Quantcast
Channel: العربية
Viewing all 1154 articles
Browse latest View live

أصول الدين عند الشيعة

$
0
0
 أصول الدين عند الشيعة

جميع البشر يتمتّعون بخصائص حياتيّة ، ذاتّية كانت أم بيئية : كالجهاز العصبي والتنفّسي وآلهضمي والدموي والبولي والتناسلي والبصري والسمعي وغيرها من أجهزة وأعضاء أجسامنا ، وكل منها ضروري لاستمرار حياة الإنسان وثمين . ومثلها ضوء الشمس ووجود النباتات والحيوانات والمعادن والفلزّات ، التّي تتواجد في الطبيعة . وكل هذه تعدّ من النعم الإلهية الكبرى التي يمكن الاستفادة منها بواسطة العلم والقدرة اللذين منحا للبشر .

هناك من يعتقد أن لا مبرّر ولا ضرورة في البحث في أمور الدين ، وهم يتساءلون عن الحتميّة الدافعة للتفكير فيه ، ونحن نوضّح خطأ تفكير هؤلاء فيما يلي ، محاولين التركيز على ضرورة البحث في الدين من وجهتين ، هما :
1ـ حكم العقل القاضي بأن يكون الإنسان شاكراً ربّه ، لما أنعم عليه من الخيرات .
2ـ حكم العقل القاضي بالتحسّب ودفع الضرر ، ولو كان احتمالياً .
وها نحن نبحث في هاتين المسألتين :
ضرورة الشكر لله :
جميع البشر يتمتّعون بخصائص حياتيّة ، ذاتّية كانت أم بيئية : كالجهاز العصبي والتنفّسي وآلهضمي والدموي والبولي والتناسلي والبصري والسمعي وغيرها من أجهزة وأعضاء أجسامنا ، وكل منها ضروري لاستمرار حياة الإنسان وثمين . ومثلها ضوء الشمس ووجود النباتات والحيوانات والمعادن والفلزّات ، التّي تتواجد في الطبيعة . وكل هذه تعدّ من النعم الإلهية الكبرى التي يمكن الاستفادة منها بواسطة العلم والقدرة اللذين منحا للبشر .
وفوق كل هذا فإنّ وعي الإنسان واستعداده الموهوب له وخلاّقيّته المبدعة هي من نعم الخالق عزّ وجّل . لذا توجّب على الإنسان معرفة هذا المنعم العظيم فيشكره بحكم مسؤوليّة الشكر ، على أننّا نشكر من يقدّم لنا هدّية بسيطة أو خدمة معيّنة ، بحكم مقابله الإحسان بالإحسان . وبحكم القاعدة الفقهيّة الأخلاقيّة التي ربّانا الإسلام العزيز عليها ( من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق) . فعليه فإنّ شكر الخالق يكون من باب أولى .
الحذر من الخطر أو الضرر المحتمل :
لو أُخبر إنسان بقرب وقوع زلزلة مثلاً ، فإنّه سيضطرب ويفكّر في ملجأ يلجأ إليه هو وأفراد عائلته ، ويفكّر فيما يلزم عمله قبل وقوعها ، ومع اتّخاذ التدابير كافة فإنه سوف يبقي قلقاً مضطرباً خائفاً ، لا يهدأ له قرار حتّى يقع المحذور وينتهي كل شيء ، ويخرجوا جميعاً بسلام .
إذن ، فالاحتياط والتحسّب من الخطر المتحمل حصوله إنّما هو ضروري بحكم العقل . ومن الطبيعي أنّ بعض الحوادث تكون بسيطة وقليلة الضرر والأذى ، لذا لا يهتم الإنسان بها ، أما لو كان حدوثها يؤدي بحياة الإنسان أو من بتعلّق به مثلاً ، أو خراب أملاكه ، أو تلف أموآله ، فحينئذ يتوجّب تحسّبه الشديد لذلك الخطر أو الأذى .
وأعظم الأخطار هو هول يوم القيامة الذي توعّد الله عزّ وجلّ عباده الضالّين ، على لسان أنبيائه ورسوله ( عليهم السلام ) ، وتذكيرهم بالحساب والثواب والعقاب والجنّة والنار ، وما يسبق ويرافق ذلك من عقبات وأهوال ومخاوف .
يجب علينا - نحن البشر - أنّ نفكّر في تهديدات الأنبياء والرسل (ع) ووعيدهم ، كما ويجب السعي لمعرفة أمور الدين ، وحلاله وحرامه ، والتدبّر فيها بعمق ورويّة ، كي تُنجينا من مهابط السوء التي قد نقع فيها نتيجة عدم درايتنا ومعرفتنا بذلك . فإنّ عقولنا وفطرتنا التي فطر الله الناس عليها هي التي تدفعنا لمعرفة الواقع ، واكتشاف الحقيقة الكبرى .
من هو مبدع الكون ؟
يقوم الإنسان في سبيل تحقيق حاجاته ورغباته ، والقيام بمختلف أعماله ، في عصرنا الحاضر ، باستخدام أجهزة وآلات متنوّعة ومعقّدة ومتطوّرة ، وأحد هذه الأجهزة هو ( العقل الإلكتروني ) الذي يقوم بحركات وفعّاليّات جبّارة ، فمثلاً في مجال الطلب ، يقوم هذا الجهاز خلال دقائق بتقديم كشف كامل لسوابق المريض - مخزونة في الجهاز – إلى طبيبه المعالج ، لمعرفة نوع المرض . ويستطيع هذا الجهاز المعقّد ملاحظة جزئياّت أيّ حالة مرضيّة ، كانت قد غذّي بها مسبقاً ، ثمّ يحدّد أسلوب العلاج ونوع الدواء المطلوب لهذه الحالة أو تلك .
وهذا العقل الإلكتروني يستخدم في مجالات الحياة المختلفة لتنظيم عمل سائر الأجهزة المعقّدة الأخرى ومراقبة عملها .(1)
هل من العقل أنّ هذا الجهاز العجيب قد صنعته الصدفة ؟‍! أم أنّ دقّته ونظامه وعمله المحيّر يعتبر شاهداً قويّاً على ذكاء صانعه ومعرفته الواسعة ؟ إنّ المسلّم به أنّ أي إنسان يتعرّف إلى مثل هذا الجهاز ، فإنه يتوجّه إلى عظمة ذكاء صانعه ، وقدرته الخلاّقة .
من هنا يبدو لنا دليل عام ومبدأ بديهيّ مسلّم هو : إنّ النظام والتنسيق يجب أن ينبع من عليم قادر ، وإنّ الصدفة لا يمكن أن تكون منشأ لعجائب النظام والتنسيق ، ذلك لأن لكل شيء أثره المناسب والملائم ، فكما أنّ توقّع الإحراق أن يكون من الماء البارد أمر لغو ، فإن الاعتقاد بوجود نظام مرتّب ودقيق قائم على أساس الصدفة ، فهو لغو وهراء أيضاً .
وعلى هذا الأساس ، فإن النظام الدقيق الذي نلاحظه في العقل الإلكتروني إنّما هو من صنع إنسان مخلوق ، خلقه ربّ عظيم عليم قدير ، منحه ذلك الذكاء وتلك القدرة على الإبداع والاختراع . وهو الذي خلق تلك الدفّة والطاقات العظيمة في مختلف أعضاء وأجهزة جسم الإنسان ، وهو الذي خلق السماوات والأرض وما عليها وما فيها من عوالم وأفلاك وبحار ونجوم وشموس وأقمار ونبات وحيوان ومعادن وفلزّات وما إلى ذلك .
والقرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى بقوله عزّ وجلّ : ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمّىً يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربّكم توقنون ) .(2)
وللدين الإسلامّي أصول وفروع تبصّر الإنسان بحقيقة الخالق عزّ وجلّ وتعلّمه أسلوب عبادته التي عيّنها وحدّدها هو تعالى .
أمّا أصول الدين في الإسلام فهي :
أولاً - التوحيد :
يقول أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) : ( اللهمّ حمداً لا ينقطع عدده ولا يفنى مدده ، فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنك حيّ قيّوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، لم ينتهِ إليك نظر ، ولم يدركك بصر ، أدركت الأبصار وأحصيت الأعمال ، وأخذت بالنواصي والأقدام ، وما الذي نرى من خلقك ونعجب له من قدرتك ، ونصِفُهُ من عظيم سلطانك ، وما تغيّب عنّا منه ، وقصرت أبصارنا عنه ، وانتهت عقولنا دونه ، وحالت سُتور الغيب بيننا وبينه أعظم ) (3) .
يتصّور بعض الناس خطأ أنه عزّ وجلّ أوجد هذا العالم ثّم تركه في شأنه ، فإنّ حركة الكون وفعّاليّاته واستمرارها واستمرار الوجود ، إنّما يتمّ بقدرته ومشيئته عزّ وجلّ ، فلا شيئ يمكن وجوده ودوامه بدون إذنه وإرادته ، فالموجد والمبقي والناظر والحاكم هو الله عزّ وجلّ .
إنّ الإنسان الذي يعتقد بعظمة الخالق سبحانه وقدرته ، ويفوح الإيمان من قلبه الذي يموج بحبّ الله جلّت قدرته ، لن يجد نفسه على الإطلاق وحيداً مخذولاً يائساً ، بل إنّ نور الله المستعان يشرق في حنايا قلبه وتجاويفه وزواياه كافة .
ومن البديهي ، إنّ مثل هذا الإنسان المؤمن بالله عزّ وجلّ سيعدّ نفسه بكل شوق للحياة الأمثل والأكثر شمولاً لمعاني الفضيلة والكمال .
ومن العقل والصواب أنّ الله تعالى واحد لا شريك له . فقوله تعالى في محكم كتابه العزيز : ( لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا ) .(4)
( قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً ) .(5)
( فأينما تُولّوا فثمّ وجه الله ) .(6)
وفي قصة النبي إبراهيم الخليل (ع) محاجّته لقومه الذين كانوا يعبدون الأوثان والأصنام : ( إذ قال لأبيه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون* قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين* قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ) .(7)
ولمّا قام بتحطيم الأصنام وأبقى كبيرها ، وضع الفأس في عنقه . فقال له أصحابه : ( أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ) ؟(8)
أجابهم : ( فاسألوهم إنْ كانوا ينطقون ) .(9)
فيصف القرآن الكريم حالهم الذليل المخزي بقوله تعالى : ( ثمّ نُكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون* قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم* أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ) ؟!(10)
والتوحيد بمعناه الواقعي يربّي الإنسان الحر الصحيح الفكر ، المطمئنّ البال ، ولا يدعه يتخبّط في المسالك المعقّدة ، والضلال والظالم والاختلاف والاستعباد .
وهو يمنح الإنسان الحرّية والعزّة والكرامة ، ويأخذ بيد الإنسان نحو العدالة الاجتماعيّة والرقيّ والسؤدد .
ومن هنا تبيّن سرّ ومغزى قول الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) : ( قولوا لا إله إلاّ الله تُفلحوا ) .
ثانياً - العدل :
لمّا عرفنا أنّ الله عزّ وجلّ هو خالق مطلق قدير عزيز كريم ، يفضي على عباده وسائر مخلوقاته بالنعم الوفيرة والألطاف الكثيرة ، وله الوحدانيّة المطلقة ، ولا إله سواه ، فبذا تتحقّق عدالته لسائر البشر ، ولا حاجة له بالظلم –معاذ الله- و( إنّما يحتاج إلى الظلم الضعيف ) .
والظلم هو حصيلة الجهل والضعف والمنافسة والخوف والحرمان والعجز ، وتعالى الله سبحانه عن هذه علوّاً كبيرا . وإنّ الله عزّ وجلّ هو العالم المطلق والقادر المطلق ، ولا يحتاج إلى أيّ أحد أو أيّ شيئ حتى يخاف فقدانه .
وما هذا التفاوت الذي نلاحظه بين أبناء المجتمع الواحد ، أو المجتمعات المختلفة ، إلاّ لتسيير الأمور وإدارة الأوضاع كي تجري طبيعيّة ، ملبيّة لحاجات البشر : ( أنظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض ) .(11)
(… ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم ) .(12)
فعلى الإنسان أن يعرف طريق الحقّ القويم الذي يؤدّي إلى تكامله في مختلف نواحي الحياة ، ليعيش كما أراد له الله عزّ وجلّ ، وكما فطره عليه ، عزيزاً كريماً منعّماً خيّراً ، شريفاً في تعامله مع سائر البشر بالصدق والصراحة والاحترام والعدالة والمساواة والإخلاص والتسامح ، وما إلى ذلك من صفات الخير .
قوله عزّ وجلّ : ( يا أيّها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتّقوى واتّقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون ) .(13)
( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) .(14)
( إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان ) .(15)
فهل من العقل والحكمة والصواب أن يأمر الله عزّ وجلّ عباده بالعدل مؤكِّداً تكراراً ، وهو مجرّد عنه؟! سبحانه وتعالى عمّا يصفون .
ثالثاُ - النبوّة :
إنّ الأنبياء والرسل ( عليهم السلام ) بشر تميّزوا على سائر البشر بقدراتهم الذاتيّة وصفاتهم الشخصيّة النبيلة ، من تربية طيّبة صالحة وأخلاق سامية وسريرة حسنة وانقياد للحقّ والإنصاف والعدل ، لذا نجد الأمانة والصدق وطيبة القلب وحبّ الخير لكلّ البشر هي من جملة صفاتهم الحميدة . وهم بذلك مؤهّلون لتحمّل مسؤوليّة قيادة البشر نحو الخير والصلاح ، وهدايتهم إلى طريق الحقّ وسبيل الرّشاد ، والصدع لأوامر الله ونواهيه ، ليقيهم من شرور الدنيا و عذاب الآخرة .
لذلك كان لزاماً اختيار الأنبياء والرسل (ع) للقيام بهذه المهمّة الخطيرة ، القيادة الحكيمة التي صمّم الله سبحانه وتعالى مخطّطها ، وحدّد جوانب مسؤوليّاتها .
يقول هشام بن الحكم إن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال للزنديق الذي سأله : من أين أثبت الأنبياء والرسل ؟ : ( إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا يلاقوه ، فيباشرهم ويباشروه ، ويحاجّهم ويحاجّوه ، فيسألوه عن واجباتهم ؛ ثبت أن له سفراء في خلقه ، يعبّرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم ، وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، والمعبّرون عنه جلّ وعزّ ، وهم الأنبياء ( عليهم السلام ) ، وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدّبون بالحكمة ، مبعوثون بها ، غير مشاركين للناس-على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب – في شيئ من أحوآلهم ، مؤدّبون من عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر وزمان ما أتت به الرسل و الأنبياء ( عليهم السلام ) من الدلائل والبراهين ، لكي لا تخلو أرض الله من حجّة يكون معه علم يدّل على صدق مقالته وجواز عدالته ) . (16)
وقد قرن الله عزّ وجلّ أنبياءه ورسله (ع) بمعاجز تتناسب وعقول أهل زمانهم ، وتفوق ما اشتهر في ذلك الزمان إلى حدّ الإعجاز والإفحام ، كمعجزة الطوفان على يد النبيّ نوح ( عليه السلام ) ، والنجاة من النار عند إحراق النبيّ إبراهيم ( عليه السلام ) ، والتكلّم في المهد وبرء وشفاء الإنسان الأبرص والأكمه ، وإحياء الموتى على يد النبيّ عيسى ( عليه السلام ) ، وعصا النبيّ موسى ( عليه السلام ) ، وانفلاق ماء البحر له ولقومه فيعبرون ، وغرق فرعون وجنوده .
ومعجزة القرآن الكريم هي المعجزة الخالدة ما خلد الدهر ، وهي التي خصّ الله عزّ وجلّ نبيّه الكريم محمّد بن عبد الله ( صلّى الله عليه وآله ) بها . حيث نزلت في عصر بلغ فيه المجتمع العربي ذروة بلاغة الكلام وفنون الخطاب والنظم ، وتميّز ذلك العصر بالأدب الرفيع وبلاغة المنطق ، فجاء الذكر الحكيم بتعابير وصياغات كلاميّة سلسلة بديعة ، وتراكيب جميلة وسامية ، ألجمت أفواه عظماء المتكلّمين والخطباء والشعراء والسجّاعين ، وبلغاء ذوي المنطق والبيان ، وأذهلت أفكارهم ، وحيّرت عقولهم ، وعجزوا عن أن يأتوا بسورة من مثله أو نقصُه .
ولقد تحدّاهم القرآن الكريم بقوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الإنسان والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) .(17)
ثم يخفّف عنهم ، فيقول جلّ من قائل : ( قل فأتوا بعشر سور مثله) .(18)
ثم يخفّف ويسخر ؛ إذ يقول سبحانه : ( وإن كنتم في ريب ممّا نزلّنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ) .(19) هذا وقد كاد بلغاؤهم وفصحاؤهم كيدهم على أن ينقضوه ويبطلوه ، إلاّ أنّهم عجزوا وباتوا في حيرة من أمرهم هذا .
كل ذلك كان بمشيئة الله عزّ وجلّ ، وإرادته وقوّته وعظمته وحكمته وعدالته ، ولقد شاء جلّ وعلا بمقتضى رحمته وحكمته أن يختار الأنبياء والرسل (ع) لهداية البشريّة إلى الصراط المستقيم ، بقيادتهم الرشيدة وهدايتهم الحميدة ، وتحذيرها من سبيل الضلال والانحراف ، وليمكّنوا الإنسان أن يخطو إلى قمم العلاء والكرامة والكمال الإنسانيّ والصفات الحسنة جميعاً ، من خلال سلوك هذا السبيل القويم .
لهذا فإن الله سبحانه وتعالى نزّه أنبياءه ورسله (ع) عن أيّ ذنب أو معصية أو اشتباه أو خطأ أو نسيان . وبكلمة أخرى فإنه جلّ وعلا جعلهم معصومين منزّهين ، لكي يتمكّنوا من قيادة الإنسانية نحو التكامل في جميع المجالات ، ونحو الطاعة المطلقة والتسليم المطلق لأوامر الله جلّت قدرته ونواهيه .
إن الأمر ذاته الذي أوجب بعث الأنبياء والرسل (ع) ، هو عينه أوجب كذلك أن يكون هؤلاء معصومين ومنزّهين من كلّ عيب ، ذلك لأن الهدف من بعثهم هو إيصال البشريّة إلى شاطئ الهداية الإلهيّة والتربية السماويّة ، والعزّة والكرامة والخير والصلاح ، ولكي يكون الأنبياء والرسل (ع) مطاعين ومقبولين وموضع ثقة واطمئنان الناس وإطاعتهم والانقياد لهم؛ لذا توجّب أن يتحلّوا بالعصمة والنزاهة .
كما أنّ علم الأنبياء والرسل (ع) ودرايتهم الكاملين التامّين بقدرة الله جلّ وعلا وعظمته ، وأنهم على بيّنة حقّة بنعيم الآخرة وعذابها ، ورؤية آثار الذنب في ذلك العالم ، كان يشكّل أقوى عامل يحفظهم من ارتكاب المعاصي والأوزار . يقول الحكيم في محكم كتابه الكريم : ( واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار* إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار* وإنّهم عندنا لمن المصطفين الأخيار ) .(20)
رابعاً - الإمامة :
برحيل الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) إلى الملأ الأعلى ، كان واضحاً أن الأمّة الإسلاميّة ثتنابها عواصف هوجاء وأمواج متلاطمة ، سيركبها المنافقون والمرجفون ومن يضمرون للإسلام سوءاً ، ولأهل بيت الرسول (ع) حقداً وضغينة وثأراً ، وعلى رأسهم أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) ، لما وترهم في آبائهم أو إخوانهم أو ذويهم ، بقتله رؤوس الشرك في الحروب والغزوات التي دارت بين المسلمين بقيادة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) من جهة ، وبين القبائل العربية الكافرة والمشركة بزعامة قريش ، وبروح الإلتفاف على الإسلام وأهله ، والوصول إلى السلطة والحكم بأساليب المكر والخداع والقوّة ، مع أن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) قد صرّح في مناسبات عديدة بوجوب إطاعة الإمام عليّ (ع) من بعده ، كما في حديث الدار ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، وحديث الثقلين في غدير خمّ ، وحديث المنزلة ، هذه الأحاديث الشريفة الشهيرة وغيرها ، التي نقلها الرواة من الخاصة والعامّة ، إضافة إلى أمر الله تعالى في كتابه العزيز من آية التطهير وآية المباهلة وآية الولاية ( التصدّق بالخاتم ) وغيرها ممّا فسّرها المفسّرون ونقلها المحدّثون من كلا الطرفين .
فكان أكيداً أن يحتاج مثل ذلك المجتمع الذي عاش تلك الظروف والأجواء الحرجة إلى قائد حكيم نزيه كفوء ، يقوم مقام النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، ويمسك بأزمةّ الأمور كي لا يتصدّع أو يتهدّم ذلك الكيان العظيم ، وتذهب جهود النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وأتعابه هباءً وسدى ، ثم الحاجة إلى استمرار هذه القيادة الحكيمة .
والشيعة يعتقدون أن رحمة الله الواسعة وحكمته البالغة ورأفته بعباده ، أوجبت أن لا يبقى الناس تائهين مهملين بدون قائد حكيم معصوم عالم ، ممّا يضمن عدم انحرافه مطلقاً في قول ولا عمل ، ويكون نموذجاً صادقاً ومختاراً من قبل الله عزّ وجلّ ، ومثلاً سامياً للتكامل الإنساني ، كي يستطيع قيادة هذه الأمّة وهدايتها إلى مرفأ السلامة والأمان .
إنّ الحكمة الإلهية تفرض أن يختار الله سبحانه وتعالى أشخاصاً مثاليّين قيّمين على دينه ، لحفظ رسالته المقدّسة ، وقدّ تمّ ذلك بالتعيين والتنصيب والتنصيص الإلهي ، كقوله عزّ وجلّ : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .(21)
وقصّة تصّدق الإمام علي (ع) بخاتمه على السائل في الصلاة هي مصداق هذه الآية المباركة .
وقد سمّيت هذه الآية الشريفة بآية الولاية ؛ لأنّها تدعو المسلمين إلى تولّي وإطاعة الإمام عليّ (ع) بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .
( إنّما يريد الله لُيذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ) .(22)
وحديث أم سلمة (رض) مشهور في هذه القصة لدى الخاصّة والعامّة .
الصحابّي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ (رض) يقول : لمّا نزلت الآية الشريفة : ( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) .(23) قلت يا رسول الله ، قد عرفنا الله ورسوله ، فمن أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال : ( هم خلفائي وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ثمّ الحسن والحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، وثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر . فإذا لقيته فاقرأه عنّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر ين محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي ،(24) حجّة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ، ابن الحسن بن عليّ ) .(25)
ولا يزال المسلمون مشمولين بعناية الله ولطفه ولم يخلوا من قائد ، بوجود الإمام الثاني عشر الإمام المهديّ القائم المنتظر (عج) ، وهو حيّ غائب عن أنظار الناس إلى حين يأذن الله له بالظهور وقيادة الأمّة ، وقد توارت به الروايات من الشيعة وأهل السنّة .
خامساً ـ المعاد :
( ما خُلقتم للفناء ، بل خُلقتم للبقاء ، وإنّما تُنقلون من دار إلى دار ) ، الرسول الأكرم محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) .
لقد صرّحت جميع الأديان السماوية بحقيقة ثابتة ، وهي أن الإنسان لا يفنى بعد الموت ، بل ينتقل من هذا العالم إلى عالم آخر ، حيث يُثاب أو يجازى على أعماله الحسنة أو السيّئة .
وقد ذكّر أنبياء الله ورسله (ع) جميعاً أتباعهم بأن هذا العالم بتشكيلاته ونظامه لم يوجد عبثاً ، وأن كلّ ما يجري على هذه البسيطة من أعمال وممارسات سيعرض على طاولة الحساب ، بعد الانتقال من هذه العالم . ولذا فقد كانوا (ع) يُعدّون أنفسهم وأتباعهم للمستقبل المحتوم ، وقد صرّحت آيات مباركات بالمعاد والحساب والثواب والعقاب والجنّة والنار ، منها : ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنّات تجري من تحتها الأنهار ) .(26)
( جنّات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ) .(27)
( ربّنا ما خلقت هذا باطلاّ سبحانك فقنا عذاب النار ) .(28)
(فادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فبئس مثوى الكافرين ) .(29)
( هذا ما توعدون ليوم الحساب ) .(30)
يوم يقول المجرمون المصّرون على جرائمهم حين يلاقون يومهم الذي يوعدون ، وحين يرون العذاب : ( ربِّ ارجعونِِ* لعلّي أعمل صالحاّ فيما تركت ) .(31)
فيجيئ الردّ الإلهيّ : ( كلاّ إنّها كلمة هو قائلها ومِنْ ورائهم برزخ إلى يوم يُبعثون ) .(32)
ــــــــــــ
(1) مجلّة دانشمند (الفارسيّة) ، عدد شهر بهمن (الفارسي) من سنة 1346 هـ .ش .
(2) الرعد : 2 .
(3) نهج البلاغة ، فهارس الصالح ، ص225 .
(4) الأنبياء : 22 .
(5) الإسراء : 42 .
(6) البقرة : 115 .
(7) الأنبياء : 52-54 .
(8) الأنبياء : 62 .
(9) الأنبياء : 63 .
(10) الأنبياء : 65-67 .
(11) الإسراء :21 .
(12) الأنعام : 165 .
(13) المائدة : 8 .
(14) النساء : 58 .
(15) النحل : 90 .
(16) أصول الكافي ، للكليني ، ص168 ، ط . الآخوندي .
(17) الإسراء : 88 .
(18) هود : 13 .
(19) البقرة :23 .
(20) ص : 45-47 .
(21) المائدة : 55 .
(22) الأحزاب : 33 .
(23) النساء :59 .
(24) اسم الرسول الأكرم محمّد ( صلى الله عليه وآله )، وكنيته أبو القاسم .
(25) منتخب الأثر ص101 ، نقلاً عن كتاب كفاية الأثر ، وينقل مؤلّف هذا الكتاب في هذا المجال رواية من كتّاب الشيعة والسنّة ، صرّح النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فيها بأسماء الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) واحداً بعد واحد .
(26) التوبة : 72 .
(27) طه : 76 .
(28) آل عمران : 191 .
(29) النحل : 29 .
(30) ص : 53 .
(31) المؤمنون : 99-100 .
(32) المؤمنون : 100 .





الاعتقاد بالإمام المهدي (عج)

$
0
0
الاعتقاد بالإمام المهدي (عج)

تناولنا في الحلقة السابقة أوجه اختلاف العلماء والمؤرخين المسلمين في ولادة الإمام المهدي (ع) وفي اسم والده؛ ونسلط الضوء في هذه الحلقة على موضوع اختلافهم في جدّه الأعلى وفي مسألة عصمته (ع).


