر بها عن الأمور المصيرية.
هذا الحضور الواعي يتطلب موقفا حازما وحاسما يتحرك وفق أدوات وأساليب متميزة لكي يعطي العلاج الحقيقي لما تواجهه ثقافة الانتظار من إشكاليات وتحديات وأمراض. هذا الحضور وهذا الموقف لاينفكان بأية صورة من الصور عن خطى الوراثة والفكر الذي من نتائجه الكبيرة: أنْ يكون أنسانا رساليا. وحلقة فاعلة في خط الوراثة. مستوعباً لابعاد نظريته العامة المتمثلة بالإسلام وبالحاضرة المتمثلة بإمامة الثاني عشر عليه السلام. يمتلك ثقافة انتظارية مميزة لها حضور واع وموقف حازم، تتمحور حول خطى الوراثة والفكر الإسلاميين. له طاقة وحرارة فعّالة يأخذها من ذلك الخط العام. تتفعل هذه الطاقة الى برامج تتوافق مع ما موجود من ثقافات أخرى. فيتحول المنتظر بثقافته الانتظارية الى مرحلة التمهيد والتوطئة وتعجيل الفرج.

لطيف عبد النبي يونس


دجال البصرة :(الفصل الثامن: بقية الأدلة التي لفَّقها الدجال !)

$
0
0
دجال البصرة :(الفصل الثامن: بقية الأدلة التي لفَّقها الدجال !)

قال هذا الكذاب: ( لقد أسفر الصبح لذي عينين ، وظهر أمر قائم آل محمد كالشمس في رائعة النهار، لا لبس فيه لكل طالب حق ، وجاءكم يا علماء الشيعة من تعرفونه كما تعرفون أبناءكم ولا يخفى عليكم أمره ! بالروايات الصحيحة عن الصادقين . فهل تنكرون على علماء اليهود والنصارى أنهم لم يتبعوا محمد(اً) لأنه ذكر في كتبهم باسمه وصفته ، وأنه يخرج من فاران وتحتجون عليهم بذلك ! إذن فارجعوا إلى كتبكم وحاسبوا أنفسكم! لقد بشـركم بي جدي رسول الله وذكرني في وصيته باسمي وصفتي ، ووصلت لكم هذه الوصية بسند صحيح ، وذكرها علماء الشيعة في كتبهم ، وبما وصى رسول الله وهو على فراش الموت ، أو ليس بأهم شي !

تحريفه معنى روايات ونصوص روايات !


نلاحظ كثرة أخطاء هذا الإمام المزعوم ، مما يدل على فقره حتى من الدراسة الأولية !  كما أنه يزعم أنه مبعوث للعالمين ، لكن خطابه محصور بالشيعة ولا يخاطب السنة ، ولا يتكلم على علمائهم أبداً . وهذا يكشف أن مهمته داخل الشيعة فقط !

وهو يقسو عليهم لأنهم لايؤمنون به ! ويخاطبهم بما يثير حفيظتهم ، فينفيهم عن ولاية أمير المؤمنين( عليه السلام ) إن لم يؤمنوا به ، ويتوعدهم بنار جهنم ، مع أنه لم يأتهم بمعجزة ولا آية بينة إلا مناماته ومنامات أتباعه ! وىيات يفسرها مكابرة ، وروايات يسـردها بدون دراسة أسانيدها ، ولا بيان وجه دلالتها على مدعاه .

قال هذا الكذاب: ( لقد أسفر الصبح لذي عينين ، وظهر أمر قائم آل محمد كالشمس في رائعة النهار، لا لبس فيه لكل طالب حق ، وجاءكم يا علماء الشيعة من تعرفونه كما تعرفون أبناءكم ولا يخفى عليكم أمره ! بالروايات الصحيحة عن الصادقين . فهل تنكرون على علماء اليهود والنصارى أنهم لم يتبعوا محمد(اً) لأنه ذكر في كتبهم باسمه وصفته ، وأنه يخرج من فاران وتحتجون عليهم بذلك ! إذن فارجعوا إلى كتبكم وحاسبوا أنفسكم! لقد بشـركم بي جدي رسول الله وذكرني في وصيته باسمي وصفتي ، ووصلت لكم هذه الوصية بسند صحيح ، وذكرها علماء الشيعة في كتبهم ، وبما وصى رسول الله وهو على فراش الموت ، أو ليس بأهم شي !

فلقد أوصاكم بآبائي الأئمة الإثني عشر ، وبي وبأبنائي الإثني عشـر:

1و2و3: عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) قال قال رسول الله (ص) (في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع): يا أبا الحسن أحضـر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي ، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً ، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام، وساق الحديث إلى أن قال: وليسلمها الحسن (ع) إلى ابنه م ح م د ، المستحفظ من آل محمد فذلك اثنا عشر إماماً .

ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول  المهديين ، له ثلاثة أسام: إسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والإسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين). بحار الأنوار:53/145، والغيبة للطوسي/150.

عن الصادق (ع) أنه قال:( إن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين (ع). بحار الأنوار: 53/148 ، والبرهان:3/310 ، والغيبة للطوسي/385 .

في البحار: ( قلت للصادق جعفر بن محمد (ع) يا ابن رسول الله سمعت من أبيك أنه قال يكون من بعد القائم اثنا عشر إماماً ، فقال: إنما قال اثنا عشـر مهدياً ولم يقل اثنا عشر إماماً ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا). البحار:53 /145 ، وكمال الدين:2/358 .

وكلامه هذا: فلقد أوصاكم بآبائي الأئمة الإثني عشر ، وبي وبأبنائي الإثني عشـر: يدل على أنه يدعي أنه الإمام المهدي( عليه السلام ) نفسه !

4 -7: (عن أمير المؤمنين (ع) في خبر طويل: (فقال (ع) ألا وإن أولهم من البصرة وأخرهم من الأبدال) . بشارة الإسلام/ 148 .

عن الصادق (ع) في خبر طويل سمى به أصحاب القائم: ومن البصرة حمد...). بشارة الإسلام/181 .

وهؤلاء أصحاب المهدي الذين يظهرون معه ، وليس قبله !

عن الإمام الباقر (ع):أنه قال: للقائم إسمان إسم يخفى وإسم يعلن . فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي  يعلن فمحمد . كمال الدين:2/653 .

عن الباقر (ع): مشرف الحاجبين غاير العينين بوجهه أثر . إلزام الناصب:1/417 .

وكلامه هذا يدل على أنه يعدي أنه نفس المهدي لا إبنه !

ثم قال هذا الدجال:  أخبروكم(أخبركم) أهل البيت باسمي ومسكني وصفتي ، فهل خفيت عليكم؟ ولكن: (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) . (هود: 28) .

ولقد دفع أسلافكم آبائي عن حقهم وقالوا في أمير المؤمنين علي (ع) إنه حريص على الملك ، لأنه طالب بحقه وسخروا منه حتى ملؤوا كبده قيحاً ، وقال لهم: مالعلي وملك لا يبقى، وأقول لكم: مالي وملك لا يبقى ، ولكني مأمور وسأصبر كما صبر (ع) حتى يأذن الرحمن في أمري .

لقد بالغ آبائي الصالحين (الصالحون) في الإخبار عن أبي الإمام محمد بن الحسن المهدي وعني ، ولم ينسوني من دعائهم بفضل من الله علي:

5- قال الإمام الرضا (ع) في دعاء: اللهم ادفع عن وليك. اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلَدِهِ وذريته). مفاتيح الجنان/618 .

فإن تنكروني فأنا ابن الحسن سبط النبي المرتهن . الويل لمن ناواني ، واللعنة على من عاداني . أنصاري خير أنصار تفتخر الأرض بسيرهم عليها ، وتحفهم الملائكة ، وأول فوج يدخل الجنة يوم القيامة هم ، والله العلي العظيم .

وأقسم بـيس وطه والمحكمات وبـكهيعص وحمعسق ، وبالقسم العظيم آلم ، إنهم الفرقة الناجية ، وهم أمة محمد (ص) حقاً وصدقاً ، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، لأنهم يقرون بحاكمية الله في أرضه دون من سواهم . لاتجرفهم الفتن لأنهم محصوا وغربلوا حتى خرجت المدرة من حب الحصيد ، هم رهبان في الليل أسود في النهار ، مجاهدون شجعان ، لا تأخذهم في الله لومة لائم ، يرون أكل خبز الشعير والنوم على المزابل كثير(اً) مع سلامة الدين ، ويرون الموت في حب آل محمد (ع) أحلى من الشهد . فطوبى لهم وحسن مآب .

أما بعد فيا شيعة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) بحسب ما تدعون ، لقد قامت عليكم الحجة البالغة التامة من الله سبحانه وتعالى بي ، وبأني الصـراط المستقيم إلى جنات النعيم ! فمن سار معي نجا ومن تخلف عني هلك وهوى !

وهذا هو الإنذار الأخير لكم من الله ومن الإمام المهدي (ع) وما بعده إلا آية العذاب والخزي في هذه الحياة الدنيا ، وفي الآخرة جهنم يصلونها وبئس المهاد لمن لم يلتحق بهذه الدعوة .

اللهم أنت قلت: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ . وأنا المضطر وابن السبيل واليتيم والمسكين، فأجبني بفضلك ورحمتك وعطائك الإبتداء يامجيب دعوة المضطرين. ربي أستنصرك على عدوك وعدوي فانصرني إنه لا قوة إلا بك أنت سبحانك .

وأعلن بإسم الإمام محمد بن الحسن المهدي أن:كل من لم يلتحق بهذه الدعوة ويعلن البيعة لوصي الإمام المهدي بعد13رجب1425هـ ق فهو خارج من ولاية علي بن أبي طالب ، وهو بهذا إلى جهنم وبئس الورد المورود ، وكل أعماله العبادية باطلة جملة وتفصيلاً فلا حج ولا صلاة ولا صوم ولا زكاة بلا ولاية.

وصي ورسول الإمام المهدي (ع) إلى الناس كافة

أحمد الحسن- 13/6/1425 هـ . ق.). انتهى.

تلاحظ أن هذا الدجال متوتر ومستعجل  ومتخبط ! فهو مرة يدعي أنه نفس الإمام المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ، ومرة ابنه ، ومرة من أصحابه . وقد حكم بكفر من لم يؤمن به من التاريخ الذي ذكره . وأنذرهم بالعذاب ، فنزل العذاب عليه وعلى أتباعه من شرطة البصرة ! 

أدلته المضحكة على أنه ابن المهدي( عليه السلام ) ! 

ذكر تحت عنوان: (أدلة الدعوة) عدة أدلة ركيكة ، مضحكة !

منها أنه ثقة ، فيجب قبول قوله ! والثقة إذا ادعى الإمامة أو النبوة وجب قبول قوله!

ومنها أنه جاء بعلوم لايستطيعها غيره ! ولم نر منها شيئاً !

ومنها أن العلماء لم يجيبوا على رسائله وقد طلب منهم أن ينشروا فتوى بتكذيبه وتحديه فلم يفعلوا ! وأنه دعاهم الى المباهلة وهو مستعد أن يقسم قسم البراءة فلم يستجيبوا .

ولكنه كذب في قوله هذا ، فقد اتفق معه على المباهلة الشيخ عبد الحسين الحلفي في التنومة ، وفي اليوم المقرر نكص أحمد إسماعيل على عقبيه ولم يحضر .

ثم كتبنا اتفاقاً بين الشيخ عبد الحسين الحلفي ووكيله صالح الصافي على مباهلة إمامه في البصرة بحضور وسائل الإعلام ، ووقعه عنه . لكنهم نكصوا !

كما نكص عن الإتيان بمعجزة ، وقد قال لي وكيله: ماذا تطلب معجزة ؟ فطلبت منه أن يدعو صاحبه بأن يهلك الله شارون ، فاتصل بإمامه تلفونياً وقال: غداً أجيبكم ، وفي اليوم التالي قال: إن الإمام المهدي( عليه السلام ) لم يأذن له بذلك !

ومن أدلته تخريفاته في حساب الجمل ، كالتي رأيتها في حسابه لنجمة إسرائيل !  وهي هذر وخيالات ، لاتبلغ مرحلة الإحتمال المعتد به، ولا تصل حتى الى الظنون!

بطلان استدلاله برواية الوصية

طبَّل المبتدع وأتباعه كثيراً برواية الوصية وأنها تنص على أحمد إسماعيل !

ونصها من كتاب الغيبة للطوسي/150، ومختصر البصائر/39: (أخبرنا جماعة ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد المصري ، عن عمه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين( عليه السلام ) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله ) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي( عليه السلام ) : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة.فأملى رسول الله(صلى الله عليه وآله )  وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الاثني عشر إماماً سماك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي فمن ثَبَّتَّهَا لقيتْني غداً ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لا تراني ولا أراها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي . فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد(عليهم السلام) ، فذلك اثنا عشر إماماً .

ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين ، له ثلاثة أسامٍ إسم كإسمي وإسم أبي ، وهو عبد الله وأحمد ، والإسم الثالث المهدي ، وهو أول المؤمنين ) .

ولم يذكر المدعي وجه الإستدلال بها ، لكن غرضه الفقرة الأخيرة منها وهي التي تأمر الإمام الثاني عشر( عليه السلام ) بأن يسلم الوصية أو الإمامة عندما تحضره الوفاة الى (ابنه أول المقربين) الذي له ثلاثة أسماء أو أربعة ، أحدها أحمد !

وقد فسرها هذا الدجال بنفسه بنفسه لأن إسمه أحمد ! وهذه هرطقة مضحكة !

لأن الرواية إن صحت فهي تأمر الإمام المهدي( عليه السلام ) بعد ظهوره وإقامته دولة العدل الإلهي، إذا حضرته الوفاة أن يسلمها الى ابنه !

فزمن الرواية وتسليم الوصية أو الإمامة يومذاك ! فجعلها هذا المزيف لزماننا ، وجعل نفسه ابن الإمام المهدي الذي سيتسلم الإمامة من أبيه بعد ظهوره وحكمه ووفاته ؟!

فلا الزمان ينطبق على زماننا ، ولا الشخص الذي تأمر الوصية المهدي( عليه السلام ) أن يسلمه إياها ، ينطبق على هذا المجنون !

لكن الدجال يطوى الزمان والأنساب ، ويقول جدي الإمام المهدي ، ثم يقول أنا ابن الإمام المهدي الذي سيرثه بعد أن يظهر ويحكم العالم، وقد سلمني الإمامة من الآن ، وأرسلني اليكم فأطيعوني ! أليست هذه الهرطقة بعينها !

ثم لو صحت الرواية ، فإن الأمر فيها للإمام( عليه السلام ) أن يسلم الإمامة لابنه ، أي المباشر وقد اعترف هذا الدجال بأنه ليس الإبن المباشر للإمام المهدي( عليه السلام )  !

فقد سأله صالح المياحي بتاريخ: 4-ربيع الثاني-1426، عن ادعائه بأنه ابن الإمام المهدي( عليه السلام ) : (هل يعني أنه من صلب الإمام مباشرة ، وكيف تم زواج الإمام أرواحنا له الفدى ، وما إسم أمه أي أم السيد ، ومن أي مكان هي )؟ 

فأجابه ناطقه ناظم العقيلي: (إن السيد أحمد الحسن من ذرية الإمام المهدي (ع) وليس من صلبه مباشرة . وقد أثبت زواج الإمام المهدي (ع) وذريته في كتاب (الرد الحاسم على منكري ذرية القائم) فالولد يطلق تارة ويراد منه الولد الصلبي المباشر ويطلق تارة أخرى ويراد منه الولد من الذرية ) . انتهى.

فقد انتهى الأمر وبطل تشبثه برواية الوصية على فرض صحتها . وقد أشكل عليه بذلك شريكه في البدعة حيدر مشتت .

على أن سند الرواية لايتم على مباني علماء الجرح والتعديل ، فقد قال عنها الحر العاملي: (وروى الشيخ في كتاب الغيبة في جملة الأحاديث التي رواها من طرق العامة). (الإيقاظ من الهجعة/362).  ففيها مجهولون لم يوثقهم أحد من علمائنا مثل: علي بن سنان الموصلي ، وأحمد بن محمد بن الخليل ، وجعفر بن أحمد البصري .

بطلان استدلاله برواية الإثني عشر من أبناء المهدي( عليه السلام ) 

استدل الدجال بأحاديث أنه يحكم بعد المهدي( عليه السلام ) اثنا عشر مهدياً ، فادعى أنه ابن الإمام المهدي( عليه السلام ) الذي يحكم بعده ، وقد أرسله قبله !

أقول: نعم صح عندنا عن أهل البيت(عليهم السلام) أن الذي يتولى مراسم دفن الإمام المهدي هو الحسين( عليه السلام ) وأنه أول من يرجع من الأئمة(عليهم السلام) وأنه يحكم بعد الحسين( عليه السلام ) اثنا عشر مهدياً من ولده ، وقد يكونون من ولد المهدي( عليه السلام )  . 

ومن تلك الأحاديث:( أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي’، وإن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة ، لا يرجع إلا من محض الإيمان محضاً أو محض الشرك محضاً). (مختصر البصائر/24، بسند صحيح عن الصادق( عليه السلام ) ) .

ومنها: (عن أبي بصير قال قلت للصادق جعفر بن محمد( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك( عليه السلام ) أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهدياً؟ فقال: إنما قال: اثنا عشر مهدياً ولم يقل إثنا عشر إماماً ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) . (كمال الدين/358 ، بسند موثق) .

وقال المفيد: (ليس بعد دولة القائم لأحد دولة إلا ما جاءت به الرواية من قيام ولده إن شاء الله) .(الإرشاد:2/387) . راجع في الموضوع في: الأصول الستة عشر/91 ، وكمال الدين/335 ، ومختصر البصائر/38 و158، وشرح الأخبار:3/400 ، ومعجم أحاديث الإمام المهدي:3/332 ، و:4/87 ، و:5 /240 ، و475 . والصراط المستقيم:2/152.

والقدر المتيقن أن هؤلاء الإثنا عشر ليسوا أئمة ، بل من شيعة الأئمة(عليهم السلام) ومن ذرية الحسين( عليه السلام ) ويظهر أنهم من أبناء المهدي( عليه السلام ) . وبعض علمائنا يرى أن كونهم من أولاده( عليه السلام ) خبر آحاد ، كالمفيد( رحمه الله) . (الإرشاد:2/387) .

والنتيجة: كل هذه الأحاديث تنص على أن هؤلاء المهديين يكونون بعد الإمام المهدي( عليه السلام ) لا قبله ، لكن هذا الدجال يكابر ويزوِّر ويقول إنهم من أولاد المهدي( عليه السلام ) وأنا أولهم ، وأنا جئتكم قبل الإمام المهدي( عليه السلام ) !



بطلان استدلاله بروايتين عن أصحاب المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف )

ذكر في بيانه (4 -7) روايتين عن أصحاب الإمام المهدي( عليه السلام )  ، الأولى: عن أمير المؤمنين( عليه السلام ) فيها: (ألا وإن أولهم من البصرة وأخرهم من الأبدال) .

والثانية: عن الإمام الصادق( عليه السلام ) فيها: ( ومن البصرة حمد ) .

ومن تزويره أنه نقل الرويات من كتاب معاصر هو بشارة الإسلام/148، و181، ومؤلفه السيد حيدر الكاظمي متوفى1336 . وقد أوردناها في المعجم الموضوعي /381 ، بعنوان: (أحاديث لم يثبت سندها تُسَمِّي أصحابه( عليه السلام ) وبلدانهم).

وهي أربع روايات ، ثلاثة منها في دلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الشيعي برقم 526و527و527 ، والرابعة في الملاحم والفتن لابن طاووس ، نقلاً عن فتن السليلي . وكلها تتحدث عن أصحابه الثلاث مئة وثلاثة عشر ، الذين يكون معه لا قبله !

أما أولى روايات دلائل الإمامة/311 ، وفي طبعة/554 ، فليس فيها ذكر للبصـرة ولا أحمد ! وفيها: (هذا ما أملاه رسول الله(صلى الله عليه وآله ) على أمير المؤمنين( عليه السلام ) وأودعه إياه من تسمية أصحاب المهدي( عليه السلام )  وعدة من يوافيه من المفقودين عن فرشهم وقبائلهم  السائرين في ليلهم ونهارهم إلى مكة ، وذلك عند استماع الصوت في السنة التي يظهر فيها أمر الله عز وجل ، وهم النجباء والقضاة والحكام على الناس..الخ.).

والرواية الثانية في دلائل الإمامة أيضاً/ 307، وطبعة/562 ، جاء فيها: ( ومن حلوان رجلان ، ومن البصرة ثلاثة رجال ، وأصحاب الكهف وهم سبعة ).

فكيف ادعى الدجال أنه هو أحد الرجال الثلاثة ، ووقتهم مع ظهور الإمام( عليه السلام )  !

على أن في سندها ضعافاً ومجهولين ، وسندها: (حدثني أبو الحسين محمد بن هارون قال حدثنا أبي هارون بن موسى بن أحمد قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن عبيدالله القمي القطان المعروف بابن الخزاز قال: حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي عبد الله الخراساني قال: حدثنا أبو حسان سعيد بن جناح ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله قال: قلت له: جعلت فداك هل كان أمير المؤمنين يعلم أصحاب القائم...الخ.).

والثالثة في دلائل الإمامة/566، فيها:(ومن البصرة: عبد الرحمن بن الأعطف بن سعد، وأحمد بن مليح، وحماد بن جابر، وأصحاب الكهف سبعة نفر) .

فلو صحت الرواية فالمذكور فيها هم: أحمد بن مليح وزميلاه ابن سعد وابن جابر وهم يظهرون مع الإمام( عليه السلام ) ، ولا ينطبق أحد منهم على هذا المدعي ، لأنه أحمد إسماعيل بن كويطع ، وهو يدعي أنه ابن الإمام المهدي( عليه السلام )  !

على أن سندها غير تام أيضاً ، لأنه نفس السند الأول: قال الطبري( رحمه الله) : (وبالإسناد الأول أن الصادق( عليه السلام ) سمى أصحاب القائم لأبي بصير فيما بعد فقال..).

أما الرواية الرابعة في ملاحم ابن طاووس/145 ، وفي طبعة/288، وقد نقلها من كتاب الفتن للسليلي الحساني قال: (حدثنا الحسن بن علي المالكي قال: حدثنا أبو النضر عن ابن حميد الرافعي قال: حدثنا محمد بن الهيثم البصري قال: حدثنا سليمان بن عثمان النخعي قال: حدثنا سعيد بن طارق ، عن سلمة بن أنس ، عن الإصبع بن نباتة قال: خطب أمير المؤمنين علي( عليه السلام )  خطبة فذكر المهدي وخروج من يخرج معه وأسماءهم ، فقال له أبو خالد الحلبي: صفه لنا يا أمير المؤمنين؟ فقال علي:ألا إنه أشبه الناس خلقاً وخلقاً وحسناً برسول الله(صلى الله عليه وآله ) ألا أدلكم على رجاله وعددهم؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين ، قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله ) قال: أولهم من البصـرة وآخرهم من اليمامة ، وجعل علي يعدد رجال المهدي والناس يكتبون ، فقال: رجلان من البصرة ورجل من الأهواز ، ورجل من عسكر مكرم ، ورجل من مدينة تستر...).

وفي آخرها: (أحصاهم لي رسول الله(صلى الله عليه وآله ) ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر ، يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها في أقل مما يتم الرجل عشاءه ، عند بيت الله الحرام ... كأني أنظر إليهم والزي واحد ، والقد واحد ، والحسن واحد ، والجمال واحد واللباس واحد ، كأنما يطلبون شيئاً ضاع منهم ).

فهي لو صح سندها تتحدث عن أصحاب المهدي( عليه السلام ) الذين يظهرون معه لا قبله ! فلا يمكن للمبتدع أن يستدل بها ! على أن في سندها مجاهيل وضعافاً .

بطلان استدلاله برواية: للقائم إسمان ، ورواية: بوجهه أثر !

قال هذا الدجال: (عن الإمام الباقر (ع):أنه قال: للقائم إسمان إسم يخفى وإسم يعلن  فأما الذي يخفى فأحمد ، وأما الذي يعلن فمحمد).(كمال الدين:2/653 ).

عن الباقر (ع): (مشرف الحاجبين غاير العينين بوجهه أثر). (إلزام الناصب:1/417 ).

أقول:يبدو أن هذا المبتدع يدعي أنه هو المهدي( عليه السلام ) أو يمهد لذلك  ، بحجة أن إسمه أحمد ، والمهدي( عليه السلام ) كجده(صلى الله عليه وآله ) إسمه المعلن محمد والخفي أحمد ! وعليه يمكن لكل من إسمه أحمد أن يدعي ذلك !

كما أنه بادعائه أنه المهدي( عليه السلام ) يكذب نفسه بأنه ابن المهدي ! 

كما استدل الدجال بأن من صفة الإمام المهدي( عليه السلام ) :(مشرف الحاجبين ، غاير العينين ، بوجهه أثر ) . (إلزام الناصب:1/417 ).

وكأنه يريد أن يقول إن الإمام المهدي( عليه السلام ) في وجهه أثر ، وأنا في وجهي أثر ، فأنا المهدي ! وهذا موجب للسخرية ، إذ كل من في وجهه اثر يمكنه أن يدعي ذلك !

