Quantcast
Viewing all 1154 articles
Browse latest View live

دخول جيش السفياني الى العراق

Image may be NSFW.
Clik here to view.
دخول جيش السفياني الى العراق

وفي مخطوطة ابن حماد ص87 عن علي عليه السلام قال: ( إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة ، بعث في طلب أهل خراسان . ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي).وعن جابر الجعفي قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن السفياني فقال: ( وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج بأرض كوفان ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم . فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم).(البحار:52/250) .



والشيصبان في اللغة اسم من أسماء الشيطان. وهو في أحاديث أهل البيت عليهم السلام كناية عن رجل من أعدائهم سئ أو مغمور .

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (لابد لبني فلن أن يملكوا.فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان: هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً). (البحار:52/231)

والمقصود ببني فلان هنا قد يكون أسرة آخر حاكم في العراق قبل الإمام المهدي ، الشيصبان أو غيره .

وتصف الروايات في مصادر الطرفين أعمال جيش السفياني الفظيعة في العراق ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام ، وبعضها محل شك بسبب سندها أو متنها ، أو لأنها إخبارات عن أحداث سابقة لاعلاقة لها بخروج السفياني وظهور الإمام المهدي عليه السلام . وهذه نماذج منها :

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (كأني بالسفياني(أو بصاحب السفياني) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه: من جاء برأس(من) شيعة علي فله ألف درهم . فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم . أما إن إمارتكم لا تكون يومئذ إلا لأولاد البغايا . وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ، قلت: ومن صاحب البرقع؟فقال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه ، فيغمز بكم رجلا رجلا . أما إنه لا يكون إلا ابن بغي)( البحار:52/215 ) .

وفي مخطوطة ابن حماد ص82: ( وتقبل خيل السفياني كالليل والسيل فلا تمر بشئ إلا أهلكته وهدمته ، حتى يدخلون الكوفة فيقتلون شيعة آل محمد ، ثم يطلبون أهل خراسان في كل وجه . فيخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيدعون له وينصرونه).

وفي لوائح الأنوار البهية للسفاريني الحنبلي: (يقاتل الترك فيظهر عليهم ثم يفسد في الأرض ، ويدخل الزوراء فيقتل من أهلها ) .

وتذكر الأحاديث فظائع يرتكبها جيش السفياني في غزوه العراق ، خاصة بحق شيعة أهل البيت عليهم السلام ، كما في مخطوطة ابن حماد ص83 ، والبحار:52/219) .

كما تذكر الرويات أسماء أماكن يتمركز فيها جيش السفياني مثل الزوراء أي بغداد ، والأنبار والصراة والفاروق والروحاء . فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ( ويبعث مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة . وينزلون الروحاء والفاروق ، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة ، موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة) . ( البحار:52/273 ).

لكن حملة السفياني لاتحقق هدفها في السيطرة على العراق ، بل تقرر بعد أسابيع الإنسحاب من العراق والتوجه الى الحجاز لأداء دورها الجديد في القضاء على حركة الإمام المهدي عليه السلام في مكة ، حيث تذكر بعض الروايات أن السفياني يرسل جيشه إلى الحجاز من العراق ، وبعضها يذكر أنه يرسله من الشام ، ويمكن أن يكون قسم منه من الشام وقسم من العراق ،

فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات سود من قبل خراسان تطوي المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم)(البحار:52/238).

وفي مخطوطة ابن حماد ص84: ( يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام ، ويقتل من أهلها ستين ألفاً ، ثم يمكث فيها ثمانية عشرة ليلة . وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء ، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون . ويخرج قوم من السواد الكوفة ليس معهم سلاح إلا قليل منهم ، ومنهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون مافي أيديهم من سبي الكوفة . وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي) .

وتصف الرواية التالية المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السلام جانباً من احتلال جيش السفياني للعراق ، متزامناً مع فتنة غربية وما يشبه حرباً عالمية ، ودخول قوات الخراسانين الممهدة للمهدي عليه السلام الى العراق ، ويبدو أنها تجميع لبعض الرواة من نصوص متعددة في الموضوع .

ففي البحار:53/ 82 ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (ألا أيها الناس، سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية تطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ، رافعة ذيلها تدعو ياويلها بذحلة أو مثلها . فإذا استدار الفلك ، قلتم مات أو هلك، بأي واد سلك، فيومئذ تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً .

ولذلك آيات وعلامات: أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الزوايا في سكك الكوفة، وتعطيل المساجد أربعين ليلة. وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى ، القاتل والمقتول في النار . وقتل كثير وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين . والمذبوح بين الركن والمقام . وقتل الأسبغ المظفر صبراً في بيعة الأصنام ، مع كثير من شياطين الإنس .

وخروج السفياني براية خضراء(حمراء) وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب . واثني عشر ألف عنان من يحمل السفياني متوجهاً إلى مكة والمدينة ، أميرها أحد من بني أمية يقال له خزيمة ، أطمس العين الشمال على عينه طرفة ، يميل بالدنيا فلاترد له راية حتى ينزل بالمدينة، فيجمع رجالاً ونساء من آل محمد فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن الأموي . ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان . حتى إذا توسطوا الصفاح الأبيض بالبيداء يخسف بهمه فلاينجو منهم أحد إلارجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم وليكون آية لمن خلفه. فيومئذ تأويل هذه الآية: وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيب.

ويبعث السفياني مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق ، وموضع مريم وعيسى بالقادسية ، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة ، وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفاً ، حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد . ويسبي من الكوفة أبكاراً لايكشف عنها كف ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن للثوية وهي الغريين .

ثم يخرج من الكوفة مئة ألف بين مشرك ومنافق ، حتى يضربون دمشق لايصدهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد .

وتقبل رايات (من) شرقي الأرض ليست بقطن ولاكتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمد، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر ، يسير الرعب أمامها شهراً .

ويخلف أبناء سعد بالكوفة طالبين بدماء آبائهم ، وهم أبناء الفسقة ، حتى يهجم عليهم خيل الحسين يستبقان كأنهما فرسا رهان . شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح، إذ يضرب أحدهم برجله باكية ، يقول لاخير في مجلس بعد يومنا هذا ، اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون ، فهم الأبدال الذين وصفهم الله عز وجل: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. والمطهرون نظراؤهم من آل محمد .

ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب الإمام ، فيكون أول النصارى إجابة ، ويهدم صومعته ويدق صليبها، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى .

فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق ، وهي محجة أمير المؤمنين، وهي ما بين البرس والفرات ، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى ، فيقتل بعضهم بعضاً ، فيومئذ تأويل هذه الآية: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ . بالسيف ، وتحت ظل السيف) . انتهى .

والفقرة الأولى والأخيرة من هذه الرواية تذكر حرباً عالمية يتركز دمارها على الغرب ، ويقتل فيها ثلاثة آلاف ألف أي ثلاثة ملايين ، وسيأتي ذكرها في محله .

ومعنى (تخريق الزوايا في الكوفة) إقامة المتاريس لقتال الشوارع في حملة السفياني أو الغربيين .

وسيأتي ذكر الرايات الثلاث حول المسجد الحرام في حركة الظهور في اختلاف القبال على السلطة قبيل ظهور المهدي عليه السلام .

أما قتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، فيستقرب بعضهم انطباقه على أستاذنا الشهيد الصدر قدس سره ، وظهر الكوفة هي النجف .

والمذبوح بين الركن والمقام هو النفس الزكية قبيل ظهور المهدي ، وهو رسول المهدي عليه السلام إلى أهل مكة .

وفي الرواية عدة أسماء وكلمات لايعرف معناها مثل الأسبغ المظفر الذي يقتل في بيعة الأصنام أي في معبد الأصنام ، وشياطينه الكثيرين . وأبناء سعد السقاء ، وأمير الناس الكاهن الساحر ، وغيرها ، فقد تكون إضافة أو أسماء أشخاص في ذلك العصر .

ويوجد بعض روايات تذكر أو تشير إلى أن مريم وعيسى عليهما السلام قد زارا العراق ونزلا القادسية ، وبقيا مدة في مكان مسجد براثا قرب بغداد ، والله العالم .

أما موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة فهو معروف قرب النجف في وادي السلام.

ورايات شرقي الأرض هي رايات الخراسانيين الممهدين .

وتفسير الفاروق في الرواية الثانية لابد أن يكون تعليقاً من أحد الرواة دخل في أصل الرواية . وقد يكون مجمع الناس هناك بمعنى أن قوات المهدي عليه السلام تتجمع هناك .

واعلم أن أمثال هذه الرواية إما موضوع ، أو هي خطب لرواة وعلماء ضمنوها عدداً من الروايات ، ثم نسبت الى النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام !


عصر الظهور

العلامة الشيخ علي الكوراني


الإيرانيون ودورهم في عصر الظهور

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الإيرانيون ودورهم في عصر الظهور

قبل الثورة الإسلامية في إيران كانت إيران تعني في أذهان الغربيين قاعدة حيوية في وسط العالم الإسلامي ، وعلى حدود روسيا. وكانت تعني في أذهان المسلمين بلداً إسلامياً عريقاً يتسلط عليه ( شاه ) موال للغرب وإسرائيل ، يسخر بلده لخدمتهم.

قبل الثورة الإسلامية في إيران كانت إيران تعني في أذهان الغربيين قاعدة حيوية في وسط العالم الإسلامي ، وعلى حدود روسيا. وكانت تعني في أذهان المسلمين بلداً إسلامياً عريقاً يتسلط عليه ( شاه ) موال للغرب وإسرائيل ، يسخر بلده لخدمتهم.

وكانت تعني للشيعي مثلي مضافاً إلى ذلك بلدا فيه مشهد الإمام الرضا عليه السلام ، وحوزة قم العلمية ذات تاريخ عريق في التشيع والعلماء ومۆلفاتهم.

وكنا عندما نمر بالأحاديث التي تمدح الفرس وقوم سلمان أو نتذاكرها نقول لبعضنا : إنها مثل الأحاديث التي تمدح أهل اليمن ، أو بني خزاعة ، أو تذمهم ، وإن كل الأحاديث التي تمدح أو تذم أقواماً أو بلداناً أو قبائل ، فهي محل نظر. وإن صحت فهي أحاديث عن التاريخ تخص حالة هذه الشعوب في صدر الإسلام وقرونه الأولى.

كانت هذه هي النظرة السائدة بين المثقفين منا ، وأن الأمة اليوم كلها تعيش حالة جاهلية وتخضع لسيطرة الكفر العالمي ووكلائه ، ولا أحد من شعوبها أفضل من أحد ، بل قد يكون الإيرانيون أسوأ حالاً من غيرهم لأنهم أصحاب حضارة كافرة عريقة، وأمجاد قومية يعمل الغرب والشاه على بعثها فيهم ، وتربيتهم على الإعتزاز بها والتعصب لها.

حتى إذا فاجأت المسلمين في العالم أحداث ثورة إيرن الإسلامية بانتصارها فرحت قلوبهم المهمومة فرحاً لم تعرفه منذ قرون ، وضاعف منه أنه نصر غير محتسب ، وعمت أعمال التعبير عن فرحتهم ، كل بلادهم ، وكان منها أحاديث الناس عن فضل العجم والفرس وقوم سلمان ، وكان عنوان مجلة المعرفة التونسية ( الرسول يختار الفرس لقيادة الأمة الإسلامية ) واحداً من مئات العناوين في منشورات مغرب العالم الإسلامي ومشرقه ، التي تعني أننا استعدنا ذاكرتنا عن الإيرانيين ، واكتشفنا أن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله عنهم لم تكن تاريخاً فقط ، بل مستقبلاً أيضاً.

ورجعنا إلى مصادر الحديث والتفسير نتتبع أخبار الإيرانيين ونتفحصها فإذا بها تخص المستقبل كالماضي، وإذا بها في مصادر السنة أكثر منها في مصادر الشيعة.

ماذا نصنع إذا كانت أحاديث المهدي المنتظر عليه السلام والتمهيد لدولته فيها السهم الأوفر للإيرانيين واليمانيين ، الذين ينالون شرف التمهيد لدولته والمشاركة في حركته عليه السلام ؟ وفيها نصيب للنجباء من مصر ، والأبدال من الشام ، والعصائب من العراق.

وفيها حظ لمۆمنين متفرقين من أطراف العالم الإسلامي ، يكونون أيضاً من خاصة أصحابه ووزارئه ، أرواحنا فداه وفداهم.

وهذه بعض الأحاديث الواردة في الإيرانيين بشكل عام :

أحاديث المصادر السنية في مدح الإيرانيين

من الأمور الملفتة كثرة الأحاديث النبوية في مدح الفرس في مصادر السنيين، وقلتها في مصادر الشيعة! حتى أن الباحث يستطيع أن يۆلف من صحاح السنة ومسانيدهم كتاباً في مناقب الإيرانيين وتفضيلهم على العرب!

من نوع حديث ( الغنم السود والبيض ) : الذي رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه ذكر أصبهان ص 8 ، بعدة طرق ، عن أبي هريرة ، وعن النعمان بن بشير ، وعن مطعم بن جبير ، وعن أبي بكر ، وعن ابن أبي ليلى ، وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله واللفظ لحذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني رأيت الليلة كأن غنماً سوداً تتبعني ثم أردفها غنم بيض حتى لم أر السود فيها. فقال أبو بكر : هذه الغنم السود العرب تتبعك ، وهذه الغنم البيض هي العجم تتبعك فتكثر حتى لا ترى العرب فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هكذا عبرها الملك ).

وحديث (فارس عصبتنا أهل البيت): رواه أبو نعيم أيضاً عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرت عنده فارس فقال: فارس عصبتنا أهل البيت).

وحديث (لأنا أوثق بهم منكم) : الذي رواه أبو نعيم في المصدر المذكور ص 12 عن أبي هريرة قال : (ذكرت الموالي أو الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: والله لأنا أوثق بهم منكم، أو من بعضكم)! (وروى قريباً منه الترمذي : 5/382 )

وحديث مسلم في صحيحه : 7/192 ، عن أبي هريرة قال : كنا جلوساً عند النبي (ص) إذا نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، قال رجل : من هۆلاء يا رسول الله فلم يراجعه النبي (ص) حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، قال وفينا سلمان الفارسي ، قال فوضع النبي (ص) يده على سلمان ثم قال : لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هۆلاء). انتهى.

وما رواه أحمد : 5/11 عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (يوشك أن يملأ الله تبارك وتعالى أيديكم من العجم ثم يكونون أسداً لايفرون فيقتلون مقاتلتكم، ولا يأكلون فيأكم). ورواه أبو نعيم في ذكر أصبهان ص 13 بعدة طرق عن حذيفة ، وسمرة بن جندب ، وعبد الله بن عمر.

وما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج : 20/284 ، قال : ( جاء الأشعث إليه (إلى علي عليه السلام) فجعل يتخطى الرقاب حتى قرب منه ، ثم قال له: يا أمير المۆمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك، يعني العجم، فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان: ما لنا وللأشعث! ليقولن أمير المۆمنين اليوم في العرب قولاً لايزال يذكر. فقال عليه السلام : من عذيري من هۆلاء الضياطرة ، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار، ويهجر قوما للذكر! أفتأمرني أن أطردهم؟! ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين. أما والدي فلق الحبة وبرأ النسمة، ليضربنكم على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً). انتهى.

والذي يتصل بموضوعنا هو دورهم في عصر الظهور وحركة الإمام المهدي عليه السلام. وقد وردت الأحاديث حولهم بتسعة عناوين: قوم سلمان. أهل المشرق. أهل خراسان. أصحاب الرايات السود. الفرس. أهل قم وأهل الطالقان والمقصود فيها غالباً واحد.

انتهی

الإعداد:الشیخ علی الکوراني
المصدر:موقع المقالات الخاص بالدراسات الشیعية

تسديد الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام

Image may be NSFW.
Clik here to view.
تسديد الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام

الأول : بيان معنى التسديد ومراد الشيخ الأوحد منه .
الثاني : بيان لزوم التسديد ووجوبه من باب اللطف على الإمام عليه السلام الذي جعله الله سبحانه راعياً لحفظ الخلق ونظامات أمورهم في أمر دنياهم ودينهم لا سيما في زمان الغيبة الكبرى .