اختلافهم في جده الأعلى
قال جماعة من أهل السنة: إن المهدي (ع) من أولاد فاطمة (ع)، لكنه من نسل ولدها الحسن (ع)، ولهم على ذلك دليلان:
الأول: ما روي عن الإمام علي (ع) أنه نظر إلى ابنه الحسن (ع) فقال: ((إن ابني هذا سيد كما سمّاه النبي صلى الله عليه وآله ، وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق، ولا يشبهه في الخَلق، يملأ الأرض عدلاً ))(1).
الثاني: قالوا: وفي كونه من ولد الحسن رضي الله عنه سر لطيف، وهو أن الحسن ترك الخلافة لله، فجعل الله في ولده مَنْ يقوم بالخلافة الحقة المتضمنة للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنّة الله في عباده، أنه مَنْ ترك شيئاً لأجله أعطاه الله، أو أعطى ذريته أفضل منه، وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه، فإنه حرص عليها، وقاتل عليها، فلم يظفر بها.
ذكر هذين الدليلين ابن القيم الجوزية(2)، وكلاهما باطلان: أما الحديث فعلماء الجرح واتعديل من أهل السنّة كلهم متفقون على ضعف رجاله وانقطاع سنده بما فيهم ابن القيم الجوزية، وإذا شئت راجع كتابه (المنار المنيف)(3)، فإنه تصدى لتضعيف هذا الحديث بنفسه.
وأما قوله: بأن الحسن ترك الخلافة والحسين حرص عليها، وقاتل من أجلها، فهو محض افتراء على أولاد الأنبياء وعلى هذين السبطين والإمامين العظيمين، بل هو تزوير للتاريخ، وتزييف للحقائق والوقائع المشهورة فالتاريخ يشهد أن الحسن (ع) لم يترك الخلافة لمعاوية بمحض إرادته، بل تركها مضطراً مكرهاً، بعد أن غدر به أصحابه الذين أغرى معاوية الأكثرية منهم بالأموال والمناصب(4).
والثابت في التاريخ أيضاً أن الإمام الحسين (ع) خرج إلى العراق وهو على علم بأن بني أمية سيقتلونه، فكيف يقال إذاً بانه يطلب الدنيا، ويحرص على الخلافة؟! فصلح الحسن وكربلاء الحسين، لا يلتقيان مع دليل ابن الجوزية لإثبات المهدية لأبناء الحسن. وعلماء الإمامية يمتلكون شهادة التاريخ التي تثبت ولادة المهدي المنتظر (ع) من أبيه العسكري حفيد الإمام الحسين (ع)، ويوافقهم على ذلك عشرات العلماء من أهل السنّة، وشهادة أهل البيت (ع) عندهم تغني عن كل الشهادات، لأنهم أدرى بالذي فيه من أبنائهم وأنسابهم وماضيهم ومستقبلهم.
ونضيف إلى هذه الشهادات روايات من أهل السنّة تصرّح بأن المهدي المنتظر (ع) هو من أبناء الحسين (ع)، منها رواية حذيفة قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وآله فذكر ما هو كائن، ثم قال: ((لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي، اسمه اسمي)) ، فقال سلمان الفارسي: يا رسول الله، ومن أي ولدك؟ قال: ((من ولد هذا)) وضرب بيده على الحسين (ع)(5).
وعن أبي وائل قال نظر أمير المؤمنين علي (ع) إلى الحسين فقال ((إن ابني هذا سيد كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يشبهه في الخَلق والخُلق، يخرج على حين غفلة من الناس.. يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً))(6).
وروي من طرق الفريقين خروج ثائر من ولد الحسن (ع) قبل المهدي (ع) من المشرق بفترة قصيرة، وهو ممدوح السيرة، وعلى أعتاب ثورته يخرج المهدي (ع)، فإذا خرج التقى السيد الحسني، وسلّم عليه وقال له: ( يا ابن العم، أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، وأنا المهدي، فيقول له المهدي (ع): بل أنا المهدي، فيقول له الحسني: هل لك من آية فأبايعك؟ فيومئ المهدي (ع) إلى الطير فيسقط على يديه، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضر ويورق، فيقول له الحسني، يا بن العم، هي لك)(7).
وعبرت بعض الروايات عن المهدي بـ (الحسيني). قال الشريف البرزنجي: (في هذا الحديث فائدة وإشكال، أما الفائدة فإنها تدل على أن المهدي من أولاد الحسين، وأن ابن عمه هذا حسني..)(8).
الخلاصة
إن الأخبار المروية من طرق أهل السنّة، متعارضة في تسمية الجد الأعلى للمهدي المنتظر (ع)، فبعضها يقول إنه من ولد الحسن (ع)، وبعضها يقول: إنه من ولد الحسين (ع)، وبما أن جميع هذه الأخبار المتعارضة في هذا الموضوع، ضعيفة الإسناد، فيحكم عليها بالتساقط.
والحق: أن الحكم عليها بالتساقط إنما يصح في علم الأصول، إذا لم توجد مرجحات تؤيد إحدى الطائفتين المتعارضتين، وهي موجودة فعلاً، ومتوفرة بكثرة في تأييد الطائفة التي تقول: إنه من ولد الحسين (ع)، وهي كما يلي:
إن رواية ابي داود التي تقول: إنه من ولد الحسن (ع) فريدة وغريبة، غير مؤيدة بالشواهد والمتابعات، بينما رواية حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله التي تقول: إنه من ولد الحسين (ع) مؤيدة، ومتابعة بشاهد آخر من رواية أبي وائلة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وهي رواية أبي داود نفسها التي تقول: إنه من ولد الحسن، لكن بدل أن يقول (نظر إلى الحسن (ع)) ، قال: ((نظر إلى ولده الحسين (ع) )) ما يدل على أن رواية أبي داود مصحفة أو محرفة لصالح الحسنيين، الذين ادعوا المهدية لولدهم محمد بن عبد الله الثائر الحسني الملقب بـ (النفس الزكية).
ومما يؤيد رواية حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وآله أيضاً، الرواية التي تذكر صفة السيد الحسني المشرقي، التي استدل بها الشريف البرزنجي على أن المهدي المنتظر (ع) من ولد الحسين (ع)، وأن ابن عمه هذا من ولد الحسن (ع).
إن الأخبار متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله ، واهل بيته (ع) من طريق العترة الطاهرة، وفي أحاديث السلسلة الذهبية، أن المهدي المنتظر (ع) من ولد الحسين (ع).
ومما يؤيد صحة هذا التواتر في أحاديث أهل البيت (ع)، وعدم صحة اتهام رواة الشيعة باختلاق رواياته، شهادة التاريخ الدالة على أن المهدي المنتظر (ع) من ولد الحسين (ع)، وقد شارك في تقرير هذه الشهادة، الرسول مع أهل بيته (ع)، وجمع غفير من علماء أهل السنّة ومؤرخيهم، وكلمات بعضهم تصرّح بان المهدي المنتظر (ع) من ولد الحسين (ع)، فراجعها وتأمل فيها، وخاصة كلمة الشعراني في (اليواقيت والجواهر)، وابن العربي في (الفتوحات المكية)، وابن حجر في (الصواعق المحرقة)، وغيرها.
اختلافهم في عصمة المهدي
الاعتقاد بعصمة المهدي المنتظر (ع) عند أكثر علماء أهل السنّة أمر غير مُتصوّر، بل المتصوّر عندهم على عكسه، لأنهم يعتبرونه إنساناً عادياً متلبساً ببعض الذنوب والمعاصي، كأي إنسان آخر، فإذا اختاره الله تعالى للخلافة، تاب عليه وأنقذه من الضلال والمعاصي في ليلة واحدة(9)، ويستدلون على رأيهم هذا بما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: ((المهدي من أهل البيت، يصلحه الله في ليلة واحدة))(10).
ويرفض علماء الإمامية قاطبة، هذا الاعتقاد الخاطئ بولي الله المهدي المنتظر (ع)، الذي ادّخره الله تعالى لتحقيق حلم الأنبياء (ع)، وتجسّد طموحات المرسلين (ع)، وآمال المصلحين، وتتويج جهادهم بانتصار الإيمان على الكفر وسيادة دولة العدل الإلهي، وإنقاذ البشرية من الفرقة والاختلاف والظلم والجور.
ولعلماء الإمامية أدلتهم الشرعية المعروفة في تقرير وجوب العصمة للأنبياء وأوصيائهم، بعد أن ينزّهوهم من كبائر الذنوب، وصغائر السيئات، بل وحتى من الخطأ والنسيان، وكل ما يخالف المروءة فيقولون: لو جاز أن يفعل النبي صلى الله عليه وآله وخليفته الشرعي المعصية، أو جاز صدور الخطأ والنسيان منه، فنحن بين أمرين:
الأول: أن نقول بجواز اتباعه في ارتكاب المعاصي، بل بوجوبها بما أوجب الله علينا الاقتداء به، وهذا باطل بأدلة الدين والعقل.
الثاني: أن نقول بعدم وجوب اتباعه، فذلك ينافي مهمة النبوة والخلافة التي يجب أن تطاع ليطبق حكم الله في الأرض، ويُعرف الهدى من الضلال، والمؤمن من الفاسق.
وهذا الدليل يجري بتمامه لإثبات عصمة الخلفاء الاثني عشر من أهل البيت (ع)، لأن الله اختارهم خلفاء في أرضه ليكونوا أدلاء على صراطه وأمناء على دينه، وحراساً لكتابه، وتراجمة لوحيه بعد الرسل ليكمل بهم الحجة على الناس (لئلا يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل) [ النساء: 165].
وأهل البيت (ع) هم حجج الله على الناس بعد خاتم المرسلين، كما وصفهم صلى الله عليه وآله بقوله: ((من كل خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين))(11).
وفي حديث الثقلين أوصى فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله كما أوصى برعاية القرآن بقوله: ((فلا تَقدّموهما فتهلكوا، ولا تُقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تُعلَّموهما فهم أعلم منكم))(12).
هؤلاء هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله في أمّته، فلو أجزنا عليهم ارتكاب المعاصي، والوقوع في الخطأ اشتباهاً، أو نسياناً، فأي فرق بينهم وبين الآخرين، لكي يفضلوا عليهم في وجوب طاعتهم والأمر بالاقتداء بهم، وكيف تناط مسؤولية قيادة الأمّة بالعاصيين، وأنّى للمذنبين الظالمين لأنفسهم هداية المسلمين، وحماية الدين من تحريف المنتحلين، وتزييف المدّعين، وتأويل الجاهلين وحفظ المسلمين من الأئمة المضلين!
إن معنى: ((فلا تقدموهما فتهلكوا،ولا تقصروا عنهما فتهلكو، ولا تعلموهما فهم أعلم منكم))، هو الاستدلال على عصمة القرآن من النقص وعصمة قيادة أهل البيت (ع) من الخطأ والمعصية، لذلك فإن التقدم عليهم أو التقصير في السير على نهجهم، يدعو إلى الهلاك والضلال.
فمن ادّعى مقام المرجعية العلمية والإمامية السياسية قبل مرجعية أهل البيت (ع) وإمامتهم، فهو من المتقدمين عليهم، والمعتدين على منصبهم ومنزلتهم في الأمّة، ومن المتجاوزين لحقوقهم،والمقصرّين عن الالتحاق بركبهم، ومن المخالفين لوصية رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم.
وبين يديك – قارئي العزيز – عرض سريع لبعض النصوص القرآنية والنبوية الدالة على عصمة أهل البيت (ع)، قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير) [ الأحزاب: 33].
وقد فسّر النبي صلى الله عليه وآله معنى الآية في عشرات الأحاديث الدالة على عصمة أهل البيت (ع) من الخطايا والذنوب، فقال: ((فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب))(13).
وقال: ((مَنْ أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي وهي جنة الخلد، فليتول علياًَ وذريته من بعدي، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم باب ضلالة))(14).
وقال: ((إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق))(15).
وقال: ((إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله، وأهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض))(16).
وهكذا نرى النبي صلى الله عليه وآله تارة، يصرّح بطهارتهم وعصمتهم من الذنوب، وأخرى يدعو الأمّة للتمسّك بولايتهم والسير على نهجهم، معللاً ذلك بقوله: ((فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم باب ضلالة)).
و(لن) حرف نفي ونصب واستقبال، ويقول الزمخشري: (لن تفيد التأييد والتأكيد) ، ومعنى كلامه هذا: ثبوت العصمة لأهل البيت (ع) دائماً في الحال والاستقبال، لذلك شبّه النبي صلى الله عليه وآله الالتزام بمنهجهم بسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهلك في ظلمات الضياع والضلال.
وفي حديث الثقلين قرنهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن، وساوى بينهما في الهداية، فقال: ((ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي))(17).
وهنا أيضاً تأتي (لن) التأبيدية والتأكيدية المفيدة لاستمرار عصمتهم من الضلال، الثابتة لهم بثبوتها للقرآن على حد سواء، لأنهم مقترنون به ومساوون له في هداية الأمّة.
فهذه الأحاديث وعشرات غيرها ممالا يسعنا ذكرها كلها هنا، إنما طرحها رسول الله صلى الله عليه وآله لأمّته ليفسّر آية التطهير، امتثالاً لأمر الله تعالى الذي خاطب خاتم رسله بقوله سبحانه: (وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكرون) [النحل: 44].
وفي قوله تعالى في الآية الكريمة: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى) [الشورى: 23]، الدالة على وجوب مودة أهل البيت (ع) ما فيه الكفاية لإثبات عصمتهم ونزاهتهم من الذنوب والآثام، بل ومن كل ما يشينهم ويحط من منزلتهم، لأن الله تعالى ليست له قرابة مع فئة من الناس، فلا يفضل قوماً على آخرين، ما لم يكن هنالك مقومات موضوعية إيجابية في ذات الفئة المفضلة عنده، ألا وهي كمال التقوى، فاختيارهم للخلافة بما وهبهم من مزايا إيمانية وعلمية وقيادية فريدة عالية، لا يتوفر مثلها في غيرهم، بحيث لا يتصور من خلالها مقاربتهم الذنوب والخبائث، ولا اقترافهم السيئات صغيرة أم كبيرة في كل حال، لأن الخطاب بوجوب مودتهم ثابت في القرآن على عمومه وإطلاقه، وشامل لكل عصر وزمان، فتكون عصمتهم من الذنوب ثابتة ومستمرة في حياتهم الفردية والاجتماعية في الحال والاستقبال، لأن الله تعالى لا يوجب مثل هذه المودة العظيمة لجماعة من أهل المعاصي، أو لجماعة من المؤمنين غير المعصومين من الذنوب، لأن مجرد صدور أدنى مخالفة منهم لدين الله موجب لخروجهم عن أهل مودته، وعدم رجوعهم إليها إلاّ بالتوبة، بينما وقع الأمر في القرآن بوجوب مودتهم على نحو الإطلاق، وهو ما يشعر بان أهل البيت (ع) لا يمكن ان يتصور بحقهم ارتكاب الذنوب أبداً، ولا يخرجون عن ساحة رضى الله لحظة واحدة في حياتهم.
وهكذا نجد آية المودة تعزز مفهوم (لن) التأبيدية والتأكيدية، التي تفيد معنى الاستمرارية والعصمة الأبدية لأهل البيت (ع) في قوله صلى الله عليه وآله : (( لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم باب ضلالة))، وقوله: ((ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً)).
وليس وراء ثبوت العصمة لأهل البيت (ع) من حكمة إلهية إلاّ قيامهم بأعباء الخلافة الربانية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولو لم يثبت هذا المنصب القيادي الإلهي لهم، لما أوجب الله على الأمّة مودتهم في القرآن دون غيرهم من المسلمين، ولما فرض على الأمّة وجوب الصلاة عليهم، مقترنة بالصلاة على خاتم المرسلين، متبعاً ذلك من شروط قبول صلاة المسلمين، وحينما قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله : علمنا كيف نصلي عليك؟ قال: ((فقولوا اللهم صلّ على محمد وآل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد))(18).
وعبر الشافعي عن هذا الوجوب الإلهي الخاص بأهل البيت (ع) في أبياته الشهيرة التي نظمها في حبهم فقال:
يا آل بيت رسول الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم *** مَنْ لم يصلِّ عليكم لا صلاة له (19).
وفي البيت الاول إشارة إلى آية المودة ، وفي الثاني إلى وجوب الصلاة عليهم مقترنة بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله .
فالاحتجاج بحديث ((المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة)) لنفي العصمة عنه باطل، لثبوت اعصمة لأهل البيت (ع) عموماً بالادلة القرآنية الصريحة والنبوية الصحيحة، والمهدي (ع) منهم، فلا بدّ من ثبوت العصمة له بتلك الأدلة نفسها.
وأمّا معنى ((يصلحه الله في ليلة واحدة)) فالمراد منه تمكينه من قبضة الحكم والسيطرة على أجهزة الدولة في بلاد الحجاز في ليلة واحدة، وقد روي هذا الحديث هكذا: ((يخرج المهدي من ولدي، يصلح الله أمره في ليلة واحدة))(20).
وكلمة (يخرج) استخدمت في أخبار الملاحم والفتن أكثر من مائة مرة بمعنى الثورة والخروج إلى ساحة المعارك، وكلمة (الأمر) أو (أمره) جاءت في أخبار الملاحم والفتن أكثر من خمسين مرة بمعنى السلطة والخلافة والحكم والدولة. فيكون معنى الحديث السابق هكذا: يخرج المهدي من ولدي معلناً حربه وثورته على أعداء الله، فينصره الله، ويصلح أمر الخلافة له في ليلة واحدة.
وفي رواية قال: ((يصلح الله به في ليلة واحدة))(21)، وأوضح رسول الله صلى الله عليه وآله معنى ((يصلحه الله في ليلة واحدة)) في حديث آخر، روي عنه بسند صحيح أنه قال: ((يخرج رجل من عترة النبي، يصلح الله على يديه أمرهم))(22).
وقال الشيخ علي بن سلطان الحنفي وهو يشرح معنى ((يصلحه الله في ليلة واحدة))، (اي يصلح أمره ويرفع قدره في ليلة واحدة، وفي ساعة واحدة من الليل، حيث يتفق على خلافته أهل الحلَّ والعقد)(23).
ففسر معنى إصلاح أمره في ليلة واحدة، بمعنى استتباب امر الخلافة له في ساعة من الليل، واتفاق أهل الحلّ والعقد عليه في تلك الليلة.
وأهل الحلّ والعقد في زمان المهدي المنتظر (ع) هم وزراؤه فقط، وعددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يجمعهم الله له في ليلة واحدة من أقطار شتى، فيبايعونه بين الركن والمقام في تلك الليلة، ثم يأمرهم بعد البيعة بالسيطرة على مراكز القوة في بلاد الحجاز في ساعة من تلك الليلة من دون قتال ولا عناء ولا إراقة دماء، كما روي عن أبي هريرة، قال: (يبايع المهدي بين الركن والمقام، لا يوقظ نائماً، ولا يهريق دم)(24)، وهذا الحديث يصف البيعة في إطار السيطرة على بلاد الحجاز في ليلة واحدة، وهو معنى: (لا يوقظ نائماً، ولا يهريق دم)، وهو ما يتطابق تمام المطابقة مع قوله صلى الله عليه وآله : ((يصلح الله أمره في ليلة واحدة))، حيث يتمكن من الخلافة والسيطرة على البلاد في تلك الليلة.
ولا ينطبق حديث أبي هريرة على الثورة المهدية في كل مراحلها، حيث أن حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله(كما دلّت الروايات) سوف يستخدم أسلوب الجهاد المسلح ضد أعدائه، اعداء الإسلام في مراحل أخرى من حركته المقدسة.
________________
1) كتاب المهدي.
2) المنار المنيف ذكر الحديث في: ص144، برقم 329 ثم استدل على كون المهدي من أبناء الحسن ص151 من كتابه.
3) م.ن. ص144- ح329، وضعفه المنذري في مختصر سنن أبي داود، ج6، ح4121، والقنوجي البخاري في كتابه (الإذاعة)، ص137.
4) تاريخ الطبري، 92/6، ابن أبي الحديد، 697/4، مجمع الزوائد، 172/9.
5) ذخائر العقبى، ص136، فرائد السمطين، 575/2، المعجم الوسط للطبراني، لكنه ذكر إلى قوله (اسمه اسمي) وسكت، المنار المنيف، ص148، ح3339.
6) أسنى المطالب للجزري، ص130، وفي نسخة لابن حماد أيضاً ص103، العمدة، ص434، ح912، نقلاً عن الجمع بين الصحاح.
7) عقد الدرر ليوسف الشافعي، ص137-138.
8) الإشاعة، ص96-97.
9) هذا القول لابن كثير، ونقله عنه كثيرون منهم السندي شارح سنن ابن ماجة، 519/2.
10) سنن ابن ماجة، 4085/2، الحاوي للفتاوي، 78/2.
11) الصواعق المحرقة، ص90، ذخائر العقبى، ص17 عن ابن عمر.
12) مجمع الزوائد، 163/9، كنز العمال 48/1، طبع حيدر آباد الدكن.
13) الدر المنثور، 606/6، ط. بيروت، دار الفكر، رواه عن الحكيم الترمذي وابن مردويه والطبراني وابن نعيم والبيهقي، فتح القدير، 280/4، وشواهد التنزيل، 30/2، والصواعق المحرقة، ص142.
14) كنز العمال، 217/6، ح3819، ط. حيدر آباد.
15) مستدرك الصحيحين، 342/2 و 150/3، مجمع الزوائد 167/9، منتخب كنز العمال، 94/5 بهامش مسند أحمد.
16) وحديث الثقلين اخرجه أئمة الصحاح والحفاظ في المسانيد والسنن في أكثر من ثلاثين مصدراً، في طليعتهم مسلم والترمذي، وأحمد بن حنبل وغيرهم، وهذا اللفظ للحاكم في مستدرك الصحيحين، 148/3، وهو صحيح على شرط الشيخين.
17) صحيح الترمذي، 308/2، أسد الغابة، 12/2، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير آية المودة.
18) صحيح البخاري في كتاب الدعوات في كتابه بدء الخلق، وفي كتاب التفسير، صحيح مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي، ورواه النسائي في سننه، وأيضاً ابن ماجة، وأبو داود، والحاكم، وأحمد، والدارقطني، والبيهقي.
19) نور الأبصار للشيلنجي، ص104، الصواعق المحرقة، ص104، لكنه لم يذكر البيت الأخير.
20) وهي المروية عن الإمام الحسين في شهادته بولادة المهدي، فراجع.
21) الإذاعة، لمحمد صديق القنوجي البخاري، ص117.
22) حديث صحيح على شرط مسلم، رواه نعيم بن حماد في الفتن، ص9، ورواه جلال الدين السيوطي في جمع الجوامع، وقال: سنده صحيح على شرط مسلم، 30/2، الإشاعة، ص115، والحديث عن الإمام علي هكذا: الفتن اربعة، وذكر الحديث.
23) مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان القارئ الحنفي، 180/5.
24) الفتن لابن حماد، ص94، الحاوي للفتاوي، 76/2، البرهان للمتقي الهندي، باب 6، ح29.
الكاتب: الشيخ مهدي حمد الفتلاوي

هل أحمد اسماعيل حيٌّ أو ميت؟

$
0
0
هل أحمد اسماعيل حيٌّ أو ميت؟

وأما تشكيكات المخالفين في بقاء الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام فهي مردودة بعدة أدلة، ويكفي حديث الثقلين الذي يدل على وجود إمام صالح للإمامة من أهل البيت عليهم السلام في كل عصر، ولا يوجد إمام معصوم صالح للإمامة من أهل البيت عليهم السلام في هذا العصر إلا الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، فإن قلنا: إنه عليه السلام لا يفارق القرآن ولا يفارقه القرآن، وهذا باطل بنص حديث الثقلين كما قلنا.

هل أحمد إسماعيل الآن حيٌّ أو ميت؟
ولماذا لا يظهر ظهوراً علنيّاً كي يتسنّى للناس التعرّف عليه؟
قد يجيبنا بعض المتفيقهين من أتباعه بأن غيبة إمامهم هي كغيبة إمامنا صاحب الأمر عليه السلام، خوفاً من أعدائه الذين يتربّصون به الدوائر!
فنقول لهم: ما هو الدليل على أنه غائب عن الأنظار؟ ألا يمكن أن يكون قد مات أو قُتل؟ فإننا بعد البحث لم نجد دليلاً واحداً يدل على أنه لا يزال حيّاً!!
لا يقال: إن مثل هذا الكلام يمكن أن يقوله القائل عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، بل هذا ما يقوله المخالفون في النقض على الشيعة، وجواب الشيعة في بقاء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام هو عين جوابنا في بقاء أحمد إسماعيل.
والجواب: أن الأدلة الصحيحة قامت على أن الزمان لا يخلو من إمام، وقد اتَّفق الشيعة قاطبة على أن إمام هذا العصر هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وقد أثبتوا ذلك في كتبهم المعدَّة لذلك، وعليه، فبقاء الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام لا يشك فيه شيعي، وأما بقاء أحمد إسماعيل فهو مشكوك فيه، فيحتاج أتباعه إلى إقامة الأدلة على وجوده، ولو بتسجيل يظهر فيه بصورته وصوته يشير الى آخر الأحداث الجارية في هذه الأيام؛ ليعلم الناس بوجوده وبقائه.
وأما تشكيكات المخالفين في بقاء الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام فهي مردودة بعدة أدلة، ويكفي حديث الثقلين الذي يدل على وجود إمام صالح للإمامة من أهل البيت عليهم السلام في كل عصر، ولا يوجد إمام معصوم صالح للإمامة من أهل البيت عليهم السلام في هذا العصر إلا الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، فإن قلنا: إنه عليه السلام لا يفارق القرآن ولا يفارقه القرآن، وهذا باطل بنص حديث الثقلين كما قلنا.
مضافاً إلى ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
ولا شك في أن غير الشيعة لم يبايعوا إماماً واحداً لهم، فتكون ميتتهم ميتة جاهلية بنص هذه الحديث الصحيح عندهم، فإذا كان الشيعة أيضاً لا إمام لهم أو أن إمامهم معدوم، فجميع المسلمين في هذا العصر وما سبقه يموتون ميتة جاهلية، وهو باطل بالاتفاق، فلابد من القول بأن بعض المسلمين _ وهم الشيعة _ ميتتهم ليست جاهلية؛ لأن لهم إماماً مفترض الطاعة، ولا إمام يقول به الشيعة إلا الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، وهذا دليل وجوده وبقائه.
ولكن ربما يقال: إن أتباع أحمد إسماعيل يعلمون أنه حيٌّ يُرزق؛ لأنه بين كل فترة وفترة يضع تسجيلاً له في موقعه الرسمي، وآخر تسجيل له كان في محرم سنة 1432هـ.
والجواب: أن التسجيل الصوتي لا يُعلم أنه له أو لغيره؛ لأننا لم نر له فيما سبق تسجيلاً بالصوت والصورة حتى نعلم أن هذا الصوت صوته، بل حتى لو كنا نعرف صوته ونميِّزه عن غيره من الأصوات، فإن وجود تسجيل صوتي لا يدل على حياته فعلاً؛ لأن كل من كان عنده معرفة بشيء من وسائل التقنية الحديثة يمكنه أن يسجِّل كلاماً بأي صوت يريده، ولهذا لا يعتبر العقلاء التسجيل الصوتي دليلاً في هذا العصر؛ لاحتمال كونه مفبركاً.

 

الانتظار بين الإسلام والأديان الأخرى

$
0
0
الانتظار بين الإسلام والأديان الأخرى

فكرة الإمام المهدي عليه السلام وإن كانت تشكّل جزءاً من العقيدة الدينية الاّ انها من جانب آخر تعدّ الأمل الذي شدّ جميع أبناء البشر بما فيهم المنكرين لحقيقة السماء.
إن المثير حقاً أن يختلف المتدينون حول فكرة ظهور الإمام المهدي عليه السلام بما هي فكرة تتصل بالاعتقاد الديني من جانبه الخطير، فالإمام المهدي عليه السلام ليس اختصاصاً بمذهب الشيعة، ولا هو عقيدة طارئة كما هو شأن كثير من المفردات التي تحتاج التثبت والفحص والتحقيق.