ثم إن الأثر في وجه المهدي( عليه السلام ) شامة جميلة تميزه ، والأثر في وجه أحمد إسماعيل كويطع كما ذكروا ، أثر قبيح ، ولعله أثر ضربة في مناسبة لا تشرفه !

وأصل الحديث في غيبة النعماني/223 ، عن الإمام الباقر( عليه السلام ) قال: (ذاك المشرب حمرة  الغائر العينين ، المشـرف الحاجبين ، العريض ما بين المنكبين ، برأسه حزاز وبوجهه أثر . رحم الله موسى). راجع: معجم أحاديث الإمام المهدي( عليه السلام ) :3/237.

وهذه الصفة سواء صحت أم لم تصح ، فليس فيها دليل على ادعاء الدجال !  

زَوَّرَ الدجال رواية في نسب المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) !

قال في موقعه: (قال الأصبغ بن نباتة:أتيت أمير المؤمنين علياً( عليه السلام ) ذات يوم فوجدته مفكراً ينكت في الأرض فقلت: يا أمير المؤمنين تنكت في الأرض، أرغبةً منك فيها؟ فقال( عليه السلام ) : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط، و لكن فكري في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويكون له غيبة وحيرة تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت: يا أمير المؤمنين ، وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال( عليه السلام ) : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين . فقلت: وإن هذا لكائن ؟ قال( عليه السلام ) : نعم كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ، أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة ).

وأضاف: وهذا الولد هو ابن الإمام المهدي ، لأن الإمام المهدي هو الحادي عشـر من ولد علي( عليه السلام ) والذي من صلبه هو من نتكلم عنه الممهد للإمام سلطانه) !

وقد ارتكب التزوير في قول أمير المؤمنين( عليه السلام ) : (لكن فكري في مولود يكون من ظهري . الحادي عشر من ولدي . هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً).

فحذف الياء من كلمة (ظهري) فصارت العبارة: (من ظهر الحادي عشـر) وطبقها على نفسه وزعم أنه هو من ظهر الحادي عشر ، أي الإمام المهدي( عليه السلام )  !

فقد روت هذا الحديث مصادرنا المتعددة بالياء في كلمة ظهري ، وسقطت الياء من طبعة غيبة الطوسي ، فأخذها المبتدع وطبَّل بها !

وقد جاء مبعوثه بكتاب غيبة الطوسي وقال:أنظروا ! هذه رواية عن أمير المؤمنين( عليه السلام ) تثبت ظهور ابن الإمام المهدي( عليه السلام ) : (من ظهر الحادي عشـر) !

فقلت له: أنظر الى مصادر الحديث الأخرى، التي هي أقدم من غيبة الطوسي تجد فيها: (ولكن فكرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي يملؤها عدلاً) !

فهل إذا سقط حرف من الناسخ أومن منضد الحروف ، وكان مثبتاً في مصادر عديدة ، تتشبث فيه لتثبت بدعتك وإمامة إمامك؟  ثم ألا ترى أن الوصف بعده: (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً) مختصٌّ بالإمام المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) في مصادر السنة والشيعة ، ولم يوصف به أحد غيره ! فإذا كان هذا وصف إمامك فلم يبق عمل للإمام المهدي( عليه السلام ) ، ولا لزوم له !

لكنه كان مشيطناً كإمامه ، فكابر ولم يَسْتَحِ !

والحديث الذي ذكره مستفيض وهو في الإمامة والتبصـرة/120، والكافي:1/338 ، وكفاية الأثر/219، وغيبة النعماني/69، وكمال الدين/288، ونصه وسنده من الأخير ، وله أسانيد أخرى أقدم من غيبة الطوسي( رحمه الله) وكلها فيها: (فكرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً )! ألا يكفي ذلك لمن له عقل لإثبات أن الياء سقطت من نسخة غيبة الطوسي؟!

لكن الكذاب يغمض عينيه ويتشبث بنسخة كتاب سقطت منها الياء ، ليجعل نفسه ابن الإمام المهدي الذي هو الحادي عشر( عليه السلام )  !

لماذا اختار الدجال دليل الإستخارة والمنام ؟

الجواب: لأنه يتشبث بذلك لجرِّ الناس الى بدعته ! وقد رايت أنه يزوِّر النصوص! والإستخارة والمنام فخَّان ينصبهما لصيد العوام السذج ، والمثقفين قليلي العقل ، ويؤكد على شرعيتهما في أصول الدين وفروعه !

يقول للشخص: إني رسول الإمام المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وقد أرسلني قبل ظهوره ، وأدعوك الى الإيمان بي وبيعتي على الموت . فيطلب منه دليلاً على دعواه ، فيقول له: إن القرآن كلام الله وهو أكبر دليل ، فاطلب منه النصيحة واسأله: هل تؤمن بأحمد الحسن وتتبعه أم لا، وافتح القرآن وستخرج لك آية تهديك سواء السبيل !

أو يقول له: إن المنام دليل ملكوتي ، والأمر الذي تراه في المنام أمرٌ إلهي حقيقي خاصة إذا رأيت في المنام أحد المعصومين(عليهم السلام) يأمرك باتباع أحمد الحسن !

فيأخذ المسكين الإستخارة ويفتح القرآن فتخرج له مثلأً آية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . فيقول له: الله أكبر هل رأيت؟ لقد أمرك بالإيمان بي وبجهاد الكافرين والمنافقين معي !

أما إذا خرجت له مثلأً آية:أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ . فيقول له: إستخارتك غير جيدة ، ولا بد أن تصفِّي نيتك وتأخذها مرة ثانية !

أو يقول له: صم ثلاثة أيام ، أو صلِّ في هذه الليلة ركعتين واطلب من الله تعالى فسترى مناماً يهديك الى الطريق الصحيح ، ويوقعه في جو الإيحاء والتخيل !

أو يستعمل معه أسلوب (التلباثي) أي التأثير النفسي ، شبيهاً بالتنويم المغناطيسي فيرى بعض المساكين مناماً من تخيله أو من إيحاء الدجال وصاحبه ، فيعتبره أمراً إلهياً من عالم الملكوت باتباع الدجال ، عليه الصلاة والسلام !

نشر في موقعه سؤالاً من زينب الموسوي ، يقول: (كيف أستطيع أن أصدق بأن السيد أحمد الحسن هو رسول ووصي الإمام المهدي (ع) بأقصر الطرق؟

فأجابها الدجال: (أقصر طريق للإيمان بالغيب هو الغيب ، إسألي الله بعد أن تصومي ثلاثة أيام وتتوسلي بحق فاطمة بنت محمد (ص) ، أن تعرفي الحق من الله بالرؤيا ، أو الكشف ، أو بأي آية من آياته الغيبية الملكوتية سبحانه وتعالى).

وهكذا دلاها بغرور على أقصر طريق للضلال ، لتدخل في حركته المسلحة البائسة ، التي درَّب شبابها ونساءها ، ثم قتلهم وشردهم على مذبح شهوته للزعامة !

وقال في موقعه عن الإستخارة: (الإستخارة بالقرآن وهو من الإمداد الغيبي التي يؤيد بها الله تعالى من يشاء من عباده ، وهي خارجة عن التلاعب والدجل البشري . أنت بدورك أخي المتلقي ، أقصد القرآن واطلب من الله النصيحة ، فالقرآن هو الناصح الأمين . ومن العجيب أن يأخذ الإنسان النصيحة من الله وبعدها يتهم الله ! سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله ) .

وهكذا يوقع العامي المسكين في فخه ، وإذا خرجت الآية مخالفة فعذره جاهز وهو عدم صحة نية المستخير ، وصاحب المنام ! فينصحه بإعادة الإستخارة حتى تخرج موافقة ، وحتى يرى المنام الذي يضلله !

إن هذا الدجال كالبَرَّاج والفوَّال الذي يعالج الناس من الصَّرَع بتبخير البخور وكتابة الحجابات ، فلا يضره مئة حالة يفشل فيها ، أما إذا شفي مريضه في حالة واحدة فهو يكبر ويهلل ، ويطبل ويزمر ، لأن المعجزة تحققت ، وجاءه التأييد من الغيب ، ومن كلام الله تعالى ، أو من عالم الملكوت !

نقض استدلاله على حجية المنام !

قال في موقعه:(وأما الرؤيات (الرؤى) فكل مدة من الزمن يأتيني وفد من محافظات بعضها بعيدة عن النجف ، وقد رأى الكثير منهم في منامهم ما يؤيد هذه الدعوة الحقة ، ولو كانت رؤية أو رؤيتان لكان هنالك سبيل لأعداء آل محمد على ردها ، ولكن ماذا يفعل هؤلاء لرد مئات ، بل آلاف الرؤيات القادمة ، ومعضمها(ومعظمها) مؤيد بأنه فيها أحد المعصومين ، وهم يقولون: من رآنا فقد رآنا فإن الشيطان لا يتمثل بنا . فلم يعد للظالمين إلا قول إن الرؤيا ليست بحجة مع أنها جزء من النبوة ، ومع أن الرسول والأئمة اهتموا بها وبسماعها وتأويلها أشد الاهتمام . مع أن نبوات بعض الأنبياء ( عليه السلام ) كان معظمها رؤيا وتأويل(تأويلاً)كنبوة دانيال( عليه السلام )  ومع أن نرجس أم الإمام المهدي( عليه السلام ) جاءت إلى العراق لتتزوج الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) لأنها رأت رؤيات صادقة ، وعرضت نفسها لخطر الحرب والسبي وهي حفيدة قيصر الروم .

ومع أن وهب النصراني نصر الحسين( عليه السلام ) لأنه رأى عيسى ( عليه السلام ) في المنام .

ومع إن نجيب بني أمية خالد بن سعيد بن العاص الأموي آمن وأسلم بسبب رؤيا رآها بالنبي(صلى الله عليه وآله )  . فردَّ هؤلاء الجهلة الرؤيا جملة وتفصيلاً دون تدبرأو تفكر وقال أبعد الله شره عن المؤمنين).

وقال الدجال: (الحقيقة أن الناس يختلفون في الآية المطلوبة والدالة على صدق المرسل عندهم ، فبعضهم يعتبر العلم والحكمة هو الآية ، وبعضهم يعتبر الآيات الملكوتية.. أما ما تبقى من الناس فيعتبرون الآية المادية هي الدليل لاغيرها ، وهؤلاء بالحقيقة منكوسين ، ماديين (منكوسون ، ماديون) وفي الغالب حتى لو جاءت الآية المادية لا يؤمنون إلا قليل منهم...

1. ماهي الآية الملكوتية؟ 2. على من تكون هذه الآيات الملكوتية حجة؟

والجواب: أن الآيات الملكوتية كثيرة جداً ، منها الآفاقية الملكوتية ، ومنها الأنفسية ، قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت: 53) أي قيام القائم بالحق . ومن هذه الآيات:

1. نور البصيرة واطمئنان القلب . والسكينة إذا كان الإنسان على فطرة الله التي فطر الناس عليها لم يلوثها ، أو أنه عاد إليها بعد انتباهه من الغفلة وتذكره .

2.  الفراسة والتوسم في الآفاق والأنفس.

3.  الرؤيا الصادقة في النوم.

4.  الرؤيا الصادقة في اليقظة (الكشف  ومنها:

أ- ‌الرؤيا الصادقة في الصلاة . 

ب‌- الرؤيا الصادقة في الركوع.

ج - الرؤيا الصادقة في السجود.

د - الرؤيا الصادقة في السنة بين النوم واليقظة .

هـ- الرؤيا الصادقة عند قراءة القران.

و - الرؤيا الصادقة عند السير إلى أبى عبد الله الحسين (ع).

ز - الرؤيا الصادقة عند الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.

ح - الرؤيا الصادقة في أضرحة الأئمة والأنبياء (ع) والمساجد والحسينيات وغيرها كثير . وكل هذه الأنواع من الكشف والرؤيا الصادقة هي آيات إلهية لأنها لا تكون إلا بأمر الله وبمشيئة الله سبحانه وتعالى ، ويقوم بها ملائكة الله سبحانه وتعالى وعباده الصالحين،  الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. فهذه الآيات حجة بالغة لله... فهذه الآيات حجة دامغة ، سواء على أصحابها أم على الناس القريبين منهم والمعاشرين لهم ، أو على الأقل فهي على غير أصحابها إن لم تكن حجة لكثرتها ، فهي سبب يحفزهم بقوة للبحث في الدعوة الإلهية وتصديق الرسول الذي أرسل بها ، ولكن مع الأسف معظم الناس سيبقون غافلين عن الآيات الملكوتية...