وأما المطلب الأول
بيان معنى التسديد ومراد الشيخ الأوحد منه
وهو لغة : التوفيق للسداد وهو الصواب من القول والعمل ، ومراد الشيخ الأوحد منه هو ذلك أيضاً ، والمراد من القول والعمل أعم من الظاهري والواقعي ، يعني علمائنا الإمامية الحقة رضوان الله عليهم لما كانوا طالبين للحق والصواب دائماً في مقام استنباطهم للأحكام الإلهية ، ومجاهدين ليلاً ونهاراً في طريق إيضاح الأحكام الشرعية الفرعية وغير الفرعية واستيضاحها ، ومستغرقين جميع أوقاتهم في تلقي الفيوضات الإلهية . والله وعدهم إرائة الطريق بل الإيصال إلى المطلوب بنوع التأكيد حيث قال عز من قائل {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [1]. فالمجاهدة قرينة قوية على أن المراد من الهداية هو الإيصال إلى المطلوب ، فإرائة الطريق للخلق إتماماً للحجة وقطعاً للسان الاعتذار يوم الحساب لازم على الله سبحانه سواء جاهدوا أم لا ، وجب على الإمام عجل الله فرجه الذي هو القرية المباركة والواسطة في إيصال الفيوضات وإيضاح الحق الظاهري والواقعي أن يسددهم ما داموا في المجاهدة وطلب الحق ، ويوفقهم إلى القول والعمل الحق ، ويوصل كل واحد مهم إذا انحرفوا عن طريق الحق في الأحكام الإلهية قولاً وعملاً إلى الحق ، ويطلعهم على ما هو دليله من الآيات والأخبار نصاً أو تصريحاً أو إشارة أو تلويحًا ، حتى يفوزوا وينالوا بما هو الحق في حقهم وتكليفهم في زمانهم ، ولا يكون عجل الله فرجه مهملاً لمراعاتهم وأي مراعاة أحسن وأعظم من إيصال العلماء الحقة المجاهدين في طريق الوصول إلى الحق إلى ما هو المطلوب ؟ وإلا لزم الإهمال التام في مراعاة حال الأغنام فضلاً عن العلماء المجاهدين في تحصيل المرام والوصول إلى الغاية القصوى في كل مقام ، وقد قال في توقيعه الرفيع :” إنا غير مهملين لمراعاتكم ” ، والمراد من الحق الواجب إيصالهم إليه أعم من الظاهري والواقعي ، إذ مقتضى المصلحة في بعض الأوقات تسديدهم وتوفيقهم كلاً وطراً إلى الحكم الواقعي الأولى كما في دولة الحق ، وفي بعض الأوقات تقتضي المصلحة التامة والحكمة العامة تسديدهم إلى الحكم الواقعي في بعض المسائل ، وإلى الحكم الظاهري في بعضها حفظاً للحمى من شر الأعداء ، يفرق بينهم في وقت ويجمع في آخر ليسلموا ، لأن الإمام عليه السلام هو الراعي الذي استرعاه الله أمر غنمه وهو أعلم بمصالحه يوقع الخلاف بينهم حتى يحفظهم بذلك ويسلمهم من شر الأعداء المجدين في إطفاء نور الحق ، ولذا ترى الخلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في غالب المسائل وليسوا متفقين إلا في قليل من المسائل ، ولو سددوا في كل وقت وأوان وكل عصر وزمان إلى الحكم الواقعي لما وقع بينهم خلاف ، والحال أن وقوعه وجداني ، ولا يكون تسديد العلماء بأجمعهم إلى الحكم الواقعي والصواب في كل مسألة إلا عند ظهور دولة الحق وزوال الظلم والجور وانتشار الحق والعدل .
وهذا هو المراد من التسديد في كلمات الشيخ الأوحد ولا بأس أن ننقل بعضاً منها حتى يتضح المراد ويتميز الصحيح من الفساد قال في الفصل الثالث من بيان القسم الثالث من الإجماع : (( فمهما كانت في المسألة قولان أو أكثر لابد أن ينصبوا دليلاً في أخبارهم وإشاراتهم وهدايتهم تصريحاً أو تلويحاً يدل على أن حكمهم وقولهم المتعين الذي هو دينهم في قول من تفقد من أهل الاستنباط وجده البتة إن لم يكن الكل فالبعض فمن استفرغ وسعه من أهل الاستيضاح والاستنباط لتحصيل ذلك الدليل المعين لدخول قول المعصوم عليه السلام في جملة أقوال من الأقوال )) إلى أن قال : (( والسر في هذا السر أن التكليف في الغالب جارية بالإقتضاءات فقد يقتضي وصف المكلفين في مكان دون آخر أو في زمان دون آخر حكماً غير ما يقتضيه الوصف في ذلك الزمان وذلك المكان وأما حكم الله الواحد الذي لا يختلف أبدًا فإنه قد يطابقه حكم الله المتعدد المتكثر وقد يخالفه والإمام عليه السلام عنده الحكمان :
أما الأول الواقعي الذي لا يختلف فأنه عليه السلام في نفسه لا يلزمه العمل به في كل حال ما دامت دولة الضلال إلا إذ اتفقت الأمة على خلاف الحكم الذي هو دينهم في قول من تفقد من أهل الاستنباط وجده البتة إن لم يكن الحكمة عمله بخلافه وإلا عمل بالحكم المختلف إذا اقتضى الوقت ذلك بشرط أن يكون عامل بالواقعي من الفرقة المحقة لئلا يرتفع الحق عن أهله لأن تكليفه مشارك لنا في أكثر الأحوال وذلك يجري منه على حسب ما يصلح للرعية كما قال الصادق عليه السلام : ” والله إنا لا ندخلكم إلا فيما يصلحكم ” .
وأما الثاني المتكثر فالعلماء الذين هم أبواب الحجة ووسائط بينه وبين غنمه الذي أمر غنمه ورعيته بالأخذ عنهم والإقتداء بهم كما أشار سبحانه بقوله تعالى {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } [2]، فالقرى التي بارك الله فيها آل محمد والقرى الظاهرة هم العلماء المشار إليهم ، {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ } [3] ، بأن يأخذ مقلدوهم الذين هم غنم الإمام عليه السلام عنهم ما يحتاجون إليه من الأحكام وإن اختلفوا ، لأن الاختلاف أوقعه الإمام عليه السلام بينهم إبقاءً لهم فهم المكلفون به ، وهو كما قلنا قد يطابق الأول وقد يخالف ، فإن لم يحصل مانع من العمل بالحكم الأول الواقعي الذي لا يختلف في وقت ومكان وجب عليه عليه السلام العمل به ، ووجب عليه عليه السلام هداية الوسائط إليه لوقوع الاتفاق أو الإجماع وذلك بحسب الإمكان.
ويجب في الحكمة إصابة بعض العلماء من أبواب الإمام ووسائطه ولو من عالم يعتبر بعلمه لئلا يخرج الحق عن الفرقة المحقة الذي لا يزالون على الحق حتى تقوم الساعة ، وإن حصل مانع من العمل بذلك الحكم الواقعي بحيث يلزم منه استئصال الفرقة المحقة كان تكليفهم فيما فيه النجاة وكان على الإمام عليه السلام أن يجري في ذلك في الظاهر إن كان ظاهراً مع شيعته بأن يكون في جملة القائلين بذلك الحكم ويلزمه العمل بذلك الحكم الواقعي لنفسه باطناً ، وكذا إذا كان مستتراً حفظاً لوجود النوع المتوقف على وقوع الحق فيه في الجملة . ولابد من شيعته من موافق له في ذلك الحكم الواقعي ويكون بذلك مستتراً كإمامه أو متروك القول بالنسبة إلى المشهور )) إلى أن قال أعلى الله مقامه : (( وعلى الإمام عليه السلام إرشاد العلماء من فرقته وشيعته على الحالتين على المصلحة التي يعلمها إلى سلوك طريقته وإصابة بعض منهم ولو واحداً لقوله على الفرضين بنصب دليل يدل على مراده منهم في الاختلاف والإصابة إلخ )).
وقال في الفصل السابع من القسم السابع وهو الإجماع السكوتي : (( وأما على مذهبنا المبني فيه أمر الإجماع على دخول قول الإمام عليه السلام في جملة القائلين فحيث ما علم ذلك تحقق الإجماع فلا يحتاج فيه إلى الإحاطة بجميع أقوال من يعتبر قولهم مع معرفة ما اتفقوا عليه عن صميم قلوبهم ومحض معتقداتهم ، لأن مذهبنا دين الله الذي لا يطفأ نوره ولا يرتفع عن أهله محفوظ عن كل ما يخدشه أن لا يكون جهة من جهات العبادات ولا نحو من أنحاء النفوس ولا مذهب من مذاهب العقول إلا وقد وضع لنا حفظة الشرع عليه دليلاً يبينه من صحة أو فساد ، وإمارة توصل إلى ما فيه السداد وحجة واضحة موضحة سبيل الرشاد ، وذلك يحصل بالعبارة أو بالإشارة أو بالإلهام أو بالتنبيه أو غير ذلك في نص أو ظاهر بخصوص أو عموم أو تقييد أو إطلاق أو إيماء أو تقرير أو مثل وما أشبه ذلك ، ولذا قال عليه السلام : “ ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة ” ، فإذا استفرغ من له أهلية الاستيضاح والاستنباط وسعه في تحصيل معرفة حكم الإمام عليه السلام وقع عليه وعرف قوله وحكمه فيه لأنه عليه السلام مهما طلب الحكم من النحو الذي أمر بطلبه منه وجده ، فإن لم تجد هنالك وجدناه حتى يوجدنا نفسه ، لأنه هو القيم على هذه الفرقة وهم رعيته وعليه تسديدهم ، كما أشارت إليه النصوص وبراهين هذه المعاني مما يطول به المقام )) انتهى كلامه رفع مقامه.
وقد صرح بهذا المسلك الحسن في سائر رسائله ومصنفاته و إن مراده من التسديد هو ما أوضحناه ونوضحه أيضاً في المطلب الثاني ، وكفانا ما نقلناه من كلماته فلا حاجة إلى التطويل الممل ، وقد سبقه في هذا المسلك العالم الماهر المولى آغا باقر البهبهاني قدس سره في رسالته الإجماعية ، والسيد السند السيد مهدي الطبطبائي عطر رمسه في رسالته الفوائد ، ولولا الاختصار في هذا المختصر لنقلنا من عبائرهما ما يوجب العبرة لمن اعتبروا البصيرة لمن تبصر فراجع ترى صحة الخبر.
وأما المطلب الثاني
وهو وجوب التسديد على الإمام عجل الله فرجه الشريف
فاعلم أن المتبصر لو تأمل قليلاً في معرفة الإمام عليه السلام ووجوب وجوده في ملك الله سبحانه رأى وجداناً وجوبه عليه عليه السلام ، ومع ذلك أرائه ، لأنحاء طرق الاستدلال على وجوبه نذكر شيئاً منه.
فاعلم أن الله تبارك وتعالى أتم علينا نعمة ظاهرة وباطنة ومن علينا منة تامة بوجود إمامنا المستور الحق عادل رؤوف عطوف عالم بجميع أحوال الخلق وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم ومطلع بغيهم وشهودهم ظاهرهم وباطنهم سرهم وعلانيتهم {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [4]. وبه أكمل الله ديننا وأتم نعمته علينا : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ} [5]. ولولاه لكانوا في هرج ومرج ، ولم يستقم لهم أمور دينهم ودنياهم أبداً ، وليس ذلك كله إلا لاحتياجهم إليه في جميع الأحوال وعدم غنائهم عنه في كل آن ، إذ هو قلب العالم وقطب رحى المخلوقات فضلاً عن بني آدم.
فأنظر إلى ألطاف الله سبحانه كيف جعل للإنسان الذي هو نوع من أنواع المخلوقات في جسده رئيساً لأعضائه وجوارحه وهو القلب ولا غناء لها عنه بوجه في كل الأنات يميز ما يرد عليها من الشك والارتياب والخلل والاضطراب ، وإذا شكت في شيء ردته إليه حتى يحق الحق ويبطل الباطل ، إذ أقامه الله سبحانه قطباً ورئيساً لشد كسر الأعضاء ووصلها ، بل جعل مثل هذا الرئيس في الحيوانات أيضاً كالنحل إذا هلك انتشرت أفراده انتشار الجراد وآل أمرها إلى الفساد ، فإذا لم يترك الله عز وجل أنواع المخلوقات بلا رئيس ترجع إليه عند الحاجة ويدبر أمورهم ويقضي حوائجهم ويزيل شكهم ، فكيف يترك هذا الخلق وهذا العالم في الحيرة والشك ، ولا يقيم لهم رئيساً يوردون إليه شكوكهم وما يحتاجون من أمور دنياهم وعقباهم ، ويزيل عنهم شبهاتهم ويظهر لهم ما هو صلاحهم من إيضاح الحق وإبطال الباطل ، وحافظاً لشريعته عن التغيير والتبديل والشبهات الشيطانية والتخيلات الوهمية وسد الثغور ؟
وبالجملة إذا تكحلت بنور البصيرة رأيت هذا العالم كالسفينة السائرة ، فكما أن السفينة تحتاج إلى مدبر خبير بحالها عالم بالطرق الموصلة إلى المطلوب بصير بمقدار ما تتحمله من الأمتعة والنفوس عارف بتدبير ما يقع فيها من المفاسد ماهر في سد فرجها والثغور مانع لها من الغرق إذا اضطربت دافع لها من العوارض إذا اعترت ولولاه لآل أمرها إلى الغرق والتلف كذلك هذا العالم لابد له من رئيس يكون هادياً للنجاة مقوماً للعصاة رادعاً للغواة معلماً للجهال محذراً من الضلال عالماً للأحكام الحلال منها والحرام حامياً بيضة الإسلام مطلعاً على جميع حالات الأنام ، موجداً قبل الخلق لكونه واسطة وآلة لإيجاده ، وبعد الخلق لكونه من الغايات المنتهي إليه الجسمانيات ، ومع الخلق لكونه حجة عليهم ونوراً يهتدون به في ظلمات الأحوال ومشتبهات الأمور.
وبما ذكر يندفع ما عسى أن يتوهم من أن الحجج عليهم السلام إنما خلقوا وبعثوا هداية للخلق ، وهي الغاية في وجودهم عليهم السلام ، وليس كذلك ، إذ الغرض من وجودهم ليس إصلاح حال العباد فقط ، نعم يترتب على أفعالهم ذلك في كل العوالم كما يترتب على حركات الأجرام الفلكية ليلاً ونهاراً نفع السافلات بوقوع أشعتها عليها ، وليس المقصود بالذات من وجودهما وحركاتها ذلك ، بل أنها مسخرات بأمره تعالى ، مقيدات بزمام التقدير ، وما حركتها إلا عبادة له تعالى وتقرب إليه سبحانه ، كما أنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
وبالجملة لما كان وجودهم علة غائية لإيجاد الموجودات لا جرم كان خلو كل العوالم منهم أناماً سبباً لخرابها وفسادها وهلاك أهلها ، وقد ظهر مما ذكرنا أيضاً جواب ما طعن به علينا مخالفونا من أهل السنة والجماعة من أنه إذا كان الحجة مستوراً عن الأبصار وغير ظاهر في الأنظار وأنه لا يعرف شخصه ولا يهتدي أحد بنور تعليمه وإرشاده ، فما الفائدة في وجوده ؟ وهذا غير وارد علينا كما عرفت ، ولا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
إذا عرفت ما ذكرنا من وجوب وجود رئيس وإمام يكون من أوصافه كذا وكذا ، ظهر لك أنه يجب عليه تسديد المحتاجين إليه والمفترشين ببابه والمادين أعناقهم إلى جنابه والمتمسكين بأطناب خيمه والراجين أنواع كرمه والباسطين أيديهم إليه بالسؤال. إذ هو واسطة فيوضات ذي الجلال لا سيما العلماء الحقة والحاملين لأحكام الفرقة المحقة المحتاجين دائماً لتلقي الفيوضات الشرعية وإيصالها إلى الرعية المجاهدين في تحصيل الحق والصواب المجدين أبداً في طلب ما كلفوا به ، المجتهدين في استنباط ما أمروا به من الآيات القرآنية والأخبار المعصومية.
نعم إن قلنا أن الإمام الغائب المستور لا ينفع الخلق ولا ينتفعون بوجوده لغيبته ، أو قلنا بأنه عجل الله فرجه الشريف ليس عالماً بأحوال الخلق ولا محيطاً بأسرارهم في غيبهم وشهودهم وما يصلح لهما في دنياهم وعقباهم أمكن القول بعدم وجوب التسديد له عجل الله فرجه ، وأما أن قلنا بأن غيبته ليست مانعة من الإفاضة وإيصال الفيوضات الكونية والشرعية إلى الخلق ورفع ما يحتاجون إليه ، ولا فرق بين الإمام الحي الحاضر المشهود والإمام الغائب المستور الموجود بوجه من الوجوه إلا في غيبوبة شخصه المبارك مؤقتاً عن الأبصار ، فكيف لا نقول بوجوب تسديده للخلق وإيصال المحتاجين إلى ما فيه رضاه ورضاء الله سبحانه ، وكيف نقول العياذ بالله ببخله في هداية الخلق ورفع حوائجهم وتوفيقهم إلى طريق الصواب ، ومعلوم أن ليس رؤيتهم لمدبرهم والمتصرف فيهم والممد لهم شرطاً في التدبير والتصرف والإمداد ، كالملائكة المدبرات الذين هم من جملة خدام إمامنا المستور عجل الله فرجه الشريف ، يدبرون أمور الخلق وهم لا يرونهم ، وعدم رؤية الخلق إياهم لا يمنع من تدبيرهم لأمورهم ، وأيضاً كيف لا نقول له بوجوب التسديد له عجل الله فرجه إن قلنا بحضوره بين المحجوجين وعلمه بأحوالهم الكلية والجزئية واطلاعه بأسرارهم الجلية والخفية وإحاطته بها إحاطة كلية وكونهم بمرئي ومسمع منه وجهلهم واحتياجهم دائماً وأبداً لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ، وعدم انقطاعهم في التعلم ورفع جهالتهم واستفاضتهم ومجاهدتهم في سبيل معرفتهم لما يحتاجون إليه .
فاللازم عليه عجل الله فرجه أن يسددهم ويهديهم ويوصلهم إلى مطلوبهم ما داموا على هذه الأحوال ، وكيف لا والله سبحانه وتعالى يقول : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [6] ، والمجتهد قطعاً يجاهد دائماً في تلقي الأحكام الإلهية الشرعية الفرعية وغير الفرعية ، والحجة عجل الله فرجه يقول في توقيعه الرفيع : ” إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء وأحاطت بكم الأعداء ” .
ثم أن طريق التسديد والهداية وإيصال الخلق لا سيما المجتهد المجاهد المحتاج المستغرق أوقاته في الوصول إلى الحق والمطلوب ليس بمنحصر في المشافهة والمشاهدة والمواجهة ، بل يسددون طالبي الحق ويوصلونهم إلى ما يستحقونه بأنواع مختلفة وأطوار عديدة وأنحاء متشتتة ، كالتصريح والتلويح والإشارة والتنبيه والمثال والبيان والإخفاء والإعلان والإجمال والتفصيل والكناية والتشبيه والاستعارة والتقييد والإطلاق والعموم والخصوص ونحوها من الأنحاء.
فقول القائل : وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا ، ينبغي أن يترك في زاوية الإهمال ، إذ مفاسده كثيرة منها : أن المراد من ضمير ( منا ) بقرية المقام هو الشيعة المصدقين له عجل الله فرجه ، وهم وإن اعتراهم الضعف لمعاشرتهم ومخالطتهم للمخالفين وكثرة معاصيهم ، والضعف مانع لهم من الوصول إلى حضرته والتشرف بدرك فيض حضوره ، إلا أنهم مجدون في طلب الدين والعمل بالشرع المبين ، وباسطون أكفهم بالسؤال ، وراجون منه النوال ، فما الداعي لرفع يده الباسطة عن التصرف فيهم وصرف النظر والتوجه عنهم وعدم مداواة أمراضهم وتقويتهم برفع الضعف عنهم. فوجع العين وإن كان مانعاً من النظر إلى الشمس لكن الشمس لا تمتنع بذلك من التأثير والإشراق في حقه ، والتسخين وتجفيف رطوباته وسائر تدابيره ، والمريض الأعمى والأصم إذا أتى إلى الطبيب لمعالجة نفسه ومداواة صمه وعماه وإن لم يسمع كلام الطبيب ولا يرى شخصه لكنه مع ذلك لا يقصر في معالجته ولا يمتنع من مداواته إلا إذا عجز عنها ، ولو لم يكن الأمر كما ذكرنا ورفع يده عجل الله فرجه عنا لما قال في توقيعه الرفيع :” أما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأنظار السحاب ، وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ” ، فإن كان ضعف سائر الناس وذنبهم سبباً لعدم تصرفه عجل الله فرجه وأعراضه عنهم فما تقصير العلماء الربانيين والكملين المجاهدين الإلهين اللذين بذلوا مهجتهم دون الوصول إلى مقصودهم ، وتلقى الفيض الشرعي من إمامهم ، والبلوغ إلى أقصى مآربهم. فحاشا الإمام ورئيسهم عن الإهمال والتقصير في حقهم ، والإعراض منهم وعم التصرف فيهم والتوجه لهم بما يستحقون ، وقد وعدهم عجل الله فرجه في توقيعه الرفيع بمراعاتهم وعدم نسيان ذكرهم ، وقد قال الله عز وجل : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [7] ، وهو يد الله الباسطة على الإطلاق ، لا يعطلها من التصرف ذنب المذنبين ولا ضعف المستحقين .
وبالجملة فالذي يقول بعدم وجوب التسديد لابد له أن يختار أحد المذاهب الفاسدة :
أما القول بتقصير نبينا صلى الله عليه وآله العياذ بالله في نصب الخليفة ، بأن لم ينصب لأمته أوصياء علماء حكماء حاضرين بينهم وناظرين لأعمالهم ومطلعين لأسرارهم وعالمين بمصالح الأمة والرعية.
وأما القول بأنه صلى الله عليه وآله نصب أوصياء كما ذكر ، لكنهم مع قدرتهم العياذ بالله قصروا في الأداء وتبليغ ما تقتضي الأمة ويصلح حالهم إليهم ، سيما المخلصين المحتاجين المجاهدين منهم.
وأما القول بعدم قدرة أولئك الأوصياء ، وعدم تكنهم عن أداء حقوق المحتاجين أصلاً ، أو لغيبته واستتاره. ومفاسد هذه المذاهب ومخالفتها لمذهب الإمامية أكثر من أن تحصى وأبين من أن تستقصى.
إن قلت : أن التسديد إن كان لازماً على الإمام عجل الله فرجه الشريف يقتضي عدم الخلاف بين العلماء الحقة الإمامية والخلاف أظهر من الشمس وأبين من الأمس .
قلت : إن الخلاف الواقع بينهم ليس من الأحكام الواقعية الأولية ، بل من الأحكام الثانوية ، كالتقية إن اقتضت المصلحة وجبت ، ولذا قالوا عليهم السلام : (( نحن أوقعنا الخلاف بينكم ، وراعيكم الذي استرعاه الله أمر غنمه أعلم بمصالح غنمه ، إن شاء فرق بينها لتسلم ، وإن شاء جمع بينها لتسلم )) ،
إن قلت : إن وجب التسديد يقتضي أن يكون جميع الأحكام بنظره عليه السلام ورضاه ، وحقاً وصواباً ، ولزم أن يكون الأصحاب مصوبة لا مخطئة .
قلت : على مذهب المصوبة ليس في الواقع حكم ، بل حكم الله تابع لرأي المجتهد ، وكلما ظن المجتهد فهو حكم الله الواقعي في حقه لا غيره ، وأما المخطئة فحكم الله عندهم واحد معين في الواقع ، وباب العلم به مسدود ، وكلما ظنه المجتهد وحصله من الأدلة فهو حكم الله الظاهري في حقه ، يجب عليه العمل به ، ويمكن أن يصيب به الحكم الواقعي المعين ، ويمكن أن يخطيه ، فلا يلزم من رضاه بذلك الحكم الظاهري وتسديده إياه التصويب فأفهم .
وبالجملة فالأخبار الدالة على وجوب التسديد يمكن إدعاء تواترها . معنى ، لا بأس بذكر بعض.
منها ما رواه الصدوق عن حسن بن محبوب عن يعقوب بن سراج قال : قلت : لأبي عبدالله عليه السلام : ” تبقى الأرض بلا عالم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم ؟ فقال لي : إذن لا يعبد الله يا أبا يوسف”.
ومنها صحيحة ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (( إن الله لا يدع الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان ، فإذا أزاد المؤمنون شيئاً ردهم ، وإذا نقصوا أكمل لهم ، فقال : خذوه كاملاً ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم ، ولم يفرق بين الحق والباطل )) .
والأخبار بهذا المضمون وبهذه الألفاظ بتغيير جزئي كثيرة ، عليك بالمجلد السابع من البحار أوله ( باب الاضطرار إلى الحجة عليه السلام ) ، ولا حاجة إلى نقلها . ومنها ما مر من التوقيع الرفيع ، ومنها ما في البحار أيضاً في خبر كميل عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ” اللهم إنك لا تخلي الأرض من قائم وحجة ، إما ظاهر مشهور أو خائف مغمور لئلا تبطل حججك وبياناتك “.
ومنها أيضاً ما في البحار عن الصادق عن أمير المؤمنين عليه السلام : “ اللهم لا بد لأرضك من حجة لك على خلقك ، يهديهم إلى دينك ويعلمهم علمك ، لئلا تبطل حجتك ولا يضل متبع أوليائك بعد إذ هديتهم به ، أما ظاهر ليس بالمطاع أو مكتتم مترقب ، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فإن علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة ، وهم بها عاملون “.
ومنها ما في البحار أيضاً عن الصادق عليه السلام قال : ” ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة له فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولم تخل إلى أن تقوم الساعة ولولا ذلك لم يعبد الله ، قيل : كيف ينتفع الناس بالغائب المستور ؟ قال : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب “.
ومنها الخبر المعروف : ” ما من عبد أحبنا فأخلص في معرفتنا ، وسأل عن مسألة إلا ونفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة “.
ووجه الاستدلال بهذه الأخبار على المدعى لا يحتاج إلى البيان فلنرجع إلى ما نحن بصدده. ونقول : إن المراد من الحق الذي يجب على الإمام عجل الله فرجه الشريف تسديد المستحقين المحتاجين إليه هو الأعم من حكم الله الواقعي والظاهري ، يعني تقتضي المصلحة في زمان تسديدهم تماماً إلى الأحكام الواقعية لا غير وهدايتهم إليها كزمان دولة الحق ، وفي زمان كزماننا هذا في بعض المسائل إلى الحكم الواقعي ، وفي بعضها إلى الحكم الظاهري ، والحكم الظاهري يختلف باختلاف الأشخاص والمكان والزمان ، كحكم زمان التقية وغيرها ، وقضية وضوء علي بن يقطين وداود الرقي مشهورة معروفة .
وبالجملة لما ثبت وجوب التسديد له عجل الله فرجه من باب اللطف سيما في زمن الغيبة الكبرى ، وكثرة المحتاجين والاحتياج ، وإن مراد الشيخ الأوحد أعلى الله مقامه منه هو ما ذكرناه وبرهناه وفصلناه ، علمت أن لطيفة الفاضل المعاصر المرحوم مردودة عليه ، إذ زمان الشيخ المفيد عليه الرحمة لما كان زمان التقية وخفاء الحق لقلة الشيعة وضعفهم ، اقتضت المصلحة تسديده بالحكم الظاهري ، وهو القول : بعدم تقدم وجود المعصومين الأربعة عشر على سائر المخلوقات.
وزمان الشيخ الأوحد لما كثرت الشيعة وقوي الحق بحمد الله ، وانتشرت مصنفات علمائهم وأخبار مواليهم سلام الله عليهم ، اقتضت المصلحة تسديده والعلماء المعاصرين له والمتقدمين عليه قريباً بالحكم الواقعي ، وهو القول : بتقدم وجودهم سلام الله عليهم على تمام المخلوقات وجميع العوالم . فكلا القولين حق لا ريب فيهما بحسب اختلاف الزمان كما عرفت ، ولا تنافي بين القول بوجوب التسديد والقول بعدم تقدم وجود المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام كما توهم ، إذ قول الشيخ المفيد عليه الرحمة ليس حكماً واقعياً لا يتغير ، بل هو حكم ظاهري يقتضي الحكمة والمصلحة ذلك في زمان وتقتضي عكسه في آخر كحكم التقية ، ألا ترى كيف أمر الصادق عليه السلام بالمكاتبة علي بن يقطين حفظاً له وحقناً لدمه بالتوضؤ بوضوء العامة ، ثم بعد انقضاء مدة خوف إراقة دمه وبطش هارون الرشيد في حقه أمره مكاتبة أيضاً أن يتوضأ بوضوء الشيعة. فلا يمكنك أن تقول أن وضوئه أولاً بطريق العامة ما كان صحيحاً وحقاً ، بل كان حكم الله سبحانه في ذلك الوقت هو ذلك وإن كان مخالفاً للحكم الواقعي ، ولو كان يتوضأ بوضوء الشيعة في الوقت الذي أمره الإمام عليه السلام بوضوء العامة وإن كان وافق الحكم الواقعي لكنه كان مخالفاً لحكم الله في حقه في ذلك الوقت وكانت صلواته باطلة ، كما أنه لو كان يعمل بخلاف ما أمره ثانياًَ ويتوضأ بوضوء العامة كان مخالفاً لحكم الله وفسد عمله .
فقول الشيخ المفيد عليه الرحمة كوضوء علي بن يقطين بوضوء العامة اقتضت المصلحة في حقه في ذلك الوقت أن يسدد بالقول بعدم تقدم وجود المعصومين الأربعة عشر على سائر المخلوقات ، وفي حق الغير أو بعد زمانه اقتضت المصلحة عكس ذلك كما يشهد لذلك قوله عجل الله فرجه الشريف في حقه : ” منك الخطأ ومنا التسديد “. فقوله رحمه الله بذلك منه في ذلك الزمان كان حقاً في حقه والتابعين له ، وفي حق غيره ممن عاصره أولاً ممن لم يقولوا بقوله كان محتملاً.
فظهر أن لا تنافي بين قول الشيخ الأوحد بوجوب التسديد وبين القول بحقية قول الشيخ المفيد عليه الرحمة في ذلك الزمان ، إذ قوله من الأحكام الظاهرية تختلف بحسب الوقت والمكان والأشخاص ، وأنَّ ترديد الفاضل المعاصر المرحوم ليس في محله حيث قال في العبارة المنقولة في أول الفصل : أنه يلزم للشيخ الأحسائي أحد أمرين : إما متابعة الشيخ المفيد في عدم تقدم وجود الأئمة على جميع الأشياء ويرفع يده من جميع المطالب التي فرعها على هذه المسألة ، وإما القول ببطلان التسديد وعدم لزوم الردع على الإمام ، والثاني أسهل له من الأول انتهى . ومن أتقن ما ذكرناه علم أن ترديده رحمه الله ناشئ ظاهراً من عدم الالتفات إلى معنى التسديد والفرق بين الحكم الظاهري والواقعي ، وإن كلاهما في حقه في غاية البعد .
وبالجملة نقول في جواب ترديده أيضاً مختصراً أن الشيخ الأوحد يقول بوجوب التسديد وحقية قوله بتقدم وجود المعصومين الأربعة عشر سلام الله عليهم على جميع الأشياء وخطأ قول الشيخ المفيد عليه رضوان الله بعكس ذلك في هذا الزمان ، وحقيقة في حقه وحق تابعيه في ذلك الزمان ، لكونه مقتضى التسديد واختلاف الحكم الظاهري ، ولا يرفع يده أبداً عن المسائل التي فرعها على القول بتقدم المعصومين عليهم السلام على جميع الأشياء والعوالم ، وليس بين القول بوجوب التسديد والقول بحقية قول الشيخ المفيد عليه الرحمة في زمنه منافاة بوجه من الوجوه ، فتبصر قليلاً فيما أسلفناه حتى يتضح لك صحة المقال وتميز السراب من الماء الزلال.
—————–
[1] سورة العنكبوت ، الآية : 69
[2] سورة سبأ ، الآية : 18
[3] سورة سبأ ، الآية : 18
[4] سورة التوبة ، الآية : 105
[5] سورة المائدة ، الآية : 3
[6] سورة العنكبوت ، الآية : 69
[7] سورة المائدة ، الآية : 64
الكاتب: موسى الإحقاقي

كيف نعيش في عصر الخداع ...؟

Image may be NSFW.
Clik here to view.
كيف نعيش في عصر الخداع ...؟

لكل عصر من العصور سماته الخاصة به، والتي يسير أبناؤه وفقها ، ويُعرَف بها عند اندثاره ، وسمات العصر متوزعة على مجالاته المختلفة ، فللعصر - أي عصر- مجال علمي، وآخر اقتصادي ، وثالث سياسي ، ورابع اجتماعي، وهكذا.