فكرة الإمام المهدي عليه السلام وإن كانت تشكّل جزءاً من العقيدة الدينية الاّ انها من جانب آخر تعدّ الأمل الذي شدّ جميع أبناء البشر بما فيهم المنكرين لحقيقة السماء.
إن المثير حقاً أن يختلف المتدينون حول فكرة ظهور الإمام المهدي عليه السلام بما هي فكرة تتصل بالاعتقاد الديني من جانبه الخطير، فالإمام المهدي عليه السلام ليس اختصاصاً بمذهب الشيعة، ولا هو عقيدة طارئة كما هو شأن كثير من المفردات التي تحتاج التثبت والفحص والتحقيق.
ان الإمام المهدي عليه السلام بشارة تضمّنتها كل العقائد الدينية السابقة للإسلام، وجاء الإسلام ليضع يده على ملامح هذه البشارة ويؤكد وقوعها، ويشرح تفاصيلها بدقة، بحيث أصبح ما عندنا عن الإمام المهدي عليه السلام من أخبار متواترة يفوق كثيراً من القضايا العقائدية الأخرى.
فالأديان السماوية تشترك في تبنيها فكرة الخلاص للبشرية على يد مخلّص من عالم الغيب، وعن طريق حدثٍ غيبي من صناعة وتدبير الخالق عز ذكره، وإن كانت تختلف من حيث تشخيص العنصر والحدث وفي تسمية الرجل الإلهي الذي سيقوم بمهمة الخلاص العظمى. ومن هذه الاديان :المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية والسيخية وغيرها.
إن عقيدة إنتظار مخلص أو منقذ أو مصلح عالمي ينشر العدل والرخاء في ظهوره، وتتطهر الأرض من الظلم والقهر، من العقائد البارزة التي تؤمن بها العقائد أو الديانات الوضعية حيث كان للظواهر الطبيعية والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية دور في ظهور عقيدة الانتظار.
وقد اختلفت شخصية هذا المنقذ عند العقائد الوضعية، فلاحظنا مثلاً انه النيل عند المصريين القدامى، وتارة أخرى تمثلت شخصيته بالإله تموز عند العراقيين القدامى، وأخرى تمثلت في شخصية (كرشنا) و(رامى) عند الديانة الهندوسية، وبوذا عند الديانة البوذية، وزر آدشت عند ديانة الفرس القديمة، وأخرى تظهر لنا بطبقة البروليتاريا عند المفكرين الماركسيين.
ان العقائد الوضعية تلتقي مع بقية الأديان السماوية الأخرى, كالديانتين اليهودية والمسيحية من حيث مضمون فكرة الاعتقاد بإنتظار منقذ أو مصلح أو مخلص ينقذ البشرية من الظلم، وان اختلفت أسباب هذا الاعتقاد، وجوهره يكمن في الاضطهاد والظلم والقهر، وقد أضافت الديانتان اليهودية والمسيحية أسباباً أخرى جعلت من مضمون فكرة الاعتقاد بالمنتظر فكرة أصيلة وذلك لوجودها في معتقداتهما وتعاليمهما ومصادرهما القدسية.
وتلتقي العقائد الوضعية والسماوية(اليهودية والمسيحية) مع الدين الإسلامي الذي يرى بضرورة الثورة العالمية ضد الظلم الذي أرتكب بحق الإنسان، وتعد عقيدة انتظار مخلّص أو منتظر منقذ للبشرية من الظلم واحدة من العقائد المهمة بل والأساسية عند المسلمين، والمنتظر عندهم هو الإمام المهدي عليه السلام.
وعند متابعة الفكر الإسلامي نلاحظ أن عقيدة إنتظار المهدي عليه السلام هي موضع إتفاق بين غالبية المذاهب والفرق الإسلامية وذلك لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي أوردت خبر المهدي عليه السلام وإنتظار الفرج في ظهوره ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وردت عند كل من أئمة وعلماء السُنّة والشيعة.
وهذه المسألة تكاد تكون من المسلّمات لدى جميع المسلمين، أي ان هناك تحولاً عالمياً كبيراً نحو الحق والصلاح عن طريق ثورة إلهية يقوم بها إمام رباني من أحفاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم. لكن الموضوع الذي يجب التوقف عنده هو بمثابة التساؤل عن السياق الذي سيحدث فيه هذا التحول من التسافل إلى التسامي، ومن الباطل إلى الحق، ومن شيوع الظلم إلى حلول العدالة، ومن انتشار الفساد والرذيلة إلى سيادة القيم والفضائل، وهل هذا التحول سوف يحصل نتيجة عوامل غيبية تشبه المعجزات التي كانت تحصل مع أنبياء الله السابقين، والتي عبرت عن تدخل الغيب مباشرة في عالم الشهادة وفق رؤية إلهية اقتضت حماية الدين والحق نتيجة تعرضه للهجمة من أهل الباطل، ما يستدعي الحفاظ على الدين من أجل بقاء وديمومة الحياة.. وهذا التدخل هو غير الحضور الغيبي في عالم الشهادة، هذا الحضور الدائم الذي لا يعرف الغياب والذي هو شاهد على كل عوالم الوجود، والذي يؤثر في رعاية البشر وإنزال الرزق عليهم واللطف في أحوالهم، والذي يؤثر أيضاً في التسديد والتوفيق والتأييد للصالحين ولمسيرتهم.. فالمقصود بالتدخل إذن هو غير الحضور المتحقق دائماً، وإنما هو تدخل ليفرض معادلة تغيّر من آثار المعادلات الطبيعية، وفرض نتائج وآثاراً مخالفة ومعاكسة لهذه المحاولات..

لمحة عن حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

$
0
0
  لمحة عن حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام هو ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وابن سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت محمّد سيّد المرسلين صلى الله عليه واله الطاهرين، ثاني أئمّة أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.



كنيته: أبو محمّد، وألقابه: السيّد، والسبط، والأمير، والحجّة، والبرّ، والتقيّ، والأثير، والزكيّ، والمجتبى، والسبط الأوّل، والزاهد1.

ولد بالمدينة في النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة2، وقيل: سنة اثنتين3.

جاءت به أمّه فاطمة إلى النبيّ صلى الله عليه واله، يوم السابع من مولده، في خرقة من حرير الجنّة كان جبرئيل عليه السلام نزل بها إلى رسول الله صلى الله عليه واله، فأخذه بيده، وأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثمّ قال لعليّ عليه السلام: "أيّ شيءٍ سمّيت ابني؟ قال: ما كنت لأسبقك بذلك، فقال: ولا أنا بسابق ربّي به، فهبط جبريل، فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يُقْرِئُكَ السلام ويقول لك: عليٌّ منك بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبيّ بعدك، فسمّ ابنك هذا باسم ولد هارون، فقال: وما كان اسم ابن هارون، يا جبريل؟ قال: شُبَّر، فقال صلى الله عليه واله: إنّ لساني عربيّ، فقال: سمّه الحسن"، فسمّاه حسناً، وكنّاه أبا محمّد، وفي اليوم السابع من ولادته، أمر النبيّ صلى الله عليه واله أن يُعقّ عنه بكبشين، وأن يُحلق رأسه، ويتصدّق بزنة الشعر فضّة، ثمّ طلى رأسه بيده المباركة بالطيب والخلوف.4

الحسن عليه السلام مع جدّه النبيّ صلى الله عليه واله
لقد نشأ أبو محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام في أحضان جدّه رسول الله صلى الله عليه واله، وغذّاه برسالته وتعاليم الإسلام وأخلاقه ويسره وسماحته، وظلّ معه وفي رعايته إلى أن اختاره الله إليه، حتّى أصبح مفطوراً على أخلاقه وآدابه وتعاليمه 5.

فقد كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه واله خلقاً وسؤدداً وهدياً، فعن أنس بن مالك، قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه واله من الحسن بن عليّ عليه السلام.

وفي الرواية: أتت فاطمة بابنيها الحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه واله في شكواه، التي توفي فيها فقالت: "يا رسول الله، هذان ابناك ورّثهما شيئاً" فقال: "أمّا الحسن فإنّ له هديي6 وسؤددي، وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي"7.

وجاء عن أنس بن مالك، أنّه قال: دخل الحسن على النبيّ صلى الله عليه واله فأردت أن أميطه عنه، فقال: "ويحك يا أنس! دع ابني وثمرة فؤادي، فإنّ من آذى هذا آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".

وكان الرسول صلى الله عليه واله يُقبِّل الإمام الحسن عليه السلام في فمه، ويُقبِّل الإمام الحسين عليه السلام في نحره، وكأنّه يريد إثارة قضيّة مهمّة ترتبط بسبب استشهادهما عليه السلام وإعلاماً منه عن تعاطفه معهما، وتأييده لهما في مواقفهما وقضاياهما.

لقد كان الإمام الحسن عليه السلام أحبّ الناس إلى النبيّ صلى الله عليه واله ، بل لقد بلغ من حبّه له ولأخيه، أنّه كان يقطع خطبته في المسجد، وينزل عن المنبر ليحضنهما.

والكلّ يعلم أنّ الرسول صلى الله عليه واله لم ينطلق في مواقفه من منطلق الأهواء الشخصيّة، والنزعات والعواطف الذاتيّة، وإنّما كان ينبّه الأمّة إلى عظمة هذين الإمامين ومقامهما الرفيع8.

وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه واله في حقّه وحقّ أخيه الحسين عليه السلام الكثير من الروايات، التي تنصّ على فضلهما ومكانتهما وإمامتهما، ولهما معه صلى الله عليه واله الكثير من المواقف المشهودة والمعروفة، التي رواها الرواة والمؤرّخون، ممّا لا يسع المجال لذكرها وتعدادها.

ونحن نكتفي ها هنا بذكر شيء يسير منها
فعن النبيّ صلى الله عليه واله، أنّه قال فيهما: "هما ريحانتاي من الدنيا"، وأنّه كان يقول لعليّ عليه السلام: "سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا خيراً"9.

وعن أنس بن مالك، أنّه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه واله، أيّ أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال: "الحسن والحسين"، وكان يقول لفاطمة سلام الله عليها: "ادعي ابنيّ، فيشمّهما ويضمّهما إليه"10.

وعنه صلى الله عليه واله، أنّه كان يقول فيهما: "أللَّهم إنّي أحبّهما فأحبّهما، وأحبّ من يحبّهما".

وعنه صلى الله عليه واله: "من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني"، وفي بعض الروايات: "الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النّار"11.

واجتمع أهل القِبلة على أنّ النبيّ صلى الله عليه واله، قال: "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا".

واجتمعوا أيضاً أنّه صلى الله عليه واله قال: "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة"12.

وعنه صلى الله عليه واله، في حقّ الإمام الحسن عليه السلام: "هو سيّد شباب أهل الجنّة، وحجّة الله على الأمّة، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فإنّه ليس منّي..."13.

هذا بالإضافة إلى الحوادث الشهيرة التي كانت مناسبة لنزول الآيات القرآنيّة في فضل أهل البيت عليهم السلام، ممّا رواه المسلمون جميعاً، ومنها:

- آية التطهير: حيث نزلت على النبيّ صلى الله عليه واله في بيت أمّ سلمة، فدعا النبيّ عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم في الكساء، وقال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾14.

- آية المباهلة: ومناسبتها أنّه وفد بعض أساقفة نصارى نجران على النبيّ صلى الله عليه واله، وناظروه في عيسى عليه السلام15، فأقام عليهم الحجّة، فلم يقبلوا، ثمّ اتفقوا على المباهلة 16 أمام الله، على أن يجعلوا لعنة الله الخالدة، وعذابه المعجّل على الكاذبين.

ولقد سجّل القرآن الكريم هذا الحادث العظيم في تاريخ الرسالة الإسلاميّة، بقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾17.

فلمّا رجعوا إلى منازلهم، قال رؤساؤهم "السيّد والعاقب والأهتم": إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنّه ليس نبيّاً، وإن باهلنا بأهل بيته خاصّة لم نباهله، فإنّه لا يُقدم إلى أهل بيته إلّا وهو صادق، فخرج إليهم صلى الله عليه واله، ومعه عليّ وفاطمة والحسنان، فسألوا عنهم، فقيل لهم: هذا ابن عمّه، ووصيّه، وختنه عليّ بن أبي طالب، وهذه ابنته فاطمة، وهذان ابناه الحسن والحسين، ففرقوا، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه واله: نعطيك الرضا، فاعفنا من المباهلة، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه واله على الجزية وانصرفوا. قال الطبرسيّ: أجمع المفسّرون على أنّ المراد بأبنائنا الحسن والحسين عليه السلام".

وقال الزمخشريّ: وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء18.

- سورة "هل أتى": روى الزمخشريّ في كشّافه، عن ابن عبّاس رضي الله عنه: أنّ الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله عليه واله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة- جارية لهم- إن بَرِئا ممّا بهما، أن يصوموا ثلاثة أيّام، فشفيا وما معهم شيء، فاستقرض عليّ عليه السلام ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال:

السلام عليكم، أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه، وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء، وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا، ووضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا، أخذ عليّ عليه السلام19 بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه واله فلمّا أبصرهم، وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال: "ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم"، وقام، فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبريل، وقال: "خذها يا محمّد، هنّأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة"20.

من فضائله ومناقبه
عن الصادق عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه عليه السلام: "أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصِراط بكى، وإذا ذكر العَرْض على الله، تعالى ذكره، شَهِق شَهْقة يُغشى عليه منها.

وكان إذا قام في صلاته، ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار، اضطرب اضطراب السليم21، وسأل الله تعالى الجنّة، وتعوّذ به من النّار. وكان عليه السلام لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، إلّا قال: "لبّيك اللَّهم لبّيك. ولم يُرَ في شيء من أحواله إلّا ذاكراً لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجةً، وأفصحهم منطقاً"22.

وروي أنّ شاميّاً رآه راكباً، فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السلام عليه وتبسّم، وقال: "أيّها الشيخ، أظنّك غريباً، ولعلّك شبَّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنياك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرَّكت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كبيراً"، فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقداً لمحبّتهم23.

وروي أنّه عليه السلام مرّ على فقراء، وقد وضعوا كسيرات على الأرض، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها، فقالوا له: هلمَّ يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء، قال: فنزل، وقال: "إنّ الله لا يحبّ المستكبرين"، وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا، والزاد على حاله ببركته، ثمّ دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم 24.

وعن بعضهم، أنّه قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلى الله عليه واله، ما بلغ الحسن عليه السلام، كان يبسط له على باب داره، فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما مرّ أحد من خلق الله إجلالاً له، فإذا علم قام ودخل بيته، فمَرَّ الناس. ولقد رأيته في طريق مكّة ماشياً، فما من خلق الله أحدٌ رآه إلّا نزل ومشى، حتى رأيت سعد بن أبي وقّاص يمشي!25

وذكر في المناقب أنّه كان عليه السلام إذا توضّأ، ارتعدت مفاصله واصفرّ لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حقٌ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه، وترتعد مفاصله.

وكان عليه السلام إذا بلغ باب المسجد، رفع رأسه، ويقول: "إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي، بجميل ما عندك يا كريم".

وكان إذا فرغ من الفجر، لم يتكلّم حين تطلع الشمس، وإن زحزح. أي وإن أريد تنحيه من ذلك، باستنطاق ما يهمّ.

وعن الصادق عليه السلام، أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً، وقاسَم الله تعالى ماله مرّتين. وفي خبر: قاسَم ربّه ثلاث مرّات، وحجّ عشرين حجّة على قدميه.

وروي عنه عليه السلام، قوله: "إنّي لأستحيّي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه".

وروي أنّه عليه السلام خرج من ماله مرّتين، وقاسم الله ماله ثلاث مرّات، حتّى إن كان ليعطى نعلاً ويمسك نعلاً، ويعطى خفّاً ويمسك خفّا 26.

عن الرضا، عن آبائه، قال: "لمّا حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب الوفاة بكى، فقيل له: يا ابن رسول الله أتبكي، ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله الذي أنت به؟ وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه واله ما قال؟ وقد حججت عشرين حجّة ماشياً؟ وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل؟ فقال عليه السلام: "إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبّة"27.

وعن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام، يقول: كتب إلى الحسن بن عليّ عليه السلام قومٌ من أصحابه يعزّونه عن ابنة له، فكتب إليهم: "أمّا بعد، فقد بلغني كتابكم تعزّوني بفلانة، فعند الله أحتسبها تسليماً لقضائه، وصبراً على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالأحبّة المألوفة، التي كانت بنا حفيّة28، والإخوان المحبّين، الذين كان يسرّ بهم الناظرون، وتقرّ بهم العيون. أضحوا قد اخترمتهم الأيّام، ونزل بهم الحِمام، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلّة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها29 إخوانها، فلم أرَ مثل دارها داراً، ولا مثل قرارها قراراً في بيوت موحشة، وحلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة، وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قِلىً30، فاستودعتها البلاء، وكانت أمّة مملوكة، سلكت سبيلاً مسلوكة، صار إليها الأوّلون، وسيصير إليها الآخرون، والسلام"31.

من مواعظه قبيل شهادته
وممّا وعظ به جنادة بن أبي أميّة، عندما دخل عليه قبيل وفاته، وقال له: عظني يا ابن رسول الله، قال: "نعم، استعدّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك، الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلّا كنت فيه خازناً لغيرك.

واعلم أنَّ في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالاً، كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراماً، لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فإنّ العتاب يسير.

واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ، وإذا نازعتك إلى صحبة الرِّجال حاجة، فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدَّق قولك، وإن صلت شد صولك32 ، وإن مددت يدك بفضل مدَّها، وإن بدت عنك ثلمة سدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدَّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتَّ عنه ابتداك، وإن نزلت إحدى الملمّات به ساءك.

من لا تأتيك منه البوائق، ولا يختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسماً آثرك"33.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-      ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 29.
2- المفيد: الإرشاد ج 2 ص 5، الطوسيّ: تهذيب الأحكام ج 6 ص 39، ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 28.
3- أنظر: الكلينيّ: الكافي ج 1 ص 461، ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 28..
4- المفيد: الإرشاد ج 2 ص 57.
5- آل ياسين الشيخ محمّد حسن: الأئمّة الاثنا عشر سيرة وتاريخ ج 1 ص 125.
6- معروف الحسنيّ هاشم: سيرة الأئمّة الاثني عشر ج 1 ص 462.
7- في رواية ابن أبي الحديد: "هيبتي".
8- المفيد: الإرشاد ج 2 ص 57، ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة ج 16 ص 210- 211.
9- المجمع العالميّ لأهل البيت: أعلام الهداية، الإمام الحسن "المجتبى" ج 4 ص 51.
10- الفيروزآبادي السيّد مرتضى الحسينيّ: فضائل الخمسة من الصحاح الستّة ج 3 ص 226- 227، عن صحيح البخاريّ وحلية الأولياء لأبي نعيم.
11- المصدر السابق ص 247، عن صحيح الترمذيّ.
12- المصدر السابق ص 249 و250 و252، عن صحيح الترمذيّّ وابن ماجة والمستدرك على الصحيحين.
13- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 394.
14- المجمع العالميّ لأهل البيت: أعلام الهداية، الإمام الحسن "المجتبى" ج 4 ص 50.
15- آل ياسين الشيخ محمّد حسن: الأئمّة الاثنا عشر، سيرة وتاريخ ج 1 ص 127.
16- من البهلة، وهي اللعنة، ثمّ كثر استعمال الابتهال في المسألة والدعاء إذا كان بإلحاح.
17- آل عمران: 59- 61.
18- مرتضى العاملي جعفر: الحياة السياسيّة للإمام الحسن ص 16- 20. وانظر: المجمع العالميّ لأهل البيت: أعلام الهداية، الإمام الحسن "المجتبى"ج 4 ص 52.
19- في المصدر: رضي الله عنه.
20- الزمخشريّ جار الله: الكشّاف ج 4 ص 197.
21- أي الاضطراب من لسعة العقرب.
22- الصدوق: الأماليّ ص 244.
23- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 19.
24- المصدر السابق ص 23.
25- المصدر السابق ص 7.
26- ابن شهرآشوب: المناقب ج 4 ص 14، وانظر: ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة ج 16 ص 211.
27- الصدوق: الأمالي ص 291.
28- الحفيّ: البَرّ اللطيف.
29- في نسخة: أخشعها.
30- القلى: البغض والهجران.
31- الطوسيّ: الأمالي ص 202.
32- الصول: السطوة والاستطالة.
33- المجلسيّ: بحار الأنوار ج 44 ص 138 عن كفاية الأثر للقمّي.



حديث الثقلين ووجود الإمام المهدي عليه السلام

$
0
0
حديث الثقلين ووجود الإمام المهدي عليه السلام

ذهب أهل السنّة والجماعة إلى عدم وجود الإمام المهدي عليه السلام الآن, وقالوا إنّه سوف يولد في آخر الزمان رجلاً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلما وجورا, بينما ذهب علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى خلاف ذلك, فهم يعتقدون بوجود الإمام المهدي عليه السلام، وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام, وقد ولد في سر من رأى سنة 255 للهجرة على الأشهر، واستدلّوا على ذلك بأدلة كثيرة ومن أهمّها حديث الثقلين وهو من الأحاديث المتواترة،

ذهب أهل السنّة والجماعة إلى عدم وجود الإمام المهدي عليه السلام الآن, وقالوا إنّه سوف يولد في آخر الزمان رجلاً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلما وجورا, بينما ذهب علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى خلاف ذلك, فهم يعتقدون بوجود الإمام المهدي عليه السلام، وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام, وقد ولد في سر من رأى سنة 255 للهجرة على الأشهر، واستدلّوا على ذلك بأدلة كثيرة ومن أهمّها حديث الثقلين وهو من الأحاديث المتواترة، رواه حفّاظ أهل السنة والشيعة بأسانيد صحيحة عن جمع غفير من الصحابة عد ابن حجر من علماء أهل السنّة أكثر من عشرين منهم في كتابه (الصواعق المحرقة)، وعدّ غيره من حفاظ أهل السنّة أكثر من ثلاثين صحابياً، كما في (سنن الترمذي)، وألف الحافظ أبو الفضل المقدسي المعروف بابن القيسراني وهو من كبار حفّاظ أهل السنة كتاباً خاصاً عن طرق هذا الحديث الشريف. كما اثبتت الدراسات الحديثية تواتره، مما لايقبل الشك والنقاش فيه، نظير ما فعل العلامة المير حسن حامد الموسوي في موسوعة (عبقات الأنوار) وغيره من العلماء، وقد ذكر بعض الاعلام طرق هذا الحديث عن خمسين صحابياً, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مضمون هذا الحديث الشريف: (إنّي تارك فيكم ‏ ‏الثقلين‏، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض‏، ‏وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض).
وفي الحديث الشريف دلالة واضحة على عدم خلوّ الزمان من العترة الطاهرة، لانّه لو حصل ذلك للزم افتراق الكتاب عن العترة، وهذا خلاف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)، فمتى ما وجد القران، في عصرنا الحاضر وفي أيّ عصر من العصور فلابدّ من وجود من يمثّل العترة الطاهرة النبوية، ويكون مصداقا للثقل الثاني لكي يتمسّك العباد به وبالذكر الثاني المحفوظ بهدف النجاة من الضلالة، عملا بوصية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وبهذا يثبت وجود الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام لانّه الشخص الوحيد الذي يمثّل العترة في كل زمان، فهو حي موجود على بقاع هذه الأرض, ويسير بسيرة آبائه وأجداده الأطهار.
وقد تنبّه لهذه الحقيقة عدد من كبار علماء أهل السنة والجماعة، فقال ابن حجر في صدد هذا الحديث (إنّ في أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت عليهم السلام إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أنّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض، وقال أيضاً (إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض).

وقال الإمام الزركاني يحكي في (شرح المواهب): عن العلاّمة السمهودي أنّه قال: (هذا الخبر يُفِهم وجود من يكون أهلاً للتمسك به من عترته في كلّ زمن الى قيام الساعة، حتى يتوجّه الحثّ المذكور على التمسّك به، كما أنّ الكتاب كذلك، فلذا كانوا أماناً لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض.
ولكن ربّما يقال إنّ هذا الحديث الشريف لا يدل على شخص الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، بل غاية ما يدل عليه هو وجود شخص من العترة عدل للقران الكريم، ولا يلزم أنْ يكون هو الإمام المهدي عليه السلام الذي ينتظره اتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام؟
فنقول: أوّلا: إنّ في هذا الحديث الشريف دلالة واضحة على عصمة العترة الطاهرة، وذلك لانّنا لو قلنا بعدم عصمتهم عليهم السلام للزم افتراق القرآن عن العترة، وهذا باطل لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، مضافاّ إلى ذلك إنّ الحديث الشريف يبين لنا أنّ التمسك بالكتاب والعترة نجاة من الضلال، فلو قلنا بعدم عصمتهم عليهم السلام فإنّ معنى هذا أنّه يجوز عليهم الخطأ، فلو فرضنا أنهم قد اخطؤوا في مسألة متعلقة بالدين للزم من ذلك أنهم قد اخذوا بنا إلى الضلال، وهذا خلاف ما ورد في الحديث من قوله صلى الله عليه وآله وسلم (ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا).
ثانياً: وجود النصوص التي تبيّن لنا أنّ الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش _كما ورد ذلك في (صحيح البخاري) كتاب الاحكام باب الاستخلاف_، وكذلك حددت الروايات شخصية الإمام المهدي عليه السلام، فبعضها ذكرت أنّه من ذرية فاطمة عليها السلام، والتاسع من ذرية الحسين عليه السلام وابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، فقد ورد عن الصادق عليه السلام قال: (قال سلمان المحمدي رضي الله عنه أنّه قال: (رأيت الحسين بن علي عليهما السلام في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقبّل عينيه ويلثم شفتيه ويقول: أنت سيد بن سيد أبو سادة، أنت حجة بن حجة أبو حجج، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة التسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم).
وورد عن حذيفة بن اليمان، قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ما هو كائن ثم قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي إسمه إسمي، فقام سلمان وقال: يا رسول الله من أيّ ولدك هو؟، قال: من ولد هذا، وضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام).
وكذلك ورد عن جابر بن يزيد الجعفي قال: (سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جابر: إنّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم إسمه إسمي وكنيته كنيتي، محمد بن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله _تبارك وتعالى_ على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان، قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل للناس الإنتفاع به في غيبته؟، فقال: إي والذي بعثني بالنبوة، إنّهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كإنتفاع الناس بالشمس وإنْ سترها سحاب، هذا من مكنون سر الله، ومخزون علم الله، فاكتمه إلاّ عن أهله). (ينابيع المودة).

الشیخ وسام البغدادی

ملامح آخر الزمان ودولة الإمام عليه السلام

$
0
0
ملامح آخر الزمان ودولة الإمام عليه السلام

تطلق لفظة (آخر الزمان) ويراد بها الزمان المقارب لنهاية عمر الكرة الأرضية والنظام الكوني، أو يراد بها الحساب الزمني الذي يرتبط بالتاريخ البشري، آخر زمان البشر، أو آخر فترة يعيش فيها الإنسان.
إننا نعلم ومن خلال النصوص الشريفة، من القرآن الكريم والسنة النبوية، أنّ نهاية البشرية تقترن بنهاية الكون، قبيل القيامة. وهذه النصوص تتحدث عن قرب الساعة..

 

تطلق لفظة (آخر الزمان) ويراد بها الزمان المقارب لنهاية عمر الكرة الأرضية والنظام الكوني، أو يراد بها الحساب الزمني الذي يرتبط بالتاريخ البشري، آخر زمان البشر، أو آخر فترة يعيش فيها الإنسان.
إننا نعلم ومن خلال النصوص الشريفة، من القرآن الكريم والسنة النبوية، أنّ نهاية البشرية تقترن بنهاية الكون، قبيل القيامة. وهذه النصوص تتحدث عن قرب الساعة.. وأنّ هذه الساعة هي ساعة يوم القيامة، فمن القرآن الكريم، قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ) وقوله تعالى: (وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذينَ كَفَرُوا...) وفي السنّة الشريفة نجد الروايات كثيرة ومنها: أنّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبّابة والوسطى، وقرّب بينهما، كناية عن القرب الشديد) وقال صلى الله عليه وآله وسلم في نص آخر (إنّي لأجد الساعة بين كتفيّ) يعني أنّها تأتي خلفي مباشرة، كذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا المضمون مثلما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام (أنا والساعة كفرسي رهان وإن كانت لتسبقني).
والحديث هنا في عدة محاور:
1. إنّ الساعة قريبة.
2. دولة العدل الإلهي غير مرتبطة بحياة الإمام عليه السلام.
3. الملامح العامة لآخر الزمان.
1. إنّ الساعة قريبة:
يقول تعالى: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعيداً*وَ نَراهُ قَريباً).
وربّما يقال هنا إنّ القرب ليس بحساب الزمن وإنّما القرب بالنسبة لله، لأنّ كل بعيد هو عند الله قريب.. فالله تعالى تتساوى عنده الأمكنة والأزمنة بل هو عزوجل فوق الزمان والمكان، وهو الذي خلق الزمان والمكان.. وقد يكون المراد من اقتراب الساعة ليس بحساب الزمن البشري وانّما بحسابات إلهيّة.
أي يتصور البعض أنّ القضية قريبة كما في الحسابات الإلهية باعتبار (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعيداً*وَ نَراهُ قَريباً) فكل شيء يراه البشر بعيداً فهو عند الله قريب. وإنْ كانت هذه الآية قد فسّرت بعصر ظهور الإمام المهدي عليه السلام وليس بيوم القيامة، والظاهر من النصوص الشريفة هو القرب بالحساب الزمني البشري، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (بعثت أنا والساعة كهاتين).
وقد يقول قائل: لقد مضى على وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرابة أربعة عشر قرناً ولم تأت الساعة، فأيّ قرب هذه فيكون المقصود _والله أعلم_ ليس قرب الأيام والشهور وانّما القرب بحساب عمر الأرض وعمر الكون وعمر الدنيا.
فالمقصود من نهاية الدنيا وآخر الزمان، وقرب الساعة، هو أنّ الدنيا التي نقدّر لها.. مضى أكثر عمرها.. ولم يتبقّ إلاّ القليل.. ومن هنا جاء القرب، والدليل على ذلك أنّ قول الرسول هذا جاء في خطبته صلى الله عليه وآله وسلم قبيل المغرب والناس يتهيؤون للصلاة، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إنّما مضى من الدنيا فيما بقي منها مثلما مضى من يومكم هذا مما بقي منه..).
بمعنى أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يريد أنْ يقول: إنّه مضى أكثر اليوم وبقي قليله.. كذلك هو عمر الدنيا.
فالمراد من فترة آخر الزمان هي الفترة الأخيرة من حياة الأرض والكون.
2. دولة العدل الإلهي غير مرتبطة بحياة الإمام عليه السلام:
من خلال متابعة الروايات الواردة في ذلك يبدو أنّ دولة العدل والدولة الإلهية العادلة والكاملة غير مرتبطة بعمر الإمام عليه السلام.
وهنا يرد السؤال وهو: من يحكم بعد الإمام عليه السلام.. هل أناس مهديون من ذريته؟ فيرد الجواب وكما في الروايات أنّه أوّل من يحكم بعد الإمام الحجة عليه السلام هو الإمام الحسين عليه السلام، حيث للموضوع علاقة ببدء عصر الرجعة.. وإنّ هذه الدولة تستمر بعد وفاة الإمام عليه السلام.
إنّ مصطلح آخر الزمان ليس آخر الزمان بحساب اللحظات والدقائق والأيام والسنوات وانّما هو عصر وحقبة ربانيّة، ومرحلة من مراحل البشرية ومراحل الأرض.
إنّ آخر الزمان بحسب النصوص بدأ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يسير بخطّ تصاعديّ.. لأنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو آخر الأنبياء، والإسلام آخر الأديان.
وإنّ الروايات عندما تذكر آخر الزمان فإنما تقصد عصر الإمام المهدي عليه السلام لانّ عصره يقع آخر الزمان.
وإنّ دولته عليه السلام تقع في الحقبة الأخيرة من عمر البشرية، وهي حقبة ممتدّة.
3. الملامح العامّة لآخر الزمان:
الحديث النبوي الشريف يقول متحدّثاً عن الإمام المهدي عليه السلام: (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
إنّ إمتلاء الأرض _قطعاً_ لا يقع في لحظة تاريخية واحدة.. بل يظهر هنا الملئ تدريجياً.. فإنّ الأرض في مشوارها الطويل، بدأ بها الظلم يتراكم ويتراكم وهكذا حتى تمتلئ، ثم يأتي من يملؤها إثر ذلك قسطاً وعدلاً، وهو الإمام المهدي عليه السلام.
وإنّ المهدي من أشراط الساعة، حيث الشرط هو العلامة.
إن الروايات التي وردت حول الحديث عن ملامح آخر الزمان والتي من أهمها وأكبرها ظهور الإمام المهدي عليه السلام.. وهذا لا يختلف عليه إثنان.. وإنّ الروايات هذه يمكن تصنيفها الى اصناف، فمنها ما يتحدث عن الملامح الاجتماعية.. والاخلاقية.. الاقتصادية.. والملامح الكونية لتلك المرحلة.
ومنها تلك التي تتحدث عن الملامح الكونية لآخر الزمان حيث أمور تحدث قبل الظهور المفدّى، وأمور تحدث بعده..
فهناك روايات تحدّثت عن تغييرات مناخيّة كبيرة تقع على مستوى الأرض، مثل كثرة الزلازل.. أو تصاعدها بوتيرة كبيرة جداً، أو كثرة الفياضانات المفاجئة أو كثرة الأمطار أو قلّتها.. أو الاضطرابات المناخية.. التي يمكن إرجاعها إلى التخريب الكبير الذي عمله الإنسان في الأرض من حيث يدري او لا يدري، فغيّر ذلك في موازين البيئة..، فحدث فيها ما حدث من أمور كالإحتباس الحراري وما اليه.
كذلك الضنك الاقتصادي الشديد الذي يعيشه الناس في آخر الزمان.. بحيث يتمنّى المؤمن الموت صباحاً ومساءً لما يرى من تكالب الناس.. ونتيجة المذاهب الاقتصادية الأرضية التي لم تجلب للناس إلاّ مزيداً من الفقر والمعاناة.
فإذا جاء الأمل الجديد.. الأمل الإلهي.. الإمام المهدي عليه السلام.. فسوف يكون الخير كله.. وسوف تكون الفترة المتبقية من عمر البشرية، والكرة الارضية سوف تكون فيها نعمة لم تنعم بمثلها قط.
هذا وتوجد في صفحة المركز العديد من المحاضرات المهدوية يمكنك عزيزي القاريء متابعتها والاستفادة منها في بناء أفكارك المهدوية.