الآية الجسمانية المادية: وهي آخر العلاج وآخر العلاج الكي ، مع أن الكي للحيوان لا للإنسان... وفي هذه المرحلة الأخيرة من الآيات أي مرحلة الآية المادية يكون العذاب مرافق(مرافقاً) للآية. قال تعالى:هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. (الأعراف: 73) فبمجرد التكذيب بهذه الاية واتخاذ موقف مضاد ينزل العذاب...إذا تمت أسباب العذاب وكذب الرسول و استهزأ به القوم وخصوصاً علماء السوء ومقلدوهم العميان ، بدأت مرحلة جديدة وهي مقدمات العذاب وهي كمقدمات العاصفة الهوجاء.. وهؤلاء الشاذين(الشاذون) علماء الضلالة غير العاملين ، وأتباعهم أصحاب الجمعيات اللاخيرية ، وغيرهم لعنهم الله وأخزاهم وأظهر عارهم في هذه الحياة الدنيا وكللهم به على رؤوسهم العفنة ، يقومون باستغلال الأرملة والمساكين لتحصيل الأموال وجمعها ، ثم نهبها باسم هؤلاء المظلومين المستضعفين ، وإذا أعطوهم منها فالقليل وبأساليب رخيصة ، ووالله إني لأستحي أن أصرح بها وأعجب كيف يفعلها هؤلاء الأراذل قوم لوط في هذا الزمان ، فأحدهم سود الله وجهه في الدنيا والآخرة عمره ناهز الستين تأتيه امرأة فيغلق عليها الباب ويدعوها إلى الفاحشة باسم المتعة ) !

أحمد الحسن

26/صفر/1425 هـ.ق- النجف الأشرف

أقول: لاشك في وجود الرؤيا الصادقة ، وأنها حجة شرعية وكاشفة عن واقع ، وقد ذكر القرآن منها رؤيا نبي الله إبراهيم( عليه السلام ) بذبح إسماعيل’، و رؤيا نبي الله يوسف( عليه السلام )   ورؤيا نبينا(صلى الله عليه وآله ) بفتح مكة: لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ.. ورؤياه لاثني عشر قرداً من قريش ينزون على منبره يضلون أمته: وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا. (الإسراء:60).

كما لاشك في وجود الرؤيا الكاذبة وتسمى أضغاث أحلام ، كما تسمى الأحلام ، ففي الكافي بسند صحيح:8/90، عن الإمام الصادق( عليه السلام ) قال: (الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من الله للمؤمن ، وتحزين من الشيطان ، وأضغاث أحلام ) .

وفيه أن أبا بصير سأل الصادق( عليه السلام ) : (جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟! قال: صدقت ، أما الكاذبة المختلفة فإن الرجل يراها في أول ليلة في سلطان المردة الفسقة ، وإنما هي شئ يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها ، وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة وذلك قبل السحر ، فهي صادقة ، لا تختلف إن شاء الله ، إلا أن يكون جنباً أو ينام على غير طهور ، ولم يذكر الله عز وجل حقيقة ذكره ، فإنها تختلف وتبطئ على صاحبها) . ومعناه أن الوقت وحالة الشخص مؤثران في نوع الرؤيا .

وقد عقد الحر العاملي في الفصول المهمة:1/691 ، باباً بعنوان: أنه لا يجوز العمل بالمنامات في الأحكام الشرعية. وفيه قول الإمام الصادق( عليه السلام ) : (ما تروى هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك في ماذا ؟ فقال: في أذانهم وركوعهم وسجودهم؟ فقلت: إنهم يقولون  إن أبي بن كعب رآه في النوم فقال: كذبوا ، فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم... الحديث ) .

كما روى قول الإمام الصادق( عليه السلام ) للمفضل بن عمر: (فَكِّرْ يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها ، فمزج صادقها بكاذبه ، فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء ، ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة بل كانت فضلاً لامعنى له ، فصارت تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي بها أو مضرة يحذر منها ، وتكذب كثيراً لئلا يعتمد عليها كل الإعتماد ).

وختم بقوله: وتواترت الروايات بأن بعض الرؤيا صادق وبعضها كاذب وتواترت أيضاً بوجوب الرجوع في جميع الأحكام الشرعية إلى أهل العصمة.

أقول: ما دامت رؤيا غير المعصومين(عليهم السلام)  ، لايعلم أنها صادقة أم كاذبة ، فلا يمكن الجزم بأنها صادقة والعمل بها !

وما دامت الروايات متواترة عن أهل البيت(عليهم السلام) على عدم حجية الرؤيا في إثبات الأحكام الشرعية ، فعدم حجيتها في العقائد بطريق أولى .

فإن قلت: ألم يقل النبي(صلى الله عليه وآله ) : (من رآني في منامه فقد رآني ، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة واحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة ). (من لايحضره الفقيه:2/585).

فالجواب أولاً ، أن الشيطان لايتمثل بصورة النبي(صلى الله عليه وآله ) والمعصوم والمؤمن ، لكن قد يتمثل بصورة ما ويقول للرائي إنه المعصوم أو المؤمن الفلاني !

فلا بد إذن أن يعلم الرائي أن الصورة التي رآها للمعصوم( عليه السلام ) في منامه مطابقة تماماً لصورة المعصوم الواقعية ، وهذا يتوقف على معرف الرائي أوصاف المعصوم معرفة دقيقة ، وأن تكون منطبقة على صورة الذي رآه في المنام !

ومن الممكن لنا أن نعرف ملامح صورة النبي(صلى الله عليه وآله ) وعلي والإمام المهدي’ ، أما بقية الأئمة(عليهم السلام) فيصعب ذلك لتضارب الروايات وقلتها .

ومع كثرة ما سمعت من منامات الرائين، فقد كنت أسأل أحدهم عن ملامح المعصوم الذي رآه فيقول إنه لم يرها ، أو أنها لا تنطبق على ملامح المعصوم الذي قال إنه رآه ! فلا تكاد تجد مناماً تتوفر فيه شروط الصحة .

هذا إذا غضضت النظر عن شخصية الرائي وظروفه وظروف منامه !

والجواب ثانياً ، أنه إذا تمت شروط الصحة في المنام ، يمكن الإستفادة منه في غير الأحكام الشرعية والعقائد، لما عرفت من تواتر الأحاديث على عدم حجية الرؤيا فيهما. وأكبر فائدة للمنام الأمل والتفاؤل ، ولذا سمى النبي(صلى الله عليه وآله ) المنامات الحسنة بالمبشرات .

ففي الكافي:8/90، بسند صحيح عن الإمام الرضا( عليه السلام ) قال: ( إن رسول الله(صلى الله عليه وآله )  إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشرات؟ يعني به الرؤيا ).

وعليه: فلا طريق لمعرفة أن هذاالدجال  أو غيره رسول الإمام المهدي( عليه السلام ) من المنام ، لأن ذلك من العقائد ، بل لايمكن أن نعرف بالمنام أنه صادق أو كاذب أو مؤمن أو فاسق ، ولا إثبات أي صفة له أو لغيره ، لنرتب عليها حكماً شرعياً !

فإن قلت: إن سيرة الأئمة(عليهم السلام) والمتشرعة ومنهم العلماء الكبار ، أنهم يهتمون بالرؤية في المنام ، ويرتبون عليها الآثار ؟

فالجواب: وقد ورد وصف رؤيا المؤمن بأنها واحد من سبعين جزءً من النبوة ، ووردت صفات لأصحاب الرؤيا الصادقة ، لتمييزها عن أضغاث الأحلام ، وتأثيرات الشيطان ، والخيالات الفاسدة .

لكن كل ذلك يبقى خارج نطاق الأحكام والعقائد ، وتبقى حالات الرؤيا الصادقة قليلة جداً وأصحابها الذين تنطبق عليهم صفات أهل الرؤيا الصادقة أقل عدداً .

فمن أين لمثل هذا الدجال ومن يخدعهم بمثل هذه الرؤيا ، وإن توفرت لهم فلا يصح أن يستعملوها دليلاً على صدقه ، فضلاً عن وجوب اتباعه وبيعته وفدائه بالمال والعرض والنفس والدم !

هذا ، وقد انتقدني هذا الدجال لأني اعتبرت رؤية المعصوم في المنام لاتفيد غالباً أكثر من الظن . فقال في جوابه على سؤال في موقعه: (والشيخ علي الكوراني عندما سأله أحدهم في قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية...وأكمل إجابته بأنه لا يعتمد على ظن ، فالظاهر أن الرؤيا بالمعصوم (ع) عند الشيخ علي الكوراني في أحسن أحوالها ظن ! سبحان الله ، هم لايجعلون البحث عن الحقيقة هدفهم ، بل يحاولون التكذيب بأي طريقة حتى وإن كانوا غير مقتنعين بها ! فمع أن قضية الإمام المهدي (ع) مرتبطة ارتباط وثيق بالرؤيا... ومع ذلك يحاولون بكل طريقة إهمال هذا الدليل الملكوتي العظيم ، وهو الرؤيا والتي صدقها واعتمدها القرآن والرسول والأئمة ) .

أقول: يخلط هذا المبتدع عن عمد بين رؤيا المعصوم( عليه السلام ) كالتي وردت في القرآن وبين رؤيا شخص للمعصوم ، ولا يعلم أن ملامحه كانت بصفاته ، وبين الرؤيا العادية الصادقة والكاذبة ، فيعتبر الجميع دليلاً ملكوتياً وحجة شرعية .

ولو صح أن كل رؤية دليل ملكوتي لوجب هذا المبتدع  أن يلغي دعوته ويقفل دكانه ، لأن بعضهم رآه على صورة شيطان يلبس قطيفة حمراء !

نقض استدلاله بالإستخارة لإثبات بدعته !

تطلق الإستخارة في أحاديث النبي(صلى الله عليه وآله ) والأئمة(عليهم السلام) على معان ، منها:

1- أن تدعو الله تعالى أن يختار لك الخير في أمورك ، أو في عمل تنوي القيام به ، وفي بعض أحاديثها الغسل وصلاة ركعتين ، ثم الدعاء .

2- أن تدعو الله تعالى أن يهدي قلبك الى الإختيار الصائب في عمل تريد القيام به  فتصلي أو تقرأ دعاء ، ثم تنظر ما يلقي الله في قلبك ويشرح له صدرك ، فتعمل به .

3- أن تنوي الأمر ، وتدعو الله تعالى وتفتح القرآن وتنظر في أول آية في الصفحة اليمنى ، فإن كانت أمراً بخير أو مدحاً أو وصفاً للجنة مثلاً ، فهي جيدة وتعمل بها . وإن كانت نهياً أو تحذيراً أو ذماً فهي غير جيدة .

وهذا النوع من الإستخارة هو الشائع ، وبعضهم يستخير بالسبحة فيدعو الله ويقبض قبضة من حباتها ويحسبها اثنتين اثنتين ، فإن بقيت واحدة فهي جيدة ويعمل بها ، وإن بقيت اثنتان فهي غير جيدة ولا يعمل ما نواه .

ويستخير الناس عادة عند من يثقون به من العلماء أو المؤمنين ، وبعضهم يكثر من الإستخارة ويفرط فيها ، ولكنها لاضرر فيها مادامت بين أمرين أو أمور مباحة سيختار الإنسان واحداً منها ، فاختياره له بالإستخارة أفضل من اختياره بدونها .

لكن الخلل والضرر إذا استعمل الخيرة على القيام بعمل حرام أو ترك عمل واجب ، أو كان يكرر الإستخارة حتى تأتي موافقة لما يحب..الخ.

والإستخارة التي يدعو اليها هذا الدجال هي: أن تدعو وتفتح القرآن فإن خرجت آية أمر بخير أو مديح للأنبياء والمؤمنين ، أو وصف للجنة ، فيجب أن تعمل بها وتؤمن به وتبايعه ! وإن خرجت نهياً أو ذماً لأشرار أو وصفاً للنار وتحذيراً منها ، فعذره حاضر بأنك لم تخلص النية ، وعليك أن تعيد الإستخارة وتكررها حتى تخرج موافقة لهواه ! وهذه الإستخارة غير مشروعة لأن فيها عدة مخالفات:

فهي استخارة على العقائد ، والإستخارة لاتُشْـَرُع على الأحكام الشـرعية فكيف بالعقائد ، كما لاتصح على فعل حرام أو ترك واجب .

وطلب هذا المضلل أن يبايعوه على طاعته وفدائه بكل شئ ، يتضمن الدخول في عقيدة جديدة ، وارتكاب المحرمات وترك الواجبات من أجلها !

وقد رأينا ما أمر به أنصاره في شهر محرم الماضي في البصرة والناصرية وغيرهما من قتل للناس لمجرد أنهم لايؤنون بطاغيتهم !