وعصر الغيبة وطول الأمد له سماته الخاصة أيضاً ، والتي حكتها الروايات الشريفة ، والتي ربما نعيش مفرداتها يومياً، وسأذكر واحدة من أهم سمات هذا العصر المرتبطة بالمجال الاجتماعي ، وهي قلة الثقة !
إننا نعيش اليوم عصر الخداع والمكر والتخطيط الملون بألف لون ، إننا نعيش متاهة حاكت خيوطها أيادٍ خفية وأخرى علنية، والناس تاهوا فيها حتى يئسوا من الناصح الأمين.
لا يمكنك اليوم أن تثق بمنتج صناعي تمام الثقة ، بل تزلزلت الثقة حتى بالأدوية الطبية...
لقد قلّت الثقة بالرؤساء والمسؤولين ، بل تزعزعت حتى بالأخوة والأصدقاء ! وحقاً إنه زمن قلّ فيه الدرهم الحلال ، والأخ في الله كما تناقلته بعض الروايات الشريفة.
هذا فضلاً عن أنك تجد الكثيرين ممن يقدم الشك والريبة في كل مدعٍ للإصلاح في وسط مظلم ، وأول ما يُرمى به مدعي الإصلاح أنه طالب للجاه والمصالح الشخصية ، هذا إذا أُحسن به الظن ولم يُرم بالعمالة أو التخريب !
إنها صورة أقرب ما تكون إلى ما عبّر عنه أحد الشعراء المعاصرين بأبيات :
ياشعب هاكَ من الرّجال نماذجاً
يتلوّنون تلوّنَ الحرباء
حتّى إذا الأقدار مُثِّل دورُها
وأديفَ صبح حقيقة بمساء
وتبدلت بعض الوجوه كما انزوت
جرباءُ تُخلف بعدُ في جرباء
أنا لا أريد أن أنقل صورة يائسة أو متشائمة، أو غير متفائلة عن وضعنا اليوم، إنّما هي صورة قلقة من كلّ ما يُطرح هذه الأيام، وحتى يطمئن المرء ، عليه أن يتعامل وفق أية دعوى بالتالي :
أولاً : إن قياس صحة أيّة دعوى يكون بإرجاع مقالاتها ومفرداتها إلى المصادر الأساسية للإسلام ، فما وافق منها القرآن الكريم والسنة الشريفة الثابتة أخذنا به ، وإلا فالذي جاء بها أولى بها.
ثانياً : علينا أن نرجع إلى ذوي الخبرة والاختصاص في كل مجال ، بشرط أن يكونوا من الثقاة المأمونين على الدين ، فلا شك أنهم إذا كانوا كذلك فهم أعرف بالحقيقة وأقرب إلى الصواب وأنصح للناس من أي أحد سواهم.
ثالثاً : لا يعني هذا ان نحذف كلمة (الثقة) من قاموسنا الاجتماعي, وانما يعني أن نرجع إلى القرآن الكريم في التعامل مع المجهولات والوافدات الثقافية الغريبة, فالقرآن يأمر بالتبين في اخذ الاخبار من غير الثقاة (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا), وهي قاعدة مهمة جدا في تلقي العقائد والفروع الفقهية بل والأمور الاجتماعية المهمة فضلا عن تناقلها والترويج لها.
رابعا: علينا أن نحذّر من قنوات الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية, فالإعلام اليوم يمثل أهم أسلحة السياسة والثقافة بل والحياة, وهو يعمل على ترتيش دعوتها وإبرازها بما يقتنع معه الناس بأنها هي هدفهم خصوصا وان الإعلام اليوم صار علما له متخصصوه وأبدع فيه كثيرون حتى استطاعوا ان يصرفوا الناس عما يراد منهم ويغرقوهم في فوضى ملاعب كرة القدم وأبطال السينما وغيرهم, وهكذا هي فعالة في الترويج لاية دعوى عقائدية إذا كانت تملك طعم الإعلام ،اعني (الأموال).
وهذا كله يعني ان علينا من الآن فصاعداً أن نلاحظ التالي :
‌أ. أن نتحرز وندقق في كل ما يطرق سمعنا أو تلقفه عيوننا.
‌ب. وأن نحاول قراءة ما بين السطور لنرى ما يقع وراءها.
‌ج. وأن نتريث في الحكم قبل اتخاذ أي موقف أو إصدار أي حكم ... فرب حكم مسبق من دون تريث اهلك الإنسان واسقط دولا وأمات حضارات.... والحر تكفيه الإشارة.

الإمام الحسين عليه السلام والإمام المهدي عليه السلام مشروع إصلاح متواصل

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الإمام الحسين عليه السلام والإمام المهدي عليه السلام مشروع إصلاح متواصل

حظي الإمام الحسين عليه السلام بمنزلة رفيعة لا تدانيها منزلة في الدنيا والآخرة، وقد اختصّه الله تعالى بثلاث خصال، إذ جعل الإمامة في ذريته والشفاء في تربته واستجابة الدعاء تحت قبته، فانحدر من نسله الشريف الأئمة المعصومون عليهم السلام، حتى وصل الأمر إلى الإمام الحجة بن الحسن المنتظر عليه السلام، وهو الإمام الغائب عن الأنظار، والحجة الحاضر بيننا الذي لولا وجوده لساخت الأرض بما فيها، الموعود الذي يحيي الله به البلاد والعباد.

حظي الإمام الحسين عليه السلام بمنزلة رفيعة لا تدانيها منزلة في الدنيا والآخرة، وقد اختصّه الله تعالى بثلاث خصال، إذ جعل الإمامة في ذريته والشفاء في تربته واستجابة الدعاء تحت قبته، فانحدر من نسله الشريف الأئمة المعصومون عليهم السلام، حتى وصل الأمر إلى الإمام الحجة بن الحسن المنتظر عليه السلام، وهو الإمام الغائب عن الأنظار، والحجة الحاضر بيننا الذي لولا وجوده لساخت الأرض بما فيها، الموعود الذي يحيي الله به البلاد والعباد.
ومن المعلوم أن ما قام به الإمام الحسين عليه السلام من دور إصلاحي في أمة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا يقل أهمية عن دور الرسول ومبلغ الرسالة، وهو القائل: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت لأجل الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي مهمة كان قد أوكلها إيّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل رحيله من الدنيا، ورسم له الخطوط التي تبيّن له كل ما يجري عليه وعلى آل بيته في كربلاء، فهو دور مكمل لما ابتدأه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم؛ لذلك يقال: إن الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء، فلولا نهضة الإمام الحسين عليه السلام ولولا دماؤه الزكية لما وصل إلينا الإسلام، وهذا الموقف الإصلاحي له الكثير من أوجه الشبه بالقضية المهدوية والمهمة الموكلة للإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وهو ـ بلا شك ـ تخطيط إلهي محسوب بكل دقة، فالإمام الحسين عليه السلام هو أبو الأئمة، والإمام المهدي عليه السلام هو خاتم الأوصياء وآخرهم، فهناك منهج إصلاحي ممتد وخط رسالي متواصل من أول الأئمة إلى آخرهم عليهم السلام، وكل الأئمة من ولد الحسين قد أدوا أداورهم الإصلاحية ولكن كل بحسب الظرف الذي عاش فيه، فمنهم من استخدم الدعاء والبكاء وسيلة للإصلاح كالإمام زين العابدين عليه السلام، ومنهم من اتخذ من نشر العلم وسيلة لذلك، كالإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ... وهكذا فلم يكن السيف هو السبيل الوحيد لأهل البيت عليهم السلام في تثبيت الإسلام والمحافظة عليه وإصلاح ما فسد منه، بل تعددت أدوارهم والهدف واحد.
ومن أوجه الشبه بين ثورة الإمام الحسين عليه السلام وثورة الإمام المهدي عليه السلام وحدة الهدف؛ فهدف الإمام الحسين هو الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام المهدي كذلك، فهو المصلح الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، ومبدأ النهضة والثورة ضد الظلم والطغيان، فالإمام الحسين ثار ضد مملكة الجور والفساد؛ ألا وهي دولة بني أمية، الشجرة الملعونة في القرآن، فعندما طُلِب منه عليه السلام أن يبايع أمير الفاسقين يزيد أجاب عليه السلام بكل شجاعة وثبات، وقالها بصراحة تامة: (إن يزيد رجل مستحل للحرمات يعاقر الخمرة، ويلاعب القردة، ومثلي لا يبايع مثله) وهذه الكلمات الحسينية البليغة هزت عرش الطاغية وزلزلت أركان الدولة الأموية، إذ لخص فيها الإمام الحسين عليه السلام طبيعة هذه العصابة الباغية المغتصبة لحق أهل البيت عليهم السلام، فكانت بمثابة البيان الأول لثورته المباركة، تلك الثورة التي قلبت كل الموازين الطبيعية، فانتصر فيها الدم على السيف، وصدق الشاعر حينما قال:

ظنّوا بأن قتل الحسينَ يزيدُهم         لكـنّما قتـل الحسـيـــنُ يزيـدَا

وكذلك هو مبدأ الإمام المهدي عليه السلام الذي ينهض بوجه الظلم العالمي الذي يقوده ثنائي الجور والطغيان أمريكا وإسرائيل، ومن لف لفهم وأعانهم على ذلك، ويقيم دولة العدل الإلهي، وهو ما يعبر عنه العلماء بأمل الأنبياء.
ومما يكشف عن هذا المنهج الإصلاحي المتواصل هو أن الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام عند ظهوره المبارك والعاجل إن شاء الله تعالى يرفع شعار (يالثارات الحسين)، فأول هذا المنهج التضحية والفداء والشهادة وآخره الطلب والثأر لتلك التضحيات والدماء الزاكيات، والاقتصاص من المجرمين والقتلة بحكم الله العادل، فهو نتيجة لمقدمة قام بها الإمام الحسين عليه السلام، وقد ورد هذا المعنى في دعاء الندبة: (أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء ...).

المسيحيون المتصهينون : استراتيجية ابوكاليبتيكا البركانية

Image may be NSFW.
Clik here to view.
المسيحيون المتصهينون : استراتيجية ابوكاليبتيكا البركانية

بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی
إن أعمال هوليوود السينمائية توفر نحو 72 بالمائة من المادة للسينما في العالم، وبما ان هوليوود تتصرف كغرفة تخطيط فكري للقادة السريين للسياسة والاقتصاد العالميين، فإنها تلعب دورا بالغا في بلورة الرأي العام  لسكان الأرض وتماشيهم مع قاعدة القادة السريين. إن عموم الأعمال التي عرضت خلال الأعوام الأخيرة والتي كان موضوعها ومحتواها ابوكاليبس وآخر الزمان ونهاية العالم، جعلت من الأزمات الخانقة والمُهدِدة والمريرة، محورا لحواراتها الرئيسية.

بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی
إن أعمال هوليوود السينمائية توفر نحو 72 بالمائة من المادة للسينما في العالم، وبما ان هوليوود تتصرف كغرفة تخطيط فكري للقادة السريين للسياسة والاقتصاد العالميين، فإنها تلعب دورا بالغا في بلورة الرأي العام  لسكان الأرض وتماشيهم مع قاعدة القادة السريين.
إن عموم الأعمال التي عرضت خلال الأعوام الأخيرة والتي كان موضوعها ومحتواها ابوكاليبس وآخر الزمان ونهاية العالم، جعلت من الأزمات الخانقة والمُهدِدة والمريرة، محورا لحواراتها الرئيسية.
وعلى  الرغم من ان انتاج هذه الأعمال يضرب بجذوره في اعماق تاريخ السينما بسبب احتواء هذه الأعمال على  عنصر العقدة والجاذبة في قصة الفلم وتركيز السينما اليهودية على  الغد، الا ان تشكيلة هوليوود بشان آخر الزمان، تبين وجها آخر عن هذه الأعمال.
ويقول السيد جون هيلكوت مخرج فلم "الجادة" الذي عرض في نوفمبر عام 2009، عن الفروقات في هذه الأعمال:
إن الفارق الكبير بين أفلام آخر الزمان الجديدة والقديمة يكمن في ان الأفلام الجديدة تعرض مجموعة من المشاكل ولا تتطرق إلى مشكلة بعينها.
إن مشاهدة ومقارنة الأعمال المتقدمة والمتآخرة لابوكاليبتيكا، تؤكد ما ذهب اليه هذا المخرج السينمائي.
ففي الأعمال المتقدمة مثل الأعمال التي انتجت بعنوان هرمجدون، هناك عامل ينطوي على  تهديد مثل الشهب السماوية أو المركبات الفضائية الاجنبية، تهدد الأرض فيما ينصرف المنقذ الأرضي لحذف وازالة هذه التهديدات. العقدة التي تفكها الايدي القوية للرجال من ذوي العيون الزرقاء والمهندسين الأمريكيين الابطال ويبهرون الجميع ببراعتهم ومهاراتهم. لكن التهديدات في الأعمال الجديدة، ذات عدة اوجه. وثمة عدة أزمات تهدد العالم في آن معا. فهناك التسونامي والزلزال والبركان وارتفاع حرارة الأرض، تضرب الناس في آن بحيث لا أحد يقدر على  احتواء الأزمة، وتتمثل تداعياتها في ان تمر الأرض بتجربة الفناء والزوال الكاملين.
ويقول المخرج دونالد أمريخ الالماني الاصل الذي شارك في كلا موسمي الأفلام التي تتحدث عن نهاية العالم، يقول عن فلم "يوم الاستقلال" ان المركبات الفضائية الاجنبية التي تغزو الأرض من كواكب بعيدة في السماء، تشكل تهديدا، التهديد الذي ان لم يتم السيطرة عليه واحتوائه، فإنه سيجر البشرية نحو نهاية الزمان والفناء، لكن هذا الفلم يظهر كيف ان التقنيين اليانكيين الاشاوس يسافرون إلى الفضاء للقضاء على  مصدر التهديد لكي تنعم "اميركا" وبتبعها شعوب العالم بحياة جديدة في الذكري السنوية لاعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية.
وجل هذه الأعمال تظهر ان تهديد الولايات المتحدة هو بمثابة تهديد للعالم اجمع وان اندلاع الأزمة هو بمثابة اجتياح هذه الأزمة للعالم كله.
ولا ننسى انه بفعل المسار التدريجي وبسبب غلبة الحداثة الغربية الناجمة عن انتشار الحضارة الغربية وانظمة الاتصال، اصبحت حياة وممات الأمم والشعوب مرتبطة بحياة الغرب وان أي امة ليست بمناي عن الأزمات الغربية، بحيث أن الأزمة الاقتصادية الأمريكية تلقي اليوم بظلالها واضرارها على  شعوب الشعوب.
إن مخرج "يوم الاستقلال" يعتبر في آخر فيلمه بعنوان "2012" ان جميع شعوب العالم متورطة ومصابة ومحكوم عليها طبعا بتجربة الموت الزؤام.
إن الزلازل والبراكين والفيضانات وسائر الكوارث، تفتك بالبشرية لدرجة انها تاتي على  كل الربع المسكون والكرة الأرضية. وكأن العذاب النازل على  قوم نوح نزل مرة أخرى بعد قرون لكي يفني جميع سكان الأرض وينجو فقط ركاب سفينة نوح.
وهذه الأعمال السينمائية تهيئ سكان شرق العالم وغربه لحوادث مشؤومة وأزمات ابوكاليبتيكا وتذكر الجميع بين طياتها بانه أولا: أي كائن لا دخل له في هذه الكارثة الكونية وثانيا: ان هذه الكارثة الكونية أمر محتموم ولا بد منه وثالثا: ان ابعاد الكارثة، عالمية. بحيث أن رجال من الغرب بمن فيهم فيلسوف التاريخ شبينغلر كانوا قد تنبأوا بأن علامات الأزمة وانحطاط الغرب قد برزت منذ مطلع القرن العشرين. ان القرن العشرين اظهر في الحقيقة بأن التاريخ الغربي يمر بأزمة. ولهذا السبب فإن سياسية الغرب واقتصاده وثقافته تمر باضطراب وأزمة بصورة متناوبة.
ومع ظهور علامات الأزمة في أي من التعاملات والمجالات العامة، فإن الغرب جاء بكل قواه المالية والعسكرية والسياسية والإعلامية للساحة في محاولة منه لاحتواء الأزمة من خلال اعطاء مهدئ أو انجاز جراحات صغيرة.
إن افتعال الأزمات في سائر مناطق العالم، شكل ويشكل أحد الاساليب المعروفة لقادة النظام الاستكباري لنقل الأزمة من جغرافيا الغرب إلى سائر المناطق. ومع ذلك فإن اندلاع الأزمات الخانقة وشموليتها للموضوعات والمجالات المختلفة في اوآخر القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، دفع بالماسونية العالمية إلى استخدام آخر سهم في كنانتها أي اعتماد استراتيجية ابوكاليبتيكا البركانية والمتعلقة بنهاية الزمان.
وكما يستشف من مضامين بروتوكولات صهيون وكذلك اداء الماسونية وبؤر التواطؤ الدولية، فإن هذه الاستراتيجية تعتمد كآخر دواء، لان جميع الدراسات والبرامج العامة المطبقة خلال القرون الماضية في مختلف الميادين ونشر الحضارة العلمانية في ارجاء المعمورة، شكل مؤشرا على  الدس التدريجي لسم الفلسفة الإنسانية والعلمانية والليبرالية والهيدونية (مذهب اللذة) في جسم الثقافات والحضارات غير الغربية، ما ينال من الفريسة الواقعة في شرك الثقافة والحضارة الغربية ليجعل تاسيس واعلان قيام الحكومة الكونية للاشرار اليهود يتم من دون أي مقاومة.
وكل القرائن والدلائل كانت تشير إلى ان هذا السم المركب قد نال من جميع الثقافات والحضارات غير الغربية بما في ذلك الشرق الإسلامي. ولم يكن خافيا على  أحد بأن المسيحيين الفاسدين والمسيحية العلمانية والأديان الحقيقية المهجورة والمجتمعات الإسلامية كانت تعاني من التفرقة والفقر المدقع.
وقام هنري فورد مؤسس شركة فورد لانتاج السيارات في أمريكا بنشر البروتوكولات أو الصيغ والقرارات الجماعية التي وضعها الاستراتيجيون والحاخامات اليهود للسيطرة على  العالم، في الصحيفة التي كانت تعود اليه عام 1920 على  شكل سلسلة مقالات.
وكان فورد يهدف إلى توعية الشعب الأمريكي ازاء خطر قيام الامبراطورية اليهودية. وكان يحذر من هذه البروتوكولات التي ترجمت إلى الانجليزية عام 1917 وكانت تشكل الخطة الرئيسية لليهود للهيمنة على  العالم وكان يقول بأن اليهود لم يكتفوا بالحكومة الأمريكية بل هم بصدد اقامة حكومة كونية. وجاء في أحد بنود هذه البروتوكولات:
"إن الادمان على  الكحول والافراط في احتساء المسكرات، المشكلة التي ستسود بين غير اليهود بعد منح الحريات. وعلينا نحن اليهود الا نسير على  هذا الطريق. ان الاناس غير اليهود، سينشأون منذ عهد الشباب على  التفسخ الخلقي على  يد عناصرنا".
وبغض النظر عن الخلاف في وجهات النظر بشان هذه البروتوكولات ومضامينها، فمن يقدر اليوم انكار هيمنة اليهود على  الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية والمصارف وصناعة البورنو والإعلام وانتاج وتوزيع المشروبات الكحولية وكذلك الماسونية العالمية؟
لكن ما حدث، كان على  النقيض من جميع برامج ودسائس القادة السريين:
وتزامنا مع اندلاع موجة الأزمات الايديولوجية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية التي فرضت تحديات على  جميع مجالات
الحياة الثقافية والحضارية الغربية خلال الأعوام الأخيرة من القرن العشرين، ظهرت فجأة موجة العودة إلى الدين والمعنوية في الغرب وسائر مناطق العالم، فوقعت كوقع الصاعقة على  كل تدابير العقل الماكر والشيطاني.
إن قيام النهضات الدينية والمناهضة للغرب في الشرق الإسلامي وصعود اصحاب التدين الحقيقي في "ايران الإسلامية" ودخول الدين ساحة الادارة الاجتماعية والسياسية العامة، اطاحت كلعبة الدومينو بالاحجار التي وضعتها وبنتها الماسونية العالمية وبنو اسرائيل في ايران والعراق وسائر البلدان.
وهذه الواقعة، ارغمت بني اسرائيل الذين كانوا يمنون النفس بالاعلان عن الحكومة الكونية، على  اتخاذ اجراءات شاملة بسرعة فائقة لمواجهة هذا الوضع وتغيير مسار التاريخ لصالحهم، وادراج استراتيجية نهاية الزمان البركانية على  جدول أعمالهم (بؤرة التواطؤ الدولي).
وورد في جانب من "بروتوكولات حكماء صهيون" ما يلي:
إن اشخاصا بتطلعات ومعتقدات مختلفة مثل ملكيون وديماغوجيون واشتراكيون ومثاليون سيصبحون في خدمتنا، وسيعملون في ظل اغراءاتنا على  ضرب أي نوع  من النظام والاستقرار ونشر الفوضي والقلاقل في كل مكان. ان وجود هكذا اضطرابات وأعمال عنف سيدخل تغيرات على  الحكومات ويصبح الناس جاهزين للتضحية بل شئ من أجل السلام والاستقرار. وطالما لم يعترفوا بقوتنا العالمية وطالما لم يستسلموا لنا، فإننا لن نعيد السلام إلى اوطانهم... وطبيعي فإن جميع الاموال والثروات يتم الاحتفاظ بها لدينا وسيكون النصر حليفنا.
ومن هنا، تحولت الأزمة الناتجة عن انتهاء التاريخ الغربي والذي كان حصيلة الابتعاد لقرابة 400 عام عن التقاليد الدينية والنواميس القدسية في الكون ، إلى أزمة كبرى وعالمية على  يد بؤرة التواطؤ الدولي. وفي الحقيقة فإن الأزمات الأولية والمتناثرة، كانت نتيجة انتقال الغرب وثقافته وحضارته من مراحل الانهيار والانحطاط والثانية التي برزت في ابعاد عالمية كانت نتيجة مشروع بني اسرائيل الذي يتم ادارته وتوجيهه على  يد الماسونية العالمية. المشروع الذي يطبق خطوة فخطوة عسى ان يكون هذا البركان العالمي قادرا على  اخماد الأزمات والسيطرة على  الوضع والظروف لحساب بني اسرائيل وتاسيس الحكومة الكونية.
وكان قد ورد في الأخباربأن الهجوم العسكري والتيار المثير للأزمة في العراق وافغانستان انفق لحد الآن 000/800/970/968 دولار وان هذا الرقم كان مقررا ان يصل إلى ترليون دولار بنهاية عام 2010.
وفي خضم هذا التيار المرعب، قامت سينما هوليوود بتصوير مراحل تطبيق هذا المشروع وعرضها في الابعاد العالمية، والايحاء بأن المقاومة في مقابل الأزمات عقيمة ودس سم الانفعال لشعوب العالم والاعلان عن الوجهة النهائية من بين طيات الأعمال.
وقد شكل مشروع هرمجدون أو الحرب النهائية بين الخير والشر على  أرض "فلسطين" (طبعا برواية بؤرة التواطؤ الدولي) وهيمنة بني اسرائيل على  مقدورات ومقدرات العالم لألف عام، روح وجوهر أعمال هوليوود السينمائية التي تناولت موضوع نهاية الزمان والسياسة الخارجية الغربية، والتي قدم فيها بنو اسرائيل بالخير المطلق وبنو اسماعيل بالشر المطلق واصحاب ابليس.
إن القاء نظرة خاطفة على  أعمال مثل "الرجل الذي كان يعرف المستقبل" و "اوميغا كود" وامثالها، يوضح هذا الأمر.
إن أعمال هوليوود تخدع الجميع. ان السذج في الولايات المتحدة الأمريكية يبقون عند هذا التصور والخيال بأن كل هذه الوقائع هي من تنبؤات "الكتب المقدسة" التي تمهد لمجئ المسيح الثاني ويعتبرون هذه الأزمات المصطنعة على  يد بؤرة التواطؤ بانها من الأمر المحتوم، في حين ان بني اسرائيل ينفذون كل ذلك في سياق مشروع يهدف إلى الاسراع في فكرة حكومة بني اسرائيل الكونية المفبركة.
وخلال اسبوع وأحد، عرضت 3683 دار سينما في "أمريكا الشمالية" و 58 بلدا في العالم، فيلم "2012" السينمائي الجديد المتعلق بنهاية الزمان، وكان متوقعا ان تبلغ مبيعاته 70 مليون دولار خلال الأيام الثلاثة الأولي من عرضه. وهذا الفلم الذي انتج وعرض بعد فترة وجيزة من فيلم "Knowing" (2009)، يدور حول عروج المواليد الجدد للمسيحيين البروتستانت قبل مجئ السيد المسيح(ع) وعودتهم إلى الأرض بعد واقعة هرمجدون. وهذه العملية مستمرة على  قدم وساق وانتاج هكذ أفلام يعود على  الارجح إلى موضوع نهاية الزمان والابقاء على  ملف هذا الموضوع مفتوحا لدى قادة كواليس النظام العالمي الجديد ومواجهة التيارات الثقافية والحضارية الدينية القوية في "الشرق الإسلامي". ان السينما الغربية، تبقي على  جذوة الموضوعات المحبذة لدى الاستراتيجيين الغربيين ورجال السياسة، مشتعلة.
وقبل هذا، انتج فيلم بعنوان "2012 يوم القيامة" يدور حول التنبؤات الإنجيلية بشان واقعة هرمجدون. كما ان مصادر أخرى توقعت وقوع أحداث كبرى لا يمكن تصورها خلال الأعوام القريبة والمستقبلية. وقبل أعوام وعشية القرن الجديد، وعندما ولد عجل احمر الشعر في مركز للدراسات الوراثية في اميركا، قال ريتشارد لندز استاذ علم الألفية وذو توجه نهاية الزمان بجامعة "بوسطن" الأمريكية:
"إن ولادة هذا العجل، كان الشئ الذي ننتظره. والآن نستطيع بدء حرب نهاية الزمان".
وقد جهز هؤلاء كل شئ لحرب نهاية الزمان، انهم يعتبرون هذه الحرب ضرورية لمواصلة حياتهم وتاسيس الحكومة الكونية. انهم يرون ان هذه الحرب تمهد لحذف جميع القوي المعاكسة بمن فيهم مسلمو ومؤمنو الشرق الإسلامي ويسعون لاضفاء طابع ديني ومتوقع على  هذا السيناريو. وهذه هي الهوة التي اسقط المبشرون الإنجيليون البروتسانت ما يزيد على  70 مليون مسيحي أمريكي، فيها واسهموا بذلك في استقطاب رساميل وطاقات الغرب المسيحي وجعلها تدخل جيوب الصهاينة. وهذا التكهن ليس مستبعدا من ان المحاولات المستميتة والاجرامية لتحالف الصليب وصهيون تنمي بداخلها نطفة الظهور المقدس للمنقذ الموعود. ويجب التحلي بالصبر والانتظار في هذا الشان، لكي لا ننزلق إلى هذه الهوة. انهم يحاولون في إطار حلم مبكر وكبير القضاء على  جميع طاقات المسلمين وإحباط مفعول قدراتهم الفعلية والحد من الظهور المقدس.
وبهذه المقدمة الطويلة، نسلط الضوء على  فيلم "ابوكاليبتيكا 012":
يتوجه جيولوجي أمريكي إلى الهند لإعداد تقرير عن ارتفاع حرارة الأرض والذي سيتسبب قريبا بذوبان باطن الأرض وزلازل متتالية وارتفاع منسوب البحار ودمار الأرض عام 2012.
ويصل التقرير إلى قمة الدول العشرين (الدول الصناعية والقوية) وبعد شد وجذب، تقرر القمة ان يتم في إطار خطة سرية للغاية، اختيار عدد من متفوقي وصفوة بعض بلدان العالم إضافة إلى الأعمال الثقافية والحضارية المهمة القابلة للنقل وازواج من جميع الحيوانات ليستقلوا في موعد اقصاه 12/12/2012  ثلاث سفن عملاقة صنعت بصورة سرية لإنقاذ النخبة المختارة ونشرت في جبال بالصين.
وتبدا الأزمة الشاملة التي لا يمكن السيطرة عليها، ويجتاح العالم خليط غريب من الزلازل والتسونامي والبراكين و... ويرتفع منسوب المياه تدريجيا ليغطعي جميع سطح الأرض على  غرار ما حدث في عهد النبي نوح(ع).
وتغمر المياه قمة جبل "ايفرست". ويموت جميع سكان العالم ماعدا هذه النخبة والصفوة المختارة. وكأن هؤلاء وحدهم الذين يستحقون البقاء. ويظهر هنا عدد من الاثرياء العرب القادرين على  تسديد نفقات السفر والبالغة عدة مليارات دولار.
ومع انحسار الأزمة، تستقر السفينة في نقطة مرتفعة في افريقيا، لكي يبدا تاريخ العالم مرة أخرى من 1/1/1 وبوجود الناجين الصفوة. وفي هذا الفيلم نري:
-    ان جميع سكان الأرض محكوم عليهم بالفناء والزوال؛
-    ان هذه الواقعة وردت في اساطير المايا وهي أمر مقدر ومتوقع؛
-    لا سبيل لاحتواء الأزمة ويجب القبول ببقاء هؤلاء النخبة من أجل ديمومة التاريخ والحياة.
وتزامنا مع هذا الفلم تقريبا، اقدمت قناة تلفزيونية غربية على  انتاج وبث فلم وثائقي بعنوان "نوستراداموس" و "2012". ويسعى منتج هذا الفلم الوثائقي على  لسان بعض الخبراء ومستعينا برسومات متبقية من نوستراداموس إلى اعتبار واقعة 2012 بانها جزء من تنبؤات هذا العراف الفرنسي. وهو في الحقيقة تاكيد على  ما ورد في اساطير المايا. والطريف انه قبل بدء الرحلة الكبري، يتمكن حدث اميركي يدعي نوح بمساعدة والده من ازالة الحاجز الذي يعترض طريق السفينة. ويتحول إلى نوح القرن الحادي والعشرين ومنقذ للصفوة المختارة.
وقد توصل قادة بيلدربرغ ولجنة 300 أو بالاحري بؤرة التواطؤ الدولي وهم يشكلون كلهم الماسونية العالمية، إلى تطبيق آخر استراتيجية أو بركان ابوكاليبتيكا.
وهذه المجموعة الدولية المتواطئة تتمتع بقوة كاملة فضلا عن المامها بجميع الامور بحيث أن قادة الدول المختلفة بمن فيهم قادة الدول الغربية والبابا هم من صنائعها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد نشرت وثائق مختلفة عن المنصب الرفيع الذي يتمتع به ملوك ورؤساء السعودية والفاتيكان وروسيا والاردن وبريطانيا في المحفل الماسوني بمستوي الماسوني درجة 33.
ويُعلن أحيانا بأن اعضاء هذه المجموعة يبلغ 300 شخص. ويقدم جون كولمن مؤلف كتاب "لجنة 300 بؤرة التواطؤ الدولي" هذه المجموعة باسم "لجنة 300". وهذا الكلام يذكرنا بالرواية المنقولة عن حذيفة بين يمان حين يقول:
إن عدد مثيري الفتنة لن يكون 300 شخص إلى يوم القيامة، الا اذا اردت ذكر اسم كل منهم واسم ابيهم ومكانهم. وكل هذا هو من الاشياء التي علمني اياها رسول الله(ص).
وقبل اشهر، نشرت فجاة مقابلة قصيرة اما غريبة مع المليونير العالمي جورج سوروس اجرتها معه صحيفة "فايننشال تايمز"،  أعلن فيها:
إن الصين ستحل محل اميركا في قيادة النظام العالمي الجديد وكما كان الحال بالنسبة لسقوط قيمة الدولار وانخفاض مستوي مقاييس الحياة الأمريكية، فإن من الافضل لاميركا الا تقاوم امام انهيار موقعها.
واضاف سوروس:
وهذه عملية تندرج في سياق تحول احتياطي الدولار إلى العملات الاجنبية الآخري.
وتابع:
ان السقوط المنتظم لقيمة الدولار، أمر مرجو وننتظره. ان النظام المإلى الدولي بحاجة إلى تجديد الهيكلية باتجاه تداول عملة دولية موحدة.
كما قال:
إن العالم يجب ان يجتاز مرحلة التكيف المؤلم الناتج عن انهيار الدولار وتقديم عملة دولية موحدة.
وتوعد ضمنا:
انه في حال لم تشارك الولايات المتحدة في مشروع تاسيس العملة الدولية الموحدة فإن الدولار سيزول نهائيا.
وتكهن:
إن الصين ستتحول بدلا من اميركا إلى القوة الدافعة للاقتصاد العالمي وستحل محل اميركا. اظن اننا بحاجة إلى نظام عالمي جديد وان الصين ستكون جزء من تشكيله. ويجب على  الصينيين ان يعتبروا النظام العالمي الجديد جزء منهم مثلما كانت اميركا تعتبر نفسها مالكة له.
واضاف:
إن اجتماع قمة العشرين، يشكل خطوة على  هذا الطريق.
ولا بد ان نعرف بأن السيد جورج سوروس، هو يهودي من اصل هنغاري وفر أرضية الثورات المخملية تحت لواء المساعدات الإنسانية ونشر الديمقراطية وحرية التعبير.
وقد اسس "رابطة المجتمع المنفتح" عام 1979 في نيويورك ويدير شبكة من قبيل هذه المؤسسات في ارجاء العالم. ويحتل المركز التاسع والعشرين من قائمة اثري اثرياء العالم اذ يملك ثروة تقدر ب 11 مليار دولار.
إن سوروس مرتبط بلا شك بتيار السلطة التابع للماسونية العالمية. ان دراسة مقابلته المهمة مع صحيفة "فايننشال تايمز" تكشف النقاب عن السر الكامن في فلم "2012" المتعلق بنهاية العالم.
إن قرار مجموعة العشرين لبناء سفينة "نوح" وإنقاذ النخبة من الطوفإن العالمي الكبير في هذا الفلم، يذكرنا بكلام جورج سوروس عن اختيار الصين لادارة النظام العالمي الجديد وسقوط الدولار وتاسيس الحكومة الكونية مع الاعلان عن العملة الدولية الموحدة و... .
وما يشد الانتباه في هذا الفلم هو ان أمريكا والأمريكيين وبجانب رئيسهم الاسود، يمرون بتجربة الانهيار الشامل.
واقدمت الصحف والمواقع الالكترونية للكيان الصهيوني أخيرا على  بث صور عن هيكل سليمان وأعلنت بانهم سيبنون هيكل سليمان في 25 مارس وذلك بعد الزلزال الذي سيقع في الفترة من 16 إلى 24 مارس ويؤدي إلى دمار "بيت المقدس".
إن المسيح الدجال هو من صنع الماسونية العالمية وبني اسرائيل وهو من عقد العزم على  اعلان حكومة بني اسرائيل الكونية بثمن ابادة قسم كبير من شعوب العالم.
إنهم يرون بأن الفرصة تمر ولابد من اعتماد استراتيجية الأزمة البركانية على  امل اقتناص آخر فرصة للسيطرة على  الموقف.
إنهم لا يعرفون بأن هذا وعد الله بأن يرث عباده الصالحون ووريث نبي آخر الزمان ووصيه من ذرية اسماعيل، الخلافة والإمامة العالمية في الأرض.
ولا يجب ان ننخدع، ولا يجب الاستعجال، ولا يجب السقوط في شرك دجال آخر الزمان. فهذا هو الفجر الكاذب والفجر الصادق على  الابواب، يجب الانتظار لكي يجئ ان شاء الله.

الإمام المهدي عليه السلام في الفكر البشري

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الإمام المهدي عليه السلام في الفكر البشري

اصبح المصلح العالمي حلم الانسانية الحية الضمير, والتي تأمل تحقق العدل على الارض, ولكن وجهات النظر عن هذا المنقذ تختلف من عقيدة إلى اخرى, فكل يتوجه اليه ضمن عقيدته, ويعتقد به ناصرا لدينه, وبعض الناس يودون خروجه الشريف؛ لتحقيق الرفاهية للمجتمع, بغض النظر عن الدين الذي يدافع عنه هذا المنتظر, ونحن المسلمون لنا رأينا الحق في شخصية هذا الرجل العظيم.



وهنا  نسلط الضوء على وجهة نظر بعض العقائد في الإمام المهدي عليه السلام وكيف ننظر للاصلاح العالمي, وكالتالي:

1-الإمام المهدي عليه السلام في نظر الاستكبار العالمي:

لاشك في وضوح الجرائم التي مارسها الاستكبار العالمي ضد الانسانية بوجه عام, وضد الامة الاسلامية بوجه خاص. والخطط والاساليب التي وضعتها دول الاستكبار العالمي للفتك بالشعوب وتمزيقها, من خلال القضاء على الروابط الاجتماعية الاصيلة بين الامم والقوميات, وتدمير القيم الاخلاقية, ونشر عوامل التفسخ الخلقي, وابعاد المجتمع الانساني عن كل ما يربطه بالفطرة الالهية اكثر من ان تحصى, أو تعد. قال الله تعالى: ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه يهودانه وينصرانه).

ولا يخفى ان قوى الاستكبار تفننت باستخدام هذه الاساليب الشيطانية ضد المجتمع المسلم, فقد حققت اول انتصار لها في تقسيم الامة الاسلامية الى اقاليم ودويلات ضعيفة, بعد ان شرعت في خلق عوامل عديدة للاختلاف والعداء بين هذه الشعوب المقسمة تحت مصطلح (الاستقلال) ومن خلال هذه الاختلافات والتقسيمات سعت لجر الشعوب الى معارك طاحنة.

فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (لن تفنى امتي حتى يظهر فيهم التمايز, والتمايل, والمعامع, فقيل: يا نبي الله ما التمايز؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: عصبية يحدثها الناس بعدي في الاسلام, فقيل: فما التمايل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: يميل القبيل على القبيل فيستحل حرمتها, قيل: فما المعامع؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: مسير الامصار بعضها الى بعض, تختلف اعناقها في الحرب).

ان هدف القوى الكبرى  وعملائها في البلدان الاسلامية يتمثل في بث الفرقة بين المسلمين  الذين آخى الله بينهم, وسمى المؤمنين منهم بالاخوة, وفصلهم عن بعض تحت مسميات الشعب التركي, والشعب الكردي, الشعب العربي, الشعب الفارسي, بل وايجاد العداوة بينهم, وهذا الامر على الضد مما اراده الاسلام والقرآن الكريم تماما).

ولم يكفها ذلك, بل جندت كل وسائل الاعلام والدعاية لتشويه صورة الاسلام والمسلمين لدى شعوبها الغافلة, المنكبة على اللهو والفساد, واصبح مصطلح (الارهاب) يكفي لمحاربة أية  شخصية اسلامية تسعى للمطالبة بحق بسيط من حقوق الشعب المضطهد.

ولا شبهة!  فانها تخصصت في نهب ثروات المجتمع المسلم من خلال نظرية القطب الواحد, ونظرية العولمة, واحتكار العقل الانساني, وحرمان الشعوب المسلمة من التقدم العلمي, والمعرفة, والصناعة.

لقد اعتاد قادة هذه القوى   وساستهم على ان يتعاملوا بجدية لدفع الضرر المحتمل, واعترفت توقعاتهم السياسية بـ (ان الاسلام قوة سياسية واجتماعية قادرة على توحيد الجماهير), ومن جانب آخر, اطلعوا على مؤلفات المسلمين في خروج الامام المهدي عليه السلام,وبالتالي فعليهم ان يستعدوا لهذا الخطر المحدق بهم. قال الله تعالى: ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).

2- الامام المهدي عليه السلام في النظرية الصليبية واليهودية:-

تذهب بعض العقائد الصليبية واليهودية الى ان المصلح العالمي هو السيد المسيح عليه السلام, او النبي داود عليه السلام, على اختلاف النظريتين, وفي نفس الوقت يسلم هؤلاء بخروج الامام المهدي عليه السلام, الا انهم يعتقدون-كما نعتقد نحن كذلك-ان هذا القائد العظيم هو رجل مسلم, هدفه نشر دين الاسلام, والقضاء على المسيحية واليهودية, والنحل الاخرى, وتحطيم امبراطورياتهم الظالمة وكنائسهم وبيعهم, ويعتقدون ايضا انه عليه السلام يخرج في ارض آسيا العربية, قبل نزول السيد المسيح, او رجوع النبي داود عليه السلام, ويكون مقر قيادته في بابل العراق.

وقد استلهمت هذه النظرية من بعض الكتب اليهودية والمسيحية القديمة, ومن تنبؤات الرجل اليهودي-او المسيحي على بعض الاقوال-نوستر اداموس, الذي اشار بصراحة الى ظهور هذا الشخص العظيم. حيث قال :  (في المنطقة العربية الغنية, سوف يولد شخص قوي في شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. انه سوف يربك اسبانيا, ويقهر غرناطة, اضافة الى الشعب الليغوري بواسطة البحر).

وتبنّى هذه العقيدة بعض اصحاب القرار في الدول  العظمى, وبالتالي فقد اتفقت هذه العقيدة مع آراء الساسة في ان   المنطقة  -آسيا العربية- قادرة على ان تهيئ قائدا عظيما يوحد الدول الاسلامية ويشكل خطرا فادحا على منافعهم.

3- الإمام المهدي عليه السلام في الفكر الاسلامي

يعتقد المسلمون بأن المصلح العالمي والمهدي عليه السلام مفهومان لشخصية واحدة وهو الإمام المهدي عليه السلام الذي وعدهم به الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام, وقد اتفقت بذلك جميع المذاهب والفرق الاسلامية, وهذا الشخص المسلم الذي يخرج في المنطقة الاسيوية, والذي يكون مقره الكوفة-بابل القديمة-سوف ينشر راية الاسلام, ويحطم جميع الامبراطوريات الظالمة في العالم, ويملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما,  وفي زمانه ينزل السيد المسيح عليه السلام, ويعاونه ويساعده في ذلك.

4- العامل المشترك وتحديد المنطقة الجغرافية

العامل المشترك بين هذه النظريات, ومن خلال القراءة السريعة لها,نخرج بنتيجة هي:  ان الإمام المهدي عليه السلام رجل مسلم, يخرج في ارض العرب الاسيوية, وبعض الدول المجاورة لها, ويقيم دولة اسلامية عليها, ويجمع كل الدول تحت لوائه في راية واحدة, ولا يكون همه الا نشر الاسلام,واظهاره على كل الاديان,  وتهديم كل ما توصل اليه الاستكبار العالمي من الحضارة الفاسدة.

أدعياء المهدوية _دعوة ابن كاطع_

Image may be NSFW.
Clik here to view.
 أدعياء المهدوية _دعوة ابن كاطع_

من جملة الدعاوى الزائفة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا، وصار لها من يتبنّاها ومن يدعو إليها هو ادّعاء وجود ولد للإمام المهدي عليه السلام باسم _احمد إسماعيل_ وأنّ هذا الولد هو اليماني _وهو أول الممهّدين للدولة المهدوية_ بحسب ادعائهم.



قدّم السيد لمحاضرته بالقول:
من جملة الدعاوى الزائفة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا، وصار لها من يتبنّاها ومن يدعو إليها هو ادّعاء وجود ولد للإمام المهدي عليه السلام باسم _احمد إسماعيل_ وأنّ هذا الولد هو اليماني _وهو أول الممهّدين للدولة المهدوية_ بحسب ادعائهم.
لذلك نحن نقف عند هذه الدعوة حتى نحصّن أنفسنا تحصينا تامّاً مما يدّعيه هؤلاء، وأوّل نقطة نحتاج أنْ نقف عندها هي أنّ الإمام في زمن غيبته هل له ذرية أساساً، بحيث لو ادّعى شخص أنّه من ذريّة الإمام، فهل هناك مجال لسماع دعواه، أو أنّ الإمام لا ذريّة له في زمن غيبته؟.
ثم انطلق السيد المحاضر بشرح محاور محاضرته رداً وتفنيداً وقد كانت هذه المحاور:
1. لا ملازمة بين الزواج وبين وجود الذريّة.
2. عدم صحة رواية (ولايطّلع عليه أحد من ولده ...).
3. رواية (يأتي بأهله وعياله) يكون مصداقها بعد ظهوره عليه السلام المقدس.
4. ما جاء في الزيارات لا يثبت توقيت وجود الذريّة.
5. رواية (وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) تثبت عكس ما يدّعيه المدّعون.
وإليك عزيزي القارئ موجزاً بالمحاضرة:
1. كون أنّ للإمام المهدي عليه السلام ذرية من زواج غير ثابت:
إنّ أصحاب المدّعي يستدلون عن ذلك بأدّلة منها: أنّ الزواج مستحبّ، والإمام عليه السلام لا يترك مستحباً كما لا يترك واجباً، ومقتضى ذلك أنْ يكون متزوجاً، وإذا كان كذلك كانت له ذريّة بمقتضى الوضع الطبيعي.