الشیخ محمد الشوکی

 

الرجعة نافذة نطلّ من خلالها على دولة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم / الحلقة الأولى

$
0
0
الرجعة نافذة نطلّ من خلالها على دولة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم / الحلقة الأولى

للحديث عن الرجعة وحقيقتها مفهوماً وواقعاً لابدّ أنْ يلحظ جملة كبيرة مما له الأثر في إجلاء الحقيقة وتوضيح المقصود، فالرجعة كمفهوم قد تكون واضحة بلحاظ عمومياتها ولكنْ قد ينتابها بعض الغموض بلحاظ بعض حيثيّاتها، فلابدّ من الرجوع حينئذ إلى المفهوم وبيانه بشكل ينسجم مع إزالة الغموض وإثراء الوضوح ولابدّ قبل هذا وذاك من أنْ يكون المنهج المتبع في تبييض صفحة الرجعة التي كتب عنها الكثير ذا قدرة على استيعاب تلك التفاصيل التي...

للحديث عن الرجعة وحقيقتها مفهوماً وواقعاً لابدّ أنْ يلحظ جملة كبيرة مما له الأثر في إجلاء الحقيقة وتوضيح المقصود، فالرجعة كمفهوم قد تكون واضحة بلحاظ عمومياتها ولكنْ قد ينتابها بعض الغموض بلحاظ بعض حيثيّاتها، فلابدّ من الرجوع حينئذ إلى المفهوم وبيانه بشكل ينسجم مع إزالة الغموض وإثراء الوضوح ولابدّ قبل هذا وذاك من أنْ يكون المنهج المتبع في تبييض صفحة الرجعة التي كتب عنها الكثير ذا قدرة على استيعاب تلك التفاصيل التي ينبغي الخوض فيها عند الحديث عن الرجعة فلابدّ وأنْ يكون المنهج الذي نتسلح به للخوض في ابحاث الرجعة منهجاً تلفيقياً، إذ بعض ابحاثها والكثير من تلك الشبهات التي حامت حولها لايجاب إلاّ بالمنهج العقلي، بينما البعض الآخر يحتاج إلى المنهج الكلامي، فيما يحتاج نموذج ثالث من ابحاثها المنهج التفسيري، فيما لابدّ من الخوض والاستفادة عند البحث عن بعض مفاصل الرجعة من المنهج التأريخي، بينما لايمكن الاستغناء عن المنهج الفقهي في حديثنا عن الرجعة وبعض جوانبها، أمّا إذا أردنا الخوض في عمق بعض ابحاثها واستجلاء الصورة أكثر فلابدّ من التدرّع بالمنهج العرفاني.
وكل هذه المناهج لايمكن الاستغناء عن واحد منها بلحاظ البحث الذي يتوقف عليها، اذ من الخطأ الكبير أنْ نخوض في بحث تفسيري من خلال المنهج العقلي او التاريخي والعكس بالعكس وهكذا البحوث الأخرى.
ولنضرب على ذلك بعضاً من الأمثلة نستجلي من خلالها الصورة أكثر، فإنّ بعض الآيات القرآنية تحدثت عن الرجعة على ما فسره كثير من العلماء تبعاً للروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام كقوله تعالى: (أَوْ كَالَّذي مَرَّ عَلى‏ قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيي‏ هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقال تعالى: (وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) وقال تعالى: (وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
فإنّ هذه الآيات فسرتها الكثير من الروايات كما ستأتي الإشارة إليها بالرجعة وهنا لابد للبحث في هذه الروايات ومفادها ودلالتها من إعتماد المنهج التفسيري، بينما إذا أردنا الحديث عن قضية تأريخية لها ارتباط بالرجعة لابد من إعتماد المنهج التأريخي في إثبات دلالة الحادثة التاريخية على قضية الرجعة، فقضية أولئك القوم الألوف الذين خرجوا حذر الموت فأماتهم الله ثم أحياهم هي قضية ذات بعد تأريخي لابدّ من الحديث عنها بمنهج تاريخي وكذلك ما وقع من إحياءات بعد البعثة النبوية الشريفة في الأمّة الإسلامية وقد سجلته كتب التاريخ بشكل وافر، فإنّ الكثير من الناس الذين توفوا وماتوا رجعت لهم الحياة مرة أخرى وشكلت رجعتهم بالنسبة ألينا حادثة تأريخية، فللحديث عنها ومقدار دلالتها لابدّ من الاستعانة بالمنهج التاريخي.
بخلاف ما لو كان هناك بحث عقلي يرتبط بالرجعة من استحالة او إمكان كما في بعض الشبهات التي تلقى تجاه الرجعة، فلابدّ فيها من اتباع المنهج العقلي.
هناك جملة من الأبحاث التي لابدّ من إثرائها عند الحديث عن الرجعة بعد أنْ ينتهي الحديث عن أصل إثباتها, وهي هل أنّ الرجعة جزء من عالم البرزخ أو من عالم الدنيا، وهل هي خاصة ببعض الناس أم عامة لكلهم، وإذا كانت خاصة ببعضهم فمن هم الذين يرجعون؟.
وهل الذين يرجعون يلتقون بالناس؟.
ومتى تبدأ الرجعة؟ وهل يرجع جميع الأئمة بل والإمام المهدي أيضاً؟ فهل الرجعة على مراحل أم مرحلة واحدة، ثم ماهو نمط المعيشة في عالم الرجعة؟ وهل الرجعة روحية أم بالأبدان؟ وهل هي شاملة لكل الكون أو الكرة الأرضية أم خاصة بأمكنة كالكوفة والمدينة؟.
ومن يحكم في الرجعة اذا رجع إمامان أو أكثر.
وهل بعد دولة المهدي دولة أخرى ثم هل يوجد تعارض بين احاديث والتقلين، ثم هل بينها وبين احاديث الثقلين لقوله (حتى يردا عليّ الحوض) وهل تتعارض أحاديث الرجعة مع استمرار إمامة الإمام المهدي ومع بعض الآيات القرآنية كالبرزخ في قلوه تعالى (كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وهل يوجد في الرجعة ابليس وهل يوجد تعددية دينية أم ان هناك دين واحد وما هي حقيقة وضع قبور الأئمة عليهم السلام ومطلقات استحباب زيارتهم بعد رجعتهم وخروجهم من قبورهم وغيرها من الاسئلة التي سوف نتناولها في هذه الابحاث ان شاء الله تعالى.

الشيخ حميد الوائلي


العلماء والمسألة المهدوية (الشيخ البلاغي مثلاً)

$
0
0
العلماء والمسألة المهدوية (الشيخ البلاغي مثلاً)

عندما نرى أنّ الشارع يؤكّد ويركّز على الانتظار، ونجد أن الانتظار ليس عملاً أو وظيفة لجيل خاص بل هو لكل الأجيال، نفهم أنّ قضية المهدي عليه السلام قضية ترتبط بجميع الأزمان، وإنّ إحياء آثار العلماء الماضين الكبار لاسيما الذين لهم نظرة مهدوية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الإمام المهدي عليه السلام.
إننا نجد لبعض هؤلاء العظام والعلماء الكبار دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع كالعلّامة البلاغي النجفي، فإحياء آثار هؤلاء يعني تهيئة الأجواء والأرضية كاستقبال القضية المهمة، الشرعية الدينية والتي نسمّيها ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وهذه هي العلاقة الأولى التي تربط قضية إحياء تراث العلماء بقضية المهدوية.

عندما نرى أنّ الشارع يؤكّد ويركّز على الانتظار، ونجد أن الانتظار ليس عملاً أو وظيفة لجيل خاص بل هو لكل الأجيال، نفهم أنّ قضية المهدي عليه السلام قضية ترتبط بجميع الأزمان، وإنّ إحياء آثار العلماء الماضين الكبار لاسيما الذين لهم نظرة مهدوية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الإمام المهدي عليه السلام.
إننا نجد لبعض هؤلاء العظام والعلماء الكبار دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع كالعلّامة البلاغي النجفي، فإحياء آثار هؤلاء يعني تهيئة الأجواء والأرضية كاستقبال القضية المهمة، الشرعية الدينية والتي نسمّيها ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وهذه هي العلاقة الأولى التي تربط قضية إحياء تراث العلماء بقضية المهدوية.
أمّا العلاقة الثانية فهي قضية التكامل أو السير التكاملي، الذي هو بحاجة إلى أنْ نزيد في علمنا، فالعلم ليس قضية ترتبط بالواقع الحاضر، وهو متشكّل ومتكوّن _ولاسيما العلوم الدينية_ من تجارب العلماء الماضين، ولو تناسينا الأفكار الاجتماعية التي طرحت من قبل الشخصيات الماضية فسوف نكون في جوّ بعيد عن العلم أو الكمال علمي. إنّ العلّامة البلاغي من جملة هؤلاء الذين لهم أفكار رائعةر في القضية المهدوية. خاصة ونحن بحاجة ماسة داخل القضية المهدوية إلى أنْ ننظر إلى التجارب السابقة التي كانت لعلمائنا، فهذه هي الزاوية الثانية. أمّا الزاوية الثالثة، فنحن نعلم أنّ الإمام المهدي عليه السلام يأتي لكي يصلح المجتمع، بمعنى أنّ قضية ظهور الإمام المهدي قضية لها علاقة وثيقة بالاصلاح وبالمجتمع والعدل الكامل وتحقيقه، فنحن لكي نتمكن من تهيئة الارضية لهذه القضية الكبرى، فنحن بحاجة إلى الإصلاحات التي تمت من قبل العلماء والمفكرين الماضين، والعلّامة البلاغي على رأس هؤلاء المفكرين الذين لهم دور كبير وبنّاء في المجتمع، وقد ترك هذا العلّامة آثاراً ايجابية وبنّاءة،...

التعريف بالعلّامة البلاغي يعني كشف الوظيفة لهذا الواقع الذي نعيش فيه، والعمل على أساسه، ويعني تهيئة الأرضية لقضية الإمام المهدي عليه السلام، وهنا أشير إلى رسالة للعلّامة حول الإمام الثاني عشر، فإنه في كتابه (نسمات الهدى ونفحات المهدي عليه السلام)، طرح قضية انتظار الفرج والعقيدة المهدوية واثبات وجود الإمام الثاني عشر بادلة شافية وكافية.
قال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ*الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ*وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، في هذا الأمر يفسر الخيرات بان ابرز مصاديقها الولاية، فكيف استفاد هذا المعنى؟.
يقول العلّامة البلاغي: إنّ لكل أمّة شريعة اُمرت باتباعها، وقد نسخت بعض الشرائع فسارعوا إلى الحق واطلبوا أنْ تكون خيرات الاحكام في شريعتكم سبقاً لكم والغاية شريفة في مسارعتكم. ويستدل العلّامة بالروايات من الكافي وبحديث الغدير وبحديث الثقلين على أن أهم مصاديق الخيرات هي الولاية، للتمسك بمصداق أنّ العترة الطاهرة هي قرين الكتاب.
والملاحظ أنّ أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم يحثوننا على إحياء أمرهم: (رحم الله من أحيا أمرنا). فهم لا يريدون بذلك إلا تواصل المجتمع بهم حتى ينتهي إلى الإمام الثاني عشر صلى الله عليه وآله وسلم ولا شك أنه من جملة إحياء أمرهم إحياء علمائهم الذين حفظوا لنا تراثهم وبينوه لنا وكشفوا ودفعوا الشبهات عنه.
وهذا الأمر يربط بين إحياء ذكرى وآثار العلماء، وإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.
أنّ أهل البيت كانت لهم مدرسة كبيرة وقابليات هذه المدرسة العظيمة لم تستحصل بعد، يعني مانزال نحن في بداية الامر من استكشاف ما في هذه المدرسة من قابليات عظيمة وتتمكن هذه المدرسة من الاجابة على متطلبات العصر، وحل المشاكل لكل مجتمع وفي كل عصر، مشكلتنا اننا لم نتمكن من ان نكشف كل ما في هذه المدرسة، والعلماء هم الذين يقومون بكشفها، وليس الأمر منحصراً بالعلماء الذين جاؤوا من بعد الأئمة، بل بالعلماء في زمن الأئمة عليهم السلام، الأئمة عليهم السلام أنفسهم كانوا يصرّون على لجوء الناس إلى أصحابهم وعلماء أهل البيت ورواة حديثهم، وهذا الأمر ان دل على شيء إنّما يدل على ان الرجوع الى العلماء يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام، ولو نهمل هذه الحلقة الواسطة (اي العلماء) الذين بيننا وبين هذه المدرسة، لو نهمل الرجوع الى هؤلاء فهذا يعني اهمال هذه المدرسة، وهذا يعني ابقاءها على حالة لا نتمكن ان نعرفها جيداً.
إنّ الناس يتساءلون كيف يتمكن الإمام المهدي عليه السلام من قيادة هذه المجتمعات المختلفة في لغاتها، في افكارها، في حضاراتها، ولكننا يمكن ان نجد بعض الاجابة عند الشيخ العلّامة البلاغي النجفيG، اذ ان له أثراً واضحاً في مسألة الحوار بين الاديان، فكما يقول العلامة: ولهذا يأتي عيسى عليه السلام مثلاً ويطوع النصارى، انه يصلي خلف الإمام المهدي عليه السلام.
ونستطيع أنْ نقول ان العلّامة البلاغي هو أول من أسس في هذا الطريق، وحينما كان يتناول المصادر وآراء هذه الاديان من اهل الكتاب، كان ينقدها نقداً شفافاً، مبنياً على الدليل، لم يجرح فيهم، ولكن كان يعتمد القرآن اساساً، يعتمد على حقائق التأريخ، ويعتمد التناقضات الموجودة في كتبهم اساساً، والتهافت الذي حصل لدى كتّابهم، وينطلق من البديهيات، هذه كلها اسس كان ينطلق منها حينما يريد أنْ يتحدث.
أمّا صور الدفاع في حواره مع الاديان، فكان يدافع عن التوحيد، عن النبوة والانبياء، عن عصمتهم، عن القرآن، عن الصحيح، عن كتب اهل الكتاب، وكان يدافع عن مسألة الإمامة والولاية، ويبرز في حديثه كيف ان الكتاب الصحيح في العهدين قبل التحريف، كيف كان يبشر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا التبشير برسول الله بمعنى التصديق بكل ما يقول به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر بالمهدي (حتى لو لم يبق إلا يوم واحد من الدنيا لطول الله ذلك اليوم) و(يملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا)، و(يوافق اسمه اسمي)، وهناك أحاديث كثيرة وروايات كثيرة تؤكد هذا المعنى.
فالعلّامة البلاغي يأتي ليضع يده على اساس المشكلة فيقول ان هناك تحريفاً في التوراة والانجيل لان هناك نبوءة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم يأتي من بعدي ومبشراً برسول اسمه احمد، وهناك استدلالات قوية لدى العلّامة البلاغي في اثبات هذا المعنى، وبالتالي فهو يضع يده على اصل الموضوع فيأتي في مجمل تفسيره مؤكداً الإمامة ومشيراً إليها في مبحث العقائد ويتكلم في موضوع الإمامة وبشكل مفصّل عن الإمام المنتظر عليه السلام، وهو يتبنى المدرسة (مدرسة أهل البيت عليهم السلام) في خصوص ارهاصات ظهور الإمام الحجة عليه السلام وكيف هي ملابسات الظهور وعلامات الظهور، وهو جدّ متفائل في هذا الباب، ومن الطريف في حياة هذا العلّامة العظيم هو أنه لم يكتف بتقديم الدراسات بهذا الخصوص بل كان يشارك الناس في مجالسهم من اجل احياء ذكرى الإمام المهدي عليه السلام.

الشیخ احمد المبلغی

شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الأولى

$
0
0
شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الأولى

روي عن الشّيخ الجليل احمد بن أبي طالب الطّبرسي في كتاب (الاحتجاج) انّه خرج من النّاحية المقدّسة إلى محمّد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَىٰ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى ...).

 


تعتبر هذه الزيارة المباركة من الزيارات المشهورة التي صدرت عن الإمام المهدي عليه السلام الى ابي جعفر الحميري الذي كان قد استفتى الامام عليه السلام في جملة مسائل، فورد الجواب متضمناً هذه الزيارة المباركة وقد تلقى علماء الطائفة واتباعها هذه النصوص بالقبول، والاقبال عليها عند التوجه لزيارة الإمام عليه السلام في منزله او أي مكان آخر وقد تضمنت هذه الزيارة الشريفة جملة من المقاطع المهمة التي تتحدث عن صفات الإمام عليه السلام وألقابه وحالاته وعن الإقرار للأئمة عليهم السلام جميعاً بأنّهم حجج الله تعالى وأنهم الحق والإقرار بجملة العقائد التي ينبغي للإنسان المؤمن ان يعتقدها وان مصدر هذه العقائد الحقة هم أهل البيت عليهم السلام.
والحديث شرحاً لهذه الزيارة يقع في محوريين:
المحور الأول: في إثباتها.
والمحور الثاني: في الوقوف على مضامينها وشرح مفرداتها وما تتضمنه من ابحاث عقائدية ومن برامج تنظم علاقة الإنسان بالإمام عليه السلام والمنظومة العقائدية التي يؤمن بها.
المحور الأول: حيث أنّ هذه الزيارة رويت في الكتب المشهورة كـ(الإحتجاج) و(البحار) و(المزار) وغيرها ...

وتلقاها العلماء بالقبول والاذعان وجرت سيرتهم على الالتزام بها وترتيلها اثناء القيام بشعيرة الزيارة للإمام الغائب عليه السلام وهذا يكشف عن وجود سيرة علمائية فضلا عن سيرة اخرى ملازمة لها من قبل المؤمنين على تلقي هذه الزيارة والعمل بها، فهي وإنْ لم تكن من طريق الاثبات السندي تمر برجال ثقاة في جميع سلسلة السند إلاّ أنّها من حيث المضمون متلقاة بالقبول والعمل وهذه السيرة ذات دلالة واضحة على أنّ المضامين الواردة في الزيارة مقبولة ولا تصطدم بالمنافي العقائدي أو الفقهي أو غيره، مما يعكس لنا الرضى بهذا المضمون والامضاء له إنْ لم نقل أنّه يكشف عن الحث عليه والالتزام به، فالذي يلاحظ حالة العلماء المدققين في طرق وصول الأحاديث ويلاحظ في ذات الوقت التزامهم بهذه الزيارة اثناء اداء المراسم يطمئن إلى أنّ المضامين مقبولة ومرضية وينبغي للإنسان المؤمن أنْ يجعلها نافذة من نوافذ الارتباط مع الإمام عليه السلام.
ولا اقل فإنّ هذه الزيارة ليست مرفوضة ولمْ يصدر بشكل واضح او خفي أنّ هذه الزيارة الّفت على لسان الإمام، كما صدر ذلك في حق بعض الادعية حيث شكك بعض العلماء في صدورها وانتسابها إلى الإمام، مما يشكل حالة من عدم الاطمئنان في الأخذ به بخلاف ما نحن فيه من زيارة آل ياسين حيث أنّها:
1. وردت في الكتب المشهورة.
2. تلقاها العلماء بالقبول والعمل.
3. لم ينعكس ألينا أي رفض لها وعدم قبول من قبل العلماء ولا غيرهم.
وبذلك نطمئن إلى حد ما بمضمون هذه الزيارة ونبدأ بالشرح لمضامينها التي تتحدث عن صفات المولى وعن ما ينبغي لنا عند التوجه به إلى الله سبحانه وتعالى من كيفية وطريقة، مستمدين العون لذلك من رعايته ومنّه فمنه واليه هذه البضاعة المسجاة.
المحور الثاني: شرح فقرات الدعاء ونبدأ بالفقرة الأولى:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَىٰ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى ...).
من هذه الفقرة الشريفة نلتمس عدة أبحاث وأمور:
1. الكيفية التي كان يخاطب فيها الإمام عليه السلام أتباعه حيث ينبغي علينا أنْ تكون لنا نظرة تجاه التوقيعات الشريفة التي صدرت من الإمام عليه السلام. لما في ذلك من بناء للثقافة المهدوية وترقية المعرفة في أساليب الخطاب الذي كان يصدر من الإمام عليه السلام لأتباعه.
2. إنّ هذا الخطاب صادر من الإمام عليه السلام إلى مواليه وشيعته وأتباعه يعرّف فيه عن بعض خصائصه ويتحدث من خلاله عن بعض ما يجب على هؤلاء الأتباع وما ينبغي لهم القيام به.
3. ابتداء الحديث منه عليه السلام بالبسملة ولا نقف مع هذه الفقرة كثيراً فإنّ الأبحاث التفسيرية والبلاغية قد تناولت ثمرات التصدير بالبسملة وشرحت ذلك بشكل وافي.
4. قوله عليه السلام (لا لأمر الله تعقلون) هذه العبارة عبارة تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني، فهي وما يأتي بعدها من عبارات فيها نوع من الخطاب الشديد والعتاب القوي للاتباع ويحتمل أنّ التصدير لهذه العبارة جاء تحذيراً للاتباع والشيعة لعظم ما سيقع من غيبة طويلة يغيب فيها الإمام عن شيعته ولا يلتمس أمره، فلكي يؤمن الإمام لاتباعه مصدات الانزلاق في الفتنة ابتدأ بخطاب لهجته العتاب والتشدد لأجل أن يعكس اليهم الحالة التي سيمرون بها، ولكي لا يقع منهم ما يخاف عليهم كما حصل بعد شهادة ابيه عليه السلام وتفرق بعض الاتباع عنه.
فكان من المناسب أنْ يتصدر الخطاب بهذه اللهجة ثم تلى هذا العتاب أنّ هذه الحالة التمحيصية والبلائية هي حالة حكمية اقتضتها الإرادة الإلهية وسجّلتها الآيات الكريمة التي تحدثت عن الفتنة ورغم ذلك أنّ قوماً من المؤمنين يقعون في الفتنة كل حين، قال تعالى: (أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ).
5. قوله عليه السلام (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) هذه العبارة يعكس فيها الإمام عليه السلام آلية الابتداء في الحديث معه، وأنّه لابدّ ان يبتدأ بالسلام وأنْ يكون عاماً وشاملاً له ولأهل بيته ولجميع عباد الله الصالحين، لما في السلام من دلالة تعكس عن نفسية المخاطب للمخاطب من خطاب تودّدي يحمل في أجوائه الوئام والسلام والتقرب بخلاف ما لو كان الخطاب معراً عن السلام فإنّه لا يكشف عن نفسية المخاطب، وهذا احتمال وهناك احتمالات أخرى يمكن أنْ نلتفت إليها، وتذكر شرحاً لهذه الفقرة ولكنّنا روماً للاختصار تركناها.
6. قوله عليه السلام (فإذا اردتم التوجه بنا الى الله تعالى والينا فقولوا) فإن هذه العبارة وإنْ صدرت بإرادة المتحدث، وأنّ التوجه إلى الله سبحانه وتعالى أمر اختياري إلاّ أنّ الواقع الذي تريد ان تحكيه لنا أنّ كل توجه سواء كان بقصد او بغير قصد إلى الله سبحانه وتعالى لا يكون إلاّ عن طريق أهل البيت عليهم السلام، وفي نفس الوقت فإنّ هذا التوجه ليس بمعزل عن الإرادة الإلهية ونفي الغلو، وكذلك فإنّ هذا المقطع يؤكّد على أنّ سببية أهل البيت عليهم السلام وكونهم عنصر الفيض في عالم الوجود أمر لا ريب فيه ولاشك، فالمقطع يريد أنْ يحكي لنا انحصارية التودد إلى الله سبحانه وتعالى وسببيته بهم عليهم السلام وأنّ السبب المتصل بين الأرض والسماء هو عليه السلام، فلولا وجوده المبارك لانعدمت سائر الوجودات وتلاشت، لاقتضاء الحكمة الالهية ليكون فيضها الدائم عن طريقه عليه السلام واكدت جملة من الروايات هذا المعنى، ففي الحديث عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: (إنّما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عزوجل ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنّما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً) وفي حديث آخر عنه عليه السلام قال: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضى الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام ... اما لو أنّ رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان).

أحمد الفرج الله الجزائري

أعجب الناس إيماناً

$
0
0
أعجب الناس إيماناً

سأل رسول الله - فيما روي عنه في مستدرك الوسائل- اصحابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة إذ قال لهم: (أيّ ايمان أعجب؟ قالوا: ايمان الملائكة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: وأيّ عجب فيه، وينزل عليهم الوحي! قالوا: ايماننا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: وأيّ عجب فيه، وأنتم ترونني! قالوا: فأيّ ايمان هو؟ قال: ايمان قوم في آخر الزمان بسواد على بياض).

سأل رسول الله - فيما روي عنه في مستدرك الوسائل- اصحابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة إذ قال لهم: (أيّ ايمان أعجب؟ قالوا: ايمان الملائكة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: وأيّ عجب فيه، وينزل عليهم الوحي! قالوا: ايماننا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: وأيّ عجب فيه، وأنتم ترونني! قالوا: فأيّ ايمان هو؟ قال: ايمان قوم في آخر الزمان بسواد على بياض).
وفي حديث آخر يرويه الحاكم في مستدركه قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أتدرون اي أهل الايمان أفضل ايمانا؟ قالوا يا رسول الله الملائكة، قال: هم كذلك ويحق ذلك لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها بل غيرهم، قالوا يا رسول الله فالأنبياء الذين أكرمهم الله تعالى بالنبوة والرسالة، قال: هم كذلك ويحق لهم ذلك وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها بل غيرهم، قالوا: فمن هم يا رسول الله قال: أقوام يأتون من بعد في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل الايمان ايمانا).
ومن خلال الحديث يظهر أنّ سبب العجب من ذلك الايمان هو تصديق ماجاء عن الرسول من خلال ماهو مكتوب ومقروء، لامن خلال الحضور بين يديه ومشاهدته، بل الاعجب من ذلك هو ليس فقط فقدانهم النبي، بل حتى الحجة غاب عنهم، ومع ذلك آمنوا بما وصل اليهم عن النبي وأهل بيته عليهم السلام، وصدّقوا به وايقنوه وهذا ما يبيّنه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله لأمير المؤمنين عليه السلام: (يا علي..اعلم أنّ أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحجبت عنهم الحجة، فآمنوا بسواد على بياض)...