إشكالية الغيبة ونقض الغرض الإلهي

$
0
0
 إشكالية الغيبة ونقض الغرض الإلهي

انّ حاجة المجتمع البشري إلى الإمام أمر اقرّ به العقل وأيدّه النقل، وذلك لأنّ المجتمع دائما وفي جميع حالاته بحاجة ماسّة إلى من ينظّم شؤونه ويقرّبه من الطاعة ويبعده عن المعصية والوقوع في الضلال.  وهذا ما اطلق عليه الأمامية (قاعدة اللطف)، فإنّ العقل يحكم بأنّ الله تعالى لم ولن يترك هذه الأمّة سدى، فلابدّ أنْ ينصب لهم اماما هاديا يهديهم الى سبيل النجاة ويبعدهم عن طريق الضلال. وإلاّ لانتفى الغرض الإلهي.

انّ حاجة المجتمع البشري إلى الإمام أمر اقرّ به العقل وأيدّه النقل، وذلك لأنّ المجتمع دائما وفي جميع حالاته بحاجة ماسّة إلى من ينظّم شؤونه ويقرّبه من الطاعة ويبعده عن المعصية والوقوع في الضلال.
وهذا ما اطلق عليه الأمامية (قاعدة اللطف)، فإنّ العقل يحكم بأنّ الله تعالى لم ولن يترك هذه الأمّة سدى، فلابدّ أنْ ينصب لهم اماما هاديا يهديهم الى سبيل النجاة ويبعدهم عن طريق الضلال. وإلاّ لانتفى الغرض الإلهي.
فلذا اقتضت الحكمة الإلهية أنْ يجعل الله تعالى اثني عشر خليفة من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يحكمون بين الناس بالعدل، ويقيمون شرع الله تعالى. بدءاً بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وختاماً بالإمام صاحب العصر والزمان. عليه السلام
لكننا نجد أنّ بعض المشككين قد وقف موقفا صارما أمام هذا المعتقد، وبدأ ينقض ما استدلّ به علماء الإمامية على وجوب نصب الإمام، وذلك من خلال الاعتقاد (بغيبة الإمام الثاني عشر عليه السلام)، فيقول كيف يمكن لإمام غائب أنْ ينظّم شؤون هذا المجتمع ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقيم الحدود والتعزيرات، أليس هذا ناقضاً للغرض الإلهي، بل هو عكسه تماماً!
والإجابة على ذلك يمكن أنْ نبينها من خلال عدة وجوه:
الوجه الأول: الغيبة مخطط بشري لا سماوي.
إنّ غيبة الامام ليس مخططا سماويا حتى يمكن أن تنقض الغرض الإلهي، بل انها حصلت بمخطط بشري بحت، فإنّ الله تعالى لمّا نصب الإمام عليه السلام لم يكن الهدف من ذلك أنْ يغيّبه عن الأمّة، ولكنّ الأمّة إذا رفضت وانكرت إمام زمانها جاز لله تعالى أنْ يرفع عنها بعض لطفه...
وذلك واضح من خلال التتبع لسيرة الأنبياء والرسل عليهم السلام بدأَ بسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ أهل مكة لمّا رفضوا وانكروا نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتآمروا على قتله اقتضت الحكمة الإلهية انْ يرفع الله تعالى عن هذه الأمّة بعض لطفه وذلك من خلال هجرته إلى المدينة المنورة.
وكذلك ما حصل ليوسف عليه السلام، فإنّه قد غاب عن قومه سنين عديدة، ولم تكن غيبته ناقضة للغرض الإلهي، لأنّ الأمة هي التي رفضت إمام زمانها، ووقفت بوجهه ورمته بالبئر، وادّى ذلك إلى أنْ يرفع الله عنهم ذلك اللطف لعلهم يرجعون إلى صوابهم في فترة من الزمن، وهذا ما حصل بالواقع حيث أنّهم لمّا احسّوا بخطئهم اتّجاه اخيهم وإمام زمانهم توجّهوا مباشرة إلى أبيهم يعقوب قائلين له (قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ).
وعندما ننظر إلى مسألة موسى عليه السلام نجد أنّ الله تعالى يقول (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فهذه الآيات تبيّن لنا وبكل وضوح كيف أنّ الأمّة قد رفضت إمام زمانها وعزمت على قتله فاقتضت الحكمة الإلهية أنْ يرفع عنهم بعض لطفه وذلك بغيبته عنهم، وأنْ يكون تحت ستار الخفاء، ولم تكن تلك الغيبة ناقضة للغرض الإلهي، بل عندما توفرت الأرضية الملائمة لموسى عليه السلام ظهر لقومه وانتصر على فرعون وجنوده وأمّنَ للأمّة آنذاك حرية الحركة والانطلاق واخرجهم من الظلمات إلى النور.
وكذلك حينما أرادوا قتل عيسى عليه السلام وصلبه، رفعه الله تعالى إليه، فحرموا أنفسهم من بركات وجوده، وسيعود إليهم حين يكفّون عن مناوأته، ويأمن جانبهم، ويتمكّن من القيام بواجبه، وما أوكله الله تعالى إليه.
وهذا عينه ما حصل للإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام فالأمّة هي التي رفضته وكادت أنْ تقتله لولا رعاية الله تعالى له.
الوجه الثاني: عدم انحصار الغرض الإلهي بالتبليغ
إنّ الغرض الإلهي من نصب الإمام غير منحصر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا بنشر الاحكام واقامة الحدود وغيرها، فإنّ هذه الأمور إنّما هي واجب العلماء بعد الغيبة كما ورد عن الإمام عليه السلام ( فامّا الحوادث الواقعة فارجعوا بها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم )، بل إنّ الغرض من نصب الإمام عليه السلام هو حفظ الدين، فقد ورد عن أبي حمزة: قال: (قلت لابى عبدالله عليه السلام أتبقى الارض بغير إمام؟ فقال: لو بقيت الارض بغير إمام لساخت).
وكذلك الشهادة على الأعمال، فإنّ الإمام شهيد على أعمال الخلائق كما في قوله تعالى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين)، فقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام (في قوله ويوم نبعث في كل امّة شهيدا قال: نحن الشهود في هذه الأمّة). وكذلك إنّ وجود الإمام عليه السلام ومعرفته والإقرار بولايته وطاعته يضمن للإنسان الموت على الهداية وطريق الحق، فقد ورد في كتب العامة والخاصة (أنّه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية).
الوجه الثالث : سر القوة في الخفاء والتستّر
إنّ معنى الغيبة ليس في مقابل الحضور بل في مقابل الظهور، فهي بمعنى الخفاء والتستر، لا بمعنى الزوال والابتعاد، وعلى ضوء المعنى الصحيح، اي الخفاء والتستر فانه عليه السلام يمارس دوره لتدبير النظام البشري في ضمن ادراة وتدبير خفيّ، يخفى على الانظمة البشرية مهما كانت تلك الانظمة قوية وعملاقة، فإنّ عنصر الخفاء هو سر القوة والقدرة في تدبيره. وقد أشار لهذا المعنى الشيخ السند في بعض كتاباته.

الشیخ وسام البغدادی

نهج أهل البيت عليهم السلام وثقافة التعايش

$
0
0
نهج أهل البيت عليهم السلام وثقافة التعايش

قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: «كلكم لآدم وآدم من تراب».الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).خلق الله الكون وفق منهج التنوع بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات والجماد والملائكة والأفلاك والمجرات واللغات والألوان والألسن والأديان.

الباحث الإسلامي: صاحب مهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: «كلكم لآدم وآدم من تراب».
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
خلق الله الكون وفق منهج التنوع بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات والجماد والملائكة والأفلاك والمجرات واللغات والألوان والألسن والأديان.
وهذا الاختلاف والتنوع ـ سواء كان فطرياً كالأعراق والقوميات والشعوب والألوان (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) و (اختلاف ألسنتكم وألوانكم)، أو كان اختيارياً واكتسابياً كانتخاب الدين والفكر والثقافة والسلوك ـ ضروري لاعتبارات عدة.
أولاً: الاختبار الإلهي، باعتباره يخدم حكمة الله سبحانه وتعالى في ابتلاء البشر بالنعم التي أسداها، أمثال نعمة العقل والقوة والمال.
ثانياً: إدراك عظمة الخالق، فالإنسان عبر التنوع يدرك عظمة الخالق وجمالية الكون.
ثالثاً: إثراء التجارب، فعبر هذا التنوع يستطيع الإنسان الاستفادة من نقاط قوة الآخرين واجتناب نقاط ضعفهم في بناء الصرح الحضاري.
رابعاً: معرفة قيمة التعايش: فعبر التنوع يستطيع الإنسان أن يدرك معنى التعايش والتسالم وهو الفطرة والطبيعة البشرية المبنية على التفاعل لقضاء الحوائج وحل المشكلات، باعتبار أن منطق العقل والدين يدعوان إلى الانسجام والاحترام المتبادل، وإن حكمة الله تعلى اقتضت جعل الخيرات في الكون تحت تصرف الجميع (والأرض وضعها للأنام)، ومن العسير على الإنسان والتقوقع والإنزواء خاصة مع تلاشي الحدود وانتشار العولمة وجعل العالم قرية واحدة على حد تعبير عالم الاجتماع الكندي (مالك لوهان) الذي صاغ هذا الاصطلاح أثناء الحرب الأمريكية الفيتنامية، قال: ستخسر أمريكا الحرب، لأن هذه الحرب تحولت إلى حرب تلفزيونية، والتلفزيون بدوره قد حول العالم إلى قرية عالمية، وسكن هذه القرية لم يسمحوا للولايات المتحدة على مواصلة قصف فيتنام إلى ما لا نهاية.

التقوقع لن يفيدنا:

وكان نظر (مالك لوهان) إلى علاقات القرية وتقاليدها الإنسانية، ولكن (برجنسكي) مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق (جيمي كارز)، حول هذه الفكرة لصالح أمريكا، واعتبرها فرصة أمام أمريكا لتقدم للعالم نموذجاً كونياً للحداثة، معتمداً على قدرة أمريكا على التسويق، حيث أنها تسيطر على 60% من الإعلام العالمي.
ومقصودنا من التعايش هو المفهوم الإسلامي، الذي يدل على وجود أرضية مشتركة بين الأطراف والبحث عن الحقيقة الموجودة في ثنايا الكليات. وقد أكدت روايات أهل البيت عليهم السلام على التعايش، يقول الإمام الباقر عليه السلام:(صلاح شأن الناس التعايش) وإن شخصاً دعا بحضور الإمام السجاد عليه السلام قائلاً: اللهم أغنني عن خلقك، فلما سمع الإمام كلامه رد عليه قائلاً: ليس هكذا الناس بالناس، ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار خلقك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل:(رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كل أحد برز وفاجر).
وليس مقصودنا من التعايش المفهوم الغربي الذي يدل على التعايش مع شيء رغم الاعتقاد أنه شر وخاطئ ويدل على التنازل من الضعيف للقوي.
لقد أقر الدين الإسلامي الحنيف مبدأ التعايش لعالميته ورحمته (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وسعة حرياته (يضع عنهم أصرهم والأغلال التي كانت عليهم)، وإقراره بحقوق الآخرين خصوصاً الدينية، والنهي عن مصادرة تلك الحقوق (لا إكراه في الدين)، وبطلبه من الناس تحري الحقيقة، وهذا التحري والبحث والتمحيص يقتضي التعايش ـ ولو بنسبة ما ـ ولحكمة الله سبحانه فقد علق الجزاء يقسميه ثواباً وعقاباً بالآخرة، واعتبار أن الدنيا دار بلاء وامتحان، فهذا التعليق والاعتبار يمنح الإنسان مساحة كبيرة من التسالم والتعايش والألفة والمحبة.
والخلاصة: أن التعايش له موضوعية وطريقة، باعتباره حسن بذاته، وكونه وسيلة لتحقيق أمور أخرى صالحة بذاتها كالحرية والعدالة ومعرفة الحقيقة.