وهنا نقول: إنّ هذا الدليل مزيّف من ناحيتين.
الأولى: إنّ النكاح وإنْ كان حكمه الاستحباب، إلاّ انّ ذلك الاستحباب هو الحكم الاوّلي له ولكنّه وبحسب العوارض الطارئة عليه قد يكون واجباً، وقد يكون مكروهاً، أو حراماً، كما في حالة الجمع في الزواج بين فاطميتين مثلاً فهو مكروه.
وثانياً: إننا لو سلّمنا باستحباب الزواج وسلّمنا بأنّ الإمام متزوج، فما هي الملازمة بين الزواج ووجود الذريّة. مع احتمال التدخّل الغيبي للحيلولة دون وجود ذريّة له لأجل الحفاظ على غيبته التامة.
2. رواية (ولايطّلع عليه أحد من ولده ...) رواية باطلة:
يستدل هؤلاء المدعون بدليل آخر هو رواية جاءت عن الإمام الصادق عليه السلام عن طريق المفضّل بن عمر، تقول الرواية (إنّ لصاحب الأمر غيبتين احداهما تطول ...) حتى يقول عليه السلام (ولا يطّلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلاّ المولى الذي يلي أمره).
فذيل الرواية هذه _وحسب ادعائهم_ يدل دلالة واضحة على وجود ولد للإمام عليه السلام.
وهنا نقول، إنّ الكتب المعتمدة في هذا المجال تقول إنّ هذه الرواية مصحّفة، يعني حدث تغيير في كلماتها، حيث رويت بكتاب (الغيبة) للشيخ النعماني، هكذا (...ولا يطّلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره).
وهكذا فهي لا تصح دليلاً على ماذهبوا إليه.
3. رواية (بأهله وعياله) ناظرة إلى ما بعد الظهور:
فقد جاءت العبارة برواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: (يا أبا محمد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله).
وهنا نقول إنّ الرواية ناظرة إلى مرحلة ما بعد الظهور وذلك بعد أنْ يتسلّم زمام الأمور بعد ظهوره عليه السلام.
ودليلها ذيلها حيث سؤال أبي بصير: ماذا يكون أمر أهل الذمة، أي عندما تكون بيده عليه السلام الحكومة والدولة ومقاليد الأمور، فكيف يتعامل عليه السلام مع أهل الذمّة، وماذا يكون أمرهم، فيقول عليه السلام: سيسالمهم كما سالم جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإنّه مع ذيل الرواية ولأكثر من قرينة نفهم أنّ الرواية ناظرة إلى ما بعد الظهور، فلا يصح أنْ يستند إليها لإثبات وجود الذريّة في مرحلة ما قبل الظهور.
4. الروايات الواردة في الزيارة لا يثبت كون الذريّة قبل الظهور:
حيث جاء في الزيارة نص يقول:
(اللّهم صلّ على ولاة عهده وعلى الأئمّة من ولده).
فظاهر القول أنّ الإمام له ولاة، أئمة من ولده.
أمّا النص الآخر فيقول:
(واعطه في نفسه وذريته ...).
وهنا نقول إنّ النصّين غاية ما يثبتانه أصل وجود الذرية للإمام عليه السلام، وأما انّ هذه الذرية موجودة الآن أو أنّها ستوجد بعد ظهوره عليه السلام، فالنصّان قاصران عن إثبات ذلك.
5. رواية (وصية الرسول) لا تخدم ادّعاء المدّعين:
وأقوى ما يحتج به هؤلاء المدّعون هو الوصيّة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي يرويها الإمام الصادق عليه السلام.
عن أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بها أمير المؤمنين عليه السلام، وهي وصية جاء في أوّلها:
(يا علي إنّه سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً) الى أنْ يقول صلى الله عليه وآله وسلم:
(فإذا حضرته الوفاة _الإمام المهدي عليه السلام_ فليسلمها إلى أبنه أوّل المقربين ثلاثة أسامي أسم كأسمي وأسم كأبي أحمد وعبدالله،و الاسم الثالث المهدي).
وهنا نقول انّ هذه الرواية، عليها أربع ملاحظات وهي:
- إنّ سندها مشتمل على عدّة مجاهيل، وهي أسماء لم يذكر لهم أثر في علم الرجال، ولا في علم التاريخ، فهم أسماء وهمية لا يعلم عنها شيء. كذلك لا نعلم من أين جاءت وكيف وصلت مما يوجب وهنها.
- إنّ هذه الرواية متهافتة، وتهافتها يدل على أنّها ليست صادرة من المعصوم، فهو عليه السلام لا يمكن أنْ يتحدّث بالتهافت.
فالرواية في أولها تقول:
(سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً، وبعده اثنا عشر مهديّا وأنت يا علي أوّل الأئمة الاثني عشر سمّاك الله في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي ولا تصح التسمية بها لأحد غيرك).
وهي في آخرها تقول:
(فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه أوّل المقربين وله ثلاثة أسماء اسم كاسمي واسم كاسم أبي احمد وعبد الله والاسم الثالث المهدي).
فكيف نفرّق بين هاتين الفقرتين المتهافتتين المتكاذبتين (اسم الإمام أمير المؤمنين ولا تصح التسمية لغيره) وبين آخرها (احمد بن الإمام المهدي يقول اسمه الثالث المهدي).
- ثمّة ملاحظة أخرى على رواية الوصية هذه فإنّها تقول (سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً) بمعنى أنه بعد أنْ تتمّ فترة الأئمة الإثني عشر تبدأ فترة المهديين، هذا أمر، امّا الأمر الآخر فإنّها _أي الرواية_ تقول (فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه أوّل المقربين منه. وعليه فإنّ (احمد) المذكور في الرواية، ستكون بيده مقاليد الأمور بعد وفاة الإمام، بينما الذين يدّعون المهدوية، فإنّهم يدّعونها في زمان وجود الإمام، وهذه الرواية نفسها تكذّبهم وتبيّن زيفهم.
- وهناك ملاحظة أخرى على الرواية أثارها الشيخ الحر العاملي في كتابه (الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) يقول فيها إنّ هذه الرواية التي تدل على وجود مهديين بعد الإمام المهدي عليه السلام لهم الأمر أو أنّ هناك أئمّة من ولده عليه السلام، معارضة على قلتها وندرتها وشذوذها للروايات المتواترة التي تدلّ على أنّ الأمور بعد الإمام المهدي عليه السلام ستكون بيد الأئمّة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولسيد الشهداء الحسين عليه السلام بوجه الخصوص، كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سئل عن الرجعة حيث قال عليه السلام (ويقبل الحسين بن علي عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبياً كما بعثوا مع موسى بن عمران عليه السلام فيدفع إليه الخاتم، ويكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله وحنوطه وكفنه ويواريه في ملحودته.
فالذي يتكفّل الأمر بعد الإمام المهدي هو الإمام الحسين عليه السلام وليس ذريّة الإمام المهدي عليه السلام.
إذن ومن جميع ما تقدّم نقول إنّ كلّ من مدّعي وجود ذرية للإمام المهدي عليه السلام في زمن الغيبة الكبرى لا يمتلك دليلاً واحداً على وجود هذه الذريّة.

السيد ضياء الخبّاز


تساؤلات عن الإمام المهدي عليه السلام

Image may be NSFW.
Clik here to view.
تساؤلات عن الإمام المهدي عليه السلام

كثير ما تثار الأسئلة والاستفهامات حول قضية الإمام المهدي عليه السلام وحياته، ومن تلك الأسئلة: أين يعيش المهدي؟ متى يظهر؟ ما هو تكليف المؤمنين تجاهه وتجاه الأحكام الشرعية في زمن الغيبة؟ ما هي الحوادث الكائنة عند ظهوره وبعد ظهوره؟ أمّا أين يعيش ؟ فنقول: فأين يعيش الخضر؟

كثير ما تثار الأسئلة والاستفهامات حول قضية الإمام المهدي عليه السلام وحياته، ومن تلك الأسئلة:
أين يعيش المهدي؟ متى يظهر؟ ما هو تكليف المؤمنين تجاهه وتجاه الأحكام الشرعية في زمن الغيبة؟ ما هي الحوادث الكائنة عند ظهوره وبعد ظهوره؟
أمّا أين يعيش ؟ فنقول: فأين يعيش الخضر؟
نحن نسأل القائلين ببقاء الخضر وغير الخضر عليه السلام ممّن يعتقدون _بحسب رواياتهم_ بقاءهم، فهؤلاء أين يعيشون؟ فالمسألة ليست مسألة، أنّ الإمام أين يعيش!
وأمّا الحوادث الكائنة عند ظهوره وبعد ظهوره؟.
فتلك حوادث وقضايا مستقبلية وردت بها أخبار، وتلك الأخبار مدوّنة في الكتب المعنيّة.
والشيء الذي أراه مهمّاً من الناحية الاعتقادية والعملية، وأرجو أنْ تلتفتوا إليه هي أنْ تلاحظوا إذا كانت غيبة الإمام عليه السلام لمصلحة أو لسبب، ذلك السبب إمّا وجود المانع وإمّا عدم المقتضي، أي أنّ غيبة الإمام عليه السلام إمّا هي لعدم المقتضي لظهوره أي لعدم وجود الأرضية المناسبة لظهوره، أو لوجود الموانع عن ظهوره. فوجود الموانع وعدم المقتضي كان السبب في غيبة الإمام عليه السلام، وهذا واضح. إنّا لا نعلم أنّ المانع متى يرتفع، ولا نعلم أنّ المقتضي متى يتحقق ويحصل، ولذا ورد في الروايات: (إنّما أمرنا بغتة).
فظهور الإمام عليه السلام متى يكون؟ يكون حيث لا يكون مانع وتتمّ المقدمات والأرضية المناسبة لظهوره .
وهذا متى يكون ؟ العلم عند الله سبحانه وتعالى، فيمكن أن يكون غداً، ويمكن أن يكون بعد غد، وهكذا، هذه نقطة.
والنقطة الثانية: إنّ في رواياتنا أنّ حكومة المهدي ستكون حكومة داود عليه السلام، إنّه يحكم بحكم داود عليه السلام، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والايمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، وأيّما رجل قطعت له قطعة فإنّما أقطع له قطعة من نار).
أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا تخاصم إليه رجلان على أيّ شيء، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم يطلب من المدعي البيّنة، وحينئذ إنْ أقام البيّنة أخذ الشيء من المدعى عليه وسلّمه إلى المدعي، وهذا الحكم يكون على أساس البيّنة، يقول رسول الله إنّما أقضي عليكم إنّما أقضي بينكم بالبيّنة، أمّا إذا كانت البيّنة كاذبة والمدعي أقامها وعن هذا الطريق تملّك الشيء، فليعلم بأنّ الشيء هذا قطعة من النار، بمعنى أنّ وظيفتي أنْ أحكم بينكم بحسب البيّنة، لكن أنت أيّها المدعي إنْ كنت تعلم بينك وبين ربّك أنّ الشيء ليس لك، فلا يجوز لك أخذه.
إذن، يكون حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحكم الإسلامي على أساس القواعد المقرّرة، وهذه هي الأدلة الظاهرية المعمول بها.
فإذا جاء المهدي عليه السلام، لا يأخذ بهذه القواعد والأحكام الظاهرية، وإنّما يحكم طبق الواقع، فإذا جاء ورأى أنّ الشيء الذي بيدي هذا الشيء الذي بحوزتي هو لزيد، أخذه منّي وأرجعه إلى زيد، وإذا علم أنّ هذه الدار التي أسكنها ملك لعمرو أخذها منّي وأرجعها إلى عمرو، فكلّ حقّ يرجع إلى صاحبه بحسب الواقع.
وعلى هذا ، إذا كان ظهور الإمام عليه السلام بغتة، وكان حكمه بحسب الواقع ، فنحن ماذا يكون تكليفنا فيما يتعلّق بنا في شؤوننا الداخلية والشخصية؟ في أُمورنا الاجتماعية؟ في حقوق الله سبحانه وتعالى علينا؟ وفي حقوق الآخرين علينا؟ ماذا يكون تكليفنا وفي كلّ لحظة نحتمل ظهور الإمام عليه السلام، وفي تلك اللحظة نعتقد بأنّ حكومته ستكون طبق الواقع لا على أساس القواعد الظاهرية؟ فحينئذ ماذا يكون تكليف كلّ فرد منّا؟
وهذا معنى (أفضل الأعمال انتظار الفرج).
وهذا معنى ما ورد في الروايات من أنّ الأئمّة عليه السلام كانوا ينهون الأصحاب عن الاستعجال بظهور الإمام عليه السلام، إنّما كانوا يأمرون ويؤكّدون على إطاعة الإنسان لربّه وأنْ يكون مستعدّاً لظهور الإمام عليه السلام.
وبعبارة أُخرى: مسألة الانتظار، ومسألة ترقب الحكومة الحقّة، هذه المسألة خير وسيلة لإصلاح الفرد والمجتمع، وإذا صَلُحنا فقد مهّدنا الطريق لظهور الإمام  عليه السلام، ولأنْ نكون من أعوانه وأنصاره.
ولذا أمرونا بكثرة الدعاء لفرجهم عليهم السلام، ولذا أمرونا بالانتظار لظهورهم، هذا الانتظار معناه أنْ يعكس الإنسان في نفسه ويطبّق على نفسه ما يقتضيه الواقع، قبل أنْ يأتي الإمام عليه السلام ويكون هو المطبِّق، ولربّما يكون هناك شخص يواجه الإمام عليه السلام ويأخذ الإمام منه كلّ شيء، لانّ كلّ الأشياء التي بحوزته ليست له، وهذا ممكن.
فإذا راقبنا أنفسنا وطبّقنا عقائدنا ومعتقداتنا في سلوكنا الشخصي والاجتماعي، نكون ممهّدين ومساعدين ومعاونين على تحقّق الأرضية المناسبة لظهور الإمام عليه السلام.

السيد علي الميلاني

الإمام المنقذ عليه السلام وظروف غيبته

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الإمام المنقذ عليه السلام وظروف غيبته

إذا أراد الله أمراً هيّأ له أسبابه التي تؤدي إلى أنْ يكون في حيّز التنفيذ وعلى ساحة التطبيق، وقد شاء الله تعالى وفي مسيرة مشروعه المقدس، مشروع رسالة الرحمة وسلسلة الإمامة المحمدية بجميع حلقاتها، ومنها إمامة الإمام المهدي عليه السلام.


وقد شاء الله عزوجل أنْ تكون إمامة هذا الإمام عليه السلام وإلى أنْ يأذن الله له بالظهور ليست علنية بل سرية، لما كان من الظروف في وقتها، والله أعلم بما كان وبما سيكون، فقد كان الخوف على حياة الإمام من تربّص الحكّام، وخاصة حكام بني العباس وما فعلوه من متابعة لجواري أبيه الحسن العسكري عليه السلام وسجنهن.
وهكذا كان، احتياطات وضعت من قبل أولياء الله في أرضه، أئمة آل محمدN في التمهيد والتحضير لأنْ تكون فترة ولادة الإمام المهدي عليه السلام وقبلها حمل المباركة والدته محاطة بالكتمان، كما بدأ بذلك التمهيد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تخطاه إلى أنْ تكون ولادته المباركة في النصف من شعبان عام 260هـ سرية أيضاً بل غاية في السرية.
بعدها عاش الإمام خمس سنوات في ظل رعاية أبيه الحسن العسكري عليه السلام ونهل من روحانيته مؤيداً بروح القدس، ولكنه كان مختفياً عن الناس لا يراه أحد إلاّ خواص الشيعة وبعض مواليه المطّلعين على أمر ولادته، وبعد ذلك تصدّى الإمام لمسؤولية الإمامة بعد استشهاد أبيه سنة 260هـ، والتي منها بدأت الغيبة الصغرى له ولم يكن يظهر لأحد كذلك، وكان أسلوب اتصاله بالخاصة فقط بأسلوب خفي وسري للغاية، فهم واسطة الاتصال بينه وبين باقي الشيعة والمريدين، يلتقون بهم ويعرضون بواسطتهم حاجاتهم للإمام عليه السلام وعن طريقهم فقط يأتي الردّ.
لقد كان طابع هذه اللقاءات إذن السريّة والحذر الشديدين وهكذا اقتضت الإرادة الإلهية.
وهكذا كانت ظروف الغيبة الصغرى للإمام عليه السلام، وكانت هي فترة النيابة الخاصّة، حيث يتم اتصال الناس بإمام العصر عليه السلام عن طريق أربعة نواب هم على التوالي:
1. أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الأسدي من 260 إلى 280هـ.
2. محمد بن عثمان بن سعيد العمري من 280 إلى 305هـ.
3. أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي من 305 إلى 326هـ.
4. أبو الحسن علي بن محمد السمري من 326 إلى 329هـ.
وبنهاية نيابة السمري انتهت الغيبة الصغرى للإمام عليه السلام، وكذلك بوفاة هذا النائب واقتضت إرادة السماء أنْ تبدأ عندها الغيبة الكبرى، وهي مستمرة لحد هذا الوقت أو ما بعده حسبما يشاء الله.
وتبقى ولاية الأئمة عليهم السلام في الأرض هي المتصرفة في أسلوب الولاية وطريقتها، فقد أوعز الإمام عليه السلام إلى نائبه الرابع (السمري رحمه الله) أنْ لا يوصي إلى نائب بعده، فإنها الغيبة الكبرى وانّ غياب الإمام عليه السلام مستمر، وانّ اتباع الناس سيكون لنواب الإمام عامّة، وإنّ أي فقيه عادل يكون صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أنْ يقلدوه، يأخذون منه الفتوى في فروع دينهم ريثما يأذن الله للإمام عليه السلام بالظهور.
وانّه ولحد هذا الوقت فإنّ المؤمنين ينتظرون الإمام المخلّص، ذلك الإمام الغائب عن الأنظار الحاضر في الحقيقة، خلف الأوصياء والأنبياء، الموعود بوراثة الأرض، المهدي إلى أمر أراده الله خيراً للعالمين جميعاً، الحجة على العباد، حيث لا تخلو الأرض من حجة، فهو حجة الله على العباد جميعاً، وهو بحق صاحب العصر والزمان والموكل به حتى يكون ظهوره المقدّس ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

شخصيات عصر الظهور

Image may be NSFW.
Clik here to view.
شخصيات عصر الظهور

وهذه التسمية أيضاً قد تكون رمزية وقد وردت فيه رواية في (غيبة الطوسي), عن حذلم بن بشير عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام المهدي عليه السلام وعرّفني دلائـلـه وعلاماته فقال: سيكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة, ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق. ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند,ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبه بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى ...

الشيصباني:
وهو وصف يعبر به الأئمة الأطهار عليهم السلام عن الطواغيت والأشرار, وقد ورد فيه حديث في (غيبة النعماني) عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سالت أبا جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) عن السفياني فقال: (وأنّا لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني يخرج بأرض كوفان, ينبع كما ينبع الماء فيقتل وفدكم فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم عليه السلام). أي إن الشيصباني يخرج في العراق (أرض كوفان), ويكون خروجـه أي ثورته فجأة بنحو غيـر متوقع (ينبع كما ينبع الماء) وأنّه يكون طاغية سفاكاً يقتل المؤمنين.


عـوف السلمـي:
وهذه التسمية أيضاً قد تكون رمزية وقد وردت فيه رواية في (غيبة الطوسي), عن حذلم بن بشير عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام المهدي عليه السلام وعرّفني دلائـلـه وعلاماته فقال: سيكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة, ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق. ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند,ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبه بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي, ثم يخرج بعد ذلك, إنّ خروج شعيب ابن صالح في هذه الرواية من سمرقند يخالف المصادر الشيعية التي تقول إنّه من أهل الري ولكن يمكن أنْ يكون المقصود أنّ أصله من سمرقند, أما الجزيرة فالمقصود بها هنا ليس جزيرة العرب وإنما مايسمى (بادية الجزيرة) والتي تقع عند الحدود العراقية السورية وتسمى جزيرة ربيعة, في حين أنّ الرواية تنص على أنّ مأواه تكريت (كما في غيبة الطوسي) بينما ذكرت بعض المصادر التأريخية أنّ مأواه بكويت أو بكريت.
التقييم:

شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثانية

Image may be NSFW.
Clik here to view.
شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة الثانية

(سلام على آل ياسين) هذه الفقرة هي فقرة قرآنية حيث قال تعالى (سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ ياسينَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنينَ) وقد فسرت هذه الآية بأهل البيت عليهم السلام، ونصّت على ذلك جملة وافرة من الروايات، بل بوّب لها المحدّثون أبواباً مستقلة، كما صنع ذلك صاحب (البحار) حيث قال رحمه الله: (باب إنّ آل يس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم) وأخرج فيه مجموعة من الأخبار التي تنص على ذلك،

ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح إلى هذه الفقرة (فتقولوا كما قال الله تعالى: سَلاَمٌ عَلَىٰ آلِ يَس، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ).
تتحدث الفقرة الشريفة عن جملة من الأبحاث، نسلط الضوء على بعض منها:
1. أنّ الحديث الذي تتضمنه الزيارة الآتية هو قول الله سبحانه وتعالى، لابدّ لمن يريد التوجّه إلى الله والإمام من التوجه به، فهو حديث إلهي على لسان الإمام  عليه السلام.
2. (سلام على آل ياسين) هذه الفقرة هي فقرة قرآنية حيث قال تعالى (سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ ياسينَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنينَ) وقد فسرت هذه الآية بأهل البيت عليهم السلام، ونصّت على ذلك جملة وافرة من الروايات، بل بوّب لها المحدّثون أبواباً مستقلة، كما صنع ذلك صاحب (البحار) حيث قال رحمه الله: (باب إنّ آل يس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم) وأخرج فيه مجموعة من الأخبار التي تنص على ذلك، وقد رويت اخبار كون إل ياسين هم محمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم من طرف أبناء العامّة، كما هي من طرفنا، فقد روي عن ابن عباس في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ ياسينَ) أنّه قال أي على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وروى الصدوق في معاني الاخبار قائلاً: (ياسين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحن آل ياسين) وقد روي فيما احتج به الإمام الرض عليه السلام على علماء العامّة أنّه قال لهم (اخبروني عن قول الله عزوجل (يس*وَ الْقُرْآنِ الْحَكيمِ) فمن عني بقوله يس قال العلماء (يس) محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يشك فيه أحد فقال عليه السلام إنّ الله عزوجل أعطى محمداً وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ احد كنه وصفه ... وذلك أنّ الله عزوجل لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء عليهم السلام فقال تبارك وتعالى: (سَلامٌ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمينَ) وقال (سلام على ابراهيم) وقال (سلام على موسى وهارون) ولم يقل سلام على آل نوح، ولم يقل سلام على إبراهيم، ولا قال سلام على آل موسى وهارون، وقال عزوجل (سلام على آل يس) يعني (آل محمد عليهم السلام).
وحيث أنّ الآيات الشريفة قد قرنت أهل البيت عليهم السلام بالأنبياء فلابدّ أنْ تكون لهم مراتب الأنبياء من العلم والعصمة والإمامة والفضيلة.
فابتداء الزيارة بهذا السلام دلالة على ارتباطه عليه السلام بالأنبياء وأنّه وارثهم، وقد نص على ذلك مجموعة من الروايات، منها قول الباقر عليه السلام (إنّ في القائم من أهل البيت عليهم السلام سنّة من خمسة من الرسل، يونس بن متي، ويوسف بن يعقوب، وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام...).