فبالرغم من غياب الحجة فإنّ إيمان هؤلاء القوم اقوى من ايمان من كان حاضرا في زمن الحجة وهذا لايحصل إلاّ لمن صارت عنده الغيبة بمنزلة المشاهدة، وبذلك هم أفضل من أهل كل زمان؛ فعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: (إنّ أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عنهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيف، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً).
هؤلاء اخذ الله سبحانه ميثاقهم، وكتب الايمان في قلوبهم وأيّدهم بروح منه بنص ما نقله صاحب (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام إذ قال: (ليغيبن عنكم صاحب هذا الأمر..حتى يقال: مات أو هلك، في أي واد سلك؟ ولتكفأن كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه، وكتب الإيمان في قلبه، وأيّده بروح منه).
مما يعني أنّ هناك فئتين من الناس في آخر الزمان من حيث الايمان والتصديق بوجود صاحب الأمر عليه السلام: الأولى هي من صنف (اعجب الناس ايمانا) والثانية من صنف الذين قالوا: مات او هلك بل في ايّ واد سلك...
وهنا لابد لنا من وقفة تأمل لمراجعة أنفسنا لنرى من أيّ الفئتين نحن.

هل يحق لنا تشكيل دولة قبل الظهور؟

$
0
0
 هل يحق لنا تشكيل دولة قبل الظهور؟

زمزم
لاحظت في ثنايا الحوارات بين بعض الاخوة الروّاد والمشرفين الاكارم أنّ بعض الاخوة يشكّك في مشروعية الانتخابات الجارية اليوم في العراق، ولعل تشكيكهم يسري إلى كل انتخابات جرت في العراق وستجري فيه بعد ذلك.


واتصور أنّ الحديث عن مشروعية الانتخابات متفرع على مسألة أهمّ ألا وهي مشروعية تأسيس دولة في زمن الانتظار والغيبة الكبري؟ وضرورة الانتباه إلى بعض الأمور:
منها: أنّه قد ورد في الروايات الشريفة وصف كل راية قامت في زمن الغيبة بالضلال والبطلان.
ومنها: أنّ المطالبة بالحق ومقارعة الظالم امر مطلوب عقلا وشرعا فاذا ما تيسّر أخذ الحق فكيف يسوغ لنا أنْ نتركه ولا نقيمه؟
ومنها: أنّ بعض علمائنا ومراجعنا الكرام (وهو الواقف تماماً على هذه الروايات) يتدخل في الامور الحكومية والادارية، وكان هذا ديدنهم على مر العصور.
ومنها: أنّ ابرز علماء العصر الحاضر قد اسّس دولة إسلامية مقتدرة وهو السيد الخميني قدس سره نفسه الذ ي أقام نظام الجمهورية الاسلامية في ايران.
إنّ دراسة هذا الامر لابدّ أنْ تستند الى قواعد وثوابت ومسلّمات شرعية ولا يمكن اخضاعه للعاطفة او الهوى خاصّة اذا استلزم الحكم على الاخرين سلبا.
ولعل من جملة القواعد المهمة في هذا المجال هو رأي الفقهاء الذين حكّمناهم في ديننا ودنيانا، فهم الفيصل والقشة التي تقصم ظهر الفتن والنزاع والتخاصم في مثل هذه الامور.
وبطبيعة الحال فإنّ هذا مطلب عميق يرتبط بحدود ولاية الفقيه ومن هنا أرجو أنْ يكون الحوار موضوعيا مصونا عما يعكّر صفو الإخاء والمودة بين المؤمنين.
فرح الظهور
إنّ الإسلام هو الدستور الذي ينظّم علاقة الإنسان مع من سواه: الخالق والمخلوقين، الكون والإنسان، الفرد والمجتمع.
والحكومة تعني بكامل معناها إدارة حياة الناس في تعايشهم مع من سواهم.
فالإسلام في واقعه يساوي الحكومة في واقعها، بل هو واقعها وروحها الأساس...
ملاحظة مهمة:
للمشاركة تتمة طويلة حذفت للاختصار وكذلك بعض المشاركات المتوسطة بين بعضها البعض, ينبغي ان لانفوت قرائتها من خلال الرابط ادناه.
الطيف المرتجي
أولاً: احيي طارح الموضوع والذي اتاح الفرصة في ابداء راينا المتواضع.
وثانياً: احيي مشرف الواحات على هذا الرأي الذي اعطي ما فيه الكفاية عن اقامة الحكومة الاسلامية في زمن الغيبة وارجو من بقية الاخوة المشاركة في أرائهم لتكتمل حقيقة الموضوع.
وأما في رأيي المتواضع فاني اقول إن الانسان المنتظر عليه أن يحقق الآن مسألة التمهيد والتوطئة للامام عليه السلام وهذه القضية تأتي من طريقين، أمّا طريقة اقامة حكومة اسلامية على غرار ما انجزه السيد الخميني والذي أحيا الروح الاسلامية وسط المذاهب المادية، وبالتالي قدّم الكثير من العطاء لاقامة حكومة العدل المرتقبة، وأنا بدوري اتساءل: هل أنّ العطاء للامام المهدي والتمهيد له افضل بدون اقامة حكومة اسلامية أو الافضل اقامتها، يعني نحن عندما نبني اقتصاداً أو جيشاً أو ثقافة أو رأياً سياسياً، فكيف نبنيه ونحن لانمتلك حكومة اسلامية في مكان ما!؟ وبرأي المتواضع أيضاً أنّ امريكا إنّما اسقطت صدام لانّها تخوفت من الصحوة الاسلامية الشيعية في العراق والتي ربما يوما تاتي بنظام اسلامي علي اساس ولاية الفقيه، ولعل الشعار الذي كان مطروحا في انتفاضة 1991 هو (ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري) اعتقد أنّ امريكا عندما تواجه هكذا شعار، وإنْ كان يحمل البساطة لكنّه يحمل رغبة وقد تتحقق يوماً ما، لذا بادرت إلى اسقاط صدام واقامة حكومة ديمقراطية وبالتالي اجهاض أيّ مشروع يقوم على اساس المفهوم الشيعي السالف الذكر، وأعتقد أنها نجحت بذلك فالآن لا اجد اي شخص يفكر باقامة مثل هكذا مشروع، بل أنّ الذي كان يفكر بذلك فهو الآن قد لغى ذلك من تفكيره، طبعا على مستوى السياسيين وغيرهم، وبالتالي فإنّها تؤخر من عملية ظهور الامام. واعتقد انّ الروايات تشير الى أنّ العراقيين يعيشون قبل الظهور اوضاع صعبة حيث التشتت والضعف والانقسام وإنْ كانوا يملكون الحس الانتظاري...توجد تتمة للمشاركة.
ابو علي
ارجو أنْ تتقبلوا بعض التعليقات والتساؤلات التي وجدت أنّها قد تكون مفيده في هذا الموضوع:
1- إنّ هناك روايات وردت عن أهل بيت العصمة والوحي عليهم السلام نهت عن القيام بدولة إلى أنْ يظهر الحجة عليه السلام.
2- إنّ سيرة سبع أئمة من أهل البيت عليهم السلام بدءاً من الإمام زين العابدين إلى الامام العسكري عليهم السلام كانت جارية على عدم إقامة دولة.
3- لو سلم جواز القيام بدولة في زمن الغيبة، فليست ولاية الفقيه هي الصيغة الوحيدة للدولة الإسلامية.
4- ماورد في كلام الاخت المشرفة أن الدولة من ضروريات الدين، فماهو الدليل عليه وماهو تعريف ضروري الدين في نظرها.
5-كماورد في كلامها أنّ الإمامة لطف وهو صحيح، لكنّ الإمامة المعصومة لطف لكي تأخذ بيد البشرية إلى بر الأمان لا الحكومة غير المعصومة.
6- إنّ التجربة القائمة الآن في العراق هل هي دولة إسلامية وعلمانية، فإذا كانت علمانية فماهو الدليل على جواز المشاركة فيها.
a قدس سرهmad
الأخ أبو نرجس اذا كان اجتماع السقيفة عبارة عن ترك الشخص المنصوب من الله لإمامة الناس وولاية الامر وقيادة الدولة في ظل وجود الأمام آنذاك، فكيف تشبه بما يحصل اليوم من انتخابات ووضع اشخاص غير منصبّين من الله في ظل غياب الإمام المعصوم؟
خادم المهدي 313
أمّا أنّ نؤمن بتشكيل حكومة أو لا.
وعلى القول بتشكيل الحكومة، أمّا أنْ تكون هذه الحكومة صالحة أو لا، وعلى القول أنّها صالحة أمّا أنْ تكون غير معصومة، اي عادلة او صالحة معصومة، فالمحتملات في المقام اربعة، ثم بعد ذلك ناتي الى الروايات أيّ منها تساعد على اي من المحتملات المذكورة.
الاحتمال الاول: الحكومة المعصومة
وهذا نموذج من الحكومة عاش في الصدر الاول من الدعوة الاسلامية على يد الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وفترة من حياة امير المؤمنين.
الاحتمال الثاني:الحكومة العادلة
وهذا نموذج ثان مفترض في المقام بغض النظر، هل كان له نظير او تطبيق في التاريخ اولا، ولكن يبقى هذا احتمال آخر.
الاحتمال الثالث: حكومة غير عادلة
وهذا هو النموذج في التاريخ الذي عاش المسلمون تحت وطأته فترات طويلة، وهو الشكل المالوف من الحكومات
الاحتمال الرابع:عدم تشكيل الحكومة
وهذا الاحتمال أعمّ من يكون في عصر الغيبة أو الحضور، لأنّ عقيدة الخوارج عدم تشكيل الحكومة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو من الاراء الشاذة تاريخيا وكلاميا.
مناقشة الاحتمال.
لا تفوتكم متابعة هذا الحوار الشيّق على رابط الموضوع أدناه:
www.m-mahdi.com/forum/showthread.php

جغرافية عصر الظهور: طبرستان

$
0
0
جغرافية عصر الظهور: طبرستان

آثار ـ مدن ـ اماكن تدلنا بوضوح على أن عقيدة الانتظار ليست عقيدة مجردة بل خرجت إلى الواقع لتضع بصماتها على الجدران والبلدان


طبرستان إقليم واسع كبير، معظمه أرض جبلية وعرة تسمى جبال (شروين) وهي من بلاد إيران.
ولطبرستان في خارطة الظهور المهدوي المقدّس ذكر, وقد تمثّل ذلك بروايات أيدّت ذلك:
- قال ابو عبد الله الفقيه الهمداني في كتاب (البلدان) إنّ أبا موسى الأشعري روى أنّه سأله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  عليه السلام عن أسلم المدن وخير المواضع عند نزول الفتن وظهور السيف: فقال: أسلم المواضع يومئذ أرض الجبل, فإذا اضطربت خراسان ووقفت الحرب بين أهل جرجان وطبرستان وخربت سجستان فأسلم الموضع يومئذ قصبة قم تلك البلدة التي يخرج منها أنصار خير الناس أمّاً وأباً وجدّاً وجدّةً وعمّاً وعمّة، تلك التي تسمى الزهراء. بها موضوع قدم جبرائيل وهو الموضوع الذي نبع منه الماء الذي من شرب منه أمِن منَ الداء, ومن ذلك الماء عجن الطين الذي عمل منه كهيئة الطير, ومنه يغتسل الرض عليه السلام، ومن ذلك الموضوع يخرج كبش إبراهيم وعصا موسى وخاتم سليمان  عليه السلام.
- رو ي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(إنّ الذي يفتح طبرستان والديلم ومدينة بلنجر, القسطنطينية رجل من بني هاشم).
- وعن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته اللؤلؤية, وفيها تعيين أصحاب الإمام المهدي عليه السلام:
قال: (أربعة رجال من طبرستان).

 

عبد الرسول زين الدين

شيعة لبنان وصدق العنوان

$
0
0
شيعة لبنان وصدق العنوان

انّ انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها امر بات قريبا؛ لاسباب كثيرة، من ابرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة، فالدين المحمدي يمثل حالة التواصل الحيوي مع مبادئ السماء وإلى يومنا هذا من خلال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن عليه السلام.
ونحــــــن في ((صدى المهدي)) سنفرد لهـــــذه الظاهرة الحتمية صفحة خاصة نتناول خلال اعمدتها انتشار التشيع فكراً وعقيدة في أغلب بلدان العالم والذي يسهم ان شاء الله في تهيئة الأرضية المناسبة والجو الملائم للظهور المبارك لصاحــــــــب العصر والزمان  عليه السلام.

لبنان/الاسم والموقع:
لبنان او الجمهورية اللبنانية هي إحدى الدول العربية، وتقع في جنوب غرب القارة الآسيوية، تحدّها سوريا من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط بشاطئ طوله 225كم.
الواقع الديمغرافي السكاني:
قدّر سكان لبنان حسب احصائية في سنة 2008 بنحو 3,971,941 نسمة. الأكثرية الغالبة من اللبنانيين هم من العرب، وهناك الأرمن والكرد والسريان.
الواقع الديمغرافي الديني:
تصل نسبة المسلمين الشيعة في لبنان إلى 41% ونسبة المسيحيين إلى حوالي 40% والباقي من السكان هم من المسلمين السنّة والطوائف الأخرى.
لبنان/الواقع الاقتصادي:
يعتبر لبنان أحد أكثر المراكز المصرفية أهمية في آسيا الغربية، ولما بلغ ذروته أصبح يعرف بـ(سويسرا الشرق) لقوة وثبات المركز المالي وتنوّعه آنذاك.
استقطب لبنان أعداداً هائلة من السياح لدرجة اصبحت معها بيروت تعرف بـ(باريس الشرق)، ولكن وبعد الحرب الأهلية هناك تغيرت المعادلة الاقتصادية تلك وكان ماكان.
لقد جرت محاولات لإصلاح الاقتصاد بعد ذلك، وإنّ المعروف عن المجتمع اللبناني أنّه مجتمع تجاري، وقد سمح انتشار اللبنانيين في العالم في بناء علاقات تجارية عالميّة.
إنّ طبيعة لبنان مناسبة للزراعة من حيث وفرة المياه والاراضي الخصبة وهي الأعلى نسبة بين البلدان العربية الآسيوية، ولكن الاستثمارات في الصناعات الغذائية ضعيفة ولا تجذب أكثر من 12% من اليد العاملة والناتج من الزراعة لا يتجاوز 11% من إجمالي الناتج المحلي وهو الأدنى بالمقارنة مع القطاعات الاقتصادية هناك.
يركز الصناعيون اللبنانيون على الصناعات التحويلية وإعادة التركيب لمنتوجات مستوردة.
من أهم الصناعات هناك صناعة الأغذية والمنسوجات والكيمياويات والاسمنت ومنتجات الاخشاب وتصنيع المعادن والمجوهرات وتكرير النفط.
وهناك موارد طبيعية أخرى مثل الحجر الجيري وخام الحديد والملح.
ومن أهم الحرف في لبنان صناعة القش والفخار والخزف والزجاج المنفوخ والنحاس والنسيج والخشب، وصناعة السكاكين وصهر الأجراس والحلي من الفضّة وصناعة الصابون والتطريز.
انتشار الشيعة في لبنان:
يتركّز معظم الشيعة اللبنانيين في المناطق الغربية والشمالية من وادي البقاع. كذلك في ضواحي بيروت الجنوبية. بالإضافة إلى الجنوب (جبل عامل). بالإضافة إلى بقية ربوع الوطن اللبناني.
لبنان والتشيع:
ما كادت شمس الإسلام تشرق على ربوع الشام ومنها لبنان بطبيعة الحال حتّى حجبت سدول الظلم نور شمس الدين الحنيف عن أهل هذه الربوع، فكانت سياسة الطلقاء في حرف الإسلام عن مساره الصحيح وإفراغه من روحه، متمثلة تلك السياسة بما قام به الأمويون وابنهم معاوية إبن قائد جبهة الكفر أبي سفيان بخلق تعاليم جديدة ليس فيها من الإسلام المحمدي شيء. بل إنّها أغرقت بإسلام سفياني بدويّ أموي.
فقد نزا أولئك على منبر رسول الله بفتاوى جديدة هي غير ما أراده الله لدينه الخاتم، ومن رحمة للبشرية حتى لقد استهدف كلّ من بقي على أصالة دينه رافضاً الدين المختلق والفتاوى المبتدعة.
حيث كان شيعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هم المستهدفون وأصحابه هم المبعدون. ومن أولئك، الصحابي الجليل.. الإيماني المؤمن ابو ذر الغفاري وما فعلته أيادي أمية به من تعذيب وتشريد، ومن ضمن ذلك إبعاد هذا المحمدي البار إلى لبنان.
وهنا لدينا وقفة، حيث يعزو قسم من الباحثين دخول التشيع إلى ربوع لبنان إلى زمن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، إذ انتشر بوساطته، وذلك بعد ما بدأ الاستئثار الاموي أيام الخليفة الثالث، حيث نفي هذا الصحابي من المدينة المنورة الى الشام، لكنه لم يبق في عاصمتها، وانما سيّر الى الاراضي البعيدة، فكان ما كان منه من نشره آرائه في تلك الاطراف خصوصا في الجنوب اللبناني.
مع انّ باحثين أخر يقولون إنّ أصل التشيع اللبناني يعود الى عهد الإمام علي عليه السلام وذلك اثر هجرة ضخمة من القبيلة الشيعية المعروفة (همدان) التي اسلمت اساساً على يد الإمام عليه السلام، وتبعته وسكنت الكوفة وذلك بعد ان اتخذها الإمام عليه السلام عاصمة له بعد واقعة الجمل، ومن ثم ارتحلت همدان بتشيعها الى الشام ومنه بواقع الحال لبنان وجنوبه.
وعلى أيّة حال فقد كان الشيعة وكانت اصالتهم هناك ووجودهم الواقعي الذي لايمكن أنْ يستره ستر.
وليس أدل على اصالة وجود الشيعةفي بلدهم لبنان من أنّهم انتجوا من هناك رجالا كان تاريخهم لامعاً، واثرهم واضحاً ليس في تاريخ الشيعة فقط بل تاريخ المنطقة والاسلام، ومنهم:
- الشهيد الاول محمد بن مكي (734-786هـ):
وقد قرأ على علماء جبل عامل قبل ان يذهب الى العراق وقد كان يتردد على دمشق لارشاد المؤمنين فيها.
- المحقق الكركي (نسبة الى كرك نوح في بعلبك) (ت940هـ):
وهو معروف في رحلاته في البلاد الاسلامية ومنها ايران.
- الشهيد الثاني زين العابدين بن علي (911-966هـ).
- والد الشيخ البهائي (918-984هـ).
- صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني (959-1011هـ).
مؤسسات شيعية لبنانية:
عندما يذكر أمر مؤسسات الشيعة في لبنان فإنّه اول ما يتبادر الى الذهن هو:
مرقد السيدة خولة بنت الحسين عليه السلام/في بعلبك:

فهذا المرقد الشريف يقف شاهد صدق على ما تعرضت له عيالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيال سبطه الإمام الحسين عليه السلام على يد الطغمة الأموية الفاسدة من ظلم وسبي وإهانة وتحقير، وما قاسته بنات البيت المحمدي من مرارة الذل بعد قتل سيد الشهداء عليه السلام. ومنهم الطفلة المنكوبة بقتل أبيها وما عانته من عناء الطريق من كربلاء الى الشام، فلقد توفيت مظلومة بسبب ما قاسته من عذاب ومن عطش وجوع. فدفنت هناك في (بعلبك) ليكون قبرها مناراً يرتاده المؤمنون من كل حدب وصوب.
لقد خص الله تعالى منطقة بعلبك بوجود هذا المرقد الشريف من رائحة الإمام الحسين عليه السلام العطرة، والتي تفوح على أرجاء المنطقة بأكملها.
ومن المؤسسات الشيعية في لبنان أيضاً والتي أخذت دورها الفاعل في إظهار دور شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في لبنان وذلك بعد محاولات الطمس الاستعماري لوجودهم في وطنهم لبنان. ما يأتي:
- معهد الإمام المهدي عليه السلام للعلوم الإسلامية/بيروت.
وينشط في انه يعتمد الأسلوب الأيسر والأسهل لتحصيل العلوم الإسلامية، فهدفه إيصال العلم إلى اكبر قدر ممكن من المسلمين.
- جمعية الإعداد الخيرية/بيروت/الغبيري:
المدير: الحاج علي زريق.
وتنشط الجمعية في تكفل الايتام وإغاثة المنكوبين ورعاية العجزة والمرضى والمعاقين ممن لا معيل لهم. دون التفرقة بين طائفة ومذهب ودين.
- جمعية مؤسسة الجهاد الانمائية/بيروت/حارة حريك:
وتنشط في انها تهتم برفع المستوى المعيشي في لبنان.
- مؤسسة الإمام علي عليه السلام/بيروت.
- جامعة الحضارة العربية والاسلامية العالمية/بيروت:
مديرها: الدكتور مخلص الجدّة.
وتنشط في عرض الوجه الحضاري المشرق للاسلام وحضارته ولها 19 كلية. والعديد من الاقسام.
- مؤسسة الامام الحسين عليه السلام/بيروت:
مديرها: جهاد عبد الله.
وتنشط في اصدار مجلة باسم (نور الاسلام) تعنى بالفكر الاسلامي الاصيل وقضايا مجتمعية.
- المركز الاسلامي للدراسات/بيروت/حارة حريك:
مديرها: السيد جعفر مرتضى العاملي.
وتنشط في اصدارات عقائدية، والإجابة عن الاسئلة العقائدية والكلامية والتاريخية، ودراسات قرآنية، وبحثية وفقهية، وشؤون المرأة وعلم الحديث.
- مؤسسة القائم عليه السلام/في شمبطار:
مديرها: السيد محمد الحسيني.
وتنشط في تقديم دروس دينية، ودورات ثقافية، ونشاطات اجتماعية، كذلك إحياء مناسبات أهل البيت عليهم السلام.
- مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث/بيروت/الضاحية.
- المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى/بيروت.
ورئيسه: الشيخ عبد الامير قبلان.
الشيعة اللبنانيون وابطال اسطورة الجيش الذي لا يقهر:
لقد وصل الصلف بالمستعمر الغربي الذي يسير على نهج الصليب المتصهين أنْ يعمد إلى إلغاء معالم الوجود الشيعي في لبنان.
بل ويتعدى ذلك إلى طمس أصالته، بأنْ يجعل وجوده تابعاً لوجود غيره الذي ليس له تاريخ، غناك عن وجوده الفاعل أو المؤثر.
فقد أجرم المستعمر الفرنسي بأنْ لا يجعل للشيعة مكانة في مجتمع لبنان بالرغم من أنهم الجزء الأهم هناك.
ولكنّ الأصالة تأبى إلاّ أن تكون متجذرة، وأنّ الحقيقة لا يمكن إلاّ أنْ تكون متأصلة. فقد عمل شيعة لبنان على أنْ يكونوا شيعة عقيدة، فعلاً وقولاً، حيث عملت قياداتهم أنْ تدرج في هذا المضمار. لتخلق منهم أعجوبة الزمان، ولا ننسى هنا جهود السيد موسى الصدر في نشر المعاهد والكليات والمؤسسات الجامعية والدينية في إذكاء روح التشيع والتفاعل مع أبناء الوطن اللبناني، والعمل الحثيث في إبراز ما عند الشيعة من عقيدة تظهر ترجمتها في إعداد جيل متعلم مؤمن قوي به يستردّ لبنان هيبته بعدما عانى ما عانى من إذلال وعنجهيّة صهيونية من اللقيطة إسرائيل.
وهكذا كان الطريق المعبد بالتضحيات أن يصل بأتباع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم هناك لأن يبطلوا أسطورة أقوى جيش في العالم.
كما يروّج لذلك أتباع الماسونية والصهيونية حيث تمكنت مقاومة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من دحر جيش العدو في أيام معدودة، وكأنّها بهذا تحقق خطوات على طريق التمهيد المهدوي وذلك في إضعاف أعداء الله، أصحاب الظلم والجور، وتهيئة أسباب الظهور المهدوي المقدس حيث القسط والعدل، وكان ثبات أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن شايعه في بدر الكبرى عنوان صدق اليوم على شيعة لبنان.

شعراء مهدويون: السيد محسن الأمين العاملي

$
0
0
 شعراء مهدويون: السيد محسن الأمين العاملي

هو السيد محسن بن عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي، من أشهر علماء عصره.
ولد في (شقراء) من قرى لبنان سنة 1281هــ، انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق، شاعر وأديب معروف، له الكثير من المؤلفات، إضافة إلى ديوانه: (الرحيق المختوم)، مثل: (الحصون المنبعة) (أعيان الشيعة) (تحفة الأحباب)، وغيرها.

 


توفي في بيروت عام 1371هـ.
قال السيد محسن الأمين شعراً في الإمام المهدي عليه السلام، وبيّن فيه شوقه إليه وحبّه له واعتقاده بوجوده، وقد نظم قصيدة طويلة رداً على قصيدة محمود شكري الآلوسي التي وردت من بغداد عام 1317هـ إلى علماء النجف الأشرف، تشكّك بوجود الإمام المهدي عليه السلام، وجاءت قصيدة السيد الأمين هذه في 309 أبيات، وقد تضمنت ردّاً عقلياً ونقلياً، وإثباتاً رائعاً لحقيقة الإمام المهدي عليه السلام، جاء في بعضها:

إذا جاز عند الظلمِ تأخيرُ خلقِه        فقد جازَ بعد الخلقِ في حقّه السترُ
وهل كان قبل الأربعين محمّدُ        لدعوته يخفي وقد ظَهر الكفرُ
وكيف أسرَّ الرسلُ من قبلُ دينَهم        زماناً وهل لله في كتمِهم سرُّ
وقد غاب مَن قد غابَ منهم لخوفهِ     وشُرّد حتّى نالهُ الجهدُ والضرُّ

ورداً على قول الآلوسي:

وإنْ قيل مِن خوفِ الطّغاةِ قد اختفى    فذاكَ لعَمري لا يجوّزهُ الحِجرُ

قال السيد الأمين:

وأنكرتَ أنْ يخشى الرّدى بعدما درى     يقيناً بعيسى أنْ سيجمعه الدهرُ
فقل لي موسى كيفَ تؤمرُ أمُّهُ     بإدخالهِ التابوت يقذفهُ الغمرُ
وقد كان يدري اللهُ أنّ ابنها غداً     سيغلب فرعوناً وتصفو له مصرُ
وكيف اختفى في ليلةِ الغار أحمدُ    وفي غيرِها خوفَ الرّدى وله الفخرُ

وهناك نرى شعراً متماسك الحجة، قويّ الدلالة، مع احتفاظه بجمال الصورة، وقوة السبك، وجزالة اللفظ، وهو دليل تمكن الشاعر من اللغة وتبحرّه في الشعر.
وقد دلّل السيد العاملي بشكل قاطع على وجود الإمام الحجة عليه السلام بالقول:

وقد صحّ في الأخبار مما رويتم    وفي حصرِه تفنى الدفاترُ والخبرُ
ظهورُ إمام لا محالةَ قائمٌ    بنصر الهدى في كفّه الخيرُ واليسرُ
ويملؤها عدلاً وقسطاً كما امتلت    من الجورِ لا يخلو بها أبداً شبرُ
وإنّ إسمه كاسم النبيّ وجدّه    عليّ وإنّ الأمَّ فاطمةُ الطهرُ
وقد أوضحت تلك الرواياتُ نعتَه وحليته كي يفهَم الجاهلُ الغِرُّ

وقال يردُ على فرية السّرداب التي يتّهمنا بها المخالفون:

فما أسعدَ السردابَ في سرّ من رأى    وأسعَد مِنه البيت والركنُ والحجرُ
وما شرّف السّرداب إلاّ لأنّه    بدارِ تناهى عندها العزُّ والفخرُ
تشرّف مغناها بسكنى ثلاثة    من الآل يستسقى بذكرهم القطرُ
وقد أذن الباري تعالى برِفعها    وذكرِ اسمِه فطابَ لها الذّكرُ


مقامات الإمام المهدي عليه السلام: قم - جمكران

$
0
0
مقامات الإمام المهدي عليه السلام: قم - جمكران

مسجد  جمكران  روضة  وارفة  بالقرب  من مدينة  قم  المقدّسة،  على الطريق  بينها  وبين  مدينة  كاشان،  يرمق  الوافد  إليه  مئذنتين  طويلتين  ارتفعتا  إلى عنان  السماء  أشبه  بسلّم  يعرج  فيه المؤمن  إلى  العالم  العلويّ،  تحتضنان  قبّة  خضراء كأنهما  أضلاع  حانية  تضمّ  قلباً  نابضاً.