الناس صنفان إما أخ لك أو نظير:
على ضوء كلام أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر:(الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، كيف يمكن رسم خطة أو بناء أساس للتعامل بين الاثنين؟ ما هي حدود التعامل وأبعاده وملابساته؟
كيف يمكن التوفيق بين الأصالة ـ الأنا ـ الموجودة في الدين وبين التبعية ـ الآخر ـ الموجودة في الخلق؟
هل النظارة في الخلق إشارة إلى البعد الإنساني، والأخوة في الدين وإشارة البعد الإيماني؟ وعند الاختلاف في الاعتبارات الإنسانية لمن يكون المرجع؟ هل الاعتبار الإنساني يحدد الدين أو العقل؟
فبعد انتشار العولمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً وتقنياً، وتنميط العالم وطمس هويات دوله وخصوصياتها وتقويض سيادتها واستقلالها، وبعد عزف الدول الغربية على وتر التعايش وحقوق الإنسان وإطلاق الحريات ونشر الديمقراطية، وبعد نشر الغرب قواعده العسكرية في كثير من البقاع، واحتلاله لبعض البلدان الإسلامية كأفغانستان والعراق، وبعد انتشار ظاهرة الإرهاب والهجمة الشرسة ضد أتباع أهل البيت عليهم السلام في الباكساتان والعراق ومن قبل في أفغانستان، والتنسيق بين بعض الحكام والتجار لمنع انتشار فكر أهل البيت عليهم السلام، وسياسة الإقصاء المبرمجة في الجانب السياسي والاقتصادي والإداري في بعض الدول الخليجية.

الكل راع:
هناك سؤال يطرح نفسه، ماذا يجب أن نعمل لنشر فكر أهل البيت عليهم السلام في هذه الظروف والتغيرات؟
وفي الجواب نقول:
أولاً: السعي لأن تكون لنا إرادة حقيقية وجدية لنشر فكر أهل البيت عليهم السلام ـ مراجع وعلماء ومفكرون  وخطباء وتجار ـ من منطق (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، فالإرادة هي الأساس لكل حركة تغيير وإصلاح عبر التاريخ ولعامل الإرادة قوانينه وأنظمته الذاتية من الحس بتحمل المسؤولية نفسياً واجتماعياً ودينياً ومن إرادة التحدي.
ثانياً: التركيز على العراق باعتباره مركز الانطلاق الفكري والإشعاع الحضاري والعمق الإستراتيجي لأهل البيت عليهم السلام، وبوابة الخليج بل الشرق الأوسط على حد تعبير الأمريكان، حينما أرادوا طرد البريطانيين والفرنسيين من المنطقة، ففي بداية الثلاثينات من القرن الماضي طلب الحكومة الأمريكية من مراكز الدراسات أن تقدم مقترحاتها عن سبل احتلال الخليج، وبعد سنتين قدمت مائتي دراسة، اختارت الحكومة إحدى الدراسات القائلة بأن العراق بوابة الخليج، ومنذ ذلك الوقت سعت الحكومة الأمريكية إلى تطوير علاقاتها مع بعض التجار وبعض المسؤولين من الدرجة الثانية في العهد الملكي، وتنامت هذه العلاقات في نهاية الستينيات.
فعلينا: 1ـ أ: إما أن نجعل من العراق الذي تضمن فيه حقوق كل المواطنين بلا استثناء نواة لتوحيد العالم الإسلامي كما فعل (بسمارك) في توحيد ألمانسا عبر ترويج المصالحة بين الطوائف والقضاء على بؤر التوتر وإعادة بناء الثقة.
ب: أو التركيز على نشر فكر أهل البيت عليهم السلام في جميع أنحاء العراق عبر وضع خطة خمسية، يشترط فيها إعادة المناهج الدينية إلى المدارس وكتابة مادة التاريخ على أساس الأكثرية وليس على أساس فهم عرقي.
ويشترك في تحضيرها السياسيون والدينيون، ويخصص جزء من عائدات البترول ومن أموال العتبات المقدسة وأموال المرجعية لهذا الغرض.

أهداف أمريكية:

2ـ أن نعرف سياسة أمريكا في الشرق الأوسط وفي العراق خاصة، لأنها المعنية وحدها برسم خارطة الشرق الأوسط بما يتفق ومصالحها، فإذا عرفنا سياستها فإنه يمكن لنا أن نتحرك على ضوء ذلك بما ينسجم مع مصالح شعبنا ووطننا ومبادئنا، بدون الخروج عن الحدود التي يفرضها الشارع المقدس.
إن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط مبنية على:
1ـ ترسيخ سبقها الاستراتيجي.
2ـ ضمان عقود الإعمار لشركاتها العملاقة.
3ـ تأمين قواعد عسكرية دائمة لها.
4ـ الوصول إلى منابع النفط والغاز ومناجم الذهب والفضة ونحو ذلك.
5ـ السيطرة على اقتصاد السوق.
6ـ ضمان حرية وصول رأس المال الخاص من دون عوائق إلى الخدمات العامة ما يعني أن تصبح استثمارات القطاع العام في حالات كثيرة غير قانونية.
7ـ إدارة الخدمات العامة بهدف الربح للقطاع الخاص وليست لتأمين احتياجات المجتمع.
أما سياسة أمريكا في العراق فعلينا أن نعرف:
هل تريد خلق نظام غير مستقر قوامه الفوضى والبعث الإداري كما يدعي ذلك البعض: إن الحرب في العراق تزعزع الشرق الأوسط وهذا ما يحتاج إليه الشرق الأوسط؟ أو تريد استتباب الأمن وخروجها من العراق مع الحفاظ على مصالحها كما يرغب به (كسنجر) حيث قال:(إنه يعارض احتلال دولة إسلامية في عمق العالم الإسلامية فترة طويلة؟).

ماذا تريد من العراق:
من المسلم بأن أمريكا تريد محاكمة قادة الحكم في العراق بتهم ارتكاب جرائم حرب إضافة إلى استخدام عائدات النفط لتمويل إعادة الإعمار، وإبقاء الاحتلال بعدم تحديد جدول زمني للانسحاب، وفرض معاهدات على العراق لحماية نفوذها في المنطقة كما فعلت بريطانيا إبان العهد الملكي، وتأسيس كيانات سياسية واقتصادية بما يتفق مع مطالبة العولمة ومنظمة التجارة العالمية، وإعادة هيكلية الاقتصاد وفق مصالح رأس المال الأمريكي، وتسليم جميع المؤسسات التي تمولها الدول الأخرى إلى شركات صديقة لأمريكا، وإعادة هيكلية العراق كقاعدة للسيطرة على نفط الشرق الأوسط، وخصخصة الشركات ـ جعلها خاصة ـ التي تملكها الحكومة العراقية.
علماً أن أغلب هذه الأمور لا تخدم الديمقراطية ولا حقوق الإنسان ولا الرفاه الإجتماعي ولا سيادة العراق.
ما العمل؟:
أولاً: العمل على إفشال هذه المخططات من خلال كشفها في المجالس والحسينيات والمساجد بإشراف المراجع العظام.
ثانياً: إيجاد آلية لربط العراقيين بأحداث العراق سواء عبر المجالس الحسينية المنعقدة أو عبر وسائل الإعلام ومنها القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت، بحيث نجعل المسلمين خارج العراق يفرحون لفرح الشعب العراقي ويحزنون لحزنه.
ثالثاً: تفعيل الفكرة التي طرحها الإمام الشيرازي الراحل قدس سره في توسيع قاعدة فكر أهل البيت عليهم السلام لتشكل قوة مؤثرة في الغرب يقوم بالتنسيق والتحالف تارة والضغط تارة أخرى لضمان حقوق المسلمين في العالم.
رابعاً: الدعوة لعقد مؤتمرات وندوات في البلدان التي يتواجد فيها أتباع أهل البيت عليهم السلام، كأقليات ـ حسب الأماكن ـ لبحث آلية النهوض في كل بلد على حد باعتبار أن لكل بلد خصوصيته وتقاليده وطرق تفكيره واهتماماته وأولوياته.
أن ندرس ماذا يجذب كل شعب من فكر أهل البيت عليهم السلام هل الجانب الأخلاقي أم التربوي أم الروحي مثلاً: البوذية ظهرت في الهند وانتشرت في الصين لوجود العنصر الأخلاقي ـ الرحمة والشفقة ـ فيها، الذي يتناغم مع الحاجات الدينية للشعب الصيني الذي كان سابقاً يعتنق (الكونفوشية).
خامساً: تأسيس منظمة أهل البيت عليهم السلام لحقوق الإنسان معترف بها دولياً ولها فروع في البلدان وتتعاطى مع المنظمات الأخرى، وإنشاء آلية للتعاطي مع الشكوى والانتهاكات التي يتعرض لها محبي أهل البيت عليهم السلام في العالم ويكون من حق هذه المنظمة الحكم على ما تفعله الحكومات ضدهم.
سادساً:دفع عجلة الحوار السياسي بين فكر أهل البيت عليهم السلام والدول الغربية لرفع الشبهات التي تطرح هنا وهناك، من أن محبي أهل البيت عليهم السلام يسببون متاعب للأمريكان لإعادة هيكلية العراق كمجتمع ديمقراطي أو تحويل العراق إلى دولة إسلامية تكون على النقيض من نظام صدام العلماني أو موافقة للنمط الإيراني.

لماذا فكر أهل البيت عليهم السلام:
أن نركز في هذه الحوارات:
1ـ أن فكر أهل البيت عليهم السلام يسعى لإيجاد تيار الاعتدال في العالم الإسلامي وبعبارة أخرى باستطاعة فكر أهل البيت عليهم السلام عقلنة المشروع الإسلامي ودفعه إلى الوسيطة.
2ـ أن التمايز الديني لا يؤثر في الاحترام المتبادل ومكارم الأخلاق وتكافل والحقوق الإنسانية.
3ـ أن فكر أهل البيت عليهم السلام يستوعب الشعوب وثقافاتها وكذا القوميات لذا نشاهد أتباع أهل البيت عليهم السلام ينتشرون في جميع القارات أي إن له ديناميكية خاصة تتفاعل مع المتغيرات المختلفة.
4ـ أن نركز على أن أتباع أهل البيت عليهم السلام هم ضحايا الإرهاب الحكومي أو الطائفي وأن ندول مظلوميتهم.
سابعاً: توسيع علاقاتنا العامة والدولية بما يخدم فكر أهل البيت عليهم السلام، باعتبار أن العلاقات علم يدرس سلوك الأفراد والجماعات دراسة موضوعية، بغية تنظيم العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والمحبة والتفاهم والقناعة المتبادلة.

إعلامنا ما به:
ثامناً: رفع النواقص الإعلامية والتي تتجسد:
1ـ عدم استخدام اللاعنف الذي هو الشعار الروح لمقاومة البدن.
2ـ تهافت المنهج، والذي يظهر من عدم نشر مناهج الإسلام في جميع الأبواب ولو نشر يكون بطريقة غير ملائمة وغير مواكبة لفهم الناس.
3ـ ضعف نزاهة العاملين بالتكالب على حطام الدنيا.
4ـ عدم المقارنة بين القيم ومقصودنا من القيم ما يتخذه الإنسان ويعتبره قيمة لأجل الوصول إلى أهدافه المادية والمعنوية في الحال والمستقبل.
فهناك ثلاث قيم:
أ ـ قيمة العقيدة كالمقارنة بين التوحيد والتثنية التي يؤمن بكل واحد فريق.
ب ـ قيمة الأخلاق كالمقارنة بين الصدق والكذب وبين الشجاعة والجبن وما أشبه.
ج ـ قيمة العمل كالمقارنة بين الأفعال والسلوك أيهما أفضل أداء العبادات أن تركها، الزواج أم الزنا وهكذا.
فهل للإعلام دور في نشر اللاعنف ونشر المنهج والمقارنة بين القيم؟
تاسعاً: إنشاء مؤسسة يقع على عاتقها نشر فكر أهل البيت عليهم السلام في العالم، فإن شعوب العالم لا تعرف الكثير عن منهج أهل البيت عليهم السلام ولو عرفت فمن خلال الشبهات التي تطرح هنا وهناك أو من خلال إشاعات أهل الخلاف أو التشويه الذي يمارسه الإرهابيون باعتبار مشاركتهم لنا في الدين الإسلامي.

مفاهيم حيوية:
ويلزم التركيز على المفاهيم الحيوية للإسلام كالعدل والسلام والمحبة والتعايش ومفهوم الحياة واحترام الحقوق والقيم الروحية والأخلاقية واستيعاب معارف الشعوب أي ديناميكية تطور فكر أهل البيت عليهم السلام وتفاعلها مع الشعوب.
ويكون من مهام هذه المؤسسة تربية كادر خطابي وحواري قادر على مهمة الخطاب الإقناعي، قادر على التحليل والنقد ودحض الشبهات وإبطال الحيل وأن ينظر إلى فقه الواقع وأن ينطلق من موقع التسامح والرحمة دون التكفير، وأن يميز في الحوار بين الجهات ثلاث: الإخوة الأعداء، الخصوم الأعداء، الأعداء الأعداء وأن يلاحظ في الخطاب ما يعد شأناً داخلياً يمكن أن يتحول عبر وسائل الإعلام إلى شأن عام وخارجي.
أن نعرف: المشاورات ومجالاتها
والمناضرات ومجالاتها:
التفاوضية ـ حول المطالب ـ
التنازعية ـ حول المواقف والآراء ـ
الفحصية ـ حول الأطروحات والمذاهب ـ
والاستهواء ـ من الهوى ـ ومجالاته المرتبطة وبالإحساس.
أن يعرف آليات المغالطة من الانزلاق:
1ـ في دائرة الحوار من معنى لآخر ومن تركيب لآخر أو لتشويش على الخصم بدفعه إلى الخطأ أو وضعه أمام خيارين فاسدين.
2ـ أو خارج دائرة الحوار عبر الادعاء بالمعرفة الكاملة أو عبر الضجيج أو شل الإرادة بتخويف الخصم أو إخراج الكلام من نسقه وسياقه أو عدم إظهار جدوائية المعاني والقيم التي يذكرها الخصم أو بيان:
أ ـ ضعف الحس النقدي عند الخصم الذي يسمى بالغلط.
ب ـ أو التهافت مع نية التضليل الذي يعبر عنه بالمغالطة.