وهناك أخبار أخرى تدل على شباهته عليه السلام بأنبياء أخر.
3. (السلام عليك يا داعي الله) وردت لفظة الداعي في القرآن الكريم في قوله تعالى: (يا قَوْمَنا أَجيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَليمٍ*وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ في‏ ضَلالٍ مُبينٍ).
وقد ذكر ابن منظور في (لسانه): (داعي، داعي الأمة إلى توحيد الله وطاعته ويقال دعاني إلى الإحسان إليك إحسانك إلي).
وقد ورد في الأحاديث والزيارات الشريفة (السلام على الأئمة الدعاة والقادة الهداة) وفي حديث الرض عليه السلام قال: (الإمام أمين الله في خلقه ... والدّاعي إلى الله، والذّاب عن حرم الله، ...).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا أذن الله عزوجل للقائم عليه السلام في الخروج صعد المنبر ودعى الناس إلى نفسه ...).
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (إنّ قائمن عليه السلام إذا قام دعى الناس إلى أمر جديد كما دعى إليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي حديث آخر قال عليه السلام: (ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوه).
وللحديث عن كونه عليه السلام داعياً لله وإنّ من ألقابه (الدّاعي إلى الله)، كما نصت الزيارة على ذلك لابدّ أنْ نلتفت إلى جملة من الأمور وهي أنّ:
1. الدعوة ليست مطلقة بل مقيدة بالدعوة إلى الله في قبال من يدعو إلى غير الله، وأنّ الدعوة إلى الله هي منه تعالى وبأمره كما نص على ذلك الخبر المتقدم.
2. هذه الدعوة هي أطول دعوة شهدتها البشرية من حيث الزمان، فهي دعوة مباشرة وقعت على عاتقه وتشخصت به عليه السلام، وهي إلى الآن لها أكثر من أحد عشر قرناً، ولا نعلم كم ستستمر، نعم قد قاربتها دعوة لبعض الانبياء كدعوة نوح التي استمرت تسعمائة وخمسين عاماً.
3. لهذه الدعوة حالات مختلفة، فمنها الدعوة في الغيبة الصغرى، فلها حيثياتها وأسلوبها ومنهجها وأدواتها وطريقتها في إدارة الناس الى الله سبحانه وتعالى، ومنها الدعوة في الغيبة الكبرى وكذلك لها ما لها، ومنها الدعوة في زمن الظهور وتختلف في بدايته عنها اثناء بناء الدولة، عنها بعد الاستقرار وكلّ لها أدواتها وطريقتها في إدارة الناس ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى.
4. ان هذه الدعوة دعوة إمامة بإمتياز فهي دعوة لولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكذلك هي دعوة براءة ممن لايتولاه. فهي دعوة ذات بعد له خصوصيته ومميزاته ولعل الكثير ممن يؤمن بالإسلام لايستسيغ هذه الدعوة لانه تربى على عكسها فتكون من أصعب الدعوات وعلى حد تعبر بعض الروايات انها دين جديد.

الاعتقاد بظهور الإمام المهدي عليه السلام اعتقاد ديني أصيل

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الاعتقاد بظهور الإمام المهدي عليه السلام اعتقاد ديني أصيل

وإنّ في قلوبهم مرضاً أولئك الذين يظنّون أنّ مسألة المهدوية وانتظار ظهور الإمام المهدي عليه السلام وضعت لتسكين جروح البشرية, بعد تشتت العالم الإسلامي بعد رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانها من صنع الشيعة, فهذه المسألة لاتختص بالإسلام والتشيع, بل ان عقيدة ظهور منج سماوي عظيم هي عقيدة عالمية مشتركة, وهي من المسائل العظيمة والحساسة للمذاهب والأديان, ومن آمال البشرية, التي يتزامن عمرها التاريخي مع عمر الإنسان, ويتزامن عمارها في الإسلام مع عمر الإسلام نفسه.

لاشك أنّ عقيدة ظهور الإمام المهدي عليه السلام اعتقاد ديني ومذهبي أصيل، له جذور قوية قويمة لدى جميع اتباع أديان العالم.
وإنّ في قلوبهم مرضاً أولئك الذين يظنّون أنّ مسألة المهدوية وانتظار ظهور الإمام المهدي عليه السلام وضعت لتسكين جروح البشرية, بعد تشتت العالم الإسلامي بعد رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانها من صنع الشيعة, فهذه المسألة لاتختص بالإسلام والتشيع, بل ان عقيدة ظهور منج سماوي عظيم هي عقيدة عالمية مشتركة, وهي من المسائل العظيمة والحساسة للمذاهب والأديان, ومن آمال البشرية, التي يتزامن عمرها التاريخي مع عمر الإنسان, ويتزامن عمارها في الإسلام مع عمر الإسلام نفسه.
وعلى أساس البشائر الكثيرة الواردة في الكتب المقدسة لأهل الأديان والحاكية عن ظهور منج عظيم, وعد جميع أنبياء الله العظام الناس بظهور مصلح عالمي فإنّ هذه العقيدة مسألة اعتقادية أصلية, ولها جذورها المتأصلة في عمق الوجود الإنساني وقد بلّغ بها الأنبياء، سفراء الله المؤمنون ووضّحوها ورسموها، وحدّدوا علائم الظهور.
(لقد ثبت أنّ الاعتقادات الدينية لها جذور أكيدة في فطرة الناس, ومن هنا يوجد التناسب الكامل بين التعاليم الدينية ومطالب الإنسان الداخلية, فالتعاليم الدينية في الحقيقة هي التي تعين وتؤمن وتكمل خلق البشر.
يعني أنّ العقيدة الدينية لها وجود في عمق فطرة الإنسان, ويوجد هذا الميل الباطني في عمق الإنسان, وهو وإنْ كان كسائر الميول قابلا للزيادة والنقصان, والشدّة والضّعف حسب الظروف, لكنّه لايمكن أنْ ينعدم أصل وجوده).
إنّ المستفاد من الآيات الشريفة والروايات الإسلامية هو: أنّ الدين جزء من طبيعة الإنسان وفطرته ووجوده، جعله الله توأما لها، فالإنسان يدرك او يعقل كليّات ذلك, مثل التوحيد وشكر المنعم والوصول إلى العلّة عن طريق المعلول, لكنّه يحتاج إلى بعث كما جاء في القران الكريم (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتي‏ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْديلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
إذ يستفاد من هذه الآية الشريفة انّ الدين والمذهب بشكل عام أمر فطري وطبيعي, وهو يشكّل جزءاً من ذات البشر وطبيعته وأنّ الله عز وجل خلق الإنسان متائما للدين لاينفك عنه أبداً.
وقال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه).
إذ يستفاد من هذا الحديث لشريف أنّ الأسس الأولية لقبول الدين موجودة في فطرة أطفال البشر, وبإمكان الأب وإلام اللذين يعدان المربيين الأصليين للأولاد أنْ يستفيدا من رأس المال الفطري هذا, ويدينوا أولادهم كيفما يشاؤون, ولو لم يكن طلب المذهب في فطرة الإنسان وطبعه لم يكن تمذهب الآباء مجدياً لأولادهم, ولم يتمسك الإنسان بالدين راغباً طيلة حياته, ولم يتبعه بلا استفسار.
على كل حال كان إيقاظ فطرة البشر وتحرك معنوياته هي أحدى وظائف أنبياء الله العظام, الذين جاءوا ليوردوا الناس لأداء عهد الفطرة, وليذكروهم نعم الله المنسية, وليبعثوا قوى العقل الباطنية بدعوتهم, كما جاء في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام (فبعث الله فيهم رسله, وواتر إليهم أنبياءه, ليستأدوهم ميثاق فطرته, ويذكروهم منسي نعمته, ويحتجوا عليهم بالتبليغ, ويثيروا لهم دفائن العقول...).
إذن عقيدة ظهور الإمام المهدي عليه السلام, أو بتعبير آخر: عقيدة ظهور (المنجي السماوي الكبير), من المسائل القديمة في الأديان وفي الإسلام, ووردت بشكل واسع في الكتب المقدسة لأهل الأديان والمذاهب المختلفة في العالم وسيما في دين الإسلام, ووصلت هذه السعة إلى حد صار يرى نورها عند المتشرعة وغيرهم, فمن المعلوم انها مهمة وحياتية, مثلها كمثل الاعتقاد بالذات المقدسة, فهي عقيدة دينية ومذهبية أصيلة, ولها ميل باطني ومحل راسخ في عمق فطرة الإنسان, فكلما ضاقت الدنيا ببني البشر, وبلغت الأرواح التراقي من ظلم الظَّلمة وطغيانهم, ولم يكن طريق خلاص, ازداد شعورهم بضرورة ذلك المصلح السماوي وأحيوه في قلوبهم...
لهذا توجّهت كل الأديان والمذاهب المختلفة, وبما فيها دين الإسلام المبين, لهذا الميل الباطني والمطلوب النفساني, ووعدت اتباعها بظهور قائد سماوي منج في آخر الزمان.
لقد جاءت بشائر (المنجي الموعود) في الروايات الإسلامية تحت عنوان (المهدي الموعود) صرح بها الأنبياء أولوا العزم عليهم السلام من قبل الإسلام بستين قرنا، قبل 6000 سنة ووصلت إلينا بسلاسل.
إذن لم تكن بشائر (المنجي الموعود) أو بعبارة أخرى (المصلح العالمي) معقلة باليوم وبالأمس أو منذ عشرة قرون أو عشرين قرنا, كما لم تكن مختصة بهذا الدين أو ذاك, أو بهذا الشعب أو ذاك, بل كانت متداولة بين كل الشعوب وبين أصحاب الأديان منذ الزمن الغابر.
ومن الجدير بالذكر هو أنّ أكثر بشائر الظهور التي نقلت عن طريق أنبياء الله قد تحققت ومازال يتحقق بعضها في عصرنا الراهن.
فمن الطريف إنّا نجد عيانا أنّ العشرات من علائم الظهور قد تحققت في زماننا هذا، واحدة تلو الأخرى, والتي جاءت على لسان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل البيت عليهم السلام من قبل 14 قرناً مقدمة لظهور حضرته عليه السلام.

شرح دعاء الندبة/ الحلقة الثالثة عشر

Image may be NSFW.
Clik here to view.
شرح دعاء الندبة/ الحلقة الثالثة عشر

ما زال الحديث متواصلا وشرح فقرات هذا الدعاء الشريف، وقد وصل بنا الحديث إلى الفقرة التالية:
(...ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَالْمُسَوِّمينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَوَعَدْتَهُ اَنْ تُظْهِرَ دينَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَذلِكَ بَعْدَ اَنْ بَوَّأتَهُ مَبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ اَهْلِهِ...).


وتتحدث هذه الفقرة المتصلة مع الفقرة التي سبقتها عن أسباب النصرة وسبلها وعن نماذج التسخير الإلهي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قلنا هناك إنّ هذه السلطة وهذه الأسباب التي توطّيء لهذه السلطة الإلهية، وإنْ كانت قد نسبت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأصالة إلاّ انها تنسحب على الأئمة عليهم السلام كما فصّلناه في شرح الفقرة السابقة.
أمّا هذه الفقرة فالحديث فيها عن نماذج من التسخير الإلهي للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وللإمام عليه السلام، ولنقل نماذج التسخير الإلهي لخليفة الله في الأرض سواء كان نبياً أو وصياً، نعم هناك تفاوت بين ما يسخره الله سبحانه وتعالى لخليفته بحسب مقتضيات الحال والحاجة الفعلية من هذا التسخير، وحيث أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُعمل ويفعّل جميع الإمكانات المتاحة له والمسخرة من قبل الله سبحانه وتعالى إلاّ في بعض الحالات النادرة، بل أنّ الوعد الإلهي بإظهار دينه على الأديان كلها وكما يشهد الواقع الخارجي على ذلك لم يتحقق إلى الآن، وحيث أنّه وعد إلهي قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْميعادَ) فلابدّ أنْ يكون في القادم من الزمان مساحة تحقق هذا الوعد، وحيث أنّه ليس إلاّ الإمام المهدي من خلفاء الله موجود فينحصر وعد التحقق الالهي به، ولا ينافى هذا نسبة إظهار الدين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهما واحد من حيث الوظيفة وإنْ اختلفا شخصاً وفي بعض الخصائص.
يحدثنا المقطع الندبي المبارك عن أنّه بعد أنْ وطّأ الله سبحانه للنبي الأكرم المشارق والمغارب وأودعه علم ما كان وما يكون إلى انقضاء الخلق، فقد احتاج هذا إلى آليات وأدوات قسم منها يرتبط بالخارج والحركة الميدانية، وقسم منها يرتبط بالروح والحركات النورانية والعلمية، فذكر المقطع بعض هذه النماذج والتي منها (النصر بالرعب)، وقد تحدثت كثير من الأخبار عن هذا المعنى، إذ أشير في بعض منها إلى أنّ الرعب يسير قبل الإمام المهدي عليه السلام مسيرة شهر كامل، ولك أنْ تتصور جيشاً يقوده الإمام يخترق أسوار النفوس قبل أسوار البلدان، ويرعب الأعداء فيزلزل أهم وجود لديهم يمكن أنْ يحقق لهم النصر، ذلك هو الوجود المعنوي الذي يعتبر العمود الفقري في انتصار الجيش أو انهزامه، وفُسر الرعب في اللغة أنّه الفزع والخوف من القادم.
ثم ذكر المقطع نحواً آخر من أدوات التسخير وهو (الحف) والذي يعني الإحاطة، وهو من أفضل أنواع أسباب الانتصار، فلك أنْ تتصور القائد وهو محاط بأشخاص ذوي كفاءة وحنكة وبسالة وشجاعة، فكيف تكون تلك الروح المعنوية التي يلقيها على الآخرين من خلال ما يتمتع به من مركزية بسبب حالة الحف والإحاطة، وانظر إلى من هم الذين يقومون بهذه الحالة، إنّهم جبرائيل، وميكائيل، و(المسومّين) من الملائكة، وحيث أنّ المُسوّم يراد منه ذو العلامة التي لابدّ أنْ نلحظها بمقتضى سياقات الدعاء، إنّه مجهّز ومستعد ومعد بكافة الاستعدادات التي تؤهله لتحقيق الهدف، هذا من حيث البعد الميداني، أمّا من حيث البعد المعنوي فتلاحظ إنّما سخره الله سبحانه هو حالة الإظهار والإبراز والبيان، وهو وعد لايخلف ولن يخلف وهو وعد الإظهار، فبمجموع هذه العوامل، عوامل التجهّز الظاهري والمعنوي لابدّ أنْ تتحقق النتيجة، وهي الإظهار، ليأتي بعد ذلك المقطع ويرفد هذه الحالة بما يركّزها بشكل أقوى وأوفر، حيث يقول كل ذلك لم يأت إلى أنْ جاءت حالة التبوّء الصدقي التي هي حالة الاستحكام والتمكّن بصدق من أقرب شيء إليه وهم الأهل.
فيريد أنْ يحدّثنا المقطع الآنف الذكر إنّ أسباب النصر والإظهار للدين من جميع نواحيها هي مهيئة من أول حالة وهي حالة الاستمكان والسيطرة والتبوّء الصدقي التي تمثل القاعدة للانطلاق إلى حالة التمكن من الوسائل الخارجية والميدانية وتجهيزها بكل ما من شأنه تحقيق الهدف إلى حالة القدرة المعنوية والثبات والرسوخ الداخلي إلى حالة الزلزلة عند الأعداء وإيجاد الروح الانهزامية والانكسار النفسي، فهنا يتحقق الهدف لا محالة، مهما كان الهدف المراد تحقيقه ومهما كانت المساحة المراد نشر الهدف فيها.

تلاعب ادعياء المهدوية بالنصوص قديماً وحديثاً

Image may be NSFW.
Clik here to view.
تلاعب ادعياء المهدوية بالنصوص قديماً وحديثاً

إنَّ حقيقة التحريف وتحريف الحقيقة أمر واقع في المجتمع البشري وعلى جميع المستويات ومختلف الأنواع، وما يهمّنا هو: تلاعب الأدعياء وتحريفهم للنصوص المهدوية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام ، محاولة منهم للتسلّق على أكتاف البسطاء من الناس ونيل حظّ من متاع هذه الدنيا الدنية.


ولا غرابة في ذلك فقد تعرَّض النصّ الديني والعقائدي عموماً إلى الكثير من تزوير الحقائق وطمس المعالم وبأشكال مختلفة، فتارةً عن طريق الزيادة والنقصان في النصّ لكي تضيع دلالته ويفقد برهانه، وأخرى عن طريق وضع الحديث المعارض، وثالثة عن طريق تحريف المعنى الجدّي والمراد من قبل أهل البيت عليهم السلام .
وهذه كلّها محاولات بائسة يائسة لا يمكن أنْ تطفئ نور الحقيقة الناصعة الصادحة بأحقّية منهج أهل البيت عليهم السلام ، ولا نكابر ونقول: إنَّها لم تؤثّر، بلى فقد أثَّرت وحرَّفت المسيرة عن الجادّة التي رسمها الله سبحانه لخلقه وعباده، وذلك بتظافر ماكنة الإعلام الحاكم مع ألسنة وعّاظ السلاطين وتثاوبهم، تسبقها الروح الانتقامية والحقد الدفين الذي يعشعش في صدور هؤلاء لكلّ من يتَّسم بالكمال والقرب الإلهي وعلى رأسهم أهل البيت عليهم السلام ، ويكفي لذلك أن نضرب مثلاً واحداً وهو ما رواه ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الإسكافي، قال: روي أنَّ معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتَّى يروي أنَّ هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ 204 وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (البقرة: 204 و205)، وأنَّ الآية الثانية نزلت في ابن ملجم، وهي قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْـرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (البقرة: 207)، فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف فقبل، وروى ذلك.
لذا لا بدَّ من قراءة واعية ودراسة واقعية ومعرفة جدّية بالأساليب والطرق التي يستخدمها مدَّعو المهدوية عبر التاريخ لتمرير مآربهم ومخطّطاتهم للحذر منها والوقاية منها وعلاجها إنْ وجدت، ولا نريد تسليط الضوء على مجمل الأساليب من استخدامهم للشعوذة والرياضات الروحية بل والسحر أيضاً، فلعلَّنا نوفَّق لذلك في موضوع آخر، وإنَّما المهمّ هنا هو بيان تلاعبهم بالنصّ المهدوي لكي يكون المؤمن على بصيرة من أمره في معرفة مدارس الانحراف قديماً وحديثاً حيث يزيد ذلك من تحصينه عقائدياً وسلوكياً.
ونذكر لذلك عدَّة نماذج من التحريف لأدعياء المهدوية قديماً ونترك الحديث عن التحريف والتلاعب حديثاً لحلقة أخرى نخصّ بها تلاعب أحمد إسماعيل كاطع وجماعته بالنصوص، ومن هذه النماذج:
1 _ (اللعن والبراءة) بمعنى الإبعاد عن النار، لمَّا بلغ مسامع الشيخ الحسين بن روح ما آل إليه أمر الشلمغاني وانحرافه وادّعاؤه النيابة عن الإمام عليه السلام وغيرها من المناكير كتب إلى بني بسطام _وكانوا يجلّونه ويحترمونه_ بلعنه والبراءة منه وممَّن تابعه على قوله، وأقام على توليته، فلمَّا وصل إليهم أظهره عليه، فبكى بكاءً عظيماً، ثمّ قال: إنَّ لهذا القول باطناً عظيماً وهو أنَّ اللعنة الإبعاد، فمعنى قوله: لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي، فمرَّغ خدّيه على التراب، وقال: عليكم بالكتمان لهذا الأمر.
ومن خلال هذا النصّ التاريخي يعلم مدى السطحية في التفكير عند بعض المجتمعات، والسذاجة في التعامل مع هكذا نصوص، ولعمري أيّ نصّ جليّ يمكن التلفّظ به أو كتابته أصرح من: (اللعن والبراءة بالنصّ)، ومع ذلك ابتعد هؤلاء عن لغة التحاور المتعارفة عند أهل اللغة من الأخذ بالظاهر فضلاً عن حجّية النصّ، فقلب حقائق اللغة إلى مشفّرات ولغة باطنية تفتح الباب واسعاً جدّاً أمام أيّ تلاعب وتغلق الباب أمام أيّة لغة تخاطب، ولذلك فقد صرَّح الشيخ الحسين بن روح رحمه الله بعمق الشبهة التي ساقها الشلمغاني وأقنع بها جماعته بقوله تعقيباً على دعوة الشلمغاني: (فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد، قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم، ليجعله طريقاً إلى أنْ يقول لهم بأنَّ الله تعالى اتَّحد به وحلَّ فيه، كما يقول النصارى في المسيح عليه السلام).
ووصول الشلمغاني إلى ادّعاء الاتّحاد كان نتيجة لغلق باب التحاور العرفي عند العقلاء، وهذا الأسلوب يستخدمه كلّ صاحب دعوى على مرّ التاريخ، وهنا نلاحظ أيضاً أنَّ الشلمغاني حاول التركيز على معنى واحد، وصبَّ كلّ جهده في التلاعب به، والسكوت عن النصّ الثاني وهو البراءة وإغفاله وكأنَّه لم يرو في الخطاب، وهذا هو أيضاً ديدن المتلاعبين، يحرّفون ما يقدرون عليه، أمَّا غيره فيجعلوه كأنَّه لم يكن، ويتركوه وكأنَّه لم يكتب.
2 _ تحريف لفظ (القائم) الوارد في الروايات إلى أنَّه (إبليس)، حيث قالوا _ومنهم الشلمغاني_: والقائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنَّه من ولد الحادي عشر فإنَّه يقوم، معناه إبليس لأنَّه قال: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ 30 إِلَّا إِبْلِيسَ) (الحجر: 30 و31) فلم يسجد، ثمّ قال: (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16)، فدلَّ على أنَّه كان قائماً في وقت ما اُمر بالسجود، ثمّ قعد بعد ذلك، وقوله: (يقوم القائم) إنَّما هو ذلك القائم الذي اُمر بالسجود فأبى وهو إبليس لعنه الله.
وهذا نموذج آخر من التحريف الفظيع في مجال التخاطب البشري، فترك عشرات النصوص الجليّة في أنَّ القائم هو الإمام المهدي الثاني عشر من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والتشبّث بسراب _لا نستطيع أنْ نقول عنه إنَّ فيه إشارة فضلاً عن الظهور _ لمجرَّد وجود مفردة (قعد)، محاولة بائسة لإسقاط هذا المفهوم وهو القائميّة على هذه المفردة أو استدلال هذا المفهوم منها.
فبهذا الأسلوب وبهذه الطريقة من التحريف والتلاعب في عقول البعض يتمّ التشويش على العقائد بل وعلى المسلَّمات العقلية واللغوية، والتطاول عليها بحجّة الباطنية والغنوصية، وهو أخطر أسلوب عرفته البشرية لقلب الحقائق.