 



يشعر  المرء  بشعور  عجيب  ينتابه  وهو يقارب  الخطو  ويرطّب  شفتيه  بترنيمة  الدعاء  لصاحب  العصر عليه السلام ،  ويُصيخ  الزائر  العاشق  سمعه  وهو يتجوّل  في  أروقة  المسجد  مترقّباً  أن تلتقط  أذناه  هيمنة الملائكة، ويُجيل طرفه هنا وهناك علّة يلحظ  من زغب  أجنحتها  الملكوتية  شيئاً  يُتحف  به أهله  إذا  عاد،  ولا عجب  فهذه  الأمكنة  الشريفة  تتزاحم  عليها  وفود  الملائكة  أكثر  من تزاحم  وفود  الزوّار  من عالم  البشر. ولقد أرى  الإمام  زين العابدين عليه السلام أبا  حمزة  الثمالي  فضلة  من زغب  الملائكة،  ثمّ قال  له: يا ابا  حمزة،  إنّهم  ليزاحمونا  على متكاتنا. وروي عنهم عليهم السلام: إنّا لنجمع  زغب  الملائكة  عن فُرشنا.

مــن  أجــل هــذا  كلّه  عدّ علماء  الشيعة  الأعلام  مسجد  جمـكران  من جملة  الآيات  الباهرة،  وكانوا  يرون  أنّه  مهبط  للبركات  الإلهيّة،  وكان  بعضهم  يتوجّه  إليه  مشياً  على الأقدام،  وصرّح  بعضهم  بأنّه  لو تمكّن  لصلّى  الفرائض  في مسجد  جمكران  يوميّاً.

مدينة  قم:

مدينة  قم ـ  بالضم  وتشديد  الميم  ـ مدينة  مستحدثة  إسلامية  كما يقول  الحموي  في (معجم البلدان)(1) وأوّل  من  مصّرها  طلحة  بن الأحوص  الأشعري.

وقال  البلاذري: لمّا انصرف  ابو  موسى  الاشعري  من نهاوند  إلى  الأهواز  فاستقرها،  ثم أتى  قم  فأقام  عليها  أيّاماً  وافتتحها. وقيل:  وجّه  الأحنف  بن قيس  فافتتحها  عُنوة  وذلك  في سنة 23  للهجرة.

وذكر  بعضهم  أنّ بدء  تمصير  قم كان  في  ايام  الحجاج  بن يوسف  سنة 83هـ، وأنّ  بني  سعد بن  مالك  بن عامر  الأشعري  تركوا  جيش عبد  الرحمن  بن محمد  بن  الأشعث  بن قيس  لمّا  خرج على  الحجّاج  ثم انهزم  وعاد  إلى كابل،  فوقع  بنو سعد  بن  مالك  إلى ناحية  قم  وافتتحوها  واستوطنوها،  ثم اجتمع  إليهم  بنو عمّهم.

وقد  ورد عن  أئمّة  أهل البيت  عليهم السلام روايات في  مدح  مدينة  قم، فقد  روي  عن الإمام  الصــادق عليـــه السلام قال: إذا أصابتكم  بليّة  وعَناء،  فعليكم  بقم،  فإنّها  مأوى  الفاطميين  ومستراح  المؤمنين.(2)

وروي  عن ابي  الحسن  الأول عليه السلام  قال:  قم  عشّ آل  محمّد  ومأوى شيعتهم.(3)

وروي  أنّ جماعة  من  أهل الري  دخلوا  على الإمام  الصادق عليه السلام  قبل  أن يولد  الإمام  الكاظم عليه السلام  وقالوا: نحن من  أهل  الري،  فقال: مرحباً بإخواننا  من  أهل قم؛  فأعادوا  كلامهم  فأجابهم  بمثل  ما أجاب  به  أوّلاً،  ثم قال عليه السلام: إنّ لله  حرماً  وهو مكّة،  وإنّ  للرسول صلى الله عليه وآله حرماً  وهو  المدينة،  وإنّ  لأمير  المؤمنين عليه السلام  حرماً  وهو الكوفة،  وإنّ  لنا حرماً  وهو  بلدة  قم، وستُدفن  فيها  امرأة  من أولادي  تُدعى  فاطمة،  فمن زارها  وجبت  له الجنّة.(4)

السيدة  فاطمة  المعصومة عليها السلام:

السيدة  فاطمة  المعصومة  بنت الإمام  الكاظم عليه السلام  فرع  يانع  من الدوحة  النبوية  الوارفة،  وهي أخت  الإمام  الرضا عليه السلام  لأمّه  وأبيه،  وقد ورد  في  بعض التواريخ  أنّ  الإمام  الرضا عليه السلام  هو الذي  لقّبها بالمعصومة.(5)

عاشت  السيدة  المعصومة  في كنف  أخيها  الرضا عليه السلام  وحظيت  برعايته  منذ نعومة  أظفارها،  فقد اعتقل  الرشيد  العباسي  أباها  الكاظم عليه السلام  سنة ولادتها،  فأودعه  سجونه  الرهيبة،  إلى أن  اغتاله  بالسمّ  سنة 183هـ،  فكان  لها أخوها  الرضا عليه السلام  بمثابة  الأب  والأخ  معاً،  فلا عجب  إذاً  إن رأيناها  تشدّ  الرحال  من المدينة  إلى  خراسان  سنة 201هـ  تتحسّس  أخبار  أخيها  الرضا عليه السلام  الذي  استدعاه  المأمون  العباسي  إلى خراسان  ليُجبره  على القبول  بولاية  العهد  بعده  من أجل  كسب  رضا العلويّين  الذين  نشبت  ثوراتهم  في أرجاء  الدولة  العباسية،  وقد ذكرت  بعض  المصادر  أنّ المأمون  لمّا  بلغه  خبر القافلة  التي  تحرّكت

مع المعصومة عليها السلام من المدينة  إلى  خراسان  أمر جلاوزته  فتصدّوا  لها وقتلوا  وشرّدوا  من كان  فيها. وقيل أنّ  السمّ  دُسّ  إلى السيدة  المعصومة  في مدينة  ساوة  ـ وهي  على  بعد عشرة  فراسخ  من قم  ـ  فلم تعش  السيدة  فاطمة  بعد ذلك  الاّ  أيّاماً قلائل،(6) حيث  خرج آل  سعد  إلى لقائها  من  مدينة  قم يطلبون  منها  النزول  في بلدتهم،  فقادوا  ناقتها  إلى مدينة  قم،  فتوفيت  فيها  بعد ستة  عشر  يوماً،  ودُفنت  فيها  في البقعة  التي  أضحت  بعد ذلك  مزاراً  كبيراً  يؤمّه  شيعة  أهل البيت عليهم السلام.

مسجد  جمكران:

على  مسافة  خمسة  كيلومترات  من مدينة  قم،  والى  الجانب  الجنوبي  الشرقي  منها  يقع مسجد  جمكران،  وبالقرب  منه جبل  معروف  يقع فيه  مقام  النبي  الخضر عليه السلام.

وقد  بُني  هذا المسجد  بأمر  خاص من  الإمام  المنتظر عليه السلام  في تفصيل  سنأتي  على ذكره،  وقد  أمر عليه السلام  الناس  بعدم  التواني  عن زيارة  هذا  الموضع  الشريف،  وفي تعزيره  وتوقيره  والرغبة  إليه.

ومسجد  جمكران  ـ في  هيئته  الفعلية  ـ مسجد  كبير  يؤمّه  سنوياً  للزيارة  أكثر  من اثني  عشر  مليون  عاشق  مولّه  من عشّاق  أهل  البيت عليهم السلام، يقصدونه  من مختلف  البقاع  الإسلامية،  يصلّون  فيه لربّهم،  ويدعونه  ـ تبارك  وتعالى  ـ بفنون  الدعوات،  ويستغيثون  بإمامهم  المنتظر عليه السلام  ويتوسّلون  إلى الله  عز  وجل في  تقريب  أيّام  ظهوره  وتعجيل  فرجه.

تاريخ  بناء  المسجد:

أورد  المحدّث  النوري  في (جنّة  المأوى) عن (تاريخ  قم)  للشيخ  الحسن  بن محمد  بن  الحسن  القمّي،  عن كتاب (مؤنس  الحزين  في معرفة  الحق  واليقين) من مصنّفات  أبي  جعفر  محمد  بن بابويه  القمي،  قصّة  سبب بناء  المسجد  المقدّس  في جمكران،  عن  الشيخ  الصالح  حسن بن  مثلة  الجمكراني  وتدور  القصة  حول  اللقاء  بالإمام المهدي عليه السلام  وأمره  ببناء  هذا  المسجد  وبيان  المكان  الذي  شيّد  عليه الآن،  وقول  الإمام عليه السلام  للشيخ  الصالح  ابن مثلة  الجمكراني: وقل للناس:  ليرغبوا  إلى هذا  الموضع  ويعزّروه  ويصلّوا  هنا أربع  ركعات  للتحية  في كل  ركعة  يقرأ  سورة  الحمد  مرّة،  وسورة  الاخلاص  سبع مرّات  ويسبّح  في الركوع  والسجود  سبع مرّات،  وركعتان  للإمام  صاحب  الزمان عليه السلام  هكذا: يقرأ الفاتحة  فاذا  وصل إلى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كرّرها مائة مرة ثم يقرؤها إلى آخرها وهكذا يصنع في الركعة الثانية، ويسبّح في الركوع والسجود سبع مرّات، فإذا أتمّ الصلاة يهلّل(7) ويسبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلّي على النبي وآله مائة مرّة، ثم قال عليه السلام: ما هذه حكاية لفظه: فمن صلاّها فكأنّما صلّى في البيت العتيق.

المصادر التاريخية التي ذكرت مسجد جمكران:

نعرض فيما يلي المصادر التاريخية التي ورد فيها ذكر تأسيس مسجد جمكران بأمرٍ من صاحب العصر عليه السلام حسب التسلسل التاريخي:

1 ـ أوّل من تعرّض لذكر قصّة بناء مسجد جمكران شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه المشهور بالشيخ الصدوق (توفي سنة 381هـ) في كتابه (مؤنس الحزين في معرفة الحق واليقين).

وبالنظر لكون تأسيس المسجد قد حصل في زمن الشيخ الصدوق رحمه الله، ولكون الشيخ كان ساكناً حينذاك في مدينة قم، فإنّه ينقل جميع التفاصيل بلا واسطة عن الشيخ حسن بن مثلة الجمكراني والسيد أبي الحسن الرضا وشهود العيان الآخرين.

وجــدير بالــذكر أن كـتاب(مؤنس الحزين)  قد اندثر وفقد، شأنه شأن عشرات المؤلّفات القيمة التي فُقدت لشيخنا الصدوق رحمه الله.

2 ـ ونقل الشيخ حسن بن محمد بن الحسن القمي ـ معاصر الشيخ الصدوق ـ هذه الواقعة عن كتاب الشيخ الصدوق، وذلك في كتابه القيم (تاريخ قم) الذي ألّفه سنة 378هـ في عشرين باباً.

3 ـ ترجم حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك القمي سنة 865هـ كتاب (تاريخ قم) إلى الفارسية، كما نصّ على ذلك الشيخ الطهراني في الذريعة 3: 276.

4 ـ روى العلامة المجلسي (المتوفى سنة 1110هـ) في بحار الأنوار (60: 208ـ 221) الأحاديث المتعلّقة بمدينة قم عن الترجمة الفارسية لكتاب (تاريخ قم).

5 ـ نقل السيد نعمة الله الجزائري مؤلف (الأنوار النعمانية) (توفي سنة 1112 هـ) قصة تأسيس مسجد جمكران عن الترجمة الفارسية لتاريخ قم، كما في بحار الأنوار 53: 254.

6 ـ وقد شاهد تلميذ العلامة المجلسي: الميرزا عبد الله أفندي (توفي سنة 1130هـ) نسخة من الترجمة الفارسية لتاريخ قم، وأورد ذكره في كتابه القيّم (رياض العلماء) ج1: 319.

7 ـ وشاهد السيد أمير محمد شرف ـ تلميذ العلامة المجلسي وصاحب كتاب فضائل السادات ـ (توفي سنة 1145هـ) المتن العربي لكتاب تاريخ قم ونقل عنه، كما في جنّة المأوى ص 47.

8 ـ وألّف السيد محمد بن محمد بن هاشم الرضوي القمي سنة 1179هـ بطلب من محمد صالح القمي كتاباً سمّاه (خلاصة البلدان) ذكر فيه الأحاديث المتعلّقة بشرف مدينة قم وتاريخ تأسيس مسجد جمكران، كما في (الذريعة) للطهراني 7: 216.

9 ـ وقد شاهد محمد علي الكرمانشاهي ابن الوحيد البهبهاني (متوفى سنة 1216هـ) المتن العربي لكتاب (تاريخ قم)، حيث ذكر في حاشيته على كتاب (نقد الرجال) للتفرشي ترجمة للشيخ حسن بن مثلة ومختصراً لقصّة تأسيس مسجد جمكران؛ ذكر ذلك العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 53: 234.

10 ـ وأورد المحقّق المحدّث الميرزا النوري (توفي سنة 1320هـ) نقلاً عن ترجمة (تاريخ قم) قصّة تأسيس مسجد جمكران في آثاره القيمة التالية:

أ ـ جنّة المأوى (المطبوع ضمن بحار الأنوار 53: 230 ـ 234).

ب ـ النجم الثاقب.

ج ـ كلمة طيبة، الطبعة الحجرية، طبع بمبي، 1303هـ، ص 337.

د ـ مستدرك الوسائل، ط قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، 1407هـ، ج3، 432 ـ 447.

11 ـ ونقل الشيخ علي اليزدي الحائري (توفي سنة 1333هـ) قصة بناء مسجد جمكران في كتابه (إلزام الناصب) ط بيروت، 1397هـ، ج2، ص 58 ـ 62، نقلاً عن المحدث النوري.

12 ـ ونقل الشيخ محمد علي الكجوبي القمي (توفي سنة 1335هـ) تفصيل تلك الواقعة في كتابه (أنوار المشعشعين) ط قم، 1423هـ، ج1، ص 441 ـ 449، نقلاً عن خلاصة البلدان والنجم الثاقب وكلمة طيبة.

آراء علماء الشيعة الأجلاّء في مسجد جمكران:

امتدح علماء الشيعة الأجلاّء مسجد جمكران، ووصفوا الشيخ الجمكراني حسن بن مثلة بأجمل الأوصاف، وأثنوا عليه ثناء عطراً.

* فقد وصفه الشيخ الصدوق في كتابه (مؤنس الحزين) بالشيخ العفيف الصالح، ومدح مسجد جمكران وأمر الناس أن يصلّوا فيه صلاة صاحب العصر عليه السلام، ثم نقل عن الإمام المنتظر عليه السلام قوله (.. مَن صلاّها فكأنّما صلاّها في البيت العتيق).

* ويُنقل عن آية الله الشيـخ مرتضـى الحائري ـ وكان له مقام رفيع في العلم والتقوى ـ أنّه ذكر في كتاب له أنّ مسجد جمكران من جملة الآيات الباهرة، وذلك لعدّة أمور، منها أنّ قصّته وقعت حال اليقظة، وأنّها منقولة في كتاب من الكتب المعتبرة  ـ وهو كتاب تاريخ قم ـ عن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه، وأنّ القصّة تشتمل على وقائع لا تنحصر في شخص واحد.

* ويقول آية الله السيد محمد تقي الموسوي الاصفهاني (المتوفى سنة 1348 هـ) في كتابه القيم (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عليه السلام). (ج2، ص308):

(تعظيم مواقفه ومشاهده، كمسجد السهلة، والمسجد الأعظم بالكوفة، والسرداب المبارك بسامرّاء، ومسجد جمكران وغيرها من المواضع التي رآه فيها بعض الصالحين، أو ورد في الروايات وقوفه فيها كالمسجد الحرام، وتعظيم سائر ما يختصّ به وينتسب إليه...).

* وكان سماحة آية الله السيد محمد تقي الخوانساري (المتوفى سنة 1372هـ) يتوجّه إلى هذا المسجد مشياً على الأقدام برفقة آية الله الشيخ محمد علي الأراكي المتوفّى سنة 1415 هـ.(8)

* وصرّح آية الله السيد البروجردي (المتوفّى سنة 1380هـ) بأنّ التوفيق لو حالفه لقام بشقّ طريق إلى مسجد جمكران، كما قال بأنه لو تمكّن لصلّى الفرائض في مسجد جمكران يوميّاً.(9)

* ويرى آية الله السيد المرعشي النجفي رحمه الله أن مسجد جمكران من الأماكن التي تُعدّ مهبطاً للبركات الإلهيّة، وأنّه يأتي بعد مسجد السهلة.(10)

* وقد سُئل آية الله السيد الكلبايكاني رحمه الله عن رأيه في الروايات الواردة في شأن مسجد جمكران، فقال: لا بأس بالاعتماد على هذه الروايات، والله العالم.(11)

عمارة المسجد:

يُنقل عن آية الله السيد المرعشي النجفي رحمه الله أنّ البناء الأوّل لمسجد جمكران كان على يد الشيخ حسن بن مثلة الجمكراني، ثمّ أعيد بناؤه في زمن الشيخ الصدوق رحمه الله، وأعيدت عمارته عدّة مرّات في زمن الدولة الصفوية، وفي زمن رئاسة المرحوم آية الله الحائري للحوزة العلمية في قم المقدّسة قام الشيخ محمد تقي اليزدي البافقي بإعمار مسجد جمكران، وتبعه الحاج آقا محمد ـ المعروف بـ (آقا زاده) وهو من تجّار قم المعروفين.(12)

وهناك حالياً مشروع كبير لتطوير وتوسعة مسجد جمكران بما يتناسب مع ازدياد عدد زائريه، ومن أجل تقديم خدمات أفضل لزوّاره العشّاق المتوافدين عليه من داخل ايران وخارجها، فقد جرى تصميم الباحة الرئيسية للمسجد بسعة 560 متراً × 700 متراً، وأُضيفت ـ علاوة على البناية الرئيسية لمسجد جمكران ـ صالات كبيرة لإقامة الصلاة والعبادات الجماعية ومحل للوضوء وقسم للشؤون الفنية والثقافية وجرى تخصيص قسم لإسكان الزائرين واستحداث مجتمعات خاصة لإحياء المناسبات الدينية.





الهوامش:

(1)  معجم البلدان، للحموي 4: 480.

(2)  مستدرك سفينة البحار، للشيخ النمازي 8: 595.

(3)  بحار الأنوار، للمجلسي 57: 214.

(4)  مستدرك سفينة البحار، للشيخ النمازي 8: 596.

(5)  ناسخ التواريخ، الميرزا محمد تقي الكاشاني 3: 68.

(6)  الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام ، السيد جعفر مرتضى العاملي: 428.

(7)  الظاهر أنه يقول: (لا اله الا الله وحده وحده) منه رحمه الله.

(8)  المصدر: مسجد جمكران المقدس: ص 25.

(9)  مسجد جمكران المقدس: ص 28.

(10)  مسجد جمكران المقدس: ص30.

(11)  إرشاد المسائل للسيد الكلبايكاني: ص198، سؤال 736.

(12)  مسجد مقدس جمكران/ تجليكاه صاحب الزمان/ ص47.

البینة الذهبیة

$
0
0
البینة الذهبیة

من البديهي أن العقل يحكم بأن الله تعالى لم ولن يترك عباده سدى، فلا بد أن يلطف بهم فيبعث فيهم أنبياء ويجعل لهم أوصياء ويكون له على الأرض حجة في كل عصر وأن يكون هذا الحجة هادياً مهدياً معصوماً وباباً وسبيلاً ونوراً وأسوة وطريقاً للوصول وتمثالاً للأوصاف المجیدة والحمیدة أمام البشرية لكى يتمكن الإنسان من إحراز مراتب الكمال لأن الإنسان بعد مشاهدة الإمام یقبل بأنه يمكنه الوصول إلی هذه الحقيقة وتحقيقها وأیضا  الانعتاق من قيد الضلالة وأن يكون في مأمن من الابتلاء بالآفات والبلايا والعذاب الإلهي.