فكر أهل البيت عليهم السلام هو الحل الأمثل:
عاشراً: مد جسور التعاون والتنسيق بين مؤسسات فكر أهل البيت عليهم السلام كما تفعل الدول، سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي أو الثقافي. ويدخل في هذا المضمار:
1ـ استثمار المواقع المعطلة أغلب الأوقات أو بعض الأوقات كما في تجربة قناة (الأنوار) مع موقع انترنيت (الحسينية الكربلائية) في الكويت.
2ـ تخصيص مساحة زمنية في المؤسسات الإعلامية (إذاعات، قنوات فضائية، مواقع إنترنت) لحمل هموم هذا الفكر والتبليغ لمذهب أهل البيت عليهم السلام، ويحتاج ذلك إلى عقد جلسات تنسيقية بين هذه المؤسسات.
3ـ السعي لاحتواء أتباع أهل البيت عليهم السلام في الخارج ضمن مؤسسات تعنى بمنهج أهل البيت عليهم السلام.
الحادي عشر: إن الفكر أهل البيت عليهم السلام يمتلك مفتاح تقدم الإنسانية وسعادتها ويتعامل مع الحقائق ويجمع بينها وبين مثالية الأخلاق ويقود الإنسان إلى الروحانية الحقيقية، فينبغي التركيز على نشر الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام عبر الكتب ومواقع الإنترنت والفضائيات وعقد مجالس الدعاء، لأننا نملك كماً هائلاً منها.
ويقترح كذلك نشر الأحاديث والروايات وترجمتها إلى اللغات العالمية وعلى الخصوص ذات البعد العقائدي والتربوي والاجتماعي والعلاقاتي.
الثاني عشر: التفعيل القانوني لتأسيس أوقاف أتباع أهل البيت عليهم السلام في الدول التي يتواجدون فيها كأقليات.
الثالث عشر: دعوة الحقوقيين العالميين لدراسة حقوق الإنسان في فكر أهل البيت عليهم السلام عبر المؤتمرات والندوات.
الرابع عشر: دراسة انعكاسات الإرهاب على وضع أتباع أهل البيت عليهم السلام لأجل عرض مظلوميتهم، وإيجاد رأي عام عالمي لصالح فكر أهل البيت عليهم السلام.
وأن ندرس كيف نوظف الصراع الغربي مع الإرهاب لصالح نشر فكر أهل البيت عليهم السلام في العالم. وتشجيع الغرب على تفكيك بؤر الإرهاب في العالم الإسلامي وتوسيع دائرة الحكام المتطوعين أو المكلفين للقضاء على التنظيمات الإرهابية.
الخامس عشر: الاستفادة من تجارب الآخرين في جانب نشر الدعوة التي تنسجم مع قيمنا ومبادئنا.
مثلاً: الخطة التبشيرية كانت مبنية في السابق على التعليم وتحولت إلى التعلم. والتركيز على حمل الإنجيل إلى كل فرد في العالم وقد وضعوا لذلك 87 خطة،منها تكلفة كل واحدة مليار دولار.

الشيعة والاعتداء على المقدسات.. البقيع وسامراء مثالاً

$
0
0
الشيعة والاعتداء على المقدسات.. البقيع وسامراء مثالاً

لا يخفى على المتتبع ما يجري في العراق من تسويات وتصفيات سياسية دولية وإقليمية ومحلية ، فأن الوضع القلق الذي ترغب قوات الاحتلال في أدامته وفرضه كواقع على المجتمع العراقي والمنطقة بشكل عام يسمح للعديد من المسارات السياسية ان تتحرك بداخله ، وفي ظل هذه الإرادات المتصارعة أو المتناغمة أو المتفاهمة تقف الطائفة الشيعية بجماهيرها البريئة التي لاتملك بعداً في هذا الاتجاه على الأغلب ، ألا اللهم جماعة يدركون مسارات اللعبة السياسية ولكن بعضهم لاتربطه بالواقع الشيعي أي رابطة سوى الطقوس الدينية من دون أي التزامات عقائدية وبعضهم متفرج ولا يدري ماذا ينتظر ، والبعض القليل يعمل ولكن من دون إمكانيات دولة ولا موارد بشرية أمام حشود من الاستراتيجيات السياسية المدعومة بالانتحاريين والنفط والأموال ..

الشيخ فاضل الفراتي

لا يخفى على المتتبع ما يجري في العراق من تسويات وتصفيات سياسية دولية وإقليمية ومحلية ، فأن الوضع القلق الذي ترغب قوات الاحتلال في أدامته وفرضه كواقع على المجتمع العراقي والمنطقة بشكل عام يسمح للعديد من المسارات السياسية ان تتحرك بداخله ، وفي ظل هذه الإرادات المتصارعة أو المتناغمة أو المتفاهمة تقف الطائفة الشيعية بجماهيرها البريئة التي لاتملك بعداً في هذا الاتجاه على الأغلب ، ألا اللهم جماعة يدركون مسارات اللعبة السياسية ولكن بعضهم لاتربطه بالواقع الشيعي أي رابطة سوى الطقوس الدينية من دون أي التزامات عقائدية وبعضهم متفرج ولا يدري ماذا ينتظر ، والبعض القليل يعمل ولكن من دون إمكانيات دولة ولا موارد بشرية أمام حشود من الاستراتيجيات السياسية المدعومة بالانتحاريين والنفط والأموال ..
ودعوني أقول ان بعض القيادات الدينية ليست بمستوى الحدث العملاق في العراق ولذلك فهي تكتفي بالابتهالات أو بعض المشاريع التي لاتصب في إطار النجاة والمواجهة السلمية.
ويضاف إلى ذلك أن النظام السابق كان قد أنهى البنى التحتية للعراق، فجميع العاملين يبدئون من الصفر ثم يتعقد العمل رويداً رويداً ولكن ذلك لايثني العزم.
نحن بصراحة في العراق أمام جبهة عدوانية شرسة للغاية نقاتل في الاتجاهات المتعددة، فكانت حربنا هذه تمثل الواقع الشيعي في العالم وقد تعلمون ذلك جيدا، فلأول مرة في تأريخ المنطقة يتدخل ملك الأردن حول الوضع الشيعي، وهكذا وزير خارجية السعودية في أكثر من خطاب، والإمارات وتخصص بعض الدول ثلاثة ملايين دولار لاحتضان مشروع إسقاط الحكومة في عاصمة دولة عربية قبل شهرين فضلاً عن مؤتمر تركيا والأردن وحواضن الإرهاب في السعودية ....
أن هذه التحركات تكشف أن الصراع في العراق أصبح إقليميا وعالمياً ولذلك صارت الحرب ضد الشيعة بحجمها العالمي الذي عليكم أن تدركوه.
ان انتصارنا في العراق يعني انتصار شيعة العالم والعكس بالعكس ولذلك صار الرهان في العراق على الورقة الشيعية.

طبيعة الحرب في عصرنا الحاضر
وخلال الخمسين عام المنصرمة كان العداء للشيعة لايعدوا عن كونه محاولة استفزازهم وأثارتهم أو إسقاطهم اجتماعيا وحرمانهم من بعض الاستحقاقات السياسية والقانونية.
إلا ان اليوم أصبح العداء حرباً مدمرة يخوضونها بعنوان القداسة والامتثال والطاعة لله تعالى ، كتلك التي خاضها أسلافهم ضد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
أنهم يذبحون بالسكاكين والشفرات اوحتى بقطعة معدنية من علب المعجون !!
ويحرقون المنازل بأهلها ، وينتهكون أعراض النساء أمام نواظر الآباء والأزواج ، ويمثلون بالإنسان فيضعون أعضائه في بطنه أو في جيوبه ،ويشوون الأطفال بالأفران ، فضلاً عن الهجمات المسلحة الكاسحة   التي قد لاتقف أمامهم قوات الاحتلال ولا الجيش العراقي وفضلاً عن السيارات والأحزمة والعبوات الناسفة ... هذه صورة عن الحرب الأهلية المباشرة مع الإنسان الشيعي واما حربهم الاستيراتيجية فهي كما يلي: 
هجمات دورية ضد أنابيب نقل النفط والناقلات والصهاريج وهذه الهجمات مدعومة بأسلحة ذات تقنية عالية مع خبراء ومهندسين ، حتى يصل الامر إلى مروحيات للإنقاذ .
ولا يخفى أن هذه الهجمات تصب في مصلحة بعض الدول المصدرة للنفط أذن فلا مانع والحال هذه ان ترعى هذه الدول مثل هذه الهجمات مادامت توفر لها الملايين من الدولارات في سوق النفط ... ، واستراتيجيا عملت عصابة القاعدة على تدجين أهل السنة وخلق اصطفاف موحد ضد الشيعة بالترغيب والترهيب ابتداءاً بالوزراء وبعض أعضاء مجلس النواب وانتهاءاً بالمواطنين ، وقد نجحوا نوعاً ما ، فمثلاً لازالت البعثات الدراسية للدراسات العليا بأيديهم والمناهج الدراسية بأيديهم كذلك فضلاً عن توزيع المطبوعات السلفية في جامعات ومدارس المدن السنية بطبعاتها الرشيقة .
واستراتيجيا أيضا عملوا تحالف مع البعثيين وتم تدجين هؤلاء في خط القاعدة ، بل وفتحوا حوارات متعددة مع القوات المحتلة لإعادة توازن القوى وما شابه ذلك .


ضرب للمقدسات:-
واستراتيجيا أيضا هو ضرب المراقد المقدسة التي تتجلى فيها العديد من الأهداف والأبعاد التي أشير إلى بعضها:
1. منها أثارة الشيعة وإخراجهم من حالة التوازن السياسي والديني وبالتالي انجرارهم وراء فلول القاعدة واستنزاف مواردهم البشرية وصرف جهودهم نحو الحرب الأهلية تاركين بناء الدولة وأعمار البلد .
2. محاولة إيجاد خرق عميق لتبقى الحالة العامة في البلاد قلقة ساخنة وبذلك تتفق هذه السياسة مع أهداف المحتل مما دعى الأخير إلى تسهيل عملية تفجير المرقد الشريف ، فقد جرى نسف الضريح تحت أنظار المحتلين بعده تم إعلان حضر التجوال داخل مركز مدينة سامراء !!
3. ومس المقدسات الشيعية بهذه الطريقة القذرة ، يمثل رسالة من بعض دول الجوار بضرورة توازن المقاعد السياسية ، وعدم التفرد بالحكم فأنهم قادرون على إيجاد عالم من القلق والزعزعة في الحياة العراقية .
4. محاولتهم إيقاف المد الشيعي من المدن السنية لتغيير الخارطة السكانية بدليل عدم نسفهم للمراقد السنية في بغداد ، فيظهر ان الدافع ليس دافعاً عقائدياً كخرافة حرمة البناء على القبور ، وإنما الدافع سياسي محض للحيلولة دون تقدم المد الشيعي في المناطق الأخرى ، ومحاولة قلع المظاهر الشيعية في المدن السنية لكيلا تبقى ذريعة لبقاء الشيعة فيها او حتى زيارتها .

هذه وغيرها من الدوافع التي نقرأها في حادث تفجير سامراء فنحن ( الشيعة بشكل عام) في خطر يهدد واقعنا المقدس وحريتنا وعقائدنا ، فمثلاً إذا تم إهمال الضغوط الدولية حول ملف سامراء فالصورة المستقبلية كالتالي :
1. تدمير المرقد شيئاً فشيئاً حتى تسويته مع الأرض
2. توسيع دائرة تفجير المراقد لتطال الكاظمية والنجف وكربلاء، ثمة بوادر في هذا الاتجاه، فأن مرقد الكاظميّن تعرض ولا يزال إلى قصف مدفعي وكربلاء والنجف تتعرض الى تهديدات حقيقية ، صحيح ان هناك إجراءات أمنية مشددة ولكن الحرب ليست سهلة .
3. في حالة بناء المرقدين في سامراء ، فانه سيبقى بشكل خجل ويدار من قبل الواجهات السنية ذات الفكر السلفي التكفيري فيكون المرقد أسيراً كما هو الحال لمرقد النبي (صلى الله عليه وآله)
وعليه فلا نملك الحرية في ممارسة العبادة هناك ، لاسيما وهو الى الآن تحت إدارة الوقف السني فالصورة المستقبلية لا تكون بهذا الشكل .