الإمام المهدي عليه السلام ومفهوم الانتظار

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الإمام المهدي  عليه السلام ومفهوم الانتظار

المستفاد من النصوص المتعلقة بالقضية المهدوية أن الانتظار المثاب عليه هو الانتظار المقترن بالإيمان والطاعة, والورع ومحاسن الأخلاق, وإنّ الطاعة التي يمارسها المكلّف في دولة الباطل مع الخوف والاضطراب يكون أجرها اضعافاً مضاعفة على العبادة التي ينجزها في دولة الحق مع الإمام الظاهر من أهل البيت عليهم السلام, وان الصبر على الأذى مع أداء الفرائض تجعل المنتظِر أفضل من اصحاب القائم عليه السلام,

المستفاد من النصوص المتعلقة بالقضية المهدوية أن الانتظار المثاب عليه هو الانتظار المقترن بالإيمان والطاعة, والورع ومحاسن الأخلاق, وإنّ الطاعة التي يمارسها المكلّف في دولة الباطل مع الخوف والاضطراب يكون أجرها اضعافاً مضاعفة على العبادة التي ينجزها في دولة الحق مع الإمام الظاهر من أهل البيت عليهم السلام, وان الصبر على الأذى مع أداء الفرائض تجعل المنتظِر أفضل من اصحاب القائم عليه السلام, والذي يموت على هذه الحال يكون افضل من كثير من شهداء بدر, والحي منهم يكون كالمتشحّط بدمه في سبيل الله . وهذا النمط من المنتظرين يبجّلهم الإمام علي عليه السلام ويشتاق لرؤيتهم , ويخبرنا عن رفيع منزلتهم, وأن الله سيجمعهم وإياه في جنّات عدن ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم.
إن ذلك الانتظار للقائم المنتظر عليه السلام هو الانتظار الايجابي.
وقد اعتمدت نظرية الانتظار الايجابي على ركائز مهمة تهدف برمّتها إلى تطبيق الإسلام المحمدي الأصيل أصولاً وفروعاً, وأداء الفرائض, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والجهاد دفاعاً عن الإسلام, والسعي إلى إيجاد دولة إسلامية في زمن الغيبة, وبناء المجتمع الإسلامي بناء عقائدياً سليماً, وإعداده لنصر القائم عليه السلام إعداداً معنوياً ومادياً, وتمهيد الأرضية الصالحة لظهوره عليه السلام وانشاء دولته العالمية العادلة.
فنظرية الانتظار الايجابي بناءً على ما تقدم تغاير نظرية الانتظار السلبي مغايرة تامة؛ لأنّ الثانية تدعو إلى شل النشاط الإسلامي, وتجميد الطاقات البشرية, وتعطيل الأحكام, والتنصّل من الوظائف الشرعية والإنسانية, وغض النظر عن مظاهر الظلم والفساد الاجتماعي, وإيقاف المسيرة في منتصف الطريق على أمل ظهور القائم عليه السلام لينتشلها من الوحل المغمورة فيه, ويقود ما تبقّى من حطامها نحو الأمن والسلام. وفي هذه الحالة بدلاً من أن يكون المنتظرون أعواناً وانصاراً للقائد يؤازرونه على انجاز مهامّه الرسالية, يكونون عبئاً ثقيلاً عليه، يعيقون حركة سيره باتجاه الأهداف المنشودة.
بينما الأولى تدعو الى مواصلة المسيرة باتجاه الاهداف المرسومة, وعدم التوقف في أثناء الطريق رغم ما يعترض المسيرة من موانع وعراقيل, لأنّ الوقوف والمراوحة في أثناء الطريق يجهض القوى ويعرّض المسيرة إلى موانع وعراقيل وأخطار عظيمة لاتقوى بعدها على اليسر خطوة واحدة إلى الإمام.
واتخذ المؤمنون النظرية _من السر والتقيّة_ اسلوباً للنشاط الاسلامي في تلك الظروف العصيبة الحالكة بناء على توصيات الأئمة الأطهار عليهم السلام، من أجل الحفاظ على سلامة الحركة والحركيين في آن واحد, والتقليل من نسبة الخسائر والتضحيات.. واستطاع هؤلاء بفضل دعم وتوجيهات الأئمة الأطهار عليهم السلام أن يفجّروا ثورات كثيرة سجلّها لهم التاريخ في أنصع صفحاته, وينشئوا دولاً عديدة في شتى أنحاء الوطن الإسلامي على مدى التاريخ.. صحيح أن معظم تلك الثورات قد فشلت ولم تنجز اهدافها كاملة, وأنّها تسببت في قتل عشرات الآلاف من افراد الطائفة الشيعية إلاّ أنها ما كانت تخلو من فوائد جمة.
فهي من جهة قلّمت أظافر الخلفاء الأمويين والعباسيين والحكومات الرجعية, وحجّمت نفوذهم, وقلّصت الكثير من جرائمهم ومآثمهم, لأنها اشعرتهم بأنْ قراراتهم الاجرامية التعسفية سوف لن تمر بسهولة وبدون عقاب. ومن جهة اخرى رسخت جذور التشيع وقواعده في أعماق وجدان المجتمع المسلم, ورفعت المستوى القتالي للأمة الاسلامية, وصعّدت من معنوياتها وروحيتها الجهادية, وزرعت الأمل والثقة بنفسها, ومكنتها من مواجهة اعتى الطواغيت بقوة واقتدار وشجاعة فائقة.

الشيخ كاظم جعفر المصباح

الجاهلية الحديثة ( الثانية):العصبيّة الحديثة تؤسس للجاهلية الثانية

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الجاهلية الحديثة ( الثانية):العصبيّة الحديثة تؤسس للجاهلية الثانية

إسماعيل  شفيعي سروستاني
إن مفردة "التعصّب" تنطوي على مفهوم سلبي وردئ في العلاقات الاجتماعية وذلك بسبب خلفيتها وتجربة الإنسان لمصاديقها. بعبارة أخرى يتم اعتبارها كصفة إنسانية رذيلة ودنيئة تعكس شكلا من التبعية غير المنطقية لأمر ما. لذلك يعتبر التعصب بشكل عام عائقا أمام درك الحق وسببا لتغليب وتفضيل الباطل.

 

إسماعيل  شفيعي سروستاني
إن مفردة "التعصّب" تنطوي على مفهوم سلبي وردئ في العلاقات الاجتماعية وذلك بسبب خلفيتها وتجربة الإنسان لمصاديقها. بعبارة أخرى يتم اعتبارها كصفة إنسانية رذيلة ودنيئة تعكس شكلا من التبعية غير المنطقية لأمر ما. لذلك يعتبر التعصب بشكل عام عائقا أمام درك الحق وسببا لتغليب وتفضيل الباطل.
ولا شك بأن هذا الوجه من التعصب تسبب طوال التاريخ بمشاكل وتداعيات لا تحمد عقباها للبشرية. فضلا عن أن التعصبات غير المحمودة أدت إلى  اندلاع الكثير من الصراعات في مسار توسيع فكر وثقافة الأنبياء الإلهيين العظام. ومن حيث اللغة، فإن التعصب مشتق من العصب وهي اطناب وأوتار تربط مفاصل العظام والعضلات مع بعضها والتعصب والعصبية يدلان على أي انتماء وتبعية فكرية وتطبيقية شديدين يعيقان كشف الحقيقة ودرك الكمالات.
ولا ننسى بأنه لا يجب فقط استنتاج المفاهيم السلبية من هذه الألفاظ والمفردات. فإن تم استخدام الاطناب والألياف التي تربط العظام والعضلات في محلها وبطريقة مؤاتية فانها تضفي قواما وجمالية على الأعضاء والجسم ، مثلما أن التعصب في محله وأوانه يسهم في تقويم وتصويب الأعضاء الاجتماعية والعلاقات الثقافية.
ولذلك فإن التعصب ينقسم إلى  قسمين إيجابي وسلبي أو بالأحرى  مذموم ومحمود. بحيث أن الانتماءات الجهوية وغير العقلانية والعرقية والقبلية والحزبية تعتبر تعصبا مذموما أو جاهليا وفي المقابل فإن الانتماء الواعي للدين والعلاقات الحقة، تعتبر تعصبا وحمية ممدوحة.
ويتطرق أمير المؤمنين الإمام علي (ع) في "الخطبة القاصعة" إلى  الوجهين المذموم والمحمود للتعصب ويقول: " فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وَأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ... "؛ ومن ثم يقول: "فإن كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ وَمَحَامِدِ الْأَفْعَالِ..."؛
وهذا يشكل مصدر ومنشأ الحمية والتعصب التي تبرز في مفهومين ووجهين وبعدين إيجابي وسلبي، محمود ومذموم. ومثلما أن دوام وبقاء الرذائل الأخلاقية الفردية والجماعية يستمدان قوتهما من غيرة أصحاب الحمية  والتعصب، فإن دوام وبقاء مكارم الأخلاق ومحامد الأفعال الفردية والجماعية يستمدان قوتهما من غيرة أصحاب الحمية الممدوحة. وربما لهذا السبب قال النبي الأكرم (ص): "إنَّ الغَيرة مِن الإيمان".  وهنا يعتبر النبي الأكرم (ص) الغيرة والتعصب نابعان من الإيمان وفي مكان آخر يقول عليه السلام: "مَن تَعَصَّبَ أو تُعُصِّبَ لَهُ فقَد خَلَعَ رِبْقَ الإيمانِ مِن عُنُقِهِ"، 
وجئت بهذه المقدمة لأقدم تعريفا عن هذه "الصفة"، ليتضح بأن المعاني والمفاهيم  المترتبة عليها هي ذو بعدين و وجهين. رغم أن العصر الحاضر وبسبب سيادة الثقافة الغربية عليه أصبح في الظاهر ينبذ أي تعصب، لكنه يدعو الجميع في الباطن إلى  التعصب تجاه عدم الحمية والغيرة وتكريم الخصائل المذمومة والتعاليم العملية والثقافية الغربية ويعتبر العدول عنها مؤشرا على التخلف والتحجر ويصف المتدينين من أصحاب الغيرة والحمية بالمتعصبين والمتحجرين.
ويقول الإمام السجاد (ع):
"وأن العصبية التي يأثم صاحبها : أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ، ولكن من العصبية أن يُعين قومه على الظلم"؛
إن ما جعل العصبية تكون مذمومة لدى رسول الله (ص) واعتبرها مؤشرا على الجاهلية هو وجهها المذموم إذ إن عرب الجاهلية كانوا يستندون إلى  الأواصر القبلية والقومية ليحولوا دون انكشاف الحقيقة وسريان السُنن الممدوحة ومعاقبة الظالم. إن مظلومية أو عزلة السُنن في هكذا عصبيات تؤدي في الحقيقة إلى  رسوخ الجاهلية التي أنزِل القرآن الكريم وبُعِث رسول الله (ص) من أجل نسخها. لذلك فإن النبي الأكرم (ص) ولإضعاف وتقويض هذه العصبيات يقول:
"من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية"؛
إن جزءا كبيرا من حياة وجهاد رسول الله (ص) والمسلمين المؤمنين في صدر الإسلام خصص لمكافحة هذه العصبيات الجاهلية التي كان يتبعها العرب بسبب المنشا الثقافي والنظام القبلي وكانوا يُعرَفون بهذه الصفة المذمومة.
إن ما كان [ومايزال] يؤدي إلى  خروج أهل العصبية المذمومة من صفوف المؤمنين هي النسبة التي أقيمت مع إبليس بواسطة التعصب، لأن هذه الصفة المذمومة تضرب بجذورها في الطبيعة والخصلة الباطلة لكائن غير رحماني.
إن إبليس ومن خلال مقارنة نفسه بآدم (ع) وهي مقارنة لا أساس لها ، كان يعتبر أن أمرا اعتباريا هو سبب رجحانه وأفضليته وكان يصر عليه من دون حجة حقيقية وإلهية. وأصبح إبليس بسبب هذه الغيرة المذمومة، مستعدا للدخول في مواجهة مع الله سبحانه وتعإلى  الذي هو منشأ ومصدر كل قيمة وتحديد حدود الحق والباطل.
وعن الإمام الصادق (ع):
"إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم ، وكان في علم اللّه أنّه ليس منهم ، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب ، فقال : . . . خلقتني من نار و خلقته من طين"؛ 
إن العصبية المذمومة وضحت موقع الشيطان لدى مشاهدته آدم وفصلته عن مرتبة وصفّ الملائكة. إن العصبية تزيح في الحقيقة الستار عن ما في النفس لتتضح مكانة ومرتبة كل كائن.
ويقول الإمام علي (ع) في الخطبة 192:
"أمّا إبليس فتعصّب على آدم لاصْله، وطعن عليْه في خلْقته، فقال: أنا ناريٌّ وأنْت طينيٌّ".
إن ظهور هذه الصفة المذمومة لدى إبليس جعلته يكون في صدارة من أظهر العصبية وتبع الحمية، لكي يتم مذاك فصاعدا التعرف على الرجال والنساء الذين يتفاخرون ويتباهون باعتبارات قومية وقبلية ونسبية وما شابهها، ويعتبرون أنهم يتمتعون بموقع أرفع وحق أسمى من الآخرين، وبالتالي فصل صفوفهم عن صفوف الآخرين.
إن ما أدى إلى  طرد إبليس من رحمة الله هو العصيان والعصبية. وهذا ما جعله يستأهل ويستحق طبعا اللعنة والرجم.
ولا يخفى بأن هذه العصبية المذمومة والتي تفتقد إلى  المصداقية الشرعية والعقلية، ادت إلى  كسر نطاق السلامة والعبودية ولجوء إبليس إلى  العصيان والتمرد. فقد طُرِد إبليس من صف عباد الله الصالحين لأنه استكبر واحجم عن السجود لآدم (ع) وانخرط في صفوف المتمردين والعاصين. ويعتبر الإمام السجاد (ع) في رواية ملفتة، العصبية المذمومة بانها وراء ارتكاب الذنوب ويذمها فيقول عليه السلام:
"العَصَبيةُ التي يأثَمُ عليها صاحبُها"؛
والمقصود من العصبية [المذمومة] هي أن الشخص التي يتصف بها، يصبح آثما. أي إنه يبلغ مرحلة يرى فيها الرجل شِرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، ويذهب أبعد من ذلك فيُعين قومه على الظلم.
ويشير الإمام السجاد (ع) إلى  ثوران وفوران هذه العصبية. فالمتعصب يتجاهل بداية الحق من دون سبب عقلي وشرعي ويناصر الباطل، ويرتكب الإثم والذنب، لكنه يصبح شريكا في ظلم فريق في سياق الدفاع عن القوم والقبيلة والحزب ويؤدي إلى  حدوث مفاسد اجتماعية أكبر. ان هذا الدنس لا يبقى في نطاق ضيق بل يمضي قدما مرحلة فمرحلة لدرجة يدفع الأجيال المتتالية للركون إلى  الباطل في الحدود العقائدية والثقافية وبالتالي التعامل والعلاقات وتصبح حامية وناشرة ومبشرة للبدع وسببا لتعطيل السنن الحميدة.
ويبدو أن البعد الاجتماعي للعصبية ونطاق ومدى أثرها في العلاقات والتعامل الجماعي جعلها مذمومة إلى  هذه الدرجة. وهذا البعد من العصبية يؤدي إلى  وقوع انحرافات كبرى وتاريخية وحدوث منعطفات مهمة.
ويرى الإمام علي (ع) أن العصبية بجانب الكبر والجور والحسد والخيانة والجهل هي مصدر تشكل ست مجموعات اجتماعية ينزل عذاب الله على أصحاب تلك الصفات الرذيلة، فيقول عليه السلام:
"أن الله عز وجل يعذب ستة بستة: العرب بالعصبية والدهاقين بالكبر والأمراء بالجور والفقهاء بالحسد والتجار بالخيانة وأهل الرساتيق بالجهل".

والملفت أنه ورد في الرواية بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتعوذ في كل يوم من ستة أمور : الشك والشرك والحمية والغضب والظلم والحسد.
وقد اجتمعت في إبليس صفات الحسد على آدم (ع) والتعصب بشان كونه من نار والكبر الذي تسبب باستكباره وخيانة ربه ومولاه ليس لتطرده من رحمة الله فحسب بل أصبح في زمرة الملعونين المطرودين من رحمة الله إلى  الأبد.
وكل هذا، أدى في المنعطفات المهمة لظهور ثقافة الجاهلية ما تسبب في ظل سمسرة الشيطان الذين عكف على إغواء أبناء آدم (ع) بإيجاد العصيان والوثنية والاستكبار وقيام الحضارات المشركة على الأرض.
وكان قد أقسم بعزة الله بإغواء كل ابناء آدم (ع) إلا عباده الله المخلصين.
"فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ 82 إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ 83".
وجدير ذكره أن مجمل هذه الرذائل لاسيما العصبية قد وضعت غشاوة على عين إبليس لتغلقها على حضرة خليفة الله ما دفعه لإنكار مقامه وشأنه الإلهي وحاول مستميتا غصب هذا المقام والاستحواذ عليه.
وبعده، سلك بنو إبليس وبنو قابيل وبنو إسرائيل هذا الطريق وارتكبوا على طريق الغصب والاستيلاء على مقام خليفة الله جرائم مثل قتل الأنبياء والأوصياء والأولياء وحرفوا المسار الحقيقي للتاريخ وادوا إلى  تشكل ألوف الفرق والمجموعات والمئات من الثقافات والحضارات الإلحادية والمشركة والبدع، لإغراق أبناء آدم في بحر من الشبهات والمفاسد والرذائل وجرهم إلى  العصيان والإنكار والقائهم في الجحيم والعذاب الإلهي الأليم إلى  الأبد. وهذا هو وفاء الشيطان بعهده الذي كان قد أقسم بشانه.
وكان النبي الأكرم (ص) يعرف جيدا أنه كما سار عرب الجاهلية في عصر الجاهلية الأولى في صحراء العصيان والإنكار وعاشوا ثقافة الشرك، فإن عودة الجاهلية الثانية على إثر تجربة العصبية من جديد أدت إلى  ظهور عصر لا يمكن إصلاحه إلا من خلال ظهور وصي رسول الله (ص) الإمام المهدي المنتظر (ع).
وإن ألقينا نظرة بفراسة وبصيرة على الحروب والصراعات الدامية التي اندلعت طوال التاريخ وبحثنا عن سبب وسر قيام الأحزاب والجماعات والفرق والمذاهب وحتى الحدود الجغرافية والثقافية بين عامة الخلق، فإننا سنجد أن أساس كل ذلك يكمن في العصبية أو الغيرة المذمومة البعيدة كل البعد عن المعايير والمقاييس الحقيقية.
وكما أن العصبية تسببت في الأيام الأولى التي تلت رحيل النبي الأكرم (ص) في تشكيل السقيفة، فإن هذا السبب جعل من بني تميم وبني ربيعة (القبيلتان الكبيرتان في عصر النبي (ص)) رائدتان في عسكر الخوارج ليقفوا بوجه الإمام علي (ع) وبعدها اصطف بنو عباس وبنو مروان وآخرون في صف سجله إبليس باسمه منذ البداية وحتى النهاية.
وتشكلت القومية والاشتراكية والماكيافيلية والقومية الإيرانية والقومية العربية والقومية التركية والصهيونية و... ومئات الأسماء والألقاب الأخرى حور محور التعصب القومي والفئوي وتسببت بحروب إقليمية ودولية دهست وقتلت تحت عجلاتها وأقدامها الملايين من أبناء البشرية.
وقد اكتسحت أنواع الإيديولوجيات تاريخ الأعوام  الأربعمائة الأخيرة للغرب.
ومع شطب الدين من الحياة الاجتماعية والسياسية لسكان الغرب وعلمنة الثقافة، تحولت الإيديولوجيات إلى  مجموعة من التعليمات السياسية والاجتماعية استندت إلى  الاستنباطات والاستنتاجات الإنسانية عن الكون لتتولى إدارة وتنظيم العلاقات. وتبلورت في داخل هذا نطفة الأزمات والمآزق بحيث أن الأزمات الشاملة في المجالات الثقافية والحضارية ضربت هذه الثقافة والحضارة ودفعتها إلى السير على حدور السقوط والاضمحلال.
وانهمكت الإيديولوجيات تحت أي مسمى، سواء الاشتراكية والقومية و... متاثرة بالعصبية والانحياز لانطباع عن الوجوه المختلفة لحياة الإنسان وبمنأى عن السماء والتعاليم الدينية، انهمكت في التنكر للحقائق الواردة في الكتب السماوية وأنزلت الشأن القدسي للإنسان والعالم إلى  مرتبة الحيوان والجمادات واتخذت من خلال نبذ أي حجة إلهية ومعينة من الله، النفس الأمارة وهواجس الإنسان معيارا ومقياسا لسلوكها. ولهذا فإن الإيديولوجيات تحولت إلى  مصدر للتشتت والانغلاق والأزمات والعصبية التي أصبحت أشد وأعتى بكثير من العصبية الجاهلية.
وقد نهلت الأحزاب الجديدة بمجملها من منهل هذه الإيديولوجيات لتجعل من الحروب والصراعات السمة التي سادت كل سنوات القرنين التاسع عشر والعشرين.
وانقضى القرن العشرون فيما خلف أكثر  من مائة مليون قتيل من أبناء البشرية. وكل هؤلاء القتلى كانوا قد انجروا إلى  مسلخ التعصبات الحزبية قبل أن يلقوا حتفهم بواسطة رصاصات وقنابل قوات الحلفاء والمحور. إن ألوف الأحزاب السياسية والاجتماعية تدعي تحقيق السعادة والرفاهية والحرية للإنسان لكنها ترفع راية الاستبداد والفقر والظلم.
إن الكل يركز من خلال العلامات والماركات والأعلام على أحقية أمور اعتبارية مثل الدم والعرق والثروة والحزب، لكنهم يتسابقون معا في مجال تجاهل الإمام المبين وممارسة الحقد والكبر وخيانة الإنسان.
وثلاث عشر نهجا وثلاثة عشرة أسرة إيلوميناتية ثرية تفرض هيمنتها الشيطانية عن طريق المحافل الماسونية ولجنة 300 وبيلدربرغ والمنظمات الدولية و... على كل العالم فيما لا تملك سوى التفاخر القومي الجاهلي والقبلي والعرقي المهترئ.
فأي علامة مشتركة تشاهدون على أعلام وعلامات الأحزاب المسيطرة على العالم؟ أم أي رموز حقيقية نابعة من مدرسة الأنبياء الإلهيين العظام؟
وقد وضع الكل، التحيز لأئمة الكفر على جدول أفعالهم وأقوالهم ويفتخرون بذلك.
ومن بين هؤلاء، هناك من الناس من يعيش حالة من الجهل والغفلة فمنهم من يناصر هذا الحزب وهذه الفئة ومنهم من يناصر ذلك الحزب وتلك الفئة ويدافعون عنهم بتعصب وحتى إنهم يدخلون الساحة ويضحون بأنفسهم من أجلهم، ويصبحون جميعا شركاء في الظلم الذي يزيد من ظلامة الحياة الثقافية والمادية.
وكأنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار نداء رسول الله (ص) حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"فَيملأ الأرض قِسْطا وعَدْلا كَما مُلئت جَوْرا وظُلْما"؛
لقد تقدم إبليس من خلال اكتشاف قوة العصبية وفاعليتها في بسط الجهالة وسار قدما بحيث لا يوجد أي عامل مشترك حتى  لجمع سكان مدينة صغيرة ما حول محور واحد ناهيك عن إثبات كتاب الله وآل الله كقطب الثقافة والحضارة. إن أبناء الشيطان بالتبني أدركوا جيدا أنه يمكن الإفادة من الموسيقى والسينما والرياضة وحتى موضوعات مثل البيئة والرغبات الجنسية لتأسيس فرقة وحزب وسيروا جميع التعصبات والغيرة الجماعية باتجاه تحقيق ذلك وزادوا من عمق الجاهلية الحديثة.
إن نبذ وإنكار الصهيونية أصبح اليوم مثيرا للمشاكل في أوروبا بقدر ما يثير الاحتحاج على المثلية الجنسية من متاعب.
إن الخشية من إلصاق تهمة انتهاك حقوق الإنسان تدفع كل حكومة لتكيف نفسها مع معايير ومقاييس الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الماسونية العالمية.
إن وجود زهاء أربعة آلاف فرقة شبه دينية تتوفر قائمة بتسجيل الفين منها، يزيح الستار عن تفشي الفرقة والتحزب والتعصب والعصبية المروعة التي عرضت ثقافة الإنسان المعاصر وأخلاقه وسلامته للخطر. وكأننا نشهد تحقق جميع آمال وتطلعات إبليس في إغواء عموم أبناء آدم عن طريق إذكاء العصبية وهو ما يطلق عليه الجاهلية الثانية من جهة وتوافر أمر بشرّ به النبي الأكرم (ص) ويقع بعد أن تمتلئ الأرض ظلما وجورا من جهة أخرى. عندما قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"فَيملأ الأرض قِسْطا وعَدْلا كَما مُلئت جَوْرا وظُلْما"؛

محطات في رحلة الظهور/ المدينة المنوّرة- الحلقة الأولى

Image may be NSFW.
Clik here to view.
محطات في رحلة الظهور/ المدينة المنوّرة- الحلقة الأولى

مواقع وحواضر, أماكن, مثابات, نقاط ينطلق منها، أخرى يقصدها الإمام عليه السلام في رحلته التغييرية, سيراً في طريقه المبارك لتحقيق دولته, دولة العدل الإلهي, دولة الحق القدسية.