قدم أئمة أهل البیت (ع) تعابیر رائعة و بلیغة في تفسیر هذه الآیة المبارکة : " وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ". جاء في أحادیث الأئمة المعصومین (ع) أن هذه الآیة تشیر إلی ظهور وقیام الإمام الحجة (عج).
کان الإمام الصادق (ع) عندما یتلو هذه الآیة یقول:" والله إن شأن نزول هذه الآیة هم بنواسرائیل ونحن تأویلها"
قال أمیرالمؤمنین (ع) :" هم آل محمد (ع) یبعث الله مهدیهم بعد جهدهم، فیعزهم و یذل عدوهم" 
هناک أکثر من 180 اسم ولقب لأئمة أهل البیت (ع) باعتبارهم خلفاء وحجج الله علی الأرض تشیر إلی أوصافهم المتعالیة .
مراتب الكمال التی یمتلکها الأئمة تظهر مدى قربهم إلى حقيقة التوحيد والمعارف الإلهية. نحن نقول في كثير من الأحيان في سلامنا على تلك الذوات المقدسة : " اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللهِ لا يُؤتي الأمْنِه، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَبيلَ اللِه الَّذي مَنْ سَلكَ غَيْرُهُ هلك ".
من البديهي أن العقل يحكم بأن الله تعالى لم ولن يترك عباده سدى، فلا بد أن يلطف بهم فيبعث فيهم أنبياء ويجعل لهم أوصياء ويكون له على الأرض حجة في كل عصر وأن يكون هذا الحجة هادياً مهدياً معصوماً وباباً وسبيلاً ونوراً وأسوة وطريقاً للوصول وتمثالاً للأوصاف المجیدة والحمیدة أمام البشرية لكى يتمكن الإنسان من إحراز مراتب الكمال لأن الإنسان بعد مشاهدة الإمام یقبل بأنه يمكنه الوصول إلی هذه الحقيقة وتحقيقها وأیضا  الانعتاق من قيد الضلالة وأن يكون في مأمن من الابتلاء بالآفات والبلايا والعذاب الإلهي.
ولهذا فإن أئمة الأطهارعليهم السلام :
-    هم تماثیل للحق في جميع أشكاله. هم الحقيقة الواقعية والقرآن الناطق على هيئة الإنسان.
-    هم الاُسوة الحقيقية والعينية الذي ظهرت فيهم الصفات الحسنة والمقربون إلی الله (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ اُسْوَةُ ...)
-    هم طريق الهداية والتمثال الحقيقي لكيفية الحياة .بإمكاننا أن نجد الحق والحقيقة في مسارهم وسلوكهم وسنتهم في الحياة وأن سيرتهم وسنتهم هي من مصادر تشخيص الأحكام الإلهية وأن النبي الأكرم وضع أهل البيت إلي جانب القرآن وإنهم الثقل والأمانة الباقية للمسلمين من بعد الرسول (ص).
-    هم الضمان لنجاة الإنسان وأمان للبشرية من عذاب الله
-    هم حجة الله البالغة الذي أعلن عن حجيتهم رب العالمين
لايوجد في الكون بين البشرية من يحمل هذه الصفات سوى المعصومين عليهم السلام كما قال القرآن الكريم : " إنَّما يُريدُ اللهِ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسِ اَهْلِ البَيْتِ وَ يُطَهِّرُكُمْ تَطهيراً 5 " لکی لایحدث أي خلل أو نقص في مسار تربیة، وهدایة وإرشاد العباد على يد الإمام وحجة الله على الأرض الذین هم جمیعاً في معرض الزلات والسهو ووسوسة الشیطان والعمر القصیر والموت المحتوم وسائر الابتلاءات والتي هي من مقتضیات حیاة الدنیا والتي هي دار بلاء وامتحان.
هذا الأمر أیضاً ناجمٌ عن رحمة الله بعباده وأن اصطفاء وإجتباء حجج الله هو أیضاً یشیر إلی هذا المعنی. جمیع الروایات المنقولة عن رسول الله (ص) وأئمة الدین المذکورة في المصادر الروائیة للشیعة والسنة تشیر بشکل مباشر إلی أن هذه الآیة تعني أهل بیت الرسول (ص).
اختصاص هذه الأمور في الروایات المأثورة خاصة الأدعیة الصادرة من خزانة أهل البیت علیهم السلام لیست من باب المجاملات الجاریة بین عامة الناس لأن مثل هذا العمل لدى رب العالمین وأئمة الدین یعتبر أمراً لغواً وأن مقام رب العالمین منزهٌ من اللغو والثرثرة والمجاملات. هم أصحاب الصفات الحميدة . هم خزّان العلم، منتهي الحلم، أصول الكرم و ذوي النهى، ورثة الأنبياء، معادن حكمة الله، حفظة سرّ الله، مخلصين في توحيد الله، أهل الذّكر، اولي الأمر، بقيّة الله و... الشخص الذي يمتلك هذه الأوصاف بشكل تام جديرٌ بأن يكون خليفة الله على الخلق. إن الظهور التام لهذه الصفات جعل أهل البيت أهلا أن يكونوا أعلاماً للدين وأحد الثقلين وعدلاً للقرآن كما أن سيرتهم وسنتهم لدى العلماء والمراجع لتشخيص الحكم وحل المسئلة تحظى بالحجية. جاء في حديث عن النبي الأكرم (ص) والحسن المجتبى (ع) بأن : «مَنْ ماتَ وَ لَمْ يَعْرِفُ اِمامَ زَمانِهِ ماتَ مَيتةً جاهِلَيَة"
عدم معرفة الإمام الزمان (ع) یعني عدم معرفة الهدف والحجة وطریق النجاة من الجاهلیة والضلالة . عندما تتجلی الحقیقة في إمام الزمان (ع) یعنی أن الحق لدیه ومعه ویتحقق عن طریقه وکلما کان غیرذلک فهو عین الجاهلیة والضلالة.
قال الإمام علي النقي (ع) في زيارة الجامعة الكبيرة: " وَ الْحَقُ‏ مَعَكُم وَ فيكُمْ وَ مِنْكُمْ وَ اِلَيْكُمْ وَ اَنْتُمْ اَهْلُهُ وَ مَعْدِنُهُ..."  هذه العبارة جاءت ترجمة ل : " إِنِّی تَارِکٌ فِیکُمُ الثِّقْلَیْنِ کِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّى یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ "
هما لن یفترقا عن بعضهما البعض ذاتیاً ولو لم یکن الأمر هکذا لما کان بإمکاننا أن نخاطبهم بهذا القول :" الحق معکم وفیکم وإلیکم". الحق لم یضاف الیهم ولم یتم عرضه علی حیاتهم وأن التقرب إلیهم یعني التقرب إلی الحق والإبتعاد عنهم هو الابتعاد عن الحق. کما نقرأ في زیارة صاحب العصر (عج) :  "أنَا وَليٌّ لَكَ بَريٌ مِنْ عَدُوِّكَ فَالحَقُّ ما رَضْيْتُمُوهِ وَ الباطِلُ ما اسْتَخْطُمُوه".
الضلالة لیس بالضرورة لها مصداق ثابت کعبادة الأصنام. الباطل یتجلی في کل عصر وجیل بشکل ما کما کان یتجلی في الأدوار السابقة یوما في شخصية فرعون و نمرود ویوما آخر في شخصية أبولهب وأبوسفیان أو عبادة الأصنام والتمر اَو القمر والنجم.
إن اختلاف الصور والمصادیق لایعني اختلاف المعنی والباطن. هناک مفهوم ثابت وهو الاستکبار والطغیان الذی یتجلی في کل عصر بشکل ما. المهم هو اکتشاف المفاهیم الثابتة.
حب أهل البیت والاقتراب الیهم وتجدید العهد معهم أیضاً یرتبط بهذا المعنی وأن الاقتراب إلیهم و الاشتراک معهم في الخصال الحميدة جعلت النبی الأکرم (ص) یخاطب سلمان الفارسی مع أنه لیس له أي صلة قرابة مع الرسول (ص) قائلا: " سلمان منّا أهل البيت"  وجعلت القرآن یخاطب أبولهب مع أن له صلة رحم بالرسول (ص) قائلا : «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ».  إن الاشتراک في الهدف یعنی الاشتراک في المعنی والوجود في ساحة الحیاة ویعنی القرابة والمحرمیة .
سلمان بعد أن انتهج طریق الحق والحقیقة والکمال أصبح ذو شأن عال وجدیر بأن یخاطبه الرسول (ص) قائلا: " سلمان منا أهل البیت"و في الجهة المقابلة الذین انتهجوا طریق الدرکات السفلی أصبحوا ذي شأن نازل وأهلا لهذا الخطاب الإلهي بأن " تبت یدا أبي لهب وتب" . دون أي شک فإن إرادة الله هي إرادة الرسول (ص) أیضاً.
بعد أن ذاب رجل عظيم مثل النبي الأكرم (ص) في الله وسلب عن نفسه أي إرادة واختيار تام بلغ أعلی وأسمى مراتب العبودية وبلغ درجة من القرب بحيث أصبح "  قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَي   " أي بلغ رسول الله من القرب إلى الله الحد الفاصل بين القوسين أو أدنى من ذلك .
من المؤكد أن جبرئيل كان في هذه الرحلة في خدمة الرسول (ص) حتی بلغ خلال هذه الرحلة درجة أعلن جبرئيل فيها أن "لو دنوت أنملة لاحترقت".
إن الرسول الأعظم (ص) كان أعلى وأسمى مرتبة وإستعداداً من جبرئيل ولهذا كما قال الشاعر سعدي الشيرازي "يبلغ الإنسان مرتبة لم ير فيها سوى الله" . بلغ الرسول (ص) مرتبة ما كان يرى فيها سوى الله. مرتبة لم يحظ بها جبرئيل.
هنا تتجلى معنى الإرادة الإلهية في خلق الخليفة . خليفة الله هو الخليفة والحجة والأسوة على ما سوى الله. ساحة حكمه تبدأ من أهل الملكوت المقربين كجبرئيل حتی أدنى المخلوقات في عالم الملك .
خاطب النبي الأكرم (ص) أميرالمؤمنين علي (ع) قائلا : " من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شي ء ." 
الخشية والخوف في حد ذاته يؤدي إلي الخضوع والخشوع أمام رب الأرباب. كل من تواضع أمام الله من المؤكد أن الله سيرفعه مقاماً محموداً.
كل من ارتبط بالله لامحالة ستشمله العناية والعزة الإلهية "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَی اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" . كل من تعلق بالله لايخاف سواهُ وأنه ستكتنفه العزة الإلهية بحيث يكون في مأمن من مخافة ما سوى الله. 
عندما ينتسب الإنسان إلى الله ويستقطب أوصاف الكمال ستشمله بإذن الله حصة كبيرة من الهيبة والجلال . كما أن الجميع عند مواجهة الأولياء والأنبياء ينحنون أمام هيبتهم وجلالهم. يمكن لنا أن ندرك هذا المعنى في عبارة اُخرى وهى : «العُبُودِيَةِ جُوهَرَةِ كُنْهِهَا الرُبُوبيَةِ".
العبد الصالح إذا بلغ الدرجة التامة من العبودية يتمكن من تربية الآخرين الذين هم في مرتبة انزل منه . العبد الصالح ينال هذا المقام بإذن الله لتربية العباد.
بعبارة أخرى تربية العباد هي من الأمور التي يختص بها الله سبحانه وتعالى . كما قال الله سبحانه و تعالى لايمكن لنا أن نعتبر شخصاً ولياً لله في جميع الأمور الدنيوية والأخروية ونسلب عنه مقام تربية العباد. "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"
جابر بن عبدالله الأنصاري جاء إلى الرسول (ص) في آخر أيام حياته وسأله عن هذه الآية: «وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَ إِقَامَ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاء الزَّكَاةِ وَ كَانُوا لَنَا عَابِدِينَ"
قال رسول الله (ص) : یا جابر معنی هذه الآیة هم الأوصیاء من بعدي . سیأتی یوما أنت ستدرک ولدي محمد الباقر فإذا أدرکته ولقیته فبلغه سلامي ..." 
إن الشعور بالافتقار إلی الناس والخوف منهم یجعل الإنسان یخضع ویخشع أمام الرجال والنساء من أمثاله دون سبب مما یشیر إلی عدم خضوعه وخشوعه أمام الله وهذا الأمر یجعل الإنسان یفقد الحجب التي تحفظه ولهذا فإنه یشعر بأنه لایوجد من یحمیه.
المؤمن یخاف الله لأن یری نفسه فقیراً ذاتیاً امام عظمة الله سبحانه وتعالی.
هذا الخوف یجعل الإنسان مستعدا للإقرار بالنقص والضعف وإظهار العبودیة عسی أن یرحمه العزیز الغني بکرمه ولطفه ویجعله یتمتع بنعمه الواسعة لأن الإنسان من أجل النجاة من الفقر والضعف والذلة والمسکنة یتشبث بأذیال الحبیب.
کل المخلوقات بحسب طاقاتها والمشیئة والإرادة الإلهیة لها مجموعة من الأوصاف والخصال. کما أن جمیع الحیوانات والنباتات لها حصة من الوفاء والحلم والصبر والجود والشجاعة والغضب والغیرة وأمثال هذه الصفات وبعضها تقدمت علی بعض في إظهار بعض الصفات.
العالم مرآة لجمیع هذه الصفات والخصال في المخلوقات. إن صفة الجلال أظهرت نفسها في العرش والبحر والطوفان وصفة الجمال أظهرت نفسها في أوراق الزهور وروعة قطرات الندی.
الإمام القلب النابض لعالم الوجود
الإنسان یمتلک الاستعداد وقدرة استقطاب هذه الخصال ولهذا وُصِفَ بالعالم الأصغر. هذا الاستعداد والأفضلیة لإظهار الصفات الجمالیة والکمالیة جعلت الإنسان أن یکون أشرف المخلوقات والحاکم علیها وأن یتمتع بالأرض والموجودات من خلال الهیمنة علیها.
کل إنسان له حصة خاصة من هذه الصفات. کما تظهر بعض الصفات أکثر من سائر الصفات في بعض الأشخاص أحیانا.
إن رقة الشعور والاحساس المرهف لدی الشعراء والعنف الموجود لدی الطواغیت الجبابرة لهذه الصفات ظهور خاص لكل منهما والتي بعض الأحیان تأخذ منحی الإفراط أو التفریط وتجعل ساحة الحیاة ضیقة علی الکثیر من المخلوقات وتؤدي إلی أزمات کبیرة. هذا الإفراط والتفریط وعدم الاتزان والضعف في ضبط وإدارة النفس تجعل الأشخاص یفقدوا الأهلیة لتولي المناصب.
إدارة النفس هی بدایة لإدارة الآخرین. هذه الإدارة بالضرورة مرتبطة بأن یتعرف الإنسان علی نفسه وجمیع قابلیاته وقدراته. التعرف علی کل ما یجعل الإنسان أن یهبط من أعلی المراتب إلی أسفل المراتب والتعرف علی مصادر نیل الحقیقة ولهذا قدم الله رجالا باعتبارهم خلفائه فی الأرض الذین یمتلکون أعلی درجات القابلیة لإدارة شؤون العباد.
المعرفة الحقیقیة للنفس تؤدي إلی معرفة خالق الکون ولهذا جاء في الحدیث الشریف أن: «مَنْ عَرَفَ نَفْسُهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ"1
هذه المعرفة تؤدي إلی الخضوع والخشوع وبسببها الإنسان يصبح تمثالا للحق بعيداً عن النفس الأمارة.
الإنسان الکامل هو التمثال التام للحق المنزه عن النفس الأمارة. عزالدین نسفي مؤلف کتاب "الإنسان الکامل" له بیان رائع في وصف هذا الإنسان ومکانته في الکون وإن التطرق إلیه لایخلو من الروعة والفائدة:
اعلم بأن الشریعة هی أقوال الأنبیاء والطریقة هي أفعال الأنبیاء والحقیقة هي نظرة الأنبیاء. ینبغي للسالک أن یتعلم من علم الشریعة مما لابد من تعلمه ومن ثم یعمل بالطریقة مما لابد منه لکي یحظي بأنوار الحقیقة بقدر سعیه وجهده.
کل من قبل بأقوال نبیه فهو من أهل الشریعة وکل من عمل بما عمل نبیه فهو من أهل الطریقة وکل من یری ما کان یراه نبیه فهو من أهل الحقیقة.
کل من امتلک هذه الامور الثلاثة فهو الإنسان الکامل وهم قادة الخلق وکل من لم یمتلک أى من هذه الامور فهو الناقص ومن البهائم.
کل من یمتلک هذه الأمور الأربعة أي الأقوال الحسنة والأفعال الحسنة والأخلاق الحسنة والمعارف فهو إنسان کامل. کل من بلغ هذه الأمور الأربعة بشکل کامل فقد بلغ درجة الکمال وأن الأرض لاتخلو عن مثل هذا الإنسان الکامل وإنه الفرید في دهره وأیام حیاته. أن کل المخلوقات هی بمثابة شخص واحد وأن الإنسان الکامل هو بمثابة القلب لمثل هذا الشخص وکما أن الموجودات لایمکنها مواصلة الحیاة دون قلب فإن الإنسان الکامل هو الوحید بین الخلق. العلماء في العالم هم کثیرون لکن من هو قلب العالم لیس إلا شخصا واحدا و الأولیاء الآخرون هم في مراتب أخری. کل منهم في مرتبة . بعد التحاق الإمام بالرفیق الأعلی یخلفه إمام آخر لكي لایبقی العالم دون قلب.
البشر هم أفضل الکائنات وثمرة شجرة الموجودات والإنسان الکامل هو الموجز والملخص بین البشر. الإنسان الکامل یشرف بشکل تام علی المخلوقات من حیث الصورة والمعنی.
بعد أن عرف الإنسان الكامل ربّه لم يجد طاعة أفضل من توفير الراحة للخلق ولم يجد راحة أفضل من أن يقول للناس شيئا يجعل حياة الدنيا للناس سهلة وأن يكونوا في مأمن من بلايا وفتن الدنيا وأن يكونوا من أهل الفلاح في الآخرة وكل من يعمل هكذا فهو وارث الأنبياء.
الإنسان الكامل لم ير طاعة أفضل من أن يصحح مسار العالم وأن يثبت الصدق بين الخلق وأن يزيل العادات والسنن السيئة من بين الخلق وأن يبني قوانين حسنة بين الناس وأن يدعو الناس إلی الله وأن يعلم الناس بعظمة ووحدانية الخالق وأن يبث الحب والمودة بين الناس لكي لايؤذي بعضهم البعض وأن يوفروا الراحة والأمن للآخرين وأن يتعاونوا مع البعض وأن يسلم الآخرون من يده ولسانه وأن يلتزموا بالعهود التي تعاهدوا فيما بينهم وأن لاينكثوا المواثيق وكل من نكث المواثيق فلا إيمان له و كما قال الرسول (ص): من لا عهد له لا إيمان له. المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده."
من البديهي أن اللطف والحكمة والعدالة الإلهية تقتضي بأن يضي ء نورا أمام البشرية وأن يفتح باباً وطريقا أمامهم وأن يضع مصداقاً عينياً وملموساً أمام أعينهم حتى يكون أسوة لهم وأن يكون الإنسان في مأمن من الضلالة وأن يتمكن من السير نحو مراتب الكمال ومن هنا العقل ي‍ؤيد موضوع السؤال والإجابة والعذاب والأجر وإلا دون هذه الأمور فإن المعاد يصبح أمراً عبثياً وأن الله منزه عن العبث والاهمال والظلم.
قال الإمام علی بن موسی الرضا (ع) في حدیث رائع وطویل ذکر فیه جمیع صفات الإمام وذکرت الکثیر من المصادر الروائیه الشیعیة هذا الحدیث ونقلت هذا الحدیث سلسلة من الرواة الثقة جاء فیه: " وأقام لهم علياً عليه السلام علماً وإماماً، وما ترك شيئاً مما تحتاج إليه الأمـة إلاّ وقد بينه. فمن زعم أن الله لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فقد كفر..." 
ثم قال في وصفه لقدر وشأن الإمامة :" هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم ؟
إن الإمامة أجل قدر ...وأعظم شأنا...وأعلى مكاناً...وأمنع جانباً..وأبعد غوراً..من أن يبلغها الناس بعقولهم..أو ينالونها بآرائهم فيقيمونها بإختيارهم. 
وقام الإمام الرضا (ع) في هذا  الحدیث الشامل والجامع بعد أن ذکر قدر الإمامة وصعوبة معرفته من قبل الناس بسبب عظمته وجلالته وعزته وعمقه قام بتعریف الإمام الشخص الذی یستحق مثل هذا المقام العالی والرفیع:
الإمام أمين الله في أرضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده، الداعي إلى الله والذابَ عن حريم الله..
الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصص بالعلم موسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المارقين وبوار الكافرين..." 
الناس في غفلة عن ذکر ضرورة حضور الإمام (ع) بین الخلق وشأن منصب الإمامة وخصال ومهمة الإمام باعتبارها المواضیع الرئیسیة الثلاث وأن هذه الغفلة أدت إلی الإخلال بشکل جاد في إطار نظام معرفة المسلمین. فان الیوم إحیاء هذا النظام المبتني علی موضوع ومفهوم الإمامة والولایة ضروری للخروج من الوضع المتأزم الراهن. ینبغي إعادة التعرف بشکل عام علی الحاجات الماسة لهذا الجیل الذی یمر في فراغ نظري مخیف وفي هذا الوقت بالذات الذی یهیمن علیه النظام النظري الغربي وثقافته وأفکاره المبنیة علی الإلحاد والشرک.
علو وعظمة شأن ومقام الإمام والإمامة يقتضي ضرورة التعرف علیه . کما جاء في حدیث الرسول الاعظم (ص) و أیضا الإمام الحسن المجتبی (ع) :" مَنْ ماتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ اِمامَ زَمانُهُ ماتَ مَيْتةً جاهِلَيَه". النقطة الملفتة للانتباه هنا هو أن الحصول علی هذه الدرجة من المعرفة مرهونة باللطف الإلهي والعنایة الربانیة. کما جاء في هذا الدعاء الرائع " الّلهمّ عرّفني حجّتك ان لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني".
علو وعظمة شأن الإمام والإمامة جعل من الصعب التعرف علیهما. کما أن هذا التعرف یشیر إلی الهدایة. "من عرفنا، عرف الله"  .أي فور الحصول علی المعرفة یتم الحصول علی الهدایة. الهدایة رزق مبارک ینبغي أن یتم من قبل الله . " ویهدي من یشاء" هذا الکلام یذکر الإنسان بأنه في جمیع الشؤون حتی في مجال معرفة الحجة یحتاج إلی الحجة. کما جاء في الحدیث الذی ذکرناه عن الإمام الرضا (ع).
إن التوسل والمراجعة إلی الساحة القدسیة للحجج الإلهیة في جمیع الشؤون ضروري للهدایة والسیر والوصول إلی أعلی مراتب الکمال.
مقال السید نسفي حول الإنسان الکامل بأن جمیع الکائنات بمثابة شخص واحد والإنسان الکامل هو مثل القلب لهذا الشخص وأن الموجودات دون هذا القلب لایمکن لها مواصلة الحیاة، مقال جمیل ورائع. 
حیاة جمیع الأعضاء والجوارح مرهونة بالقلب. کیف یمکن للأعضاء و الجوارح و الجوانح المنقطعة عن القلب أن تتعرف علیه؟
جمیع الناس خاصة المسلمون یعانون من مرض صعب للغایة وأي مرض هو أصعب من إستغناء الأعضاء و الجوارح و الجوانح عن القلب ؟
نحن وضعنا نفوسنا الأمارة بالسوء وعقلنا المتوهم المنقطع عن العقل الکامل الهادي المهتدي دوماً معیاراً للسیر والوصول. هذا الأمر یشیر إلی حد کبیر إلی الارتماء في أحضان الغرب ولهذا لایمکن لنا الخلاص منه. المسلمون ومن ضمنهم الشیعة یرون أنفسهم لاراعي لهم رغم أنهم ینفون دوما هذه الحقیقة. عندما لم نعمل علی أساس الوحي وسیرة وسنة أئمة الدین ونهتم فقط بأقامة مجالس العزاء لهم وذکر مناقبهم الأخلاقیة وسیرتهم وسنتهم وفي النهایة نهتم فقط بجزء من الأحکام الفردیة مثل الحلال والحرام في المأکولات والمشروبات والزواج وإن هذه الأحکام هي الميزان و المعيار الوحید لحشر ونشر المسلمین فیما بینهم یومیاً ولم یبقی مجالا لیکون لأئمة الدین حضوراً ووجوداً تاماً في مستوی الحیاة الفردیة والاجتماعیة للمسلمین ومناسباتهم العامة.  
النقطة الملفتة للانتباه هي أن مستوی معرفة حجج الله بین المسلمین لاتتعدى معرفة أعداء آل البيت عنهم.

. سورة قصص (28)، آية 5.
. روزگار رهايي ( يوم الخلاص )  ص 151. الزام النّاصب  ص 22.
. روزگار رهايي( يوم الخلاص )  ، ص 450؛ الإمام المهدي، ص 267.
. قمي، عبّاس، مفاتيح الجنان، الزيارة الخاصة لصاحب العصر والزّمان(عج).
. بحارالأنوار، ج 68 ص 239.
. مفاتيح الجنان، زيارة الجامعة الكبيرة.
.  النبيّ الأكرم(ص)، بحارالأنوار، ج 37،ص 168 (هذه الرواية موجودة بشكل متواتر لدى الشيعة والسنة).
. مفاتيح  الجنان، زيارة صاحب‏ العصر والزمان ، ص 680.
. بحارالأنوار، ج 22، ص 326.
. سورة مسد (111)، آية 1.
. سورة نجم (53)، آية 9.
. صدوق، محمّد بن علي، من لايحضره الفقيه، ج 4، ص 357؛ بحارالأنوار، ج 75، ص 270.
. سورة طلاق (65)، آية 3.
. سورة مائده (55)، آية 55.
. سورة انبياء (65)، آيه 73
. البحراني حسيني، سيّد هاشم، تفسير البرهان، ج 3، ص 66.
. بحارالأنوار، ج61، ص91.
. كليني، محمّد بن يعقوب، أصول كافي، ص198؛ صدوق، محمّد بن علي، عيون أخبار الرّضا، ص18.
. نفس المصدر
. نفس المصدر
. بحارالانوار، ج 68، ص 239.

مقامات الإمام المهدي عليه السلام:العراق - النعمانية

$
0
0
 مقامات الإمام المهدي عليه السلام:العراق - النعمانية

النُّعمانيّة: بضم النّون وهي بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق، على ضفة دجلة، معدودة من أعمال الزاب الأعلى. (معجم البلدان: للحموي5/ 294)
والنعمانية(بالفتح): بليدة بين الحمى والحلب ويُنسب إليها أبو العلاء أحمد بن عبد الله  الضرير (أبو العلاء المعري) كما في تلخيص الآثار، وأيضاً تطلق على اسم وادٍ في طريق الطائف.

 



والنعمان (بالضمّ) اسم لجماعة أعاظم، منهم النعمان بن المنذر الذي هو من الملوك وإليه ينسب الورد المعروف بشقائق النعمان. (مقدمة كتاب الغيبة للنعماني، ط1ـ تبريز)

وفي النعمانية المقدّم ذكرها أولاً ـ أعني هي التي من أعمال واسط ـ يقع مقامٌ شريفٌ ينسب إلى الإمام المهدي عليه السلام فيقال له مقام الإمام المهدي.

موقع المقام:

 


يقع المقام في منطقة تدعى (أم عكيط) وهو على جادة الطريق بين النعمانية وواسط (الكوت)، يبعد عن النعمانية نحو (15) كيلومتراً، وعن  مدينة الكوت نحو (22) كيلومتراً، ويقع المقام على يمين الذاهب من النعمانية الى الكوت، وهو على جادّة الطريق، ويبعد على الجادّة بنحو 1000 م في طريق غير معبّد، ومن الخلف عن نهر دجلة نحو 150 متراً، ومنطقة أم عكيط اليوم تابعة للنعمانية التي هي من أقضية محافظة واسط.

وصف المقام:

قبل الدخول الى المقام يرى القاصد إليه عدّة قبور من جهة اليمين اتُّخذت مدفناً لأطفال أهل المنطقة، وعلمت أخيراً أنّ الناس مُنعوا في الآض ا هيكل بناء لم يتم لحسينية كبيرة.

وقبل الدخول للمقام تجد أيواناً كبيراً جُعل لخدمة الزائرين فيه عدّة أعمدة، ثم تدخل من باب حديدي للمقام طوله 2م وعرضه 3م ولونه أخضر، يعلوه دعاء (اللهمّ كن لوليّك...) فعند دخولك تجد رواقاً يحيط بروضته المقام من جميع الجهات، فمن الجهة الشمالية تجد باباً للدخول الى الروضة، وعن يمينك محراب دال على جهة القبلة معمول بالقاشي الأزرق، وعدة ألواح معلّقة ذُكرت فيها الزيارة ورواية ابن أبي الجواد النعماني المخصوصة بهذا المقام وزيارة أخرى للإمام المهدي عليه السلام.

وعن اليسار توجد مكتبتان صغيرة وكبيرة من الساج الأصلي، فيهما عدة مصاحف وكتب متنوعة العلوم من الفقه والسيرة والتاريخ وما شاكلها.

 

وهناك لوحة كتب عليها دعاء أهل البيت المعمور (المشهور).

وفي الرواق الغربي يوجد منبر للوعظ والإرشاد، وفي هذه الأروقة 22 شباكاً تطل على المساحة الخارجية للمقام، ثم تدخل الى روضة المقام وهي المكان الأصلي للمقام، وللروضة هذه أربع فتحات لدخول المقام والخروج منه، يعلو الروضة قبة كبيرة مساحتها 8م مربع، وبجوارها منارتان ارتفاع كل منهما30 متر، ولون القبة من الخارج أخضر، وهي ذات شبابيك عددها ثمانية، وعرض الروضة 417 متراً وارتفاعها 27 متراً، ويتوسط الروضة ضريح يُنسب الى محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام والمشهور بالصوفي.وعرض الضريح 3م وارتفاعه 5/ 2 م وهو من الألمنيوم، وأعلى الضريح مزين بالزجاج، وعلقت عليه عدّة ألواح كتب فيها رواية ابن ابي الجواد النعماني، وفي احدها زيارة لصاحب القبر ونسبه، وفي وسط الضريح قبر يعلو عن الأرض نصف متر مغطى بقماش أخضر اللون، ويعلو القبر مزهرية، ولسنا هنا بصدد البحث عن صحة نسبة القبر الى السيد محمد بن القاسم المذكور، فهذا يحتاج إلى بحث مستقل وتتبّع واعبٍ قد نوفّق إلى القيام به إن سمحت الفرصة ونسأ الله في الأجل. .

 

تاريخ المقام:

لم يرد للمقام ذكر في التأريخ صريح سوى رواية من أبي الجواد النعماني المذكورة في كتاب (رياض العلماء) والتي خلت من التأريخ الصريح، لكن من الممكن معرفة تأريخها من خلال البحث الرجالي لراوي الحكاية  فلنأتِ أولاً على ذكر الرواية ثم البحث عن تأريخها...

ذكر العالم الفاضل المتبحر النقّاد الآميرزا عبد الله الإصفهاني الشهير بالأفندي في المجلّد الخامس من كتاب <رياض العلماء وحياض الفضلاء >في ترجمة الشيخ ابن أبي الجواد النعماني أنه ممّن رأى القائم عليه السلام في الغيبة الكبرى وروى عنه عليه السلام، ورأيت في بعض المواضع نقلاً عن خطّ الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمد الخازن الحائري تلميذ الشهيد أنّ ابن أبي الجواد النعماني رأى مولانا المهدي عليه السلام فقال له: يا مولاي لك مقام بالنعمانية ومقام بالحلّة، فأين تكون فيهما؟ فقال له: أكون بالنعمانيّة ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء، ويوم الجمعة وليلة الجمعة أكون بالحلّة، ولكن أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي، وما من رجل دخل في مقامي بالأدب يتأدب ويسلّم عليّ وعلى الأئمة وصلّى عليّ وعليهم اثنتي عشرة مرّة ثم صلّى ركعتين بسورتين، وناجى الله بهما المناجاة، إلاّ أعطاه الله تعالى ما يسأله، إحداها المغفرة.

فقلت: يا مولاي علّمني ذلك، فقال: قل: اللهمّ قد أخذ التأديب منّي حتى مسّني الضرّ وأنت أرحم الراحمين، وإن كان ما اقترفتُه من الذنوب استحقّ به أضعاف ما أدّبتَني به، وأنت حليمٌ ذو أناة تعفو عن كثير حتّى يسبق عفوك ورحمتك عذابك، وكررها عليّ ثلاثاً حتى فهمتها.

 

ونستفيد من هذا النص عدّة فوائد في إغناء البحث عن المقام وتأريخه.

الفائدة الأولى: إن هذه الحكاية نقلها العلامة النوري في كتابه النجم الثاقب وجنة المأوى ولولا هذا النقل للحكاية من كتاب (رياض العلماء) لضاعت علينا وذلك بسبب ضياع خمسة مجلدات من أصل عشرة من كتاب <رياض العلماء > لمؤلفه الآميرزا عبد الله الأفندي الذي كان حياً سنة 1037 هـ كما صرح بعضهم، وطبع الكتاب حرفياً بسبعة مجلدات سنة 1401 هـ في قم المقدسة بجهود العلمين السيد محمد المرعشي النجفي والسيد أحمد الحسيني، ولكن هذه الحكاية لا توجد

في المطبوع منه، ولعلها موجودة في المجلدات التي ضاعت علينا.

الفائدة الثانية: أنني لم أجد ترجمة في كتب الرجال لابن أبي الجواد النعماني، واحتمل أن ابن أبي الجواد النعماني هو المتكلم العالم وقدوة العارفين عبد الواحد بن الصفي النعماني صاحب كتاب< نهج السداد في شرح الإعتقاد> المذكور في< رياض العلماء> المطبوع ج3/ 279 في كتابه الذريعة بعد هذا القول: ويؤيده (أي كلامه) أني رأيت منهُ ناذ كثيراً ما يرد في كتاب الرجال ذكر الرجل بالكنية و في مكان آخر بالإسم واللقب،  ويعضد هذا الإحتمال قول الأفندي (ولم أتعين خصوص عصره_أي عبد الواحد_ فلاحظ. وأظن أنه من تلامذة الشهيد أو تلامذة تلامذته. فلاحظ) وقال الشيخ أقا بزرك الطهراني سخة (أي كتاب نهج السداد) عند عباس اقبال في طهران عليها تاريخ ولادة لعلي بن حماد بن ادريس في15شهر رمضان سنة 831 هـ،  فيظهر أن الكتابة قبل هذا التأريخ والتأليف قبل كتابة هذه النسخة.

وهذا الإحتمال كله يرد بعدما عرفنا أن ناقل الحكاية هو زين الدين أبو الحسن علي بن الخازن الحائري المجاز من قبل الشهيد الأول (ت 786هـ.)، وتوفي هذا الشيخ الجليل المذكور كما جاء في عدة من كتب الرجال والتاريخ سنة 793هـ.

 

ويروي عن هذا الشيخ ابن فهد الحلي في سنة 791هـ.

وأحتمل أنا أن القبر الذي في المقام لهذا الشيخ لأن بين الصوفي والصفي يرد التحريف لقرب صورتيهما في الرسم، ومن خلال معرفة تأريخ ناقل الحكاية المتوفى سنة 793 هـ علمنا أن المقام كان موجوداً في القرن الثامن الهجري وربما قبلهُ، إذ سؤال  السائل  بقوله <يا مولاي لك مقام بالنعمانية ومقام بالحلة، فأين تكون فيهما؟ >يدل على أن المقام كان مشيّداً ومشهوراً بين الملأ.

الفائدة الثالثة: إستحباب زيارة هذا المقام ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء تبركاً بوجود الإمام فيه عليه السلام على حدّ قوله صلوات الله عليه، والذي يستبعد ذلك نقول له قول السيد الأجل ابن طاووس بما مضمونه< أن الإمام ليس بغائب ولكنه غائب عمن هو غائبٌ عن الله>.

الفائدة الرابعة: ممكن أن يستخرج من هذه الحكاية زيارة مخصوصة بهذا المقام ومقامهُ صلوات الله عليه بالحلّة، والعمل بهذه الزيارة والآداب المذكورة فيها نافع لقضاء الحاجة والمغفرة.ولقد ذكر هذا المقام في عدة كتب أيضاً، ومن الممكن معرفة تاريخ المقام أيضاً بذكره في تلك الكتب ككتاب <النجم الثاقب > وكتاب <جنة المأوى> للعلامة النوري المتوفى سنة 1320 هـ وكتاب< ماضي النجف وحاضرها >ج1 ص 96 للشيخ جعفر محبوبة المتوفى سنة (1378هـ.)

وقت زيارة المقام:

للمقام زيارة مخصوصة في كل ليلة ثلاثاء ويومها، وإن أغلب زائري المقام هم من أهل واسط والمناطق الجنوبية، كما يزدحم فيه الزائرون في ليلة النصف من شعبان وهي ليلة ولادة الإمام عليه السلام وزيارة الأربعين في (20صفر) في كل سنة وليلة العاشر من المحرم، ويعد المقام دار استراحة للزائرين الذاهبين إلى كربلاء سيراً على الأقدام والقادمين من البصرة والكوت، ويقام في المقام كل ليلة جمعة مجلس وعظ وإرشاد، كما تقام فيه صلاة الجمعة،  ولقد حاول نظام صدام البائد طمس هذا الأثر بتسميته بقبر الصوفي دون إسم مقام الإمام المهدي عليه السلام.