ما هي خطتنا في المستقبل؟
مما يؤسف له ان القواعد الشيعية في غير العراق لم تساهم مع الحدث الكبير الذي نتعرض له ، ولا اعني إنكار بعض المواقف ولكن أقول لم تكن بمستوى الحدث ولا بمستوى الطموح ، فنحن في كل عام نشاهد ونرى الموقف الإعلامي الدولي والجماهيري السني الذي يتضامن مع سنة العراق ، حتى وصل الأمر ان وزيراً يعلن للفضائيات أننا سنقف مع سنة العراق في حربها مع الشيعة في حال خروج القوات المحتلة
هل أقيمت معارض دولية للصور الفوتوغرافية التي تمثل المأساة الشيعية !
هل أقيمت محافل دولية للتحدث عن المظلومية ، هل مورست الضغوط على الواجهات السياسية والدينية للوقوف مع أزمة شيعة العراق الذي ترمل فيه كل يوم 100 امرأة حسب الإحصائيات ؟ وغيرها من الأسئلة الحرجة على جميع الشيعة ان يفعلوا ملف شيعة العراق ، لأنه ملفهم وأنموذج يمثلهم في كل الأبعاد أو في بعضها ، فواحدة من الخطط المستقبلية التي اقترحها هو ان نفكر في تنظيم حملات للوقوف مع شيعة العراق ثقافياً ، فنياً ، خيرياً ، إعلامياً ، عبادياً ، استثمارياً .
وأقترح ان نقيم تجمعات لإطلاق حملات التبرع لأجل أيتام الشيعة في العراق فقد نقلت الإحصائيات من وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية ان عدد الأيتام يزداد في كل شهر 200 يتيم.
يؤسفني أن تنظم بعض المغنيات حملات جمع التبرعات لأطفال البلد الفلاني والفلاني ولا ننظم نحن لذلك ، أو ننظم ولكن من دون استمرارية وفيما يتصل بحفظ المقدسات فأقترح ان ننظم حملات تعرية ضخمة في أغلب دول العالم ضد الفكر السلفي وربطه بالإرهاب الدموي من خلال الدراسات والكتب المبرمجة ، والبوسترات الكبيرة ورسوم الكاريكاتير ،. . . الخ .
ونفكر من خلال هذه الأعمال اشتراك غير الشيعة بل غير المسلمين معنا في هذه المعركة الفكرية على ان نقيمها في أكثر من موقع لكي نفتح عليهم أكثر من جهة .

سفراء الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

$
0
0
سفراء الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

تشكل السفارة عن الإمام المعصوم حدثاً تاريخياً وتنظيمياً مهماً في مسألة الاتصال بالإمام المفترض الطاعة ومن ثم تبليغ أوامره وممارسه بعض مهامه، فالسفارة العامة هي منصب رفيع وجليل ظهر آبان الغيبة الصغرى للإمام وانتهى بوفاة الشيخ علي السمري رضوان الله عليه، ولم يصل إلى رتبة السفارة إلا أربعة أشخاص وهم عثمان العمري ومحمد العمري والحسين بن روح وعلي السمري رضوان الله عليهم ومن هنا سوف نستعرض بعضاً من جوانب حياة كل سفير:-

تشكل السفارة عن الإمام المعصوم حدثاً تاريخياً وتنظيمياً مهماً في مسألة الاتصال بالإمام المفترض الطاعة ومن ثم تبليغ أوامره وممارسه بعض مهامه، فالسفارة العامة هي منصب رفيع وجليل ظهر آبان الغيبة الصغرى للإمام وانتهى بوفاة الشيخ علي السمري رضوان الله عليه، ولم يصل إلى رتبة السفارة إلا أربعة أشخاص وهم عثمان العمري ومحمد العمري والحسين بن روح وعلي السمري رضوان الله عليهم ومن هنا سوف نستعرض بعضاً من جوانب حياة كل سفير:-
الأول: عثمان بن سعيد العمري:
وكان الإمام عليه السلام يثق به كثيراً، وكان معتمداً عند الإمام علي النقي والإمام الحسن العسكري عليهما السلام، ووكيلهما في حياتهما وكان أسديّاً يُنسب إلى جده جعفر العمري، ويقال له السّمان أيضاً أي بياع الزيت واشتغل بهذا الشغل تقية من أعداء الله واخفاءً لأمر السفارة، وكانت الشيعة تسلم إليه الأموال التي يأتون بها للإمام الحسن العسكري عليه السلام فكان يضعها في ماله ثم يأتي بها إلى الإمام الحسن.
وجاء في رواية أحمد بن اسحاق القمي من أجلاء علماء الشيعة، فقال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد (الهادي) عليه السلام في يوم من الأيام، فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد ولا يتهّيأ لي الوصول اليك إذا شهدت في كل وقت فقول من نقبل ومن نمتثل؟
فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعنّي يقوله وما أدّاه اليكم فعني يؤديه، فلما مضى أبو الحسن عليه السلام وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري عليه السلام ذات يوم، فقلت له مثل قولي لأبيه.
فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعني يقوله، وما أدى اليكم فعني يؤديه.
ونقل العلامة المجلسي في البحار عن جمع من ثقات أهل الحديث أن جمعاً من أهل اليمن جاؤوا إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ومعهم أموال فقال عليه السلام: امض يا عثمان فانك الوكيل والثقة المأمون على مال الله واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال.
فقال أهل اليمن: يا سيدنا والله ان عثمان لمن خيار شيعتك ولقد زدتنا علماً وبموضعه من خدمتك وانه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى، قال: نعم واشهدوا علي ان عثمان بن سعيد العمري وكيلي وان ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم.
وروي في البحار أيضاً بسنده انه لما مات الحسن بن علي عليه السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأمور بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها الا بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها.
وكانت توقيعات صاحب الامر عليه السلام تخرج على يد عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد عليه السلام بالأمر والنهي والأجوبة عما تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام...
وهكذا كان باقي السفراء والوكلاء.
الثاني: من الوكلاء والسفراء محمد بن عثمان بن سعيد العمري:
وثقه ووثق أباه الامام الحسن العسكري عليه السلام، وأخبر شيعته بانه وكيل ابنه المهدي عليه السلام، فلما مات ابوه عثمان بن سعيد خرج توقيع الإمام الحجة عليه السلام يشتمل على تعزيته لوفاة أبيه وانه النائب بعده والمنصوب من قبله عليه السلام، وعبارة التوقيع على ما رواه الصدوق وغيره بهذا النصّ:
قال عليه السلام:
«انا لله وانا اليه راجعون تسليماً لأمره ورضاء بقضائه، عاش أبوك سيعداً ومات حميداً فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام، فلم يزل مجتهداً في أمرهم ساعياً فيما يقربه إلى الله عز وجل واليهم، نضّر الله وجهه واقاله عثرته... أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا وأوحشك بفراقه وأوحشنا.
فسرّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله عز وجل ولداً مثلك يخلفه من بعده ويقوم مقامه بأمره ويترحم عليه، وأقول: الحمد لله فان الأنفس طيبة بمكانك وما جعله الله عز وجل فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفقّك، وكان الله لك ولياً وحافظاً وراعياً وكافياً ومعيناً».
وهذا التوقيع الشريف خير شاهد على جلالتهما وعلوّ مقامهما.
وروى العلامة المجلسي رحمه الله أيضاً في البحار عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رحمه الله عن جمع من الأصحاب انه خرج توقيع من الناحية المقدسة إلى محمد بن عثمان بن سعيد العمري بعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد:
«والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الاب رضي الله عنه وارضاه ونضَّر وجهه يجري عندنا مجراه ويسد مسده وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل، تولاه الله...».
وفي رواية أخرى عن الكليني انه اخرج توقيع بخط الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف فيه:
«وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي».
وظهرت على يده دلائل ومعاجز كثيرة للشيعة من قبل الإمام الحجة عجل الله فرجه، وكان في زمن الغيبة ملجأ ومأوى للشيعة ونائب الحجة عجل الله تعالى فرجه.
وروي عن أم كلثوم ابنته انها قالت: كان لأبي جعفر بن محمد بن عثمان العمري كتب مصنفة في الفقه مما سمعها من أبي محمد الحسن عليه السلام ومن الصاحب عليه السلام... [ثم قالت:] انها وصلت إلى أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه...
وروى الشيخ الصدوق رحمه الله بسنده عن محمد بن عثمان بن سعيد انه قال: والله ان صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.
وفي رواية أخرى انه سُئل عنه: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: «اللهم انجز لي ما وعدتني».
ورأيته صلوات الله عليه متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: «اللهم انتقم لي من أعدائي».
الثالث: من الوكلاء والسفراء هو الحسين بن روح:
وقد كان في زمن سفارة محمد بن عثمان متولياً بعض الأمور من قبله فقد كان محمد بن عثمان يعتمد على بعض اخوانه المؤمنين الثقات والحسين بن روح واحداً منهم، بل كان عند الناس ان اعتماد محمد بن عثمان على غير الحسين بن روح اكثر من اعتماده عليه، فتصوروا ان أمر الوكالة والسفارة بعد محمد بن عثمان ستنتقل إلى جعفر بن احمد لكثرة خصوصيته بمحمد بن عثمان بل كان كل طعام محمد بن عثمان في آخر حياته يخرج من دار جعفر بن أحمد.
روى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي انه روى عن جعفر بن أحمد قال: لمّا حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري الوفاة كنت جالساً عند رأسه أسائله وأحدثه وأبو القاسم بن روح عند رجليه، فالتفت الي ثم قال: اُمرت أن أوصي إلى أبي القاسم بن روح، قال: فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت إلى عند رجليه.
وفي الرواية المعتبرة ان أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه جمع وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لهم: إن حدث عليّ حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد اُمرت أن أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه وعوّلوا في أموركم عليه.
وفي رواية معتبرة أخرى كما رويت في البحار ان جمع من وجوه الشيعة وكبارهم دخلوا على محمد بن عثمان، فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر عليه السلام، والوكيل له والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم وعوّلوا عليه في مهماتكم، فبذلك اُمرت وقد بلّغت.
وورد توقيع الإمام الحجة عليه السلام للشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، كما ورود ذلك في البحار عن جمع من الأخيار والثقات وهو:
«نعرفه عرفه الله الخير كله ورضوانه وأسعده الله بالتوفيق، وقفنا على كتابه وهو ثقتنا بما هو عليه وانه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه، زاد الله في إحسانه إليه انه ولي قدير، والحمد لله لا شريك له وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً».
وذكر في أحواله انه كان شديد التقية في بغداد، وكان يحسن السلوك مع المخالفين من المذاهب الأربعة بحيث نسبه أرباب كلّ مذهب اليهم فكانوا يفتخرون بانه منهم.
الرابع: من الوكلاء والسفراء الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السَمُريّ:
ان الشيخ الحسين بن روح عليه الرحمة لما حضرته الوفاة جعله مقامه بأمر الحجة عليه السلام، فكان الإمام عليه السلام يجري على يده المكرمات والمعاجز وأجوبة مسائل الشيعة، وكانوا يسلّمون الأموال والحقوق إليه بأمره عليه السلام، فلّما حضرته الوفاة اجتمع الشيعة عنده وطلبوا منه أن يعين من يقوم مقامه في السفارة فقال: لله أمر هو بالغه، أي لابد من وقوع الغيبة الكبرى، ثم انقطعت السفارة فمن ادعاها بعد ذلك أو ادعى المشاهدة مع النيابة الخاصة فهو كذاب مفتر على الحجة عجل الله فرجه.
فيكون المرجع في الدين والشرائع العلماء والفقهاء بأمر الإمام عليه السلام فان النيابة ثابتة لهم على سبيل العموم، كما ورد في التوقيع الشريف لمسائل اسحاق بن يعقوب حيث قال عليه السلام: «واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم».
وفي رواية أخرى: «مجاري الأمور بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه»، فيكون المستفاد مما تقدم إنه لابد للمكلفين من الرجوع إلى العلماء وحفظة العلوم والأخبار وآثار الأئمة الأطهار عليهم السلام القادرين على استنباط الأحكام أي يكون المرجع هو الجامع للشرائط المبحوثة في كتب الفقه.



Viewing all 1154 articles
Browse latest View live