• من خلال ما جاء في المنظومة الحديثية فإنَّ الإمام المهدي عليه السلام الذي كلّفه رب العزة بالتغيير وإقامة دولة القسط, ينطلق من مدينة جدّه (المدينة المنوّرة) التي أسّس فيها أول دولة للإسلام.
ولا يخفى أنَّ اسم هذه المدينة قبل أنْ تتشرف بهجرة الرسول إليها كان (يثرب).
ومن أسمائها بسبب تشرّفها بالرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم (طيبة) وما يتضوع منها من طيب النبوة.
- جاء في (دلائل الإمامة) ص512:
قال الحموي (طيبة) بالفتح ثم السكون, فالباء موحدة، وهو اسم مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال لها طيبة وطابة من الطيب, وهي الرائحة الحسنة.
- جاء في (معجم البلدان) 4/53:
عن أبي عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:
(لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة, ولابدّ في غيبته من عزلة, ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة).
• ويبدو من الحديث الأخير, أنّ الإمام عليه السلام يتخذ من هذه الطيبة مقراً لإقامته, وبعدها بطبيعة الحال سيكون بداية المنطلق في ثورته.
وتؤكّد الروايات أنّه يحدث للإمام عليه السلام كما حدث لنبي الله موسى عليه السلام, إذ أنّه يخرج من المدينة خائفاً يترقّب. نعم فهو خائف على الدين, يترقب الأحداث وما يقع منها, مستفيداً من ذلك لتحديد مسار حركتهِ المباركة.
- جاء في (كمال الدين) 3/373:
عن يعقوب السراج قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: متى فرج شيعتكم؟ فقال عليه السلام: إذا اختلف ولد العباس ...) إلى أنْ قال: ( وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة الى مكة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...).
- وجاء في غيبة النعماني ص304 :
عن الحارث بن علي عليه السلام أنّه قال (المهدي أقبل, جعد,بخدّه خال, يكون مبدؤه من قبل المشرق ...) إلى أنْ يقول (وإذا كان ذلك خرج السفياني ... ويأتي المدينة بجيش جرار. حتى إذا انتهى الى بيداء المدينة خسف الله به ...)
• وبهلاك جيش الشّر متولّي الشيطان هذا تتهيأ الفرصة سانحة أمام قائد التغيير، وولي الرحمن الإمام المهدي عليه السلام, ويكون الجو السياسي ملائماً والباب مشرعاً، والطريق مفتوحاً، والسّبيل ميسّراً له للقيام بثورته التصحيحية الإلهية.

جغرافية عصر الظهور/ الطالقان

Image may be NSFW.
Clik here to view.
جغرافية عصر الظهور/ الطالقان

آثار ـ مدن ـ اماكن تدلنا بوضوح على أن عقيدة الانتظار ليست عقيدة مجردة بل خرجت إلى الواقع لتضع بصماتها على الجدران والبلدان

يطلق اسم (طالقان) على مدينتين, أحداهما طخارستان في بلاد الأفغان, والأخرى في بحر قزوين (الخزر) في شمال إيران وتسمى (طالقان قزوين).

Image may be NSFW.
Clik here to view.


ولطالقان ذكر كبير حركة الظهور المهدوي المقدس, وانّ لمن يخرج منها من مقاتلين. أثراً كبيراً في جغرافية هذه الحركة المباركة, وقد وردت في ذلك روايات كثيرة منها:
_ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( له كنز بالطالقان ما هو بذهب, و لا فضة, وراية لم تنشر منذ طويت, ورجال كأنّ قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله أشد من الحجر, لو حملوا على الجبال لأزالوها.. كأن على خيولهم العقبان يتمسّحون بسرج الإمام يطلبون بذلك البركة, ويحفّون به، يقونه أنفسهم في الحروب, ويكفونه ما يريد فيهم, رجال لا ينامون الليل, لهم دويّ في صلاتهم كدويّ النحل, يبيتون قياماً على أطرافهم, ويصبحون على خيولهم, رهبان بالليل ليوث بالنهار هم أطوع له من الأمة لسيدها, كالمصابيح, كأنّ قلوبهم القناديل,وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة , ويتمنّون أنْ يقتلوا في سبيل الله , شعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر, يمشون إلى المولى إرسالاً بهم ينصر الله إمام).

Image may be NSFW.
Clik here to view.


_ وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النص، عن الإمام المهدي  عليه السلام:
(وله بالطالقان كنوز لاذهب ولا فضة إلاّ الخيول المطهمة, ورجال مسومة يجمع الله عز وجل من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً).
_ وعن أمير المؤمنين  عليه السلام أنّه قال: (ويحا للطالقان, فإنه لله عز وجل بها كنوز ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته, وهم أنصار الإمام المهدي عليه السلام).
_ وعن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً, في تعداد أصحاب الإمام المهدي عليه السلام أنّه قال: (أربعة وعشرون من الطالقان, وهم الذين ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خراسان كنوز ولاذهب ولافضة, ولكن رجال يجمعهم الله ورسوله).

التمهيد المهدوي:الدّولـة الحماديّة تتحدى التخندق الطائفي وتستمر على الولاء

Image may be NSFW.
Clik here to view.
التمهيد المهدوي:الدّولـة الحماديّة تتحدى التخندق الطائفي وتستمر على الولاء

انّ انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها امر بات قريبا؛ لاسباب كثيرة، من ابرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة، فالدين المحمدي يمثل حالة التواصل الحيوي مع مبادئ السماء وإلى يومنا هذا من خلال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن عليه السلام.ونحــــــن في ((صدى المهدي)) سنفرد لهـــــذه الظاهرة الحتمية صفحة خاصة نتناول خلال اعمدتها انتشار التشيع فكراً وعقيدة في أغلب بلدان العالم والذي يسهم ان شاء الله في تهيئة الأرضية المناسبة والجو الملائم للظهور المبارك لصاحــــــــب العصر والزمان  عليه السلام.

تنطلق الرؤية لدراسة بعض الأفكار وتقييم بعض الجماعات من خلال الحالات التي يمرون بها، وتعتبر الحالة المثلى لقراءة أفكار جماعة معيّنة هي ان تكون لهم دولة تديرُ شؤونهم وتصدرُ أفكارها وما تعتقده من خلال النظام الذي تجعله دستوراً لإدارة هذه المجموعة، وعلى هذا الأساس تعتبر من ابرز آليات قراءة الأفكار والمعتقدات هو النظر إلى المجموعة المراد قراءة أفكارها من خلال الدولة التي عاشوا في كنفها _إذا كانت لهم دولة بهذا المعنى_ وقد تشكلت للجماعة الشيعية العديد من الدول، تمكّن القارئ والباحث من دراسة ذات بعد ميداني ومشفوعة بمعطيات عمليّة، من خلال الممارسات التي قام بها أصحاب الدول، ومن بين هذه الدول التي يمكن استكشاف الواقع الفكري والديني والاجتماعي من خلالها دولة (الحماديّين) التي تأسست في بلاد الشام ولبنان.
فإنّ هذه الدولة ذات الولاء الشيعي الصرف والمنهج العقائدي الإمامي والتي واجهت أعتا إمبراطورية إقصائية في زمانها وهي دولة آل عثمان، التي كانت تقاتل خصومها على أساس عقدي، وتتصالح مع أعدائها على أساس مصلحي، ففي عين الوقت الذي تتصالح فيه هذه الإمبراطورية مع أعداء الدين لضمان مصلحة الديمومية والبقاء لها، فهي تقاتل أبناء الدين ذوي الخلاف المذهبي من أجل إشغال الناس وعدم تكشّف الصورة الحقيقية لديهم من زيف ما يدّعيه أمراء هذه الإمبراطورية الذين يقتاتون على العقيدة بقاءً في السلطة، وهم يمارسون أقبح أنواع الرذائل في القصور الإمبراطورية.
فكانت العداءات المتتالية المتلاحقة لدويلات قامت من اجل رفع الظلم والاضطهاد الطائفي وإنعاش المجتمع الإسلامي المهزوم فكرياً وعقائدياً من قبل هذه الإمبراطورية لتلك الدويلات.
واليوم نريد أنْ نقرأ واحدة من تلك الدويلات التي أنشأها شيعة مضطهدون مورست في حقهم أبشع ألوان الإقصاء والتهميش والإبعاد والظلم والتجبّر، ولكنّ الحق يأبى إلاّ أنْ يسطّره التأريخ.
أصل الحمادييّن:
يعود أصل هذه الأسرة العربية العريقة إلى عشائر بني مذحج. فهم عرب أقحاح جدهم هاني بن عروة، وهم ينتسبون إلى حمادة، المسمّى بـ (العجمي).
وآل حمادة مثلهم مثل الكثير من القبائل العربية انتقلوا بين البلدان، فبعد أنْ كانوا في اليمن، انتقلوا إلى بلاد الحجاز، ثم إلى بلاد فارس، إلى أنْ استقر بهم المطاف في جبل لبنان، وذلك بعد أنْ خرج جدهم على شاه العجم، فسيّر إليه الشاه جيشاً قتل أصحابه، فهجروا إيران بعشائرهم البالغة ثلاثين أسرة إلى البلاد الشاميّة.
دخول الحماديين بلاد الشام وانتشارهم فيها:
يرجع أول ذكر للحماديّين (لبنان وبلاد الشام) إلى سنة 1470 ميلادية أي أن قوّة طوائف الحمادية تشكلت في القرن التاسع أو العاشر الهجري.
وهم بعد أنْ دخلوا أقاموا في بعض جهات حلب مدة ثلاثة أشهر، ومن ثم رحل حمادة بعشيرته وأخيه أحمد إلى جبل لبنان، ونزل الحصين، ثم قهمز ومن هناك تفرّقت عشيرته في جبة المنيطرة ووادي علمات، وسار أولاد أخيه إلى بعلبك وتولّوا قرية الهرمل، ويبدو أنّهم دخلوا جبل لبنان في اواخر القرن الخامس عشر، وقد حكم هؤلاء الجبل، ولاسيما المناطق الشمالية، وامتد حكمهم الى بر الشام حتى حدود مدينة حماة السورية.
ومنذ النصف الاول من القرن السابع عشر بدأت سطوة الحماديين تمتد نحو طرابلس، وراحوا يفرضون نفوذهم بالقوة في مواجهة الولاة الاتراك وينتزعون مواطن سلطتهم، ويستقلون بها، حتى أطلق على الشيعة في لبنان أسم الحماديين.
وفي العام 1771 انتقل الحماديون الى الهرمل معقلهم الاخير حيث حكموا هذه المنطقة وتولوا المناصب الكبيرة فيها واعطوا ألقاب الباشوية من السلطان العثماني، وما بعد ذلك استمرت هذه العائلة بلعب أدوار وطنية قيادية في محطات مصيرية مهمة في تاريخ لبنان، منها أنّ آل حمادة شاركوا في الثورة العربية التي أعلنها الشريف حسين، وكان يستبدل كل فرد من آل حمادة بأسيرين من الاتراك، واعطي الشيخ محمد سعيد حمادة لقب الباشوية من الأمير فيصل برتبة أمير لواء فخرية لزعيم بعلبك.
من أبرز أمراء الحمادية:
كان من أبرز أمراء هذه الدولة:
- الشيخ محمد سعيد حمادة:
وهو الذي منحه الأمير فيصل بن الحسين قائد الثورة العربية لقب الباشوية برتبة أمير لواء فخرية لزعيم بعلبك.
- الشيخ سعد الله بك حمادة:
وقد تولى الحكم بعد وفاة أبيه الشيخ محمد سعيد حمادة، وهو لا يقل عنه شأناً من الرجولة والنخوة والكرامة، وكان زعيماً لعشيرته والعشائر الحمادية جمعاء.
وقد حاز الشيخ سعد على عدّة مراكز ذي أهمية عالية، فقد كان قائم مقام الهرمل، في وقت أنّ الدستور اللبناني يمنع أنْ يكون القائم مقام من نفس المدينة، بل وكان الشيخ سعد إضافة إلى ذلك رئيس البلدية هناك.
استحكام قوة الحمادييّن في منطقة نفوذهم رغم سياسة البطش العنصرية الطائفية العثمانية:
إنّ مما يؤسف له أنّه لا يوجد من عصر الحماديين ايّة اثار فكريّة أو ثقافية أو حتّى تاريخية ملحوظة نستطيع تسليط الضوء عليها.
لكن ما هو المسلم به هو استحكام قوة الشيعة في هذه المناطق التي ذهبت عبر ضغوط العثمانيين والفرنسيين، فأعطيت قوتهم للآخرين.
مسلسل الحقد العثماني الطائفي:
إنّ العيش في التناقض أمر ينفر منه العقلاء فضلاً عن المتدينين، ولكنّ الغريب أنْ تجد من يتشدق بالدين ويدّعي حمايته، وهو يتلبس بالتناقض من أخمص قدمه إلى أعلى قرنه، فالشيعة المتهمون بالتآمر الخارجي من زمان الحاكم العباسي وهولاكو إلى من يسمى بصلاح الدين الأيوبي وفتح القدس، مروراً بأيام التأريخ الأخرى، إلى يومك هذا تجدهم أبعد ما يكونون عن ذلك التآمر، وتجد أقرب ما يكون من الاستقرار في أحضان الغرب وأدعياء الكفر هم أولئك المتشدقون من زمانك الأول وإلى يومك هذا، فهاهم آل عثمان، فروخ الحيات، أذلاء النفوس، معوجّو العقيدة، فاسدو الأصل، منهجهم المراوغة وطريقتهم الإلتواء، شيمتهم الخبث، ونخوتهم سفك الدماء، ولا نتحدث هنا عبثاً، فهذا هو معنى العثمان في اللغة، ومن العجب أنْ تصدق اللغة وتطبّق معناها على الواقع، فمن يدّعي حماية الدين ويرتمي في أحضان الفرنسيين لا لأجل شيء بل لإنهاء حكم الشيعة في لبنان.
رغم أنّ الشيعة العرب الأصلاء الذين شاركوا في الثورة العربية، رغم ظلم من ظلمهم من قادتها أعلنوا ولاءهم للدين وإنّ كان ما بقي منه شعاراته فقط، فرغم ذلك كله ورغم كونهم الواجهة الأولى في حفظ القضية والدفاع عنها وإبقاء الاصالة وديموميتها، إلاّ أنّه وفي كل منعطف من شأنه تغيير مسار الأحداث تجد الاحتضان والتحاضن بين أعداء الدّين والعثيمينيين ضد الشيعة، وكأنّ القدر يأبى إلاّ أنّ يكون معنى هذا الاسم لهذا الواقع الأعوج الملتوي الخبيث الغدّار، ليس لشيء إلاّ لأن واقعه ذليل، فيأبى إلاّ أنْ يتسلق على أكتاف الشجاعة وهو ليس بأهل لها، فها هم أبناء الدولة الحماديّة وما جرى عليهم على أيدي فروخ الحيات وولاتهم وأتباعهم من تشريد وإقصاء وقتل واستباحة وتكفير وغيرها، وهذه بعض أمثلة على ذلك:
- ففي سنة 1641 غضب والي طرابلس على المشايخ الحمادية، ففروا إلى وادي علمات وبلاد جبيل، وقتل منهم محمد ياغي بن قمر الدين وصعب بن حيدر وجماعته.
- وفي سنة 1656، وصلت نقمة الاستانة على الحماديين الى ذروتها، حيث أمر السلطان العثماني بعزلهم.
- وفي سنة 1659 كلّف السلطان العثماني والي طرابلس بالاقتصاص من الحماديين.
- وفي سنة 1692 تولى علي باشا اللقيس، ففرق الحمادية في مقاطعاتهم، وكتب إلى الأمير أنْ ينجده بالرجال لقتال الحمادية.. فهرب الحمادية إلى طريق العاقورة، فمات منهم مئة وخمسون نفساً.
- وفي سنة 1698 أرسل أرسلان باشا عسكراً لقتال الحمادية.. فقبض العسكر على بعضهم بغتة وسجنوا في طرابلس، وفرّ من بقي إلى دير القمر.
- وفي سنة 1767 أخذ الأمير يوسف الشهابي بلاد جبيل من الحماديين وطردهم منها.
- وفي سنة 1770 قبض الأمير يوسف الشهابي على بعض الحمادية.
- وفي سنة 1914 كان قرار الوالي العثماني بنفي آل حمادة إلى بر الأناضول والاستيلاء على أملاكهم وبيوتهم.
وقد صدر الديوان العرفي باعدام نجيب بيك حمادة.
رسالة الهدم المذهبي والتحويل القسري:
ليس من الغريب أن تسمع اليوم كلمات تحكي لك عن واقع يعيشه من تعيش معه، ويضمر في نفسه حقداً لا يمكن تغطيته بأي ستار، فإن رائحته الكريهة تخترق الجدر، فضلاً عن غيرها فالذي يقول إننا ندرّس مناهجنا ونرغم أنوف الشيعة على دراستها ولسنين طويلة ولا يتحولون بينما نخاف من الشيعة على ابنائنا حينما يتحدثون ألاّ يتحولوا، إنها لكلمة كبيرة نسترعي الوقوف عندها وقد فصلنا في تمهيدات تقدمت أنّ هناك تحولات كبيرة قد حصلت وعشائر بأكملها قد تشيعت، إلاّ أننا لا نغفل أنّ القسر والهتك والانتهاك كانا عوامل وراء تحوّل بعض الشيعة وبسبب تراكم الزمان أيضاً إلى مذاهب أخرى، لكنهم بقوا على اعتدالهم وحبّهم وولائهم رغم تشظي بعض عقائدهم، ففي القرن السادس عشر وفي كسروان وهرمل وجبل لبنان والتي كانت تحت سلطة الحماديّين قام امراء فروخ الحيات بإيجاد عوامل تغيير الهوية الدينية من خلال التهجير العرقي المراد منه التهديم المذهبي، حيث قاموا بسياسة حماية البابا وفتح نفوذه في القرى الشيعية وبالضغط مالياً واقتصادياً وعسكرياً على الأخرى لتحويلها عن شيعيتها، ولكن الواقع يأبى أن يسجّل اليوم في لبنان إلاّ النسبة الأعلى للتشيع حيث يبلغ أكثر من ثمانية وثلاثين بالمئة من نسبة ما موجود في لبنان من أبناء عامّة ودروز ومسيحيين ويهود وغيرهم، وبهذا تسجّل لبنان بل وغيرها من بلاد التشيّع صدمة في واقع التأريخ حينما تقاوم الضغط المذهبي وتنتصر عليه باجتياحها الواقعي التآمر العثماني لإنهاء الوجود الغربي الشيعي (آل حمادة) في لبنان:
إنّ سلطة الحماديين كانت تشمل منطقة وسيعة، فهي تشمل منطقة من نواحي (كسروان الجنوبي) إلى (عكار الشمالي) أي ما يقارب أكثر من نصف لبنان الحالية.
وبهذا يجب اعتبار الدولة الحمادية من أكبر الدول المحلية في هذه المنطقة في عصر العثمانيين.
لذا فقد استخدمت دولة بني عثمان جميع سعيها لتحديد وتطويق قوة الحماديين وإبعادهم عن مراكز المدن خصوصاً طرابلس التي كان حاكمها عثمانياً.
وهكذا فقد تم طردهم من جبل لبنان تحقق في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، وكان من اسبابه المهمّة توجّه الكنيسة الكاثوليكية بهذه المنطقة ومن القرن السادس عشر لتقوية (المارونيين) وهي نفس السياسة التي اتبعها الفرنسيين فيما بعد، وحملوا مسؤولية ذلك، فقد اعطت الدولة العثمانية الامتيازات الكبيرة (للبابا) وعملت بشكل منسّق وتدريجي إلى تحويل المنطقة إلى مسيحية.
وهكذا كان الأمر بفعالية الغرب وتعاون العثمانيين وإنه بوجود دولة آل عثمان، وبسبب إباحتها نشر الفتاوى الطائفية كفتاوى إمام النواصب (ابن تيمية) فقد شنّت هجمات ثقيلة على سكان كسروان (مثلاً) وذلك لاستئصالهم وقمعهم ومما زاد في حقد العثمانيين على شيعة وعرب لبنان بالإضافة عنصرية وطائفية هذه الدولة وعدائها لدولة الصفويين في إيران.
إنّ هذه الضغوط العثمانية وغيرها تسببت بذهاب الشيعة نحو المناطق الجبلية.. وقد أدّى ذلك إلى رسوخ المارونيين في المنطقة وبحماية (البابا) والسلطان العثماني.
الأفعى العثمانية تظهر رأسها من جديد:
لم يكن يمضي على سياسة العثمانيين الحاقدة قرن من الزمان حتى اشرأبت أفعى عنصريتهم وطائفيتهم، بل دبت هذه الأفعى المندسّة في حدود بلاد الإسلام على بثّ سمومها ضد العرب والمسلمين. وليس ادلّ على ذلك من دخول خليفة تلك الدولة _تركيا، أردوغان_ رأس مثلث الشر، تقوده حكومة هذا الحاقد، متآمراً ضد أهل سوريا ولبنان، ومساعدتها في نشر القتل والدمار.. وفي سوريا خاصة.. بل تسهيلها دخول عناصر أنصار آل أبي سفيان المتصهينين، مدعومين ومتسلحين من قبل دولة بني صهيون اللقيطة _إسرائيل_.
إنها لاشك محاولات بائسة يائسة من أجل استعادة خارطة الدولة العثمانية التي عرفت بتخلفها بل بغيابها.
إن ميزان الحق لا يميل.. وإنّها ولاشك نهاية محاولات الباطل، والتي إنْ شاء الله ستزول.. وبهذا نطق الوعد الإلهي.. والله لا يخلف الوعد.. وإنها والله لدولة الوارثين قادمة.. وإنّ الله سميع الدعاء.
التقييم:
0 / 0.0

Viewing all 1154 articles
Browse latest View live