 

عمارة المقام الأخيرة :

وكان ابتداء هذه العمارة بتاريخ 1998م ولايزال العمل فيها مستمراً إلى هذه الغاية ،وقد ساهم فيها جماعة من المؤمنين وأهل الخير ومن ضمنهم العلامة الاديب السيد حبيب ابن السيد سلمان ابن السيد عبد الرضا الخطيب عالم النعمانية ومرجع أهلها في الشؤون الدينية والاجتماعية ،وكان المقام والقبة أصغر من ذلك وكان مبنيّاً من الطابوق والطين واللبن.

سدنة المقام:

ومن خلال التتبع والسؤال وقفنا على عدة  أسماء لسدنة المقام وسنذكرهم على التتابع.

1ـ شعلان الكيم قبل نحو 100 سنة.

2ـ ساجت الصخي القرشي: ت 1974 م وبعده ذريته.

3ـ خضير عبد عوفي الجعيفري: من 1985م_ 2000م.

4ـ سعد محيسن من< 2000_ 2003م>.

5ـ سكر القريشي ـ 2003م ـ إلى عصرنا الحالي ولقد أفادنا مشكوراً بعدة معلومات وأخبرنا راوياً عن الخادم سعد محيسن أنه سمع من السيد علي الياسري وهو من تلاميذ السيد محسن الحكيم رحمه الله أن هناك صخرة كان مثبت فيها بيان عن المقام وإسم المدفون في داخله، وفي زمن الحرب العالمية وخلال وجود الأنكليز في البلد بقوا مرابطين في معسكرهم بقرب المقام لمدة ثلاثة أشهر وسرقوا تلك الصخرة وقد قام بذلك  أحد الضباط البريطانيين.

كما أخبرني بهذه الحكاية رجل إسمه حيدر وهو موجود في المقام نقلاً عن جده خادم المقام ساجت الصخي القريشي.

فائدة أخيرة: أحببت إيرادها هنا للباحث عن نسب صاحب القبر وهو السيد محمد بن القاسم الصوفيّ وعن  صحة نسبته إليه

وعقيدته بذكر المصادر المذكور فيها.

1ـ الأعلام ج 6 لخير الدين الزركلي ص 334.

2ـ بحار الأنوار ج 37 العلامة المجلسي ص 30.

3ـ تاريخ ابن خلدون ج1 ص 200.

4ـ تاريخ اليعقوبي ج2 ص 471.

5ـ شرح الأخبار ج 3/ 345 للقاضي النعان المغربي.

6ـ طرائف المقال ج2ـ السيد علي البروجردي ص 234.

7ـ الكٌليني والكافي للشيخ عبد الرسول الغفاري ص 138.

تحقيق محمد الحسين الجلالي مط مؤسسة النشر الإسلامي.

8ـ المجدي في أنساب الطالبين. علي بن محمد العلوي ص 371.

9ـ المسائل الجارودية. الشيخ المفيد ص 11.

تحقيق الشيخ محمد كاظم مدير شانجي مط دار المفيد بيروت.

حرره في عشرين محرم الحرام سنة 1426هـ .

التوبة في عصر الظهور

$
0
0
التوبة في عصر الظهور

أن هناك ثقافة عامة مرتكزة بأذهان فئة واسعة من المجتمع الموالي لاهل البيت عليهم السلام بأن الامام المهدي عليه السلام سيظهر لغرض محاسبة المقصرين، وسيتولى الاقتصاص من المذنبين، وبعبارة اوضح أنه يوم الحساب على الارض, بالإضافة الى انقطاع فرصة التوبة عن الذنوب المقترفة وترتبها على صاحبها مهما كانت درجة توبته, الامر الذي ادى الى خوف وهلع غير معلن من شخصية الامام عليه السلام، وبالتالي من حركة ظهوره المبارك, وهذه نتيجة ظالمة لمقدمة باطلة ....!


وهناك بعض الاخبار تنص على ان الامام عليه السلام لا يقبل توبة احد عند ظهوره، واخرى يفهم منها ذلك, وسنحاول ان نتعرض للاجابة على قسم منها بعون الله عز وجل وكما يلي :
- جاء عن الامام الباقر عليه السلام (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه الا السيف, لا يستتيب احداً, ولا يأخذه في الله لومة لائم).
فهذه الرواية المباركة تنص بأنه عليه السلام (لا يستتيب احداً), وهذا لا يستقيم وما قلناه في اعلاه ...؟
والجواب : ان العبارة اعلاه تتضمن عدة معان محتملة وانها ليست صريحة بمعنى واحد وان تبادر الى الذهن فهم معين . وسأطرح هنا اربعة معان محتملة، فنقول بان الامام عليه السلام:
الاول : لا يقبل توبة التائب بعد ظهوره .
الثاني : لا يطلب لنفسه توبة من احد .
الثالث : لا يدعو المذنب للتوبة .
الرابع : سيطبق الاحكام بحق المذنب بالذنب المقترف بعد الظهور .
اما المعنى الاول فضعيف بما يلي:
1. وجود معان محتملة اخرى, والاحتمال يسقط الاستدلال.
2. الاخبار التي ذكرناها والمتضمنة دعوته للناس والتحاق بعضهم والذين تصفهم بعض الروايات بانهم اشبه بعبدة الشمس ..الخ.
3. حتى لو صح هذا المعنى فهو قد يكون للمبالغة في اقتصاصه من الفئات التي سينالها سيفه.
اما المعنى الثاني :
فهو محتمل , وكذلك يستقيم مع الرواية التي تتضمن بأنه عليه السلام سيظهر وليس في عنقه بيعة لأحد, أي ان ظهوره لا يكون معصية لأحد قد ابرم معه عهداً او ميثاقاً وبالتالي يحتاج عندها الى الاعتذار او ما شابه ذلك, او يكون بمعنى انه لا يقوم بعمل خاطىء بحق احد في اثناء قيامه (وحاشاه) وبالتالي يحتاج الى طلب المغفرة منه, فقد جاء عن الامام الصادق عليه السلام (يقوم القائم وليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة).
اما المعنى الثالث:
فيقبل اذا كان هذا مع كبار الظلمة والواقفين بوجه الامام عليه السلام, اما سائر الناس فسيقوم عليه السلام بهدايتهم الى الطريق الصحيح.
واما المعنى الاخير:
فهو وارد جداً، واحتمال معتبر ومنسجم مع قوانين الدولة التي سيسعى اليها الامام عليه السلام ومع بعض الروايات والتي منها قتله لمانع الزكاة او الناصبي الذي لا يدفع الجزية ...الخ.
- الاية القرانية (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتي‏ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في‏ إيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).
فمن إحدى تأويلات هذه الآية هو قيام القائم عليه السلام, وهي تنص ايضاً على عدم الفائدة من إيمان المؤمن إن لم يكن مؤمناً أثناء الغيبة.
وهذه الآية قابلة للمناقشة باكثر من وجه:
الأول:هو حصر تفسير (آيات ربك) بالظهور الميمون, ومن ضمن تعليقات السيد الطباطبائي قدس سره عليها (ويكون المراد بإتيان بعض ايات الرب إتيان اية تلازم تبدل نشأة الحياة عليهم بحيث لا سبيل إلى العود الى فسحة الاختيار كاية الموت التي تبدل نشأة الجزاء البرزخي او تلازم استقرار ملكة الكفر والجحود في نفوسهم استقراراً لا يمكنهم معه الإذعان بالتوحيد والإقبال بقلوبهم الى الحق الا ما كان بلسانهم خوفاً من شمول السخط والعذاب), بل يصرح قدس سره بأكثر من هذا فيقول (وقد عدت في الروايات من تلك الايات خروج دابة الارض والدخان وخروج يأجوج ومأجوج وهذه امور ينطق بها القران الكريم, وعد منها غير ذلك كخروج المهدي عليه السلام ونزول عيسى بن مريم عليه السلام وخروج الدجال وغيرها, وهي وإن كانت من حوادث اخر الزمان، لكن كونها مما يغلق بها باب التوبة غير واضح).
الثاني:
قد يكون المعنى ان نصرة الامام عليه السلام وتأييده وخاصة في بداية ظهوره سيوفق اليه فقط المؤمنون المرابطون المنتظرون في عصر الغيبة الكبرى . وهذا ما ألمحت اليه روايات عدة.
وهناك اراء اخرى في تفسير وتأويل انقطاع التوبة عند الظهور.
فقد جاء في كتاب (اثار الذنوب وبركات التوبة) للسيد علي عاشور:
ما قاله الشيخ الاصفهاني: (ان المهدي عليه السلام يقبل توبة من يعلم ان ايمانه يكون عن حقيقة واخلاص, ولا يقبل ممن يؤمن بلسانه بالخلاص. (ولات حين مناص), ويشهد لهذا الوجه ما سبق من انه عليه السلام يحكم بمقتضى علمه الباطني المختص به عليه السلام.
- ويمكن تأويل روايات عدم قبول التوبة بعدم التوفيق لها, فقد يكون باب التوبة مفتوحاً في عصر الظهور ولكن الانسان لا يوفق الى أن يتوب الى الله تعالى لاسباب مختلفة, اقلها النسيان والتسويف, وعليه فيعاقب ويحاسب على افعاله ويقام عليه الحد عند الامام عليه السلام لانه لم يتب او لم يعلن توبته, وعدم التوفيق للتوبة امر مرتبط بالله تعالى.
- ويحتمل تفسير لا توبة أي لا مبرر لوجودها من عدم وجود اسبابها, بناء على عصمة المجتمع، فلا يوجد من يذنب حتى يتوب, فإن التوبة والاستغفار نتيجة المعصية, وهذا يكون في زمن قيام دولة العدل.

المهدي عليه السلام في أحاديث المسلمين الصحيحة : الاهداء

$
0
0
المهدي عليه السلام في أحاديث المسلمين الصحيحة : الاهداء

ان قضية المهدي المخلص عجل الله فرجه من أهم القضايا التي نعيش مسؤولية التحرك نحوها، فلم يكن المسلم في عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله ليعيش فكرة تحمل المسؤولية تجاه المهدي المخلص عليه السلام إلا عبر الايمان بها كنموذج غيبي من النماذج الغيبية التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وآله..

الإهداء

إلى من اعطوني دون مقابل، و كانا بعد الله عز وجل سبب وجودي...

و إلى اولئك الافاضل الاعلام، من تشرفت بالتعلم على ايديهم و نهلت من معينهم...

إلى كل من بذل جهداً من اجل اخراج الكتاب......

المقدمة

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا محمد و آله الطاهرين و صحبه المنتجبين.

ان قضية المهدي المخلص عجل الله فرجه من أهم القضايا التي نعيش مسؤولية التحرك نحوها، فلم يكن المسلم في عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله ليعيش فكرة تحمل المسؤولية تجاه المهدي المخلص عليه السلام إلا عبر الايمان بها كنموذج غيبي من النماذج الغيبية التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وآله..

و هكذا بقيت هذه الفكرة في ذلك العصر تبرز يوماً و تخبو آخر، حتى جاء ذلك اليوم الذي احتاجت فيه البشرية إلى ذلك اليعسوب الذي يرشدها و يعلمها و يخرجها من تلك الظلمات بعد أن فقدت الأمة تلك الأنوار و الحجج التي سبقته...

فبدأ الهمُّ نحو الرسالة من اولئك الفتية الخُلّص الذين آمنوا بها و استيقنتها أنفسهم... انهم الطليعة الواعية التي قامت الرسالة الإلهية على اعتاق امثالهم... انهم الخواصُ الذين أطاعوا الله و اطاعوا الرسول و اولي الامر منهم... و هكذا بدت معالم الدرب، و بدأت الخطة انها قضية التمهيد لقدوم المخلٍّص...

انها انتظار القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله... ذلك الفرد هو بصيص الامل الذي تتطلع اليه البشرية بكل دياناتها و مختلف تفكيرها.. انه الرجل المسدد الذي يمكن الوثوق به، و الوقوف إلى جانبه، و العمل معه قبل بروزه الى ساحة العمل...

انه المنقذ الذي يمسح دموع اليتامى و المضطهدين، انه سيف الله الذي يقتص من كل الظالمين الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم...

انه الماضي و الحاضر و المستقبل.. انه عصارة الماضين، و سلالة الأنبياء و المرسلين حجة الله على خلقه أجمعين محمد بن الحسن المهدي عليه السلام.. اقدم بين يديه هذه الوريقات التي اخذتها عن كبار مصادر علماء أهل السنة راجياً منه قبولها و من الله التوفيق.

اللهم إنا نسألك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب...

عادل الحريري

هل المهدي حقيقة

لقد وردت الروايات حول المهدي بشكل كثير بلغ حد التواتر1، ما لم يبق مجالاً للشك في هذه العقيدة، و الطرق المتعددة باختلاف الرواة زاد في قوة هذا التواتر.

فأجمعت فرق المسلمين كلها، بخروج المهدي في آخر الزمان، حيث الظلم و الاضطهاد، من قتلٍ و سجنٍ و سلبٍ و غيره مما ملأ المعمورة ليغير ذلك كله الى العدل والامان و القسط.

إلا أنه قد روى بعض من شذّ و ندر بأن المهدي ليس له وجود آخر غير وجود عيسى حيث لا مهدي إلا عيسى (حديث ابن ماجه) و قد رذّه أحمد بن محمد الصديق قائلاً:

(ففي التذكرة للامام القرطبي، و فتح الباري لامير الحفاظ العسقلاني، نقلاً عن الحافظ ابي الحسين الآبري انه قال: رداً لحديث ابن ماجه الموضوع الآتي فيه انه (لا مهدي إلى عيسى) ما نصه: قد تواتر الاخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وآله في المهدي و انه من اهل بيته، و انه يملأ الأرض عدلاً و أن عيسى عليه الصلاة و السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال، و انه يؤم هذه الامة و عيسى خلفه...) 1.

و عليه فمن ينكر ذلك التواتر المنقول عن خيرة صحابة الرسول 2، لا يمكن وصفه إلا كمن أنكر الشمس في وضح النهار، و قد كتب الاستاذ ناصر الدين الالباني في رده على سؤال رده على سؤال ورده من مجلة التمدن الاسلامي قال:

و خلاصة القول: ان عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله يجب الايمان بها لانها من امور الغيب، و الايمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى: { الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب } و ان انكارها لا يصدر الا من جاهل أو مكابر، أسأل الله ان يتوفانا على الايمان بها... 1.

و الآن نبقى مع بعض الأحاديث التي اعتمد عليها الرواة في اثبات تواترهم في عقيدة المهدي.

جاء في سنن ابي داود عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (المهدي من عترتي، من ولد فاطمة)./ سنن ابي داود: حديث رقم 4284 ج4 ص 107)

و جاء في الجامع الصحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي). / سنن الترمذي: حديث رقم 2230ج 4 ص 505 ط مصر .

وجاء في المعجم الكبير قال: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً و قسطاً، كما ملئت ظلماً و جوراً). / المعجم للحافظ: حديث 10214 ج10.

و عليه فلا مجال للشك في هذا الاعتقاد  عند فرق المسلمين اجمع.

بل إن بعض الديانات الغير اسلامية، تؤمن بفكرة المهدي كفكرة عامة.

يقول الدكتور أحمد محمود صبحي: ان مسيحيي الأحباش ينتظرون عودة مليكهم (تيودور) كمهدي في آخر الزمان... و يعتقد المغول ان (تيمورلنك) أو (جنكيز خان) قد وعد قبل موته بعودته الى الدنيا لتخليص قومه من الحكم الصيني، و في الأساطير الفارسية: ينتظر المجوس (اشيد ربابي) احد أعقاب (زرادشت)، وفي الديانات المصرية القديمة و كتب الصينين و عقائد الهنود القدامى المتعلقة بتناسخ الأرواح عقائد مماثلة لما عند الفرس القدامى / (كتابه: نظرية الإمامة).

فمن هو هذا الرجل المخلص الذي تنتظره البشرية عبر كل تلك السنين؟

آراء أساطين العلم من السنة في نسب و ولادة الإمام المهدي عليه السلام

نسبه و مولده:

لقد سلم من آمن بعقيدة المهدي، بأنه من نسل النبي محمد صلى الله عليه وآله حيث نصَّ صلى الله عليه وآله على ذلك و انه من ولد فاطمة الزهراء عليها السلام و أنّ جده الحسين بن علي عليهما السلام و الروايات في ذلك كثيرة(1).

ولكنهم اختلفوا في ولادته، فذهب بعض بالقول بانه سيولد في آخر الزمان، و ذهب البعض الآخر- و هم الأكثر- بانه ولد و ان أباه الحسن بن علي العسكري، و يشير إلى هذا الخلاف الشيخ ابوبكر النيسابوري الشافعي حيث قال:

" اختلف الناس في امر المهدي فتوقف جماعة و أحالوا العلم إلى عالمه و اعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله يخلقه الله متى شاء يبعثه نصرةَ لدينه.

و طائفة يقولون: ان المهدي الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو الإمام الملقب بالحجة القائم محمد بن الحسن العسكري ". / راجع كتاب شعب الايمان.

و لا يمكننا نحن اثبات شيء إلا من خلال نقل آراء اساطين العلم و جهابذته الذين يشار لهم بالبنان حيث يمكن الوثوق بقولهم للتواتر الذي سوف تراه في أقوالهم.

1-يقول العلامة أبو سالم الشافعي في مطالب السؤال: "... فهو من ولد الطهر البتول، المجزوم بكونها بضعة من الرسول... فأما مولده فبسر من رأى (سامراء) في ثالث و عشرين سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة، و أما نسبه اباً و اماً، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل، بن محمد القانع، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين الزكي، بن علي المرتضى أمير المؤمنين... "./ مطالب السؤال: ج2 الباب 12.

و جاء في ينابيع المودة قال: و منها (أي من الروايات في المهدي) عن حذيفة بن اليمان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر ما هو كائن ثم قال: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي اسمه اسمي.

فقال سلمان: يا رسول الله: من أي ولدك هو؟

قال: من ولدي هذا (و ضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام). / ينابيع المودة: من الاربعين حديثاً الذي جمعه ابو نعيم في المهدي ص 490.

2-و يؤيد انه قد ولد و ان اباه الحسن العسكري ما ذهب اليه الشيخ القطب الفوثي محي الدين بن العربي في الفتوحات قائلاً: " اعلموا انه لا بد من خروج المهدي و هو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة (رض) جده الحسين بن علي بن ابي طالب، و والده الإمام حسن العسكري، ابن الإمام محمد التقي، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام زين العابدين علي، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه... ". / مشارق الانوار للشيخ حسن الحمزاوي ص 112 طبع 1307 هـ.

3-وهذا ما ذهب اليه ايضاً العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال: " هو: محمد بن الحسن، بن علي، بن محمد، بن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، بن علي بن ابي طالب، و كنيته ابو عبدالله و ابو القاسم و هو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي، و هو آخر الأئمة، انبأنا عبدالعزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي، و هذا حديث مشهور. / تذكرة الخواص: ص 363 طبع 1964 م النجف.

و كذا روى ابراهيم الجويني عن عبد الله بن عباس قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولدي مطهرون معصومون ". / فرائد السمطين: المجلد الثاني.

4-و يقول ابن الصباغ: " ولد ابو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة، و اما نسبه اباً و اماً فهو: ابو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين بن علي بن علي بن ابي طالب  صلوات الله عليهم اجمعين و امه: ام ولد يقال لها نرجس... ". / الفصول المهمة: الباب الثاني عشر.

5-و يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي في كتابه (الاتحاف بحب الأشراف) في معرض حديثه عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: " و يكفيه شرفاً ان الإمام المهدي المنتظر من اولاده، فلله دُر هذا البيت الشريف، و النسب الخضم المنيف، ناهيك به فخاراً، و حسبك فيه من علوه مقداراً، فهم جميعاً في كرم الارومة (الأصل)، متعادلون، و لسهام المجد مقتسمون قيل له من بيت عالي الرتبة، يامي المحلة، فلقد طال السمّاك عُلاً و نبلاً، و سما على الفرقدين منزلة و محلاً، و استغرق صفات الكمال، فلا يستثنى فيه بِغيرٍ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآلئ، و تناسقوا الشرف، فاستوى الأول و التالي، و كم اجتهد قوم في خفض منارهم، و الله يرفعه، و ركبوا الصعب و الذلول في تشتيت شملهم، و الله يجمعه، و كم ضيعوا من حقوقهم، ما لا يهمله الله، و لا يضيّعه، احيانا الله على حبهم، و أماتنا عليه، و ادخلنا في شفاة من ينتمون في الشرف اليه صلى الله عليه وآله، و خلّف بعده (أي الحسن العسكري) ولده و هو الثاني عشر من الأئمة، ابو القاسم، محمد الحجة، ولد بسر من رأى، ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل موت ابيه بخمس سنين، و كان ابوه قد أخفاه حين ولد، و ستر أمره، لصعوبة الوقت، و خوفه من الخلفاء، فانهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين، و يقصدونهم بالحبس و القتل، و يرون اعدامهم سلطنة الظالمين، و هو الإمام المهدي عليه السلام كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت اليهم من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله و أخبرَتْهم ان الإمام المهدي الموعود المنتظر عليه السلام يقطع دابر الظالمين، و يستولي على الدنيا، و لا يترك احداً منهم في الأرضين.

ثم قال بعد ذلك:

و قد اشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، و البيضة الطاهرة النبوية، و العصابة العلوية، و هم اثنا عشر اماماً، مناقبهم علية، و صفاتهم سنية، و نفوسهم شريفة أبية، و ارومتهم كريمة محمدية، وهم، محمد الحجة بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الإمام الحسين، اخو الإمام الحسن، ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم اجمعين). / الاتحاف بحب الأشراف: ص 178، طبع مصر (1316 هـ).

6-و يقول الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي في كتابه تاريخ الخميس:

" الثاني عشر (من الأئمة) محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا يكنى ابا القاسم... ولد في سر من رأى في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان و خمسين و مائتين هـ. " / تاريخ الخميس الجزء 2 ص 321.

7-و يقول الشيخ المحدث الفقيه محمد بن ابراهيم الجويني الحمويني الشافعي في فرائد السمطين، قال: " و اما شيخ المشايخ العظام اعني حضرات: شيخ الاسلام احمد الجامي النامقي، و الشيخ عطار النيسابوري، و الشيخ شمس الدين التبريزي، و جلال الدين مولانا الرومي، و السيد نعمة الله الولي، و السيد النسيمي، و غيرهم ذكروا في اشعارهم في مدايح الأئمة من أهل البيت الطيبين (رضي الله عنهم) مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه ادلة (واضحة) على أن المهدي ولد أولاً... و من تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عيانا ً". / فرائد السمطين.

8-و يقول الشيخ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بـ(خواجا يارسا) في كتابه (فصل الخطاب) في حديثه عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: " و كان مدة بقاء الحسن العسكري بعد ابيه ست سنين، و لم يخلف ولداً غير ابي القاسم، محمد المنتظر، المسمى بالقائم، و الحجة و المهدي، و صاحب الزمان، و خاتم الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية، و كان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مائتين، امه ام ولد يقال لها نرجس، توفى ابوه و هو ابن خمس سنين، فاختفى إلى الآن... و طول الله تبارك و تعالى عمره كما طول عمر الخضر عليه السلام.

9-و يقول الشيخ ابو المعالي، سراج الدين الرفاعي في كتابه (صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار): " و أما الحسن العسكري فأعقب الحجة المنتظر ولي الله الإمام المهدي عليه السلام ".

10-و يقول الشيخ المحقق بهلول بهجت افندي مؤلف كتاب (المحاكمة في تاريخ آل محمد) (مترجم بالتركية و الفارسية): " ولد في الخامس عشر من شعبان سنة (255) و ان اسم امه نرجس ".

11-و يقول الشيخ الفاضل البارع عبد الله بن محمد، المطيري شهرةً، و المدني مسكناً، و الشافعي مذهباً، في كتابه (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي و عترته الطاهرة): " ان ابنه (اي ابن الإمام الحسن العسكري) الإمام الثاني عشر محمد القائم المهدي... و قد ورد النص عليه في الأحاديث من جده علي بن أبي طالب (عليهما السلام) و من بقية آبائه الكرام، اهل الشرف و المقام و هو صاحب السيف، القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر... و له غيبتان...".

12-و يقول الشيخ ابو المواهب الشيخ عبدالوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه (اليواقيت و الجواهر): " و هو (المهدي) من اولاد الإمام حسن العسكري، و مولده 0 عليه السلام) ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مائتين، و هو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام فيكون عمره إلى وقتنا و هو سنة (958 هـ) سبعمائة و ست و ستين سنة " / اليواقيت و الجواهر ص 142 ط مصر 1307 هـ.

13-و يقول الشيخ شهاب الدين احمد بن حجر الهيثمي، الشافعي، في كتابه (الصواعق المحرقة): " و لم يخلِّف (اي الإمام الحسن العسكري) غير ولده (ابي القاسم محمد الحجة) و عمره عند وفاة ابيه، خمس سنين، آتاه الله الحكمة و يسمى القائم و المنتظر، قيل: لانه سُتر و غاب ". / الصواعق المحرقة، ص127، ط مصر 1308 هـ.

وهناك جمع غفير من علماء المسلمين، ذهبوا الى انه من ولد في الخامس عشر من شهر شعبان عام 255 هـ  و حيث لا مجال لذكر كل اقوالهم فنكتفي بذكر اسماءهم و محل حديثهم:

14-سيد مؤمن الشبلنجي في كتابه نور الأبصار.

15-سيد علي الخواص في اسعاف الراغبين لابو العرفان ص 35.

16-الشيخ شمس الدين محمد بن طولون، و ابن الازرق في تاريخ (ميّافارقين) في كتاب ابن طولون – الأئمة طبع بيروت 1958 مـ.

17-الشيخ شهاب الدين ابوعبد الله ياقوت الحموي الرومي البغدادي في معجم البلدان ج6 ص 175 طبع مصر 1324 هـ.

18-الشيخ العارف فريد الدين العطار في كتابه مظهر الصفات.

19-الشيخ جلال محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي، ذكر ذلك في ديوانه الكبير.

20-الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي، في كتابه شرح الدائرة.

21- الشيخ جمال الدين بن علي بن مهناّ، في كتابه عمدة الطالب ص 186 طبع النجف 1323 هـ.

22-الشيخ ابو عبد الله بن عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي، في كتابه مرآة الجنان جزء رقم (2) ص 107 – 172 طبع ايران 1328 هـ.

23-الشيخ شهاب الدين و الدولة أبادي في كتابه هداية السعداء.

24-الشيخ شمس الدين بن احمد الذهبي الشافعي، في كتابه دولة الاسلام جزء (1) ص 122 طبع حيدر آباد 1377 هـ.

25-الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطل على بركة الرطل بمصر.

26-الشيخ نور الدين بن احمد بن قوام الدين المعروف بجاني الشافعي الشاعر المعروف، في كتابه شواهد النبوة.

27-الشيخ نور عبد الرحمن مؤلف كتاب مرآة الأسرار.

28-الشيخ مير خواند، المؤرخ المشهور في كتابه روضة الصفا ج 3.

29-الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي، في كتابه معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول.

30-الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي، في شرح الديوان ص 123 – 371.

31-الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني ذكر ذلك في شعره (راجع ينابيع المودة الطبعة القديمة ص 466).

32-الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه درة المعارف.

33-الشيخ سعد الدين الحموي (راجع الينابيع الطبعة القديمة ص 477).

34-الشيخ صدر الدين القونوي (راجع الينابيع ص 468) .

35-العلامة ابو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري في كتابه المناقب.

36-العلامة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي، مشارق الانوار.

37-العلامة ابن الاثير الخدري، في تاريخ الكامل ج7 ص 90.

38-العلامة أبي فداء اسماعيل بن محمود الشافعي، في كتابه تاريخ أبي الفداء ج2 ص 52.

39-الشيخ محمد أمين البغدادي أبو الفوز السوري، في كتابه سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب ص 77 باب 6.

40-الشيخ علي الهروي  القاري، في كتابه الموافاة في شرح المشكاة.










الهوامش:

(1)  الا بعض الروايات النادرة التي تدل على انه من ولد العباس عم النبي صلى الله عليه وآله او انه من ولد الحسن بن علي و لم يأخذ بها الأصحاب لتواتر ما دلّ على انه من ولد فاطمة و من ولد الحسين عليهم جميعاًُ سلام الله.

Viewing all 1154 articles
Browse latest